الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد ففي الدورة العاشرة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الرياض في شهر ربيع الأول 1397هـ إطلع المجلس على ما أعلنه جماعة من الخبراء فيما يصلح أن يكون بديلاً من التأمين التجاري ، والأسس التي يقوم عليها لتحقيق الأهداف التعاونية الشرعية التي أنشئ من أجلها وصلاحيته أن يكون بديلاً شرعاً عن التأمين التجاري بجميع أنواعه .
وبعد إستماع المجلس إلى ما دعت الحاجة إلى قرائته مما أعلن في ذلك وبعد الدراسة والمناقشة وتداول الرأي قرر المجلس ما عدا فضيلة الشيخ عبدا لله بن منيع جوازه وإمكان الاكتفاء به عن التأمين التجاري في تحقيق ما تحتاجه الأمة من التعاون على وفق قواعد الشريعة الإسلامية للأمور الآتية :
الأول : أن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والإشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر ، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من أموال غيرهم وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر .
الثاني : خلو التأمين التعاوني من الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النماء فليس عقود المساهمين ربوية ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية .
الثالث : أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع لأنهم متبرعون فلا مخاطرة ولا ضرر ولا مغامرة بخلاف التأمين التجاري فإنه عقد معاونة مالية تجارية .
الرابع : قيام جماعة من المساهمين أو من يمثلهم بإستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون سواء كان القيام بذلك تبرعاً أو مقابل أجر معين .
ورأى المجلس ما عدا فضيلة الشيخ عبدالله بن منيع أن يكون التأمين التعاوني على شكل شركة تأمين تعاونية مختلطة للأمور الآتية :
أولاً : الإلتزام بالفكر الاقتصادي الإسلامي الذي يترك للأفراد مسئولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية ولا يأتي دور الدولة إلا كعنصر مكمل لما عجز الأفراد عن القيام به وكدور موجه ورقيب لضمان نجاح هذه المشروعات وسلامة عملياتها .
ثانياً : الإلتزام بالفكر التعاوني التأميني الذي بمقتضاه يستقل المتعاونون بالمشروع كله من حيث تشغيله ومن حيث الجهاز التنفيذي ومسئولية إدارة المشروع .
ثالثاً : تدريب الأهالي على مباشرة التأمين التعاوني وإيجاد المبادرات الفردية والاستفادة من البواعث الشخصية ، فلا شك إن مشاركة الأهالي في الإدارة تجعلهم أكثر حرصاً ويقظة على تجنب وقوع المخاطر التي يدفعون مجتمعين تكلفة تعويضها مما يحقق بالتالي مصلحة لهم في إنجاح التأمين التعاوني إذ إن تجنب المخاطر يعود عليهم بأقساط أقل في المستقبل ، كما أن وقوعها قد يحملهم أقساطاً أكبر في المستقبل .
رابعاً : إن صورة الشركة المختلطة لا يجعل التأمين كما لو كان هبة أو منحة من الدولة للمستفيدين منه بل بمشاركة منها معهم فقط لحمايتهم ومساندتهم بإعتبارهم هم أصحاب المصلحة الفعلية وهذا موقف أكثر إيجابية ليشعر معه المتعاونون بدور الدولة ولا يعفيهم في نفس الوقت من المسئولية، ويرى المجلس ما عدا فضيلة الشيخ عبدالله بن منيع أن يراعى في وضع المواد التفصيلية للعمل بالأمين التعاوني الأسس الآتية :
الأول : أن يكون لمنظمة التأمين التعاوني مركز له فروع في كافة مدن المملكة وأن يكون بالمنظمة أقسام تتوزع بحسب الأخطار المراد تغطيتها وبحسب مختلف فئات ومهن المتعاونين كأن يكون هناك قسم للتأمين الصحي وثان للتأمين ضد العجز والشيخوخة ... إلخ .
أو يكون هناك قسم لتأمين الباعة المتجولين وآخر للتجار وثالث للطلبة ورابع لأصحاب المهن الحرة كالمهندسين والأطباء والمحامين ... إلخ .
الثاني : أن تكون منظمة التأمين التعاوني على درجة كبيرة من المرونة والبعد عن الأساليب المعقدة .
الثالث : أن يكون للمنظمة مجلس أعلى يقرر خطط العمل ويقترح ما يلزم من لوائح وقرارات تكون نافذة إذا اتفقت مع قواعد الشريعة .
الرابع : يمثل الحكومة في هذا المجلس من تختاره من الأعضاء ويمثل المساهمين من يختارونه ليكونوا أعضاء في المجلس ليساعد ذلك على إشراف الحكومة عليها واطمئنانها على سلامة سيرها وحفظها من التلاعب والفشل .
الخامس : إذا تجاوزت المخاطر موارد الصندوق بما قد يستلزم زيادة الأقساط فتقوم الدولة والمشتركون بتحمل هذه الزيادة ويرى المجلس مما عدا فضيلة الشيخ عبدالله بن منيع أن يتولى وضع المواد التفصيلية لهذه الشركة التعاونية جماعة من الخبراء المختصين في هذا الشأن تختارهم الدولة وبعد إنتائهم من ذلك يعاد ما كتبوه إلى مجلس هيئة كبار العلماء لدراسته وتطبيقه على قواعد الشريعة ، والله الموفق .
هيئة كبار العلماء :
عبد العزيز بن باز عبدالله بن محمد بن حميد عبدالرزاق عفيفي رئيس الدورة العاشرة محمد الحركان عبدالمجيد حسن عبد العزيز بن صالح صالح بن غصون إبراهيم بن محمد آل الشيخ سليمان بن عبيد محمد بن جبير عبدالله بن عليان رائد عبدالله بن قعود صالح بن لحيدان عبدالله بن منيع
تنبيه بشأن شركات التأمين التعاوني
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أما بعد :
فإنه سبق أن صدر من هيئة كبار العلماء قرار بتحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه ، لما فيه من الضرر والمخاطرات العظيمة ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وهي أمور يحرمها الشرع المطهر ، وينهي عنها أشد النهي ، كما صدر قرار من هيئة كبار العلماء بجواز التأمين التعاوني ، وهو الذي يتكون من تبرعات من المحسنين ، ويقصد به مساعدة المحتاج والمنكوب ، و لا يعود منه شيء للمشتركين - لا رؤوس أموال ، ولا أرباح ، ولا أي عائد استثماري - لأن قصد المشترك ثواب الله بمساعدة المحتاج ، ولم يقصد عائداً دنيوياً ، وذلك داخل في قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم : (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) وهذا واضح لا إشكال فيه ، ولكن ظهر في الآونة الأخيرة من بعض المؤسسات والشركات تلبيس على الناس ولب للحقائق ، حيث سموا التأمين التجاري المحرم : تأميناً تعاونياً ، ونسبوا القول بإباحته إلى هيئة كبار العلماء ، من أجل التغرير بالناس ، والدعاية لشركاتهم ، وهيئة كبار العلماء بريئة من هذا العمل كل البراءة ، لأن قرارها واضح في التفريق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني ، وتغيير الإسم لا يغير الحقيقة ولأجل البيان للناس ، وكشف التلبيس ، ودحض الكذب والافتراء صدر هذا البيان . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .
عبد العزيز بن عبدا لله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء .
فتوى مجمع الفقه الإسلامي وهيئة كبار العلماء بالمملكة في جواز التأمين التعاوني
بعد إطلاع مجلس مجمع الفقه على كثير مما كتبه العلماء في موضوع التأمين بأنواعه المختلفة وإطلاعه أيضاً على ما قرره مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في دورته العاشرة المنعقدة بمدينة الرياض بتاريخ 4/4/1397هـ من التحريم للتأمين بأنواعه . وبعد الدراسة الوافية وتداول الرأي في ذلك .
قرر :
المجلس بالأكثرية تحريم التأمين بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو غير ذلك من الأموال. كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء من جواز التأمين التعاوني بدلاً من التأمين التجاري المحرم والمنوه عنه آنفاً وعهد بصياغة القرار إلى لجنة خاصة .
تقرير اللجنة المكلفة بإعداد قرار مجلس المجمع حول التأمين :
بناء على قرار مجلس المجمع بجلسة الأربعاء 14 شعبان 1398هـ المتضمن تكليف كل من أصحاب الفضيلة الشيخ عبدا لعزيز بن باز والشيخ محمد محمود الصواف والشيخ محمد بن عبدا لله السبيل بصياغة قرار مجلس المجمع حول التأمين بشتى أنواعه وأشكاله .
وفيما يلي نورد نص قرار المجلس في جواز التأمين التعاوني :
كما قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية رقم (51) وتاريخ 4/4/1397هـ من جواز التأمين التعاوني بدلاً من التأمين التجاري المحرم والمنوه عنه آنفاً للأدلة الآتية :
الأول : إن التأمين التعاوني من عقود البيوع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من أموال غيرهم وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر .
الثاني : خلو التأمين التعاوني من الربا بتوعية ربا الفضل وربا النساء فليس عقود المساهمين ربوية ولا يستغلون ما جمع من الأقساط في معاملات ربوية .
الثالث : أنه لا يضر جهل المساهمين في التأمين التعاوني بتحديد ما يعود عليهم من النفع لأنهم متبرعون فلا مخاطرة ولا غرر ولا مقامرة بخلاف التأمين التجاري فإنه عقد معاوضة مالية تجارية .
الرابع : قيام جماعة من المساهمين أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذي من أجله أنشئ هذا التعاون سواء كان القيام بذلك تبرعاً أو مقابل أجر معين .