يحتاج في بعض الحالات للمسات إنسانية بين المتعلم والمدرس، ونخص هنا بالحديث الفئات التي يجدي فيها التعليم الإلكتروني المباشر وحاليا نجد انه يستهدف طلاب المرحلة الثانوية بشكل رئيسي ثم طلبة الجامعات والمهن الأخرى مثل الأطباء والمهندسين أي بشكل أو بآخر التدريب المؤسسي الذي يتلقاه العاملون والفنيون في المؤسسات والشركات الكبيرة على اختلاف مجالاتها.
وهناك مواد تعليمية تصلح للتعليم الإلكتروني المباشر وتحقق فعالية كبيرة، فمثلا يمكنني أن أشرح لك مطولاً عن ظاهرة علمية طبيعية ولكن لرحلة مدرسية أو الذهاب إلى المختبر ومشاهدة هذه الظاهرة بصورة مباشرة أن يغني عن كل الجهد الذي يمكن أن نبذله في نظام التعليم الإلكتروني المباشر لشرح تلك الظاهرة، أي أن مادة التعليم الإلكتروني المباشر يجب أن تكون مناسبة له وملائمة لأسلوبه، ولذلك يمكننا القول وبكل ثقة أنه يمكن اعتماد التدريب الإلكتروني المباشر بصورة ناجحة كمتمم لأساليب التعليم التربوية الأساسية وذلك لتطوير الموارد المتاحة للطلاب لتدريبهم على استخدام التقنية لتحسين التعلم وإيجاد مدارس أكثر مرونة وزيادة تفاعل أولياء الطلبة في العملية التعليمية إضافة لزيادة وصول الطلاب وإتاحة التقنية لهم وتوسيع فرص التطوير المهني للمعلمين ويمكن للتقنية أن تعزز قدرات الطلاب والمدرسين والتربويين.
ويرى بعض التربويين والخبراء أن التعليم الإلكتروني المباشر أو التعليم بالاعتماد على الكمبيوتر سيلقى مقاومة تعيق نجاحه إذا كان يخل بسير العملية التعليمية الحالية، أو يهدد أطرافها الحاليين لكونه أحيانا يعتمد على حلول جذرية في تنفيذه.
التعليم الإلكتروني المعتمد على الحاسب:
لا زال التعليم الإلكتروني المعتمد على الكمبيوتر CBT Computer-Based Training أسلوباً مرادفا للتعليم الأساسي التقليدي ويمكن اعتماده بصورة مكملة لأساليب التعليم المعهودة وبصورة عامة يمكننا تبني تقنيات وأساليب عديدة ضمن خطة تعليم وتدريب شاملة تعتمد على مجموعة من الأساليب والتقنيات، فمثلاً إذا كان من الصعب بث الفيديو التعليمي عبر الإنترنت فلا مانع من تقديمه على أقراص مدمجة أو أشرطة فيديو VHS طالما أن ذلك يساهم في رفع جودة ومستوى التدريب والتعليم ويمنع اختناقات سعة الموجة على الشبكة ويتطلب التعليم الإلكتروني ناحية أساسية تبرر اعتماده والاستثمار فيه وهي الرؤية النافذة للالتزام به على المدى البعيد وذلك لتجنب عقبات ومصاعب في تقنية المعلومات ومقاومة ونفور المتعلمين منه، ويحضرني هنا قول أحد أساتذتي وهو أحد من المخضرمين في التعليم والتوجيه التربوي حيث قال لي مؤخراً أنه كان ينفر من الكمبيوتر والحديث عنه من كثرة ما سمعه من مبالغات حوله على أنه العقل الإلكتروني الذكي الذي سيتحكم بالعالم لكنه أدرك أن الكمبيوتر لا يعدو كونه جهاز غبي ومجرد آلة يتوقف ذكائها المحدود على المستخدم وبراعته في إنشاء برامج ذكية وفعالة تجعل من المستخدم يستفيد منها بدلاً من أن تستفيد هي وتستهلك وقته وجهده بلا طائل ويكمن في قوله هذا محور نجاح التعليم الإلكتروني الذي يتوقف على تطوير وانتقاء نظام التعليم الإلكتروني المناسب من حيث تلبية متطلبات التعليم كالتحديث المتواصل لمواكبة التطورات ومراعاة المعايير والضوابط في نظام التعليم المختار ليكفل مستوى وتطوير المتعلم ويحقق الغايات التعليمية والتربوية إذ أن تقنية المعلومات ليست هدفاً أو غاية بحد ذاتها بل هي وسيلة لتوصيل المعرفة وتحقيق الأغراض المعروفة من التعليم والتربية ومنها جعل المتعلم مستعداً لمواجهة متطلبات الحياة العملية بكل أوجهها والتي أصبحت تعتمد بشكل أو بآخر على تقنية المعلومات وطبيعتها المتغيرة بسرعة.
ثانيا: خصائص التعليم في المجتمع المعلوماتي؟
الفضاء المعلوماتي هو مفهوم الفضاء حيث الكلمات والعلاقات الإنسانية والبيانات ، والقوة تظهر بواسطة الأشخاص الذين يستعملون تقنية الحاسب كوسيط للاتصال ، أما المجتمعات الافتراضية: فهي مجموعات ثقافية تنشأ عند التقاء مجموعة من الأشخاص بعضهم ببعض في الفضاء ألمعلوماتي بوضوح وبساطة، في الماضي كانت مفاهيم التمييز أو التفريق والعضوية هي من العوامل وثيقة الصلة بتطور المجتمعات ، فالأشخاص الذين يشتركون في هوايات معينة يشكلون مجتمعات من أجل مواصلة هواياتهم التي تميزهم عن باقي المجتمعات ، إضافة إلى ذلك المجتمعات تتميز المجتمعات بصورة عامة تتميز على أساس المكان فالمدينة الصغيرة أو القرية وما حولها تشكل مجتمعاً وهكذا . ومع ظهور الاتصالات الإلكترونية والواقع الافتراضي ، أصبح من الصعب تحديد ماذا تعني كلمة مجتمع ، المجتمعات نسجت بأنواع مختلفة وبخصائص متنوعة، لذلك كان الدخول في عالم المجتمعات الافتراضية والقدرة على التدريب عن بعد يستلزم عمليات مختلفة تماماً من الصعوبة إنجازها من قبل بعض الأشخاص . النطاق الذي يستخدم فيه الأشخاص الحاسب كوسيط للاتصال من أجل تعليم أشخاص جدد لإعادة تعليمهم أو هواياتهم أو جذبهم وضمهم إلى المجموعات أو المذاهب والمجتمعات التي يعملون فيها ، تلك هي القضايا الرئيسة لبناء مجتمع يكون الحاسب الآلي فيه وسيطاً ، ولذا فإن بعض الباحثين أعطوا مصطلح آخر للفرد في المجتمع الافتراضي وهو الشخصية الإلكترونية ( عندما يعمل الشخص على الحاسب مع أشخاص آخرين). وفي هذه الحلقة سوف نتناول أهم التقنيات الفنية التي يجب مراعاتها عند التدريب في المجتمع الإفتراضي.
شروط التعليم في المجتمع الفضائي:
1ـ القدرة على مواصلة الحوار الداخلي من أجل إعداد الإجابات .
2ـ إنشاء شكل من الخصوصية بلغة الفضاء للشخص من مكان اتصاله وكذلك إنشاء إحساس داخلي لديه بالخصوصية .
3ـ القدرة على البحث في المواضيع العاطفية في الشكل النصي .
4ـ القدرة على إنشاء صورة فكرية عن الزميل المقابل في عملية الاتصال .
5ـ القدرة على إنشاء إحساس بالحضور الفوري أثناء عملية الاتصال .
إذاً فالبيئة الإلكترونية تسمح للمتدرب بنشوء شخصيته الإلكترونية ، والأشخاص الإنطوائيين هم أكثر ملائمة للتعليم في البيئات الافتراضية ، فهي شيء مشجع بالنسبة للأشخاص الإنطوائيين بأن يأخذوا متسع من الوقت للتفكير حول الموضوع المطروح قبل الرد عليه ، أما بالنسبة للأشخاص المنفتحين أو الاجتماعيين فالتفاعل في بيئتهم يصبح صعب ولكنه ليس بالمستحيل ، لأن تفاعلهم يكون بوجودهم بين الآخرين ، لذلك فاختيار التعليم الأفضل هو التعليم في أجواء حية وهذا يعطيهم القدرة على الأداء الأفضل ومن ثم الحصول على النتائج الأفضل ، أما الانطوائيين فإنجازهم يكون أفضل في الأجواء الهادئة أو البيئات الافتراضية لذا فهم لا يجدون صعوبة في الانضمام إلى البيئات الافتراضية عكس الأشخاص الاجتماعيين الذين يرغبون دوماً في البيئات الاجتماعية الصاخبة .
والسؤال المهم هو هل بإمكان المجتمعات بناء مجموعات فورية للتعليم مكتملة من غير أن تتقابل المجموعات وجهاً لوجه؟
على الرغم من أهمية الالتقاء وجهاً لوجه في بعض النواحي العلمية ، إلا أن هذا الالتقاء غير ملائم لتغيير تكوين المجموعات الفورية المستمرة ، لأنه بالإمكان إيجاد تدريب بدون هذا النوع من الاتصال . وذلك من خلال مجالس النقاش وغرف الحوار وغيرها حيث يلتقي المشاركين ويدلوا بأفكارهم وآرائهم ومقترحاتهم وتعليقاتهم عن الأهداف، الأخلاق ، العوائق ، أساليب الاتصال، هذه هي المبادئ في المجتمعات التي تتقابل وجهاً لوجه وهذا الشيء يحدث في المجتمعات الإلكترونية .
الخطوات الأساسية التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند التعليم في المجتمعات الافتراضية :
1ـ تعريف واضح لأهداف المجموعة .
2ـ إنشاء موقع مميز للمجموعة .
3ـ تعيين قائد فعال من المجموعة .
4ـ تعريف المبادئ والسلوك .
5ـ السماح بتنظيم أدوار الأعضاء .
6ـ السماح والتسهيل للمجموعات الفرعية .
7ـ السماح للأعضاء بحل نزاعاتهم .
العمل بهذه الخطوات قد يعزز ويشجع الاتصالات وسط الأعضاء .
النزاع في المجتمعات الافتراضية:
اتسمت التحولات التي حدثت في المجتمعات بالسرعة الكبيرة مما أدى إلى صعوبة تحديد تسمية المجتمع ، فالمجتمعات اليوم تتشكل حول قضايا الهوية والمبادئ المشتركة وليس على أساس المكان الجغرافي . وبهذا يمكن تعريف المجتمع على أنه وحدة متكاملة مستمرة تنشأ عند التقاء عدد من الأشخاص في اهتمامات مشتركة . وعندما يلتقي الأشخاص حول أهداف مشتركة من أجل العمل على إنجازها وتطوير المبادئ السلوكية ، وقد تحدث النزاعات بين الأعضاء أثناء النقاش الفضائي حول المواضيع المطروحة لتحقيق تلك الأهداف، وبالتالي يجب على المجموعات مواصلة الحديث وعدم التوقف من أجل إنجاز المهام كفريق واحد . وعند محاولة تجنب النزاعات قد يؤدي ذلك إلى تفكك المجموعة ، فالنزاعات مرحلة أساسية يجب العمل خلالها وذلك للوصول إلى مرحلة الإنجاز ، وقد أثبتت كثير من الدراسات أن العمل في المجموعات الفورية يتشابه تماماً مع المجموعات التي تعمل وجهاً لوجه .
يمكن حدوث النزاعات في المجتمعات الإلكترونية أكثر من المجتمعات التقليدية ، وذلك بسبب عدم وجود المتحاورين وجهاً لوجه وعدم تمكنهم من التحاور اللفظي الذي قد يؤدي إلى يؤدي إلى سوء الفهم ، ثم صعوبة التعبير العاطفي من خلال النص ، لذا فإمكانية حل النزعات تكون أكبر من خلال الوسائل الإلكترونية .
مبادئ وإجراءات حل النزعات في التعليم في المجتمعات الافتراضية والتعليمية الفورية ؟
العمل خلال النزاعات يساعد على إيجاد تواصل قوي بين أعضاء المجموعة ويؤدي إلى نتائج ايجابية، وفي المجتمعات التعليمية الفورية سوف تسهم النزعات في إيجاد نوع من التماسك بين الأعضاء بل وتسهم أيضاً في جودة نتائج العملية التعليمية ، لذا فالأستاذ في بيئة التعليم الفورية يجب أن يكون مرتاحاً في حال حدوث النزاع. وهنا تجدر الإشارة إلى نقطة مهمة وهي أن هناك خطورة عندما لا يتمكن الأستاذ من حل النزاع في المجتمعات الإلكترونية ، ففشله في التأثير أو الدعم في حل النزاع قد يؤدي إلى تدمير للعملية التعليمية بل وإحجام وحذر من قبل الطلاب المشاركين.
وبناءً علية يمكن القول بأنه يجب أن يوجه الاهتمام في التعليم عن بعد إلى تنمية الإحساس بالوحدة داخل مجموعة المشاركين وذلك لإنجاح العلمية التعليمية ، فالمجتمع التعليمي هو الأداة التي تحدث العملية التعليمية الفورية من خلالها ، فالأعضاء يعتمدون على بعضهم البعض لإنجاز النتائج المطلوبة من المنهج التعليمي ومثال ذلك عندما يلج ( يدخل) أحد المشاركين في موقع المقرر ولا يحدث هناك أي نوع من التفاعل لعدة أيام فإن هذا الشيء يؤدي إلى الإحباط وتثبيط الهمم.
النموذج الجديد للأستاذ هو الذي يعطي الإحساس بالاستقلال وروح المبادرة والإبداع وذلك أثناء الحوار والمشاركة والتشجيع على طرح الأسئلة.
التفاعل في عملية التعليم الافتراضي:
في التعليم التقليدي يرى الطلاب بعضهم البعض ، ويعرف بعضهم بعضاً معرفة جيدة من خلال العملية التعليمية ، ولكن السؤال كيف نجعل كل هذا التعارف والتفاعل يحدث عندما يكون الاتصال مقتصراً على النص أو الصوت عبر شاشة الحاسب فقط ؟ حقيقة لا يمكن أن يحدث ذلك على الفور ، لكن يمكن تسهيل ذلك بطريقة واحدة يمكن تطويرها وهي النقاش المتبادل للإرشادات بغض النظر عن كيفية المشاركة بين المجموعات مع بعضها البعض ، وتكون بداية المنهج بإرسال رسائل ترحيبية وتعريفية وهذا الشيء يعتبر مفيداً للبدء في التعارف الافتراضي ، فالأستاذ في هذا النوع من التعليم يجب أن يكون مرناً بطرح جدول أعماله وبرامجه لكي يتمكن من سير العملية التعليمية ثم السماح للطلاب بتأدية برامجهم الخاصة كل وفق احتياجاته الخاصة . وهذا يعني أن النقاش قد يتم بصورة لا يشعر فيها الأستاذ بارتياح كامل بسبب الحرية الكاملة والمطلقة للطالب وصعوبة التحكم في غرف النقاش ، ولكن الذي يستطيع عملة توجيه النقاش في اتجاه آخر يخدم العملية التعليمية بطريقة سليمة .
بيئة التعليم في المجتمع الافتراضي تحتاج إلى مساحة معينة للقضايا الشخصية في التعليم الفوري ، وهذا الشيء يمكن عمله ومتابعته طيلة فترة الدراسة ، وهذه المساحة إذا لم تنشأ قد تؤدي ببعض الطلاب بالبحث عن طرق أخرى مثل استعمال البريد الإلكتروني لطرح أمورهم الشخصية ، وشعور بعضهم بالوحدة والانعزالية عندما يفقدون هذه المساحة مما يؤدي إلى شعوره بعدم الإشباع والإحساس بأن العملية التعليمية لا تلبي احتياجاته، لذلك لا بد من إعداد هذه المساحة في بيئة التعليم الإلكتروني .
والسؤال الآن هو هل كل الدروس الإلكترونية فعالة ؟ وهل كل برامج التعليم عن بعد تستخدم أدوات ذات فعالية ؟
لا يمكن أن يتكون مجتمع التعليم الإلكتروني بواسطة شخص واحد ، فالأستاذ مسئول عن تسهيل العملية التعليمية ، والطلاب والمشاركين مسئولين عن إنشاء هذا المجتمع ، بهذه الطريقة يمكن القول بأننا أسسنا دروساً إلكترونية فعالة ، والطلاب لا يقتصر دورهم على الوصول إلى المقررات فقط بل يتعدى إلى المشاركة والتعليق وإبداء الرأي في كل القضايا المطروحة ، أما الأستاذ فعليه دائماً التوجيه والتحكم في العملية التعليمية والعمل على أن تكون الدروس ملائمة وجاذبة لجعل الطلاب مواظبين عليها كي يحصل التواصل بين الطلاب فيما بينهم وكذلك بينهم وبين الأستاذ لبناء المجتمع التعليمي .