منتدى التمويل الإسلامي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى التمويل الإسلامي

يهتم هذا المنتدى بالدرجة الأولى بعرض مساهمات الباحثين في مختلف مجالات العلوم الاقتصادية، كما يركز على الاقتصاد الإسلامي، و هو موجه للباحثين في الاقتصاد و الطلبة و المبتدئين و الراغبين في التعرف على الاقتصاد و الاقتصاد الإسلامي....مرحباً بالجميع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
khemgani
مشرف
مشرف
khemgani


عدد الرسائل : 375
العمر : 39
Localisation : Ouargla
تاريخ التسجيل : 28/01/2008

الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى Empty
مُساهمةموضوع: الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى   الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى Emptyالإثنين 24 مارس - 19:10

بقلم: المهندس نور الدين عواد/هافانا ـ كوبا

((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) الرسول محمد بن عبد الله "صلعم". 570 ـ 633م.

الفهرس

1ـ المقدمة

2ـ المسلّمات الاساسية للنظرية الاقتصادية الاسلامية.

3ـ الاقتصاد الاسلامي في الاقتصاد الدولي.

4ـ النظام المصرفي ـ المالي الاسلامي المعاصر.

5ـ منظمة المؤتمر الاسلامي.

5.1ـ ماليزيا.

5.2ـ المملكة العربية السعودية.

6ـ تطابقات وتفاعلات مع حضارات اخرى.



"النظرية رمادية، اما شجرة الحياة فانها دائمة الاخضرار" - وولفغانغ فون غوته (1749ـ1832).



1ـ مقدمة:

ان السيرورة التاريخية الموضوعية للبشرية قد اوجدت، تبعا لتطور القوى المنتجة، اساليب انتاج مختلفة ومتتالية، تجسدت في التشكيلات الاقتصادية ـ الاجتماعية المعروفة، والتي نفت بعضها بعضا نفيا جدليا في بعض المناطق الجغرافية ـ الديموغرافية، وفي مناطق اخرى تعايشت، وخلقت تشوهات اقتصادية ـ اجتماعية وثقافية، تعرقل وتشترط الاجوبة المجتمعية امام التحديات التي تفرضها الحداثة.

منذ ان افضى المجتمع البدائي (المشاعي) الى المجتمع العبودي وصولا الى المجتمع الراسمالي الحالي، لا زال التناقض الرئيسي يتمثل بين الطابع الاجتماعي للعمل والشكل الخاص لتملّك ثمار العمل، مما اوجد الطبقات الاجتماعية التي تحتل مواقع متباينة بالنسبة لملكية وسائل الانتاج، وخلق صراعات متواصلة، بشكل اساسي ازاء الثروة المادية وتوزيعها واعادة توزيعها.

منذ غابر الزمان وحتى الآن، يتم اعداد مختلف النظريات الاقتصادية في محاولة لايجاد حلّ لهذا التناقض، بحيث يتم تحرير المجتمعات المختلفة من القلاقل (الزعزعة) والظلم الاجتماعي، واللامساواة، والاضطهاد، والاستغلال: حلّ ينأى بالبشرية عن اخطار الحروب ( صراعات طبقية داخلية وخارجية؛ صراعات اقليمية وحروب عالمية) وخاصة في العصر الراهن المسمى بعالم "لحظة القطبية الوحيدة"، حيث تعتزم قوة عظمى عسكرية وتكنولوجية وحيدة استعباد البشرية، وإبادة جزء منها (في تطبيق مبدئي لرؤية ثوماس روبرت مالتوس(1766ـ1834) وداروينية اجتماعية غير عقلانية) والاستيلاء على الموارد البشرية والمادية في العالم، وفرض نمط حياتها (في الإنتاج والاستهلاك) الجنوني والمستحيل، لانه يكتنف في احشائه، وبشكل متأصّل، اسباب فناء الحياة والإنسان.

راهنا، لا زال التناقض الاساسي على مستوى عالمي قائما بين اسلوب الانتاج الراسمالي واسلوب الانتاج الشيوعي، بغض النظر عن فشل تجربة الاتحاد السوفييتي القديم واوروبا الشرقية. ان الكبوة التاريخية لقادة تلك التجارب لا تعني ان النظرية الماركسية ـ اللينينية فقدت صلاحيتها وأن الدهر اكل عليها وشرب، بل انها تتطلب اجراء قراءة موضوعية وعلمية للنظرية وللوقائع التاريخية ـ المادية ، السائدة في عالم اليوم سواء بسواء.

فهناك تجارب أخرى تنطلق من نفس الايديولوجيا والنظرية في بناء المجتمع الجديد، تحت قيادة احزاب شيوعية، ودول مركزية قوية، ولم تلق نفس المصير، بل على العكس تماما، فانها تصمد امام ضربات تلك الكارثة وضربات الهجمة الامبريالية، وتتطور اقتصاديا واجتماعيا بوتائر مشجعة (الصين، فيتنام، كوبا). وهذا دليل ملموس على صلاحية الطريق الذي اختارته.

دون شكّ، لا زالت العلاقات الاقتصادية الدولية المعاصرة، لا سيما على امتداد السنوات ال 15 الاخيرة، تتسم بتفوق الاقتصاد الراسمالي فيما يخص الانتاج،التوزيع، الاستهلاك والاستثمار (الانفاق). بيد ان الاقتصاد الراسمالي بطبيعته اقتصاد اقصائي اجتماعيا، ومرفوض ادبيا واخلاقيا، ولا يمكن الاستمرار به بيئيا، ولهذا (بالاضافة الى اسباب اخرى) فانه يدخل في ازمات دورية حادة باضطراد، دون آفاق لحل قابل للحياة على المدى البعيد، في الاطار النظري ـ الايديولوجي للنظام الراسمالي العالمي. فقد تعقدت وتعثرت كثيرا مختلف نظرياته، الى حدّ معاناته من مشاكل متزامنة خطيرة عليه (ركود مع تضخم). لم تكن ايّ نظرية من النظريات الاقتصادية البرجوازية قادرة، حتى الآن، على حلّ التناقض الاساسي، لكنها في الوقت نفسه كانت حريصة على ضمان القانون الاقتصادي الاساسي للراسمالية: الارباح المتزايدة باضطراد، دون الاكتراث للتكلفة الاجتماعية والانسانية والبيئية، وبذلك تبنت جميعها البروتوكول الاول لحكماء صهيون: "استبدال سلطان الله بسلطان الذهب على البشر".

الرأسمالية البدائية التي نشأت وتطورت في شبه الجزيرة العربية، استنادا الى راس المال التجاري وراس المال المالي او بالاحرى التسليفي، عالجتها الثورة الاسلامية الاولي (610ـ633م) بقيادة الرسول العربي محمد بن عبد الله "صلعم"، من خلال نظرية تركت آثارها المختلفة على امتداد 14 قرنا من الزمان، ليس فقط على الدول الاسلامية التي طبقتها، بل وعلى الوعي الجمعي للشعوب الاسلامية، كجزء من هويتها الحضارية (الثقافية ـ الاجتماعية ـ الاقتصادية). كما ان بعض مسلماتها النظرية وجدت لها اصداء في دول غير اسلامية، ويمكنها حلّ بعض المعضلات الشائكة في عالم اليوم، اذا ما تم تطبيقها بشكل خلاّق. فالنظرية الاقتصادية الاسلامية، انسجاما مع جوهرها، لا تقتصر على امة محددة، بل انها موجّهة الى جميع الأمم.

2ـ المسلمات الأساسية للنظرية الاقتصادية الإسلامية.

لا أعتزم إجراء تحليل ماركسي نقدي شامل ومفصل لكافة مباديء النظرية الاقتصادية الاسلامية، بل بشكل أساسي إجراء مقاربة معرفيّة في تقديمها، نظراً لحداثة موضوع الدراسة (حداثة الطرح في العالم الغربي وخاصة في دولة شيوعية/الكاتب).

من المنطقي والمفهوم ان يكون جوهرها دينيّ. لكن اهميتها الراهنة تكمن في انها تشكل النخاع الشوكي للفكر الاقتصادي الاخلاقي لاكثر من 20% من البشرية (كل العالم الثالث تقريبا) وهم ـ المسلمين ـ يخضعون موضوعيا لفعل ودينامية القوانين التي تحكم حركة المجتمع، والاقتصاد والايديولوجيا.

لكي تدخل الشعوب الاسلامية الى التنمية الاقتصادية في ظلّ الاقتصاد الدولي السائد، ولكي تتمكن اية قوة اجتماعية ـ سياسية من قيادة عملية (التغيير التدريجي او الثوري) بنجاح، عليها ان تاخذ بالحسبان الجدّيّ هذه المباديء.

وسوف نرى إلى أي حدّ تفيد هذه النظرية اهداف بناء جبهة عالمية (تمرّ حاليا في مرحلة التكوين) ضد العولمة الاقتصادية اللبيرالية الجديدة. وقد يكون تطبيق هذه النظرية في البلدان الاسلامية بمثابة "فترة انتقالية" في طريق البشرية الحتمي، نحو مجتمع اكثر عدلا وتضامنا وانسانية وخاليا من كافة اشكال الاستغلال: المجتمع الاشتراكي.

1 ـ العمل هو المصدر الشريف والشرعي للثروات المادية. كل عمل مأجور يجب ان يدفع اجره بأجر كريم وكاف للعامل وعائلته: "اعطوا الاجير اجره قبل ان يجف عرقه" (حديث نبوي شريف). ويؤكد النبي "صلعم" " ساكون خصما لمن ياكل عرق عامل". كما انه يجب العمل لأن "السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة" وفقا لما نقل عن عمر بن الخطاب الخليفة الثاني بعد النبي "صلعم".

2 ـ الثروة المادية لا تشكل الغاية من العمل الانتاجي، بل انها تشكل وسيلة لتحقيق الرفاهية الاجتماعية العامة. الارباح التجارية يجب ان تتناسب مع الجهد المبذول في ذلك النشاط، دون تجاوزات. كما يحرم تحريما قاطعا كنز الذهب والفضة والمال... (وهذا شيء مغاير للادخار المشروع والقانوني على ان لا يدوم اكثر من عام واحد).

3 ـ الاستثمار (الإنفاق): يحرّم تحريما قاطعا استيفاء فوائد على القروض والسلف مهما كان شكل وسبب ومقدار تلك الفوائد (حسب الآيات القرآنية في سورة البقرة 274 - 275- 277 - 278، وسورة آل عمران الآية 130، وسورة النساء ألاية 160، وسورة الروم الآية 38). وعليه فأن رأس المال المالي لا يستطيع الانتقال الى نشاطات غير انتاجية ومحرّمة مثل المضاربة (بمفهومها الغربي الدارج)، والربا، والقمار...الخ. وسيجد نفسه مضطرا للعودة الى التداول في الانتاج المادي وفي الاستثمار الاجتماعي مما يخلق وفرة من الخيرات والخدمات، وراس المال البشري وراس المال الاجتماعي. وعلى هذا النحو يتم تفادي (وليس إزالة) وقوع مظالم اكبر، واحقاد اجتماعية، وتفاوتات متزايدة بين فقراء واثرياء. القرض أو السلفة بالإضافة إلى كونه واجبا اخلاقيا على من يقدّمه، يتوخى مساعدة المحتاج اليه، ويؤدي الى تنشيط العملية الانتاجية والدورة الاقتصادية ويرفع الرفاهية العامة للمجتمع.

4 ـ على الرغم من ترخيص "الاستدانة" (يجب فعل كل ما هو ممكن من اجل تجنب الوقوع في المديونية لأن الرسول محمد "صلعم" يقول ايكم والدّين فانه همّ في الليل ومذلة في النهار)، فأن الدّيون يجب ان تكون معللة اقتصاديا واخلاقيا وقانونيا وادبيا، وان تتوفر فيها شروط لا غنى عنها تضمن حقوق وواجبات الدائنين والمدينين، وتمهد ـ قدر الامكان ـ للظروف المؤاتية لسداد الديون. كما ترتأي النظرية صيغة لحلّ استعصاء الدفع بسبب ظروف مجافية.

5 ـ تسمح النظرية بالملكية الخاصة المشروطة وخاصة ملكية الارض بصفتها وسيلة انتاج. ولا يجوز استخدام الملكية في نشاطات انتاجية او تجارية محرّمة، ولا كوسيلة للاضطهاد والقهر والظلم. الارض، بمقدار معلوم، يمكن ان تكون ملكية خاصة، طالما ان مالكها يفلحها شخصيا او عائليا او بالتشارك مع آخرين. واذا لم يفلح المالك ارضه لمدة ثلاثة اعوام يفقد الملكية وتنتقل الارض الى ملكية الدولة.

6 ـ التوزيع: الدولة الإسلامية، بالتعريف، هي المعنية بتولي التوزيع العادل للدخل القومي. المداخيل الاضافية للمواطنين متفاوتة وتعتمد على العمل الذي يؤديه كل فرد، حسب طاقته (قرآن كريم سورة البقرة آية 285).

7 ـ إعادة توزيع الثروات: تشكل الزكاة احد المداخيل الاساسية للدولة الاسلامية. الزكاة كلمة عربية تعني حسب تعريفها الثيولوجي (الدّيني) " حق المحرومين في اموال الآخرين" (قرآن كريم سورة الذاريات الآية 19) وتبلغ قيمتها 2.5% سنويا من كافة الاموال (رأس المال الثابت ورأس المال المتداول). وهي عبارة عن التزام عقائدي على كل مسلم تتوفر لديه أموال تفيض عن احتياجاته المادية الاساسية. والدولة مخولة قانونيا باستخدام كافة الوسائل الضرورية بما فيها القوة لجباية الزكاة، على الرغم من ان الناس بشكل عام يؤدونها طوعا وعن وعي وضمير. ومن المقرر ان تقوم الدولة باعادة توزيعها بين الفئات والجماعات التي تحددها النظرية الاقتصادية الاسلامية. دفع الزكاة لا يعفي المسلمين من القيام باعمال البر والاحسان على هواهم او دفع الضرائب التي تحددها الدولة لاسباب مختلفة.

بالتزامن مع ذلك الدولة ملزمة باعتماد 20% من كافة الموارد (الثروات) الباطنية التي يتم استغلالها (النفط، المناجم والكنوز الاثرية على سبيل المثال)، لصالح القطاعات والفئات المحددة اذ ان الاسلام يقوم اجتماعيا على اطروحة التكافل الاجتماعي.

8 ـ الاحتكار: يحرّم احتكار كافة السلع السوقية، مع التشديد على الاغذية، ويحرمّ بيع المنتوجات باسعار اعلى مما هو مقرر، انتهازا للاحتياجات الضرورية لاشباع المستهلكين (اسعار احتكارية). وعلى الرغم من ان السوق تعمل حسب مبدأ العرض والطلب، فان الدولة مخولة بالتدخل لوضع حدّ للاحتكار ومضاربة التجار، من خلال مصادرة السلع ووضعها تحت تصرف المستهلكين، على ان تعيد للتجار رأسمال سعر التكلفة فقط (لا يحتكر إلا خاطيء، حديث نبوي شريف).

3ـ الاقتصاد الإسلامي في الاقتصاد الدولي.

إن الحضارة الاسلامية المستندة الى مفاهيم ومباديء وقوانين الثورة الاسلامية الاولى، قد تطورت اقتصاديا على ضوء الاطروحات (المسلمات) المذكورة آنفا، واوجدت اقتصادا سوقيا مزدهرا وقويا داخليا، "وبلغ ذروته خلال عصر الدولة العباسية وانعكس ذلك في سيادة الدينار الاسلامي (من القرن الثامن وحتى القرن الحادي عشر). وكان العالم الاسلامي يحقق فائضا في ميزانه التجاري وتبادلاته مع القوى الاقتصادية في ذلك الزمن، والتي كانت اقطابها: الدولة العباسية (مسلمون)، الصين (بوذيون) وادولة البيزنطية (مسيحيون).

مع سقوط بغداد في يد التتر والمغول، وتتالي موجات الصليبيين الاوروبيين وتشكّل الامبراطورية العثمانية (1516 - 1918) اخذ النظام الاقتصادي الاسلامي بالتراجع امام زخم الدول الاوروبية، التي تزعمت النظام الاقتصادي الدولي، وفرضت نماذج تنموية ذات طابع ايديولوجي (راسمالية وشيوعية) ما تسبب في نشوء حالة انفصام بين المعتقدات والممارسات الاقتصادية للمسلمين.

العقود الخمسة الاخيرة كانت شاهدة على بحث حثيث في اصول وجذور النظرية الاقتصادية الاسلامية، من خلال الاضطلاع بمشاريع بحثية حول المواضيع الاقتصادية المعاصرة على ضوء الإسلام. "على الصعيد الأيديولوجي عقد اول مؤتمر حول الاقتصاد الاسلامي عام 1976؛ وتم انشاء مركز ابحاث الاقتصاد الاسلامي (العربية السعودية 1977) والمعهد الاسلامي للابحاث الاقتصادية عام 1981. بالتزامن مع ذلك وعلى الصعيد العملي تم تاسيس المؤسسات المالية الاسلامية (مصارف، شركات تامين، صناديق استثمارية) برصيد بلغ 159.6 بليون دولار، منها 70 بليون دولار على شكل ودائع حسب احصائيات عام 1996. وعلى الصعيد التشريعي تمت المصادقة على قوانين واصول لدعم التنمية الاقتصادية تمشيا مع المفاهيم الاسلامية".

4 - النظام المصرفي - المالي الاسلامي المعاصر.

الاقتصادي الفرنسي البرجوازي الصغير بيير برودهوم، في مؤلفه "ما هي الملكيّة؟" توصل الى خلاصة مفادها ان الملكية نوع من "السّرقة". قيّم ماركس تقييما عاليا تأويل برودهوم، لكنه اضاف ان الامر لم يكن يتعلق بشأن قانوني يمكن حلّه امام المحاكم، بل بقضية اعمق بكثير وتتطلب ثورة اشتراكية لحل المشكلة جذريا. لاحقا، في مؤلفه "فلسفة البؤس" حاول برودهوم حلّ مشكلة الاستغلال من خلال مكافحة شكل واحد من اشكال رأس المال: رأس المال التسليفي. في سبيل ذلك اقترح انشاء مصرف شعبي، يقدم قروضا مجانية (دون فوائد). فتلقى رداً قاطعاً من ماركس (كانا صديقين حميمين) من خلال مؤلفه "بؤس الفلسفة" واقترح القضاء على كافة اشكال رأس المال من اجل القضاء على الاستغلال، وهذا الامر ليس ممكنا الا من خلال ثورة اشتراكية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
khemgani
مشرف
مشرف
khemgani


عدد الرسائل : 375
العمر : 39
Localisation : Ouargla
تاريخ التسجيل : 28/01/2008

الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى   الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى Emptyالإثنين 24 مارس - 19:11



[size=12]ان اول مصرف اسلامي ـ خال من الفوائد المئوية ـ كان بنك الادخار الذي اسسه الدكتور احمد النجار عام 1963، في مدينة (ميت غمر) المصرية، بهدف تقديم قروض دون فوائد لفقراء المدينة الذين يريدون اقامة مشروع اقتصادي ما. لا تتوفر لدينا معلومات حول تلقي اي بنك اسلامي منفعة مادية ما نتيجة للقيام بهذه المهمة. ونلاحظ ان فكرة هذا النوع من البنوك تتطابق تماما مع مفهوم بيير برودهوم الموضّح سابقا.


في أعوام السبعينات شاعت في منطقة الخليج العربي الفارسي بقوة ظاهرة البنوك الاسلامية على اثر الذروة المالية التي تحققت هناك مما تتطلب تاسيس بنك دبي الاسلامي عام 1975. اما اليوم فقد تم تعميم هذه البنوك في العالم الاسلامي باسره وفي بعض البلدان الغربية التي تحتضن ملايين المسلمين، وصولا الى 256 بنكا اسلاميا في كل العالم، برصيد يبلغ 262 مليار دولار امريكي. ان هذه البنوك تستثمر رؤوس اموالها المالية في الانتاج المادي الحلال.

(وتفيد آخر الإحصائيات المنشورة في 4 سبتمبر 2005 (الموقع الالكتروني لصحيفة دنيا الوطن الفلسطينية) أن العالم يشهد اليوم انتشاراً كبيراً للبنوك الاسلامية في القارات الخمس لتصبح 280 بنكاً اسلامياً في 48 دولة تصل ودائعها الى نحو 400 مليار دولار بالاضافة الى 300 بنك تقليدي انشأت فروعاً اسلامية او منتجات اسلامية، كما ان النظام المالي الاسلامي حقق تقدماً بشكل غير مسبوق وارتفع أداء البنوك الاسلامية، ونسمع كل يوم عن انشاء بنوك اسلامية جديدة وعن بنوك تقليدية تحولت او تتحول الى مصارف اسلامية. كما ازدادت المؤسسات المالية الاسلامية وصناديق الاستثمار التي وصل عددها الى 400 صندوق منتشرة في العالم)

وفي عام 1978 انشأت منظمة المؤتمر الاسلامي "الاتحاد الدولي للبنوك الاسلامية" بغية اهداف من بينها تمتين وتعميق العلاقات بين المؤسسات المالية الاسلامية على اساس الالتزام بالشريعة الاسلامية؛ تقديم المساعدة لتطوير الايدي العاملة؛ التبرع بالاستشارة التقنية في مجال العمليات المصرفية الاسلامية؛ تولّي التمثيل والوساطة والتحكيم بين البنوك الاسلامية؛ وتولّي تمثيل المصالح المشتركة للبنوك الاسلامية على الصعيدين المحلي والدولي على حد سواء.

ان المنفعة التي تتمخض عن نشاط هذه البنوك تتمثل في انها تقدم راسمال جاهز وميسّر، دون فوائد مئوية، يتم توظيفه (استثماره) في الاقتصاد الحقيقي (المادي) دون ان تترتب عليه مراكمة ديون خارجية، ودون اشتراطات سياسية. هذا الواقع لا يعني ان البنوك الاسلامية لا تحصل على ارباح وتراكم راسمال، بل انها تحصل عليها من عملية الانتاج والتجارة (التسويق) والاستثمار (الانفاق)...الخ لكنها لا تحصل على ذلك ابدا من اي نشاط في الاقتصاد الافتراضي (المضاربة المالية) وهي ممارسة محرمة تماما لاسباب تتعلق بالمعتقدات الايمانية الاسلامية ( النقود في حد ذاتها ليس لها قيمة وعليه لا يجوز ان تولد نقود).

في عام 1972 انشيء "الاتحاد الاسلامي لمالكي البواخر" (لشحن المسافرين والبضائع) بهدف التعاون والتنسيق والتكامل في هذا القطاع الاقتصادي المهم بالنسبة للعالم الاسلامي.

وكذلك في عم 1979 انشات منظمة المؤتمر الاسلامي " الغرفة الاسلامية للتجارة والصناعة" بغية الدفع بتطوير كلا القطاعين الاساسيين في الاقتصاد؛ حماية المصالح الاقتصادية والعمليات التجارية والمشاريع المشتركة للدول الاعضاء ...الخ.

وأسست منظمة المؤتمر الإسلامي أربعة هيئات أخرى في مختلف قطاعات العلاقات بين أعضائها، فيما تريده ان يكون مشروع تكامل اسلامي.

5 ـ منظمة المؤتمر الإسلامي.

منظمة دولية تأسست في 25 سبتمبر 1969 في الرباط، المغرب، خلال القمة الاولى لقادة دول العالم الاسلامي.

تقوم بتعبئة مواردها ومضافرة جهودها في الدفاع عن مصالحها وضمان رفاهية وتقدم شعوبها وكافة المسلمين في العالم. من بين اهدافها:

· التضامن الإسلامي بين الدول الأعضاء.

· التعاون بين الدول الاعضاء في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية.

تضم المنظمة 57 دولة عضوا موزعين جغرافيا على النحو التالي:

· افريقيا ..................27.

· آسيا ..................27.

· امريكا اللاتينية ................. 2.

· أوروبا .................. 1.

كما تضم ايضا عددا من المراقبين:

الدّول:

· جمهورية البوسنة والهرسك (1994).

· جمهورية افريقيا الوسطى (1997).

· مملكة تايلند (1998).

جماعات اسلامية:

· الطائفة التركية المسلمة في قبرص (1997).

· جبهة مورو للتحرير الوطني ـ الفلبين. (1997).

منظمات اقليمية ودولية:

· منظمة الامم المتحدة ..................... (1976).

· حركة بلدان عدم الانحياز................ (1977).

· جامعة الدول العربية...................... (1975).

· منظمة الوحدة الافريقية................. (1977).

· منظمة التعاون الاقتصادي.............. (1995).

بموازاة منظمة المؤتمر الاسلامي توجد شبكة واسعة من الحركات الاجتماعية والجمعيات الخيرية وغيرها من المنظمات غير الحكومية ذات الطابع الاسلامين تعتني بشؤون اقتصادية ـ اسلامية وتعمل داخل البلدان الاسلامية وبينها وفي بلدان غير اسلامية حيث توجد جاليات اسلامية. وعلى الرغم من ان الدور الاساسي لتلك الحركات هو دور دعاوي تبشيري الا انها تلعب دورا اقتصاديا ـ اجتماعيا ذا اهمية معينة، وخاصة في البلدان التي تمتلك موارد مادية قليلة، من خلال التبرعات المالية والمادية،والاستثمارات الانتاجية الحلال، واصلاح وتاهيل الموارد البشرية...الخ.

الموارد المالية لهذه الحركات تاتي من الزكاة، والتبرعات الخاصة واعمال الاحسان وحتى اعتمادات حكومية من العالم الاسلامي.

الإسهامات المالية عبر هذه الوسيلة، لا سيما في البلدان الاسلامية الفقيرة، تنخرط في الاقتصاد الداخلي وتحلّ مشاكل تتعلق بالبطالة والانتاج والتوزيع، الى جانب برامج الدولة فيها، وفي بعض الحالات تسدل القناع على الوضع الحقيقي لاقتصاد تلك البلدان من خلال خلخلة مؤشرات الحساب الاقتصادي. المبالغ المالية والتبرعات المادية (العينية) تخصص للقطاعات المستضعفة في تلك المجتمعات،عبر طريقين: الاولى من خلال تسهيل وتوفير اموال ميسّرة دون فوائد ، والثانية من خلال الارباح التي تدرها تلك الموارد والتي تبقى ومعها راس المال الاساسي في البلد المعني (لا تعود الأموال إلى بلد المنشأ).

موضوعيا، تعرقل هذه السلوكيات الاستقطاب الاجتماعي القائم وتمهد لمستوى معين من الحاكمية (الحوكمة على راي البعض) على المجتمع المدني.

غير انه اذا ما قمنا بتحليل بعض جوانب الوضع الاقتصادي ـ الاجتماعي الحقيقي في العالم الاسلامي بمجمله، لوجدنا، على الرغم من كلّ ما اسلفنا، اختلالا واضحا، وانعداما للانسجام بين النظرية الاقتصادية الاسلامية وتطبيقها في مختلف البلدان. يوجد نوع من الطلاق بين الفذلكة السياسية ـ الاسلامية لدى بعض الحكومات والممارسات الاقتصادية ـ الاجتماعية في تلك البلدان.

العالم الإسلامي الراهن. معطيات هامة لعام 2003.

· المساحة............................. 32 مليون كم2.

· الاراضي الزراعية................. 11.3%.

· عدد السكان......................... 1,361,441,883 نسمة.

· المنتوج الداخلي الاجمالي............ 3.483 مليون مليون دولار.

· النفقات العسكرية..................... 72 مليار دولار.

· اسهام الزراعة في المنتوج الداخلي الاجمالي.......24%.

· اسهام الصناعة في المنتوج الداخلي الاجمالي...... 30%.

· اسهام الحدمات في المنتوج الداخلي الاجمالي...... 46%.

· السكان النشطين اقتصاديا............ 395 مليون.

· السكان تحت خط الفقر ............... 37%.

· التضخم...........................................14%.

· البطالة............................................ 19.2%.

· الواردات.........................................431 مليار دولار.

· الصادرات........................................358 مليار دولار
[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
khemgani
مشرف
مشرف
khemgani


عدد الرسائل : 375
العمر : 39
Localisation : Ouargla
تاريخ التسجيل : 28/01/2008

الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى   الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى Emptyالإثنين 24 مارس - 19:12



[size=12]ولكي نفهم هذا التناقض الجلي في هذا القطاع من النظام الاقتصادي العالمي، يجب علينا ان نأخذ بالحسبان الاعتبارات التالية:


1. النظرية الاقتصادية الإسلامية تفترض وتشترط صلاحيتها بوجود دولة اسلامية، تتبنى النظرية وتتمثلها في الواقع العملي؛ وهذا شرط معدوم في البلدان الاسلامية الحالية، فرادى وبالجملة.

2. تفترض النظرية أيضا مستوى عال من الوعي الثقافي والادبي والاخلاقي والروح الانسانية، على مستوى الشعب والدولة سواء بسواء، وهذا شرط آخر يعاني من القحط، لاسيما على مستوى الدولة الحالية.

3. النظرية لا تنفي الملكية الخاصة ولا حرية التملك على الرغم من انها تضع لها حدودا واشتراطات وشروط، يمكن لها، في احسن الاحوال، ان تصل بالمجتمع الى الرفاه العام.

من حيث المبدأ، لم يكن بامكان النظرية الاقتصادية الاسلامية ان تكتشف جوهر الاستغلال، ولا آليته ولا حلّه النهائي، ناهيك عن ذلك في زمن العولمة الليبرالية الجديدة، بزعامة القوة العظمى التي يستند اقتصادها جوهريا الى ممارسات ومباديء متناحرة مع النظرية الاقتصادية الاسلامية: اضعاف دور الدولة اقتصاديا الى اقصى حد ممكن، الفائدة المئوية على راس المال المالي، الاحتكار، الخصخصة، المضاربة المالية: أي أن إله هذه القوة العظمى هو المال.

4 - الدولة السائدة في البلدان الاسلامية، من حيث الجوهر، هي دولة راسمالية من التخوم (المحيط)، تابعة اقتصاديا وسياسيا للمركز الامبريالي العالمي. فيما هو ادبي ـ اخلاقي واقتصادي ـ اجتماعي داخليا، نجد دولة هجينة محشورة بين سيف الموروث الحضاري (الثقافي)، المتأصل في الوعي الجماعي للشعوب الاسلامية، وسيف التبعية للراسمالية الامبريالية التي تفرض عليها فلسفتها وهيمنتها الاقتصادية.

5 - في أكثرية الحالات نشأت الدولة و/أو تطورت على يد القوى الاستعمارية خلال القرن العشرين، وكانت رهينة للطبيعة الطبقية للشريحة او الفئة الاجتماعية المتربعة على سلطان الدولة، ورهينة ايضا لارتباطها المباشر بالقوة الاستعمارية، كما كان بقاؤها موضع حماية من القوة الاقتصادية والسياسية وحتى العسكرية للقوى الغربية ( الاردن عام 1970، تونس عام 1980، السعودية في مناسبتين بين 1982 و1985).

مع ذلك، اضطرت دول بلدان العالم الاسلامي الى تطبيق بعض الجوانب الهامة من النظرية الاقتصادية الاسلامية مثل: تحريم الربا (الفائدة المئوية)؛ تحريم الاحتكار (خاصة المواد الغذائية الضرورية)؛ الاستثمار والقروض عبر المصارف الاسلامية...الخ من اجل تقليص الفقر الى حدود تافهة، حيث ان المثل الشعبي الماثور يقول "الجوع ابو الكفار"، وبهذا الشكل فانها تضمن لها شرعية "اسلامية" معينة تعينها على الحاكمية (الحوكمة).

اقدم في ما يلي حالتين بخصوص استعمال النظرية الاقتصادية الاسلامية، وان كانت مقاصدهما ومدياتهما مختلفة:

5.1 - ماليزيا.

تعتبر ماليزيا إحدى البلدان الإسلامية الاكثر تطورا ودينامية من وجهة النظر الاقتصادية. وقد بدات النهضة الحديثة لهذا الارخبيل منذ وصول رئيس الوزراء المسلم محاضر محمد الى سدة سلطان الدولة في 16 يونيو 1981. وبغض النظر عن الراي النظري بصدد الدور النسبي الذي يلعبه القادة في التاريخ مقارنة مع الدور الذي تلعبه الجماهير الشعبية، فاننا نجد في بعض الحالات، بعض القادة يلعبون دورا حاسما في مرحلة تاريخية محددة، في حسم مجرى العمليات الاجتماعية وخاصة في بلدان ما يسمى بالعالم الثالث، وبشكل أخصّ في البلدان الاسلامية نظرا لعوامل تاريخية ـ ثقافية، اذا ما توفرت في القائد شروط شخصية وسياسية وأدبية ـ اخلاقية متوائمة مع المعتقدات الدينية ـ الروحية للجماهير.

لا يمكن التشكيك في ان محاضر محمد قد اثبت انه احد هؤلاء القادة الكارزميين، يتمتع بنزاهة سياسية وفضائل اخلاقية هائلة، ويلمّ الماما واسعا بمعارف جمّة عن الاسلام، كأيديولوجيا ووعي لاكثرية شعبه، وبالواقع الموضوعي للعالم المعاصر. كما انه يتحلى بشجاعة سياسية ـ اقتصادية، وبروح خلاّقة ومصممة على تحقيق التقدم الاجتماعي لبلاده. وفي هذه الحالة نجد أن المبدأ السامي الذي اطلقه الفيلسوف الاغريقي ارسطوطاليس لا يجانب الصواب عندما قال " سعادة امة ما لا يحددها شكل الحكم ، بل فضائل القادة والقضاة".

في كتابه "صوت آسيا" يؤكد محاضر "إذا استطاعت آسيا ان تتمكن من المهارات الصناعية للغرب، وتحتفظ في الوقت نفسه بقيمها الثقافية، فانها ستكون في موقع يسمح لها ببناء حضارة اعظم من اية حضارة عبر التاريخ". هذه هي نقطة الانطلاق التنموية الماليزية التي تؤكد على الاسلام كاطار مرجعي لهذه العملية، مع الانفتاح على البلدان والثقافات والسياسات التي يمكن ان تفيد مجتمعها، دون الدخول في تناقضات مع المقاصد العامة للاسلام. نلاحظ ان محاضر قام باعادة ترتيب المفاهيم دون التضحية بجوهر فكره: الاصرار على التنمية المتناغمة مع الايديولوجية الاسلامية اكثر من الاصرار على المفهوم الاسلامي للتنمية.

في عام 1991 قدم محاضر "رؤية 2020" لمستقبل ماليزيا تشير الى بناء دولة اسلامية عصرية حتى عام 2020. بيد ان الخطاب السياسي، عندما سعى الى تطبيق هذه الرؤية، اعطى وزنا اكبر للبعد الاسلامي في التنمية من خلال اجراءات من بينها: انشاء البنك الاسلامي وشركات التامين الاسلامية وغيرها من مؤسسات.

تجدر الإشارة إلى أن محاضر محمد كان قد نبه مبكرا الى المظالم والمخاطر المنبثقة عن نوايا القوى العظمى التي تسعى الى استغلال العولمة، من اجل فرض هيمنتها السياسية والاقتصادية. فماليزيا عاشت صدمة مالية واقتصادية في الفترة 1997 ـ 1999 تسببت بها قوى العولمة المالية، وتبنت خلالها ماليزيا سياسات جريئة وغير تقليدية لمواجهة المضاربات المالية في البورصة، واستطاعت انقاذ الاقتصاد الماليزي الذي كان على حافة الانهيار. وأوجد نجاح ماليزيا لدى المراقبين ما يسمى بـ "البديل الماليزي" المستند الى فكر محاضر محمد، الذي قال في كتابه "العولمة والواقع الجديد: التجربة الماليزية نموذجا": " ان اللاعبين الكبار في النظام العالمي يطبقون قواعد غير عادلة للعبة من اجل منفعتهم. انهم لا يكتفون بحرمان الدول النامية من الفوائد بل يلحقون بها الخسائر ايضا (...) العولمة مفهوم طبقته الدول القوية لاستباحة اقتصاديات الدول النامية".

لقد تنحى محاضر محمد طوعا عن سلطان الدولة عام 2001، بعد ان شغل منصبه كرئيس للوزراء، من خلال انتخابات برلمانية حرة، على امتداد عشرين عاما.

وتسعى الحكومة الماليزية الحالية الى مضاعفة حصة البنوك الاسلامية في قطاع المصارف الى 20% بحلول عام 2010. وقررت الحكومة منح تراخيص للبنوك الاسلامية الاجنبية العاملة في ماليزيا في محاولة لتحويل البلاد الى مركز اقليمي للتمويل الاسلامي. فحصلت "شركة الراجحي المصرفية للاستثمار" على ترخيص من البنك المركزي الماليزي لكي تقدم خدماتها المصرفية والاستثمارية لتتحول بذلك الى اول مصرف سعودي يعمل في ماليزيا وجنوب شرق آسيا. كما تم منح ترخيص آخر لكونسورسيوم يتكون من ثلاثة بنوك لنفس الغاية. ويبلغ اجمالي اصول البنوك الاسلامية في ماليزيا 22.4 مليار دولار.

5.2 ـ المملكة العربية السعودية.

وهي احدى اغنى البلدان الاسلامية بالثروات الطبيعية (النفط) واكبرها دخلا وطنيا اجماليا (133 مليار دولار سنويا) وتبلغ ايداعاتها في البنوك الامريكية الرقم الفلكي 700 مليار دولار، وهي مبالغ لا تدخل في حسابات ميزانية الدولة ولا في ميزان المدفوعات ولا في خدمة الاقتصاد الوطني: ريع هذه المبالغ يخصّ حصرا العائلة المالكة، ويفيد في ايجاد توازن، قدر الامكان، في ميزان مدفوعات الولايات المتحدة الامريكية وتمويل ديونها العامة.

كما تتمتع السعودية ايضا بمداخيل اضافية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات تردها من الحجاج المسلمين الذين يزورون الاماكن المقدسة في مكة والمدينة، والذين تتراوح اعدادهم بين 2 و3 مليون من المسلمين المؤمنين من كافة انحاء العالم (ثروة روحية تتزايد قيمتها باستمرار وتولّد ثروة مادية).

ومع ذلك تشهد العربية السعودية بشكل عام عجزا في ميزانيتها وتعاني من التضحم الذي يضرّ كثيرا بالتوظيف. بالاضافة الى ذلك، فان النفقات العسكرية المفرطة ، وهي غير مبررة وغير ضرورية، تراكم، و يا لها من مفارقة، ديونا خارجية هائلة لصالح الولايات المتحدة الامريكية بشكل رئيسي. فعلى اثر حرب الخليج عام 1991 ضد العراق، تراكمت على السعودية ديونا خارجية بقيمة 18 مليار دولار، وعلى امتداد عقد التسعينات ازدادت تلك التراكمات كثيرا بسبب شراء كميات كبيرة من الاسلحة القادمة من المجمع الصناعي ـ الحربي الامريكي بناء على طلب من امريكا بعينها، مما ساعد الى حد كبير على انتشال الاقتصاد الامريكي من الركود، وكفل لقوتها العسكرية قواعد كبيرة مزودة باجهزة وعتاد افضل التكنولوجيات، ويتم استخدامها حاليا ضد العراق وافغانستان وسيتم استخدامها ضد بلدان اخرى في العالم الاسلامي، في اطار مشروع الهيمنة الجيوستراتجي الامريكي والسيطرة المباشرة بقواتها الخاصة على منابع النفط ( اكثر من 70% من الاحتياطات العالمية المحققة توجد في العالم الاسلامي) بغية تحسين سلطانها الاقتصادي مقابل الاتحاد الاوروبي واليابان، ومواصلة مخططها الامبراطوري على نطاق كوني.

عنصر هام آخر يتمثل في ان العربية السعودية (تحت قيادة سياسية وهابية رسملت الدين الإسلامي ووضعته في خدمة الولايات المتحدة الامريكية مقابل الحماية التي توفرها للعائلة الملكية) تشهد احدى اسوأ عمليات التوزيع للثروة والدخل الوطني، وتزيد التفاوتات الاجتماعية الداخلية باستمرار ، وتبذّر موارد الامّة وتستعملها في ابواب محرمة حسب النظرية الاقتصادية الاسلامية. نلاحظ وجود اغتراب سافر للدولة بين سلوكياتها محليا واقليميا ودوليا وبين ايديولوجية المجتمع. فيتم التلاعب بالدين احيانا من اجل مصالح غير مشروعة وليست في منفعة الشعب.

في هذا السياق يمكن فهم التقيييم الصادر عن "الهيئة العامة للاستثمار" في السعودية، عندما اعلنت في 15اكتوبر 2004 عن الخطة الخمسية التي تستهدف تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال استثمارات اجنبية قوية،على امتداد السنوات العشرة القادمة من اجل تمويل بناء محطات تحلية المياه وتوليد الكهرباء بغية التصدي للنمو السكاني!

وحسب "مؤسسة النقد العربي السعودي" حققت ميزانية الدولة فائضا عام 2003 بقيمة 9.6 مليار دولار، بدلا من 12 مليار دولار. ويؤكد على ان ميزان المدفوعات لعام 2003 حقق فائضا قياسيا بقيمة 27.6 مليار مقابل 11.9 مليار دولار لعام 2002، ويعترف بان ميزانية عام 2003 هي اول ميزانية منذ عام 2000 لا تتضمن عجزا ميزانيا.

ان انعدام الشفافية المالية للحكومة، وطراز الحكم (عائلة ملكية وهابية)، ودرجة التبعية والخنوع للمركز الامبريالي العالمي، بالاضافة الى عوامل اخرى، تجعل من الصعب جدا معرفة المعطيات الحقيقية للوضع الاقتصادي السعودي ولسلوك سلطاتها. لكن وبناء على القليل المتوفر من المعلومات يمكن التاكيد على ان السياسة والسلوك الاقتصاديين للنظام الملكي لا علاقة لهما بالنظرية الاقتصادية الاسلامية، على الرغم من وجود شخصيات ومؤسسات في المجتمع المدني السعودي تراعي النظرية الاقتصادية الاسلامية في سلوكها الداخلي والدولي.

هنالك امر آخر يعرفه ويطبقه قليلون في العلاقات الاقتصادية الاسلامية ـ التي تنص عليها النظرية الاقتصادية الاسلاميةـ مع البلدان غير الاسلامية، ويتمثل في أمر (توصية) ثيولوجي صريح يأمر المسلمين باقامة علاقات (اقتصادية) عادلة وحسن المعاملة والتضامن المادي مع البلدان والشعوب الذين لم يقاتلوا ضد الاسلام ولم يطردوا المسلمين من ديارهم وارضهم ( قرآن كريم، سورة الممتحنة آية Cool

اي ان مباديء النظرية الاقتصادية الاسلامية تطبق على البلدان الاسلامية وغير الاسلامية في اطار العلاقات الاقتصادية الدولية مع مراعاة الاستثناء المنطقي الوارد اعلاه.

6 ـ تطابقات وتفاعلات مع حضارات أخرى.

بموجب المفهوم الاسلامي، البشرية صنف واحد (لا وجود لعروق عليا وعروق سفلى) ويجب على اممها وشعوبها وحضاراتها ان تتعايش في وئام وسلام وان تتفاعل و "تتلاقح" دون اية ضرورة لصدام او حرب الحضارات، في اطار من التضامن والتكافل اللذين يضمنان التوازن والبقاء للكائن البشري دون تدمير الطبيعة إرادياً.

الحضارة الاسلامية نفسها تغذت من الحضارات الفارسية والهندوسية والاغريقية والصينية وتفاعلت معها. وفي لحظة معينة من تطورها خلال عهد الدولة العباسية، تم تشجيع التعارف مع بقية الحضارات والامم الى حدّ مكافاة اي مترجم يترجم مؤلفا اجنبيا بوزن عمله من الذهب الخالص.

لقد شكلت الحضارة الاسلامية اساسا تاريخيا لنشوء الحضارة الاوروبية وتطورها اللاحق. إن تاريخ البشرية ليس الا تسلسلا ونفيا جدليا للحضارات المتعاقبة.

سأقدم هنا خمسة حالات راهنة على التطابق والتفاعل بين الحضارة الاسلامية وغيرها من الحضارات: حالتان ذات طابع سياسي ـ ثقافي وثلاثة حالات نظرية ـ اقتصادية على علاقة بالاقتصاد الدولي.

أولا: في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب (المانيا) الذي اقيم في اكتوبر الماضي، حلّ "العالم العربي" (الاسلامي) ضيف شرف على المعرض. وقد وجه المستشار الالماني غيرهارد شرودر والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى نداء مشتركا ضد محاولات تشويه صورة العرب والمسلمين في العالم. من جهته دعا شرودر الى " ارساء دعائم حوار واسع ومتوازن بين الشرق والغرب في جميع مجالات الحياة (...) ودعا الى الحوار بين مختلف الحضارات والثقافات (...) واعترف بالدور الذي لعبه العرب في مجال الكيمياء والطب والفلسفة وغيرها، وبفضلهم في خدمة تقدم البشرية والحضارة الاسلامية (...) واشار الى ان المفاهيم المحدودة والجهل بطبيعة الاختلافات الثقافية بين الشرق والغرب ساهما في تدعيم الصورة السلبية عن الاسلام والمسلمين".

ان هذا الموقف مبدئي ومنسجم مع مبادرة الحوار المسيحي ـ الاسلامي التي انطلقت عام 1978.

ثانيا: قررت وزارة التعليم الدنمركية في اكتوبر الماضي تدريس القرآن الكريم كمادة اساسية في مدارس المرحلة الثانوية اعتبارا من العام القادم (الحالي 2005). ويعود ذلك الى نمو رغبة الطلبة الدنمركيين للقراءة عن الاسلام كديانة وثقافة ولاعطاء فكرة صحيحة عن الاسلام.

يعتبر الاسلام الديانة الثانية في فرنسا والمانيا وبريطانيا العظمى. تجدر الاشارة الى ان الفيلسوف الفرنسي الشهير روجيه جارودي قد اعتنق الاسلام في السنوات الاخيرة. "فالتنوع الفطري والموضوعي للبشر لا يحول دون التعارف بين الشعوب" ( قرآن كريم سورة الحجرات آية 13).

[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
khemgani
مشرف
مشرف
khemgani


عدد الرسائل : 375
العمر : 39
Localisation : Ouargla
تاريخ التسجيل : 28/01/2008

الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى   الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى Emptyالإثنين 24 مارس - 19:13



[size=12]ثالثا: نسبة طوبين.


"العالم الاقتصادي الامريكي الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد عام 1981، جيمس طوبين، اقترح عام 1971 استيفاء ضريبة على كل صفقة مالية تعبر الحدود القومية، تتراوح قيمتها بين 10 و15 سنت عن كل 100 دولار من الصفقة، مما سيوفر عاملا كافيا لتثبيط تدفق رؤوس الاموال قصيرة الاجل الى الخارج، اذ ان هذه الاموال تجني ارباحا بنسبة مئوية منخفضة، تجعل نسبة طوبين قادرة على القضاء عليها (...) ان هذه الآلية التي اقترحها طوبين للسيطرة على رؤوس اموال المضاربة لا زالت تستقطب انصارا لها (...) وهذا نداء عالمي وجهه برلمانيون بخصوص نسبة طوبين، يحض رجال التشريع في كوكبنا على مطالبة برلماناتهم وحكوماتهم بتطبيقها، وباستكشاف خيارات اخرى من اجل اصلاح النظام المالي الدولي السائد بهدف ترويض المضاربة النقدية".

تستطيع مبادرة طوبين في حال تطبيقها على النظام المالي الدولي، جباية اموال تعدّ بالمليارات يمكن استعمالها في شؤون تنمية العالم المتخلف، اي عالم الفقراء والمحرومين في النظام (الفوضى) الاقتصادي الدولي المتسلط. انها خطوة جديرة بالمديح في طريق الاصلاح البنيوي للنظام، على امل اقامة نظام جديد من التعاون والتضامن الدوليين.

ان نسبة طوبين تنسجم الى حدّ ما مع النظرية الاقتصادية الاسلامية التي تحرّم جذريا المضاربة المالية والفوائد المالية التي قد تتمخض عنها، وتنص الزاميا على دفع 2.5% سنويا (الزكاة) عن كل الاموال الموجودة بحوزة الاشخاص الطبيعيين والاعتباريين، لصالح خزانة الدولة "الاسلامية" من اجل اعادة توزيعها لاحقا. كلا الخيارين يتطابقان على ضرورة شلّ حركة السلوك الاقتصادي الضّار اجتماعيا للمضاربة المالية، وتوفير ارصدة دائمة من اجل حلّ مشاكل التنمية التي تعاني منها الشعوب الاقل حظّا.

رابعا: الديون الخارجية.

ان احدى المشاكل الكونية الاكثر استعصاء على الحلّ، لا زالت تتمثل في الديون الخارجية للعالم الثالث( 80% من البشرية). فالديون الخارجية وفوائدها المركبة ( تسمى مجازا خدمات الديون) لا زالت تشكل آلية شيطانية بامتياز، من اجل الاستمرار في نهب وسرقة موارد العالم الثالث بشكل دائم وهاديء (سلمي)، بما يؤدي الى كبح آماله ومستقبله في تنمية كريمة ومشروعة لشعوبه. ان القضاء على الديون الخارجية (الغاؤها) امر لا بدّ منه، لكنه غير كاف من اجل تحقيق التنمية المنشودة.

يستلزم الأمر القضاء على الشروط الظالمة والمباديء والممارسات التي ادت الى وجود هذه الديون؛ وانهاء التبادل غير المتكافيء؛ واقرار معاملة اقتصادية وتجارية ومالية عادلة مع بلدان العالم الثالث؛ وان تتحمل البلدان المتطورة ( وخاصة الدول الاستعمارية القديمة) المسؤولية التاريخية والمعنوية عن تخلف وتأخر مستعمراتها السابقة؛ واعتماد جزء من النفقات العسكرية لصالح اهداف المساعدة الرسمية للتنمية (محددة بنسبة سخيفة تقدّر بـ 0.07% من المنتوج الداخلي الاجمالي وعمليا لا يلتزم بها احد)، بمعنى اشمل ونهائي: اقامة نظام اقتصادي عالمي جديد يستند الى العدل والاخلاق والتضامن الدولي الحقيقي ( مهما بدا لنا طوباويا مثل هذا الطرح) لكي يتمكن كل بلد من هذه البلدان، من تطوير طاقاته وقدراته الطبيعية والبشرية، والولوج في التنمية التي يريدها، مع الاخذ بالاعتبار ثقافته وقيمه وعاداته وتقاليده وهويته القومية. لا يوجد اي سبب موضوعي لقياس تطور كافة الامم بنفس المعيار.

في عام 1979، تناول الرئيس الكوبي فيديل كاسترو معضلة الديون الخارجية امام الجمعية العامة للامم المتحدة، بصفته في ذلك الحين رئيسا لحركة بلدان عدم الانحياز.

في عام 1985، خاضت كوبا، من خلال شخص الرئيس كاسترو بصفته قائدا لأول ثورة اشتراكية في القارة الامريكية، معركة في سبيل الغاء الديون الخارجية، ادت الى خلق وعي وتوافق ( بالخصوص) على مستوى شعوب امريكا اللاتينية وبقية العالم. قدم فيديل اربعة اطروحات مختلفة، استنادا الى حسابات رياضية، واثبت انه لا يمكن دفع الديون كما لا يمكن استيفاؤها، بالاضافة الى كونها ديون غير اخلاقية وغير قانونية وتفتقر الى الادب ومناوئة للدساتير.

"نظرية اللاهوت التحرري في امريكا اللاتينية" (مسيحية المسيح عيس بن مريم عليه السلام) ممثلة في تلك المعركة السياسية ـ الفكرية، باسهامات كل من فريه بيتو وليوناردو بوف، تطابقت تماما مع الموقف الذي اتخذه فيديل كاسترو، الذي تطرق الى هذا الموضوع بالقول:

"لحسن حظ الحركة التقدمية والثورية في امريكا اللاتينية انها تلقت اسهامات رجال اللاهوت التحرري، وحركة نظرية اللاهوت التحرري، لانه يوجد في امريكا اللاتينية كثير من المؤمنين بالله ويؤمنون بالله اكثر مما يؤمنون بـ "سوبرمان".

"انني لا ادري ماذا كان سيفعل ماركس او لينين او انجلز، مؤسسو الاشتراكية العلمية، لكنني اعتقد بانهم كانوا سيقيّمون تقييما رائعا هذه الحركة الدينية وهذا التفسيرات للانجيل، النابعة من الوقائع الموضوعية الماثلة في النصف الغربي من العالم،ومن الاتصال مع هؤلاء الرجال والنساء الذين يتحلون بروح التضحية والتضامن المحقق، ووقفوا دائما الى جانب الشعب ويعيشون معه وأسسوا هذه الحركة.

"اذاً، توجد اشياء كثيرة وجديدة في هذا العالم، ولا يمكننا الاستمرار دائما بالتشبث بالقوالب النمطية، وبالتفسيرات والتاويلات الفئوية والضيقة؛ يجب علينا ان نفتح عيوننا جيدا، وان نلقي مزيدا من الاضواء طويلة المدى، وان نرى الحقائق، اذا ما اردنا تشييد مجتمع اكثر عدلا، مجتمع عادل حقيقي، اذا كنا نفهم ان المجتمع الاشتراكي هو المجتمع الاكثر عدلا، وان يوجد هذا المجتمع الاكثر عدلا، وان توجد الاشتراكية في بلدان امريكا اللاتينية والعالم الثالث.

"هذا لا يعني انني اتخلى اطلاقا عن مثل الاشتراكية وتقييمات الاشتراكية والنضال في سبيلها، بل انني مقتنع اطلاقا باننا من خلال هذا الطريق سنصل بسرعة اكبر والى مدى ابعد، على الرغم من ان قصيري النظر تختلط عليهم الامور، ويتصورون انه توجد نزعة اصلاحية وتنقيحية وتحريفية وردّة واقتراف خطيئة بحق الماركسية، وربط كلمة دينية باخرى سياسية ويقولون: هذه خطايا بحق الماركسية، بينما هم انفسهم يرتكبون تلك الخطايا بحق الماركسية".

من المدهش ان النظرية الاقتصادية الاسلامية تتطابق تماما مع تقييمات وقناعات فيديل كاسترو وانصار نظرية اللاهوت التحرري. انه مثال ملموس على التطابق النظري - الاقتصادي والسياسي بصدد قضايا محددة بين مباديء الماركسية والمسيحية والاسلام .

فماذا تقول النظرية الاقتصادية الاسلامية بشأن الديون؟

على الرغم من نصها على وجوب تجنب الديون، قبل الجدّ والاجتهاد بالموارد المتاحة من اجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، فانها تتوقع امكانية حدوث هذا "الشّر" الذي لا بد منه احيانا، ولهذا فان النظرية الاقتصادية الاسلامية تنص على:

1 ـ الديون (القروض والسلف) يجب ان تكون معللة اقتصاديا واخلاقيا وقانونيا: ضرورة اقتصادية حقيقية للمستدين؛ ارادة الدائن في تقديم الديون دون شروط؛ توثيق الديون بحضور شهود (يجب ان لا تكون الديون سرّية).

2 ـ الديون لا يمكن لها ان تكسب فوائد مئوية (ربا). فقط تعاد المبالغ الاصلية حصرا. (لا فوائد مركبة ولا خدمات ديون).

3 ـ تحديد اجل لدفع المبلغ (المال) الاصلي. في حالة العسر تعطى مهلة الى يسر. وفي حال استمرار العسر (بسبب قوة خارقة) يؤمر الدائن بالتبرع بالديون (قرآن كريم، سورة البقرة الآيات من 278 الى 282).

سادسا: التضامن الاقتصادي الصيني ـ الكوبي.

في 22نوفمبر 2004 وقّعت الصين وكوبا في هافانا على 16 اتفاقا للتعاون الاقتصادي، من اجل الدفع بالعلاقات الثنائية الراسخة والمتزايدة، على اساس الصداقة والاخوّة والتضامن والمثل والاهداف المشتركة، في بناء المجتمع الاشتراكي في كلا البلدين.

أحد هذه الاتفاقات ينص بالحرف الواحد:

وثيقة رقم 5: "تبادل المذكرات بين حكومة جمهورية كوبا وحكومة جمهورية الصين الشعبية، الخاصة بمصادقة الحكومة الصينية على اعطاء مهلة للحكومة الكوبية لتسديد اربعة قروض دون فوائد.

"بمبادرة من الحكومة الصينية تعطي الصين مهلة لمدة عشرة اعوام من اجل الشروع بدفع الالتزامات المالية المترتبة على القروض الحكومية التي قدمتها الى كوبا خلال الفترة الممتدة من 1990 الى 1994".

في الحقيقة هذا السلوك الصيني سلوك قرآني نصا وروحا. فالصين قدمت قروضا دون شروط اثناء لحظة عسيرة جدا اقتصاديا بالنسبة لكوبا (ما يسمى بالفترة العصيبة او السنوات العجاف)؛ حددت الصين مهلة معقولة بالاتفاق المتبادل يزيد عن عشرة اعوام؛ واخيرا قررت الصين اعطاء مهلة جديدة لمدة عشرة اعوام أخرى ودون فوائد! (ومن يدري ما الخطوة القادمة؟ اعتقد ان الصين ستتبرع بتلك الديون) هذا هو المثال الذي يجب ان يسود في العلاقات الاقتصادية الدولية: التضامن الفعلي والنزيه بين الشعوب والامم.

على الجانب الآخر من المشهد نجد الامبريالية الامريكية تصعّد باضطراد سياستها وسلوكها الاقتصادي العدواني والعدائي تجاه كوبا ( امريكا تحتكر الاغذية والادوية الحيوية بالنسبة للانسان؛ وتحاول تهديد وابتزاز كوبا وفرض شروط بغيضة عليها) بينما تقوم بتنفيذ مخططها الجيوستراتيجي المقابري بالاستيلاء على العالم الاسلامي بما في ذلك "حلفائها واصدقائها"، بدافع من طمعها في موارده المادية، وتفتعل حروب الابادة الجماعية دون ادنى خجل او حشمة، دون اي خلق او عفّة.

والأخطر من ذلك هو ان الامبريالية الامريكية تحاول جاهدة تفريغ الاسلام من مضمونه الانساني التقدمي تراودها فكرة ايجاد "اسلام ليبيرالي" يتواءم ويتناغم مع العولمة الليبيرالية الجدية للقرن الحادي والعشرين.

بيد ان الشعوب، متسلحة بافضل ثقافاتها وحضاراتها، وبوحدتها في ظل تنوعها، تنهض وترفض الرؤية الظلامية لعبيد "إله رأس المال" وسوف تحول راس المال المستبدّ الى عبد للبشرية جمعاء، انسجاما مع المقولة المارتينية "بالجميع ولما فيه خير الجميع" والتي طوّرها فيديل كاسترو لتشمل المتدينين وغير المتدينين الذين يناضلون في سبيل اية قضية عادلة في العالم بأسره.

ملاحظة من الكاتب: تم اعداد هذه المادة في شهر ديسمبر 2004 في اطار التحضير لرسالة ماجستير علاقات دولية في المعهد العالي للعلاقات الدولية في هافانا ـ كوبا ونشرت باللغة الاسبانية في نفس التاريخ في عدد من المواقع الالكترونية. وإذ أتقدم بالشكر والعرفان لكل الذين خاضوا في هذا المجال ولو بالتقسيط واستفدت من كتاباتهم وآرائهم، فانني اقدم البحث للقاريء العربي عموما اسهاما متواضعا في القاء بعض الضوء على تاريخنا وحضارتنا ومفاعيلها في عالم اليوم.

[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإسلام والاقتصاد الدولي: تفاعل مع حضارات أخرى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مجموعة ابحاث ورسائل علمية فى الاقتصاد والاقتصاد الزراعى
» حكم العقوبات المالية في الإسلام
» المبادئ الاقتصادية في الإسلام
» ضوابط الحرية الاقتصادية في الإسلام
» الاقتصاد والمالية في الإسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التمويل الإسلامي :: منتدى الإقتصاد الإسلامي :: النظام الاقتصادي الإسلامي-
انتقل الى: