(شركة لإنشاء بنك ربوي): إذن فشراء سهم من أسهم البنك الربوي يعني أن المشتري أصبح أحد المرابين.
وهكذا لابد أن ننظر إلى عمل الشركة:
لنفرض أن الشركة تتعامل في الحلال (شركة نقل بحرية مثلاً أو شركة صناعية) ولكن لهذه الشركة فائضاً من أموالها: فأين تستثمره ؟
إنها عادة تضعه في البنوك الربوية بفائدة ربوية، ولذلك فإن المشترك في هذه الشركة سيكون من كسبه هذا الجزء من الربا وحتى لا يلتبس الأمر، وحتى نضع حداً فاصلاً لمن أراد أن يشتري الأسهم وضعت هيئة الرقابة الشرعية لمصرف قطر الإسلامي شرطين لابد من تحققهما إذا أراد المصرف شراء أسهم أي شركة:
وهذا الشرطان هما:
أن تكون الشركة (مالكة الأسهم) شركة إسلامية ولها رقابة شرعية ؛ فإذا نظرنا إلى البرصة: فأين الشركات المساهمة الإسلامية التي لها رقابة شرعية وتتعامل في البرصة ؟
إذا وجدت هذه الشركات يكون الاشتراك في الشركات حلالاً، أما إذا لم توجد وقد لا توجد – إلا إذا وجدت سوقاً إسلامية – فمعنى هذا أن الأسهم في البرصة معظمها – إن لم يكن كلها – يحرم التعامل فيها بالشراء والبيع والحيازة وغيرها ما دامت الشركة ليست إسلامية.
أمر آخر لو فرضنا أن الأسهم في الشراء حلال فكيف يتم البيع والشراء في البرصة ؟
من المعلوم عند عقد البيع وجوب قبض البدلين كليهما أو أحدهما فإما أن نقبض السلعة أو الثمن، أما الدين بالدين فالأئمة يمنعونه.
كيف يتم الشراء في البرصة ؟
في البيع في السوق العاجل يشتري المتعامل أو يبيع ويقبض، فإذا كان السهم حلالاً فالعقد صحيح حلال، ولكن نأتي إلى البيع الآجل سواء أكان هذا في أسواق الأوراق المالية أم البضائع أم النقود.هذا البيع الآجل ماذا يعني ؟
له صور مختلفة: منه ما يسمى بالبيع البات ؛ وهو بيع آجل وبات، أي نهائي، بمعنى أن المشتري والبائع يتفقان على شراء أسهم معينة محددة تسمح بها نظم البرصة، فالبرصة تجعل البيع لعدد معين ومضاعفاته، وتتم الصفقة والثمن كم هو، أزاد عن وقت الإتفاق أم قل، أم بقي كما هو. فإذا كان أكثر أو أقل ننظر هنا: ألصالح البائع أم المشتري ؟
نضرب مثلاً: البائع والمشتري اتفقا على شراء أسهم معينة بسعر مائة، معنى هذا أن البائع ملتزم ببيع أسهم من هذا النوع في وقت التصفية بسعر مائة، وأن المشتري يلتزم بشراء هذه الأسهم بسعر مائة، فإذا كان السعر السائد في وقتها مائة انتهى الأمر بلا كسب ولا خسارة إلا بقدر ما يخسره المتعاملون في البرصة، وهو ما يدفع للإدارة والسماسرة.إذن يسلم الأسهم ويأخذ الثمن، ولكن لاحاجة إلى هذه، لأنه لا بيع ولا شراء أصلاً في الواقع، وإنما هو ما يسمى بالمضاربة.
والحقيقة أن في البرصة أسماء تلتبس مثل كلمتي مضاربة ومرابحة.
المضاربة في الإسلام تعني: شركة يكون فيها رأس المال من جانب والعمل من جانب. والربح يقسم بين الاثنين بالنسبة المتفق عليها، أما المضاربة في البرصة فتعني المقامرة ! كيف هذا ؟
المشتري عندما اشترى بمائة لأنه يضارب ـ يقامرـ على الزيادة، والبائع عندما باع بمائة إنما باع لأنه يتوقع النقصان.
فمثلاً: السهم الذي اتفق عليه بمائة في موعد التصفية أصبح يباع حالاً في السوق العاجلة بمائة وعشرة، المشتري اشترى بمائة فمعنى هذا أنه يأخذ من البائع بمائة ويبيع هو بمائة وعشرة، والمسألة لاتحتاج إلى تعب وتسليم وتسلم، وإنما الوسيط الذي يقوم بالعمليتين ـ يسجل العملية الأولى بأن المشتري اشترى مثلاً ألف سهم بسعر مائة، ثم الآن له هذا الألف بسعر مائة وعشرة، فالمكسب عشرة آلاف يقيد لحسابه ـ وهذه تعني أنها تخصم من حساب البائع، ولذلك فإنه لاكسب لأحد إلا على حساب الآخر ؛ تماماً كالمقامرين.
لنفرض أن هذا السهم جاء على غير ما توقع ؛ المشتري توقع أن يزيد فإذا به ينخفض كما توقع البائع، فأصبح بخمسة وتسعين، فالبائع يستطيع أن يشتري من السوق الحال بخمسة وتسعين ويبيع بمائة، ولكن الوسطاء والقائمين على البرصة يسهلون المسألة، لاحاجة إلى تسليم وتسلم، ما جاء به الإسلام من مسألة القبض والتسليم والتسلم هذا أمر لاحاجة إليه عند هؤلاء، أنت الآن بعت واتفقت على أن تبيع بمائة، والسعر الآن أصبح خمسة وتسعين، يعني إذن إذا اشتريت بخمسة وتسعين تبيع بمائة وتكسب خمسة فلك خمسة الآف، فيكون هذا كسباً لمن باع خصماً من حساب المشتري. هذه حالة، فهل مثل هذا يمكن أن يعد بيعاً وشراءً ؟
شيء آخر: المشتري قد يحتاط لنفسه، يخشى أن تنخفض الأسعار لدرجة كبيرة جداً، فيشتري مع خيار شرطي بأن يتم الصفقة أو يدفع تعويضاً للبائع. وتوضيح هذا: أن المشتري يشتري ويجعل لنفسه الخيار: يتفق مع البائع بأن له الخيار: إما أن يتم البيع، أو يدفع له تعويضاً، ففي الحالة السابقة قد يشتري المشتري بمائة مع شرط التعويض بخمسة إذا رغب في عدم إتمام الصفقة، فعندما يأتي الوقت إما أن يشتري بمائة، أو يترك الصفقة ويدفع خمسة عن كل سهم، فلو فرضنا أن السعر في وقتها أصبح بمائة فإنه يشتري حتى لايخسر، وإن كان بمائة وعشرة فهي فرصة للكسب، لأنه يشتري ويبيع بمائة وعشرة، وإن كان بخمسة وتسعين استوى عنده إتمام الصفقة وعدم إتمامها، فهو خاسر حتماً، والخسارة واحدة: إذا اشترى بمائة وباع بخمسة وتسعين خسر خمسة، وإذا لم ينفذ العملية خسر خمسة، فالوسيط يقيد عليه عدد الأسهم وخسارتها، ولو أن قيمة الأسهم قلّت عن هذا فأصبحت مثلاً بثمانين فإنه يخسر عشرين في كل سهم إذا أتم الصفقة، ولهذا فإنه لا يتمها، ويكتفي بدفع التعويض للبائع. هذا بالنسبة للمشتري.
أما البائع فإنه على عكس هذا، يتوقع انخفاض السعر فيبيع مع شرط الخيار له أيضاً في أن يتم الصفقة أو يدفع تعويضاً فإذا اتفق بمائة، ثم أصبح سعر السهم عند التصفية تسعين يشتري بتسعين ويبيع بمائة ويربح عشرة، وإذا أصبح بمائة يبيع ويشتري ولا يدفع تعويضاً، ولا يربح ولا يخسر إلا الخسارة التي أشرت إليها من قبل – وهي ما يأخذه السماسرة وإدارة البرصة. وإذا وصل سعر السهم إلى مائة وخمسة، وكان قد اتفق أن يبيع بمائة، فلو اشترى من السوق العاجل بمائة وخمسة وباعه بمائة خسر خمسة، والتعويض أصلاً خمسة، فهو سيدفع التعويض لا محالة. وإذا ارتفع السعر أكثر من هذا، أصبح مائة وعشرة أو مائة وعشرين، فهنا لا ينفذ العملية وإنما يدفع التعويض وهو خمسة. فهذا كما نرى شرط للمشتري أو شرط للبائع، ولا ثمن ولا سلعة ولا تسليم ولا تسلم، وإنما هي مسألة أن هذا يتوقع أن يكون السوق في اتجاه الارتفاع، والآخر يضارب –أي يقامر- في اتجاه الانخفاض، فإذا جاء - كما توقع أحدهما – ربح على حساب الآخر الذي جاء على خلاف توقعه.