ما المقصود بالموازنة الصفرية ؟؟؟؟
تعتبر الموازنة الصفرية الموجة الأخيرة من الموجات إصلاح الموازنة العامة للدولة . وبصفة عامة جاءت الموازنة الصفرية لتخدم أهداف الحكومة في مجال تحقيق كفاءة و فعالية أكبر في أداء الأنشطة الحكومية و ذلك بتحديد الأولويات بين البرامج الحكومية ،و إلقاء الضوء على جدوى تلك البرامج و محاولة إعادة تخصيص الموارد بشكل أفضل ـ
وقد برزت الموازنة الصفرية في السنوات العشر الأخيرة كمحاولة للتغلب على المشاكل و العقبات التطبيقية التي صادفت النظم الأخرى للموازنة ـ
خلفية تاريخية:ـ
و لقد كانت شركة تكساس للحاسبات الالكترونية هي إحدى الشركات الأمريكية التي تعمل في حقل الحاسبات الإلكترونية أول من استخدم الموازنة الصفرية في أواخر الستينات . ففي بداية عام1969 توقعت الشركة انخفاض أرباحها بمعدل 5% نتيجة للمشاكل الاقتصادية التي تتعرض لها صناعة الحاسبات الإلكترونية الأمر الذي دفعها إلى تطوير مفهوم " الإدارة بالأهداف " التي اتبعته الشركة لسنوات عديدة إلى نظام حديث عرف باسم " الموازنة الصفرية" يعتمد على :ـ
تحديد أهداف الأقسام المختلفة للشركة ـ
-1
تحديد أنواع المصروفات المتوقعة في الفترة القادمة ـ
-2
تحديد التغيرات المتوقعة في الخدمات المتبادلة و عوامل الإنتاج بين الأقسام ـ
-3
وقد كانت تجربة هذه الشركة هي البداية التي جذبت "جيمي كارتر" حاكم ولاية جو رجيا في ذلك الوقت عندما قرأ المقال الذي كتبه مبتكر الموازنة الصفرية "بايهر" عن تجربة الشركة . وقد قابل "جيمي كارتر" و ناقشه في أفكاره للتعرف على طبيعة الموازنة الصفرية و مدى إمكانية و جدوى تطبيقها في أنشطة الإدارة الحكومية بالولاية . و قد تقرر تطبيق الموازنة الصفرية في ولايــــة جورجيا و تحققت نتائج طيبة تمثلت في الإنفاق العام مع الاحتفاظ بنفس مستوى الخدمات المقدمة في الولاية ـ
و بعد أن انتخب جيمي كارتر رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1976 قرر تطبيق الموازنة الصفرية في أجهزة الحكومية الفيدرالية بدءا من عام 1979 . بالإضافة إلى ذلك فإن الكونجرس الأمريكي لديه نظامه الخاص الذي يشبه الموازنة الصفرية و يعرف باسم تشريع غروب الشمس ويقضي هذا النظام بأن يتم كل ست سنوات الإلغاء الفوري للبرامج الحكومية التي يثبت عدم جدواها ـ
ولم تكن عملية التطبيق في مجال الغدارة الحكومية يسيرة ، فقد واجهت الولاية العديد من الصعوبات التي صاحبت الانتقال من نظام الموازنة التقليدية إلى نظام الموازنة الصفرية الذي صمم للتطبيق في المجال التجاري و الصناعي ـ
و بالرغم من ذلك فقد شهدت أواخر السبعينات و أوائل الثمانينات اتجاها ملحوظا نحو تطبيق الموازنة الصفرية في عدد كبير من المؤسسات التجارية و الصناعية و أيضا في مجال الإدارة الحكومية في الولايات و المحليات ـ
مفهوم الموازنة:ـ
تعتبر الموازنة الصفرية فلسفة متكاملة تتميز عن الموازنة التقليدية في أنها تستند إلى فكر علمي منطقي متقدم يساعد على توفير أفضل الظروف للإبداع الابتكار و التخلص من الروتين الحكومي و ذلك من خلال ممارسة التقييم و المراجعة المستمرة للقرارات الاستراتيجية للإدارة الحكومية و التكيف مع الظروف غير المستقرة و المعاكسة ـ
ولقد اختلفت و تعددت تفسيرات الموازنة الصفرية ، ففي حين تفسر على أنها تطوير لمدخل " الإدارة بالأهداف الذي اتبعته الشركة الأمريكيةتكساس للحاسبات الالكترونية لفترة طويلة، تفسر أيضا على أنها تأخذ الاتجاه العكسي للموازنة التقليدية فبدلا من تحديد إجمالي التكاليف المقدرة للفترة القادمة ثم توزيعها على الاستخدامات المختلفة فأنها تبدأ بمراجعة و تقييم البرامج المختلفة و قبولها على أساس من كفاءتها وفعاليتها ثم إعداد الموازنة و الوصول إلى إجمالي التكاليف كنيتجة نهائية لعملية تحليل و مراجعة و تقييم البرامج على مستوى الوحدات الإدارية المختلفة ـ
ويرى "درابير" وآخرون أن جوهر الموازنة الصفرية يتخلص في محاولة ترشيد عملية إعداد الموازنة بتدعيم دورة الموازنة بنظام يكون من شأنه:ـ
ـ 1 ـ المعاونة في تخصيص موارد الدولة ـ
ـ 2 ـ المساعدة في تعظيم الرفاهية الاجتماعية التي تعتمد على ما يعرف بوضع "باريتو" الأمثل ـ
وبعبارة أخرى، يرى أنها أسلوب عمل يساعد متخذي القرارات للوصول إلى المزج المناسب الذي يحقق أكبر إشباع لاحتياجات المجتمع و تحقيق رغباته ـ
فالموازنة الصفرية ما هي إلا أداة - شأنها شأن الموازنات الأخرى- وتعاون أو تساعد و ليست صندوقــــا مغلـــقا يحقق التخصيص الأمثل للموارد الاقتصادية ـ
وبصفة عامة ، تفسر الموازنة الصفرية على عملية التخطيط و التشغيل و إعداد الموازنة بصورة تفصيلية بحيث تلقي على عاتق كل مسئول مهمة تبرير الموارد المطلوب تخصيصها لبرامجه بحيث يبين لماذا يعتزم أن ينفق أي مال . فهو لا يطالب فقط بتبرير الزيادة عن السنة السابقة و لكنه مطالب بتبرير أي عمل أو نشاط يخطط لإنجازه من الصفر بافتراض أن اعتماده في الموازنة السابقة كان صفرا ـ
ويتضح مما سبق أن :ـ
ـ 1 ـ الموازنة الصفرية لها فلسفة متميزة تعتمد منهج و أسس و مبادئ التخطيط و المتابعة و اتخاذا القرارات ـ
ـ 2 ـ لفظ " الصفرية " لا يعني إنكار الجهود السابقة و عدم استمرارية البرامج والأنشطة و ما يعكسه ذلك من آثار سلوكية سلبية ، و إنما القصد هنا هو مراجعة و تقييم كل شيء . و بالطبع فإن هذه العملية تعتمد على البيانات و المعلومات التاريخية للفترات السابقة ـ
ـ 3 ـ لفظ "الصفرية" لا يعني التنكر للمجهودات السابقة في مجال الموازنة حيث أن الموازنة الصفرية جاءت كتطور منطقي لما من تطورات لأن التطور عملية تراكمية ـ
ـ 4 ـ عملية المراجعة و التقييم تشمل جميع الأنشطة سواء كانت ضمن برامج جديدة أو قائمة فعلا ـ
ـ 5 ـ التقييم و ترتيب الأولويات(المفاضلة) لا يتم لكل برنامج على حدة و إنما تتم لكل مجموعة قراريه ـ
وتمثل الموازنة الصفرية بهذا المعنى أداة تخطيطه و رقابية تنتهج أسلوبا متميزا في المراجعة و التقييم المستمر للبرامج والأنشطة الحكومية و تنسجم تماما مع الأصول و المبادئ العلمية لعملية اتخاذ القرارات . كذلك فإنها تقدم منهجا عمليا في التخطيط الاستراتيجي و التكتيكي و التشغيلي للأنشطة و البرامج الحكومية و الرقابة عليها ، بالإضافة إلى ذلك، تعكس الاتجاهات الحديثة التي تتبنى استخدام الأسس و المبادئ التجارية و الاقتصادية السليمة في مجال الإدارة الحكومية ـ
مقومات الموازنة:ـ
تعتمد الموازنة الصفرية على عدد من المقومات و الدعائم الأساسية التي تمثل مفاهيم و مبادئ وإجراءات عمل خاصة بها، كما تعتمد أيضا على عدد من المقومات