المطلب الرابع : العولمة المالية ودول الاقتصاد المختلط.(20)
ازدادت أهمية الدول النامية في العشرية الأخيرة من القرن العشرين وأصبحت تلعب دورا أكثر حيوية في الاقتصاد العالمي واتسعت العديد من أسواقها المالية من حيث عدد الأوراق المالية ، حجم الإصدارات و الاستثمارات الأجنبية، لهذا فإنه ينتظر أن تكون العولمة المالية و التكامل المالي للدول النامية مع النظام المالي العالمي في صالح الدول النامية و المتقدمة على حد سواء ،ومع ذلك تبقى للعولمة المالية أثار سلبية على الدول النامية نوجز أهمها فيما يلي:
1-عولمة المديونية الخارجية :بدأت أزمة
الديون الخارجية لدول الجنوب في النصف الأول من عشريـة الثمانينات،مع زيادة تلك الديون و خدماتها إلى درجة أن العديد من الدول المدينة أصبحت عاجزة عن تسديدها فعمدت البنوك الغربية (بالتعاون مع بيوت السمسرة المتخصصة )إلى تحويل الديون الخارجية للدول النامية إلى أوراق مالية تتداول في الأسواق المالية العالمية ، شأنها في ذلك شأن أي أداة مالية عادية .
2- توغل رؤوس الأموال الأجنبية: (21)
ترافق مع عملية إعادة هيكلة الدول النامية لاقتصادياتها بعد زوال الاستعمار و كانت أهم مظاهره : الاستثمار المباشر ، القروض، المساعدات، التمويل الخارج و الادخار الداخلي.
3-
إستراتيجية التصنيع22) كان تغلغل الاستثمار الأجنبي في الدول النامية مشروطا دائما بوجود قوة دفع داخلية غالبا تحركها الحكومات الوطنية ، ونوضح ذلك بأمثلة إقليمية تتوافق مع ثلاثة استراتيجيات للتصنيع طبقت في البلدان النامية.
أ- إستراتيجية تصنيع بدائل الواردات في أمريكا اللاتينية .
ب-تشجيع الصادرات في الشرق الأقصى.
ج-التصنيع الثقيل في دول الريوع النفطية.
4-
الصيغة الجديدة في علاقات دول الشمال و الجنوب(23) إن الدول التي أرادت بناء تنميتها على أساس استثمار أفضل لمواردها الطبيعية بدون تنويع قاعدتها التصديرية أصبحت موضع تهميش و يتضح هذا وفق العناصر التالية :
أ-تهميش المواد الأولية .
ب- إعادة توزيع الأنشطة الإنتاجية على الصعيد العالمي.
ج-التنافس من أجل جلب الادخار و الاستثمار.
5- الصدمات النفطية و انعطاف السياسات الاقتصادية: (24)
شكلت مضاعفة أسعار النفط بين أكتوبر 1973 وجانفي 1974 أول صدمة شاملة تعرضت لها الاقتصاديات الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية .
6- البحث عن أطر جديدة
للتنظيم :(25) تدخل الدول في المنافسة فيما بينها وذلك لجذب الادخار و الاستثمار هذا ما يدفع بالدول إلى التسابق لإزالة القيود الجمركية و الخصخصة في الدول النامية لتفادي شراسة المنافسة وقد ظهر ذلك كمايلي:
أ-تنسيق السياسات الاقتصادية .
ب-تشكيل المجموعات الاقتصادية الإقليمية.
ج-تقوية المؤسسات المتعددة الأطراف ،حيث اعتمدت هذه الأخيرة أسلوب التعهدات الدولية الثانوية لدخول أسواق بلدان العالم الثالث بواسطة رجال الأعمال محليين .
7- الإختلالات التجارية و
المالية فيما بين دول الشمال:(26) إن عملية الامتصاص التي نفذها الاقتصاد الامريكي للإدخار العالمي بدأ من عام 1982 ، كانت السبب وراء عدم الاستقرار النقدي والمالي غير المسبوق الذي أصاب النظام المالي العالمي بالعطب إضافة الى تأثيره السلبي على النمو العالمي .
البحث الثالث: الاتجاهات الحديثة في المجال المصرفي.
المطلب
الأول: الاتجاهات الحديثة في مجال الخدمة المصر فيه .(27)
لا شك أن التحول الكبير و التنوع الملحوظ في الخدمات المصرفية أو في صناعة البنوك بصفة عامة كان بمثابة ضرورة فرضتها واقع التطور و النمو السريع في مختلف الأنشطة الاقتصادية في دول العالم المختلفة وهذا ما جعل الكثير من الممارسين في صناعة البنوك يرون أن المشكلة الحقيقية التي تواجه رجال البنوك تكمن في كيفية إدارة و مواجهة التغيير و النمو السريع في المجالات الاقتصادية والاجتماعية بنجاح ، بالإضافة إلى التغيير و التطور في السوق الصناعة المصرفية التي أصبحت تتصف بالمنافسة الشديدة .
و بخصوص الاتجاهات الحديثة في المجال صناعة الخدمات المصرفية تعطي كآلاتي:
1-التنوع في
الأنشطة و الخدمات المصرفية: لم تعد الخدمات الصرفية الآن تقتصر على عمليات الإقراض و الإيداع وما يرتبط بها من أنشطة مصرفية حيث تشير الدلائل العملية إلى تنوع و تعدد الخدمات والأنشطة التي تقوم
بها البنوك في الوقت الحالي سواء في الدول المتقدمة أو النامية ، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى الوضع على النحو التالي:(28)
أ-شراء أو إنشاء وإدارة شركات صناعية و تجارية و زراعية و خدمية أو المساهمة فيها.
ب-إنشاء العديد من الفروع للبنك الأم ، و التي تقوم بإعطاء الخدمات المصرفية التقليدية. ( الإقراض ، إيـداع حسابات جارية ، تحويلات نقدية).
ج- دخول البنوك في صناعة التأمين من خلال تقديم كافة الخدمات الخاصة بالحاسبات الآلية،الاستثمار المشترك السمسرة ، و إصدار عقود التأمين بأنواعها المختلفة.
د- تقديم كافة الاستثمارات ودراسات الجدوى الاقتصادية و إدارة المشروعات الجديدة في مجالات الصناعة و التجارة و الزراعة.
هـ- البنوك الآن تمنح خدمات مصرفية للأفراد مثل تنظيم وتخطيط الضرائب الشخصية و ميزانيات الإنفاق، دفع الإيجارات ،منح بطاقات الائتمان أو الضمان ، و بطاقات الشيكات وكذلك شراء و التأمين على مختلف الوسائل.
و- تنظيم و إدارة كل ما يتعلق بتقديم و صرف المعاشات و المنافع الاجتماعية التي تحصل عليها الأفراد من الدولة .
ز-منح الأفراد بطاقات صرف نقدية من الوحدات الآلية التابعة لفروع البنك في كل مكان حتى يستطيع الفرد الحصول على أي مبلغ من دون التقيد بمواعيد العمل الرسمي في البنوك ، و تمنح لاصحاب الحسابات الجارية و حساب الإيداع.
ح- التعامل في كافة أنواع الأوراق المالية و ما يرتبط بها من أنشطة و تقديم كافة التسهيلات للشركات التجارية التي ترغب في إصدار بطاقة الضمان.
2-التوسع الكبير في استخدام تكنولوجيا الخدمات
المصرفية: (29)من أهم مظاهر التقدم في تقديم الخدمات المصرفية هي التوسع الكبير في استخدام الكمبيوتر حيث أدى إلى السرعة في تقديم الخدمات و تقليل الأعباء البيروقراطية ، وقد أدى هذا أيضا إلى مواكبة التزايد الكبير في حجم المعاملات المالية ،كما يمكن للعميل معرفة رصيده ومجموع وتفاصيل مسحوبا ته و تواريخها، و إمكانية حصوله على خدمات في أي فرع من فروع البنك .
كذلك من مظاهر التقدم في تكنولوجيا الخدمات المصرفية هو ظهور البنوك الآلية ، و إدخال خدمات الحاسب على الشبابيك، إضافة إلى بطاقات الضمان ،و بطاقات الصرف النقدية ، و بطاقات الشيكات .
ويقوم كذلك البنك بتقديم الاستشارات لكافة الجهات بما في ذلك قيامها ببيع نظم المعلومات الإدارية و البرامج الخاصة بالرقابة على المخزون وحسابات الأجور .
3-
النمو عن طريق الاندماج: (30)لتحقيق هدفي النمو و التوسع، تلجأ بعض البنوك الكبيرة خاصة في الدول المتقدمة إلى الاندماج مع بعضها البعض لتكوين مجموعات بنكية تقدم سلسلة من الخدمات المصرفية المتكاملة و تحقيق التغطية الشاملة للبلد المعين ، وهذا بالإضافة إلى غزو أسواق الخدمات المصرفية في خارج الدولة.
4-التدويل:(31 ) تتجه البنوك في الوقت الحالي إلى تدو يل أنشطتها أي غزو أو الدخول في أسواق الخدمات المصرفية خارج حدود البلد الأم ، كما نجد شركات متعددة الجنسيات نجد أيضا البنوك متعددة القوميات ومن المفيد ذكر بعض الأسباب التي أدت إلى التدويل وذلك على النحو التالي :
أ- تجنب الخطر -عن طريق تنويع الأسواق - بصفة خاصة خطر المنافسة و تشبع السوق المحلي،و كذلك أي اضطرابات عمالية تؤثر على النشاط الاقتصادي.
ب- انخفاض التكاليف (تكاليف العمالة ،الأرض ، وبعض مقومات الإنتاج الأخرى ) بالمقارنة بنظيرتها في الدولة الأصلية.