إن الحكومة الإلكترونية واحدة من الوسائل الرئيسية للارتقاء بجودة الخدمات العامة من خلال رفع مستوى الخدمات الحكومية وتبسيط الإجراءات وتنظيمها. وستتوفر الإمكانية للوصول إلى الخدمات الحكومية بسهولة عبر أجهزة الحاسب الآلي ومراكز خدمة المجتمع ومراكز الأعمال وغيرها من المواقع المتاحة، وستنتفي الحاجة إلى مراجعة الدوائر الحكومية للحصول على التعليمات وتقديم البيانات للموظف الحكومي الذي يستقبل المراجعين. حيث يمكن تقديم هذه الخدمات من خلال شبكة الإنترنت على مدار الساعة دون التقيد بساعات الدوام الرسمي للقطاعات الحكومية. إن إيجاد الإمكانية للتخاطب الإلكتروني بين القطاعات الحكومية لتقديم خدمة موحدة سيساهم بشكل مباشر في رفع مستوى الخدمات الحكومية التي تقدم للمواطن وقطاع الأعمال، كما يمكن للقطاعات الحكومية أن تعدل وتطور المعلومات والأنظمة الخاصة بالخدمات التي تقدمها بشكل فوري, الأمر الذي سيساهم في توفير معلومات دقيقة وحديثة للمستخدمين بشكل آني. وبالمثل, فإن تسديد الرسوم يمكن أن يتم إلكترونياً من خلال البنوك مع زيادة قدرات الربط والتوصيل, والتأكيد على وصول الخدمات إلى كافة المناطق والقطاعات بشكل فوري.
3- نمو الأعمال التجارية:
إن الحكومة الإلكترونية أكثر من مجرد تجارة الإلكترونية، فالتجارة الإلكترونية تعنى ببيع السلع أو الخدمات عبر استخدام التقنية مثل شبكة الإنترنت. أما الحكومة الإلكترونية فتهتم في المقام الأول باستخدام التقنية لرفع مستوى الخدمات الحكومية وتسهيل الحصول عليها, والتنسيق بين الهيئات الحكومية المختلفة لتحقيق الفائدة للمواطنين والشركات والحكومة ذاتها. وتشمل هذه الخدمات: المشتريات والمناقصات الحكومية للسلع والخدمات, تسجيل وتجديد الرخص والتصاريح, إيجاد الوظائف وتسديد المستحقات...الخ. وبالتالي فإن الحكومة الإلكترونية تهدف إلى تحويل التعامل ( بين القطاعات الحكومية مع بعضها) إلى طريقة تتسم بالسهولة والراحة والشفافية والجدوى الاقتصادية. وتقع الحكومة الإلكترونية في محور التعاملات بين ثلاثة قطاعات حيوية: القطاعات الحكومية, قطاع الأعمال, والمواطنين، والأهم من ذلك أن للحكومة الإلكترونية دوراً أوسع وتأثيراً أشمل على الأمم, لأن الحكومات في معظم الدول تعتبر المناصر الأقوى لدعم الاقتصاد حيث أن لها دوراً رئيسياً في توظيف الكوادر البشرية, وتنفيذ المشتريات والمنافسات, وإعداد التشريعات, وتقديم الخدمات, وتحصيل الإيرادات. وفي الحقيقة، فإن مبادرات تنفيذ الحكومة الإلكترونية يمكن أن تكون حافزاً لنمو استخدام تقنية المعلومات في الدول، علاوة على ذلك فإن ترابط الحكومة الإلكترونية يحث على تبني تقنية المعلومات بجميع قطاعات الاقتصاد، كما أن المعايير التي تصدر عن الحكومة عند تقديم الخدمات والتجاوب مع الراغبين في الحصول على تلك الخدمات, وكفاءة الأداء, يمكن اعتبارها نبراساً لتطوير خدمات التجارة الإلكترونية. ومن خلال الحكومة الإلكترونية, ستتاح الفرصة للنشر والإعلان عبر شبكة الانترنت عن المناقصات الحكومية وفرص التعاقد لتنفيذ مشاريع تنموية مع القطاعات الحكومية المختلفة. كما أن المعلومات ستكون متاحة للجميع للإطلاع عليها مما يمكن أي شركة لديها اهتمام بالمشاريع المعلن عنها من التقدم بعروضها للتعاقد مع الحكومة بغض النظر عن حجم الشركة، وسيكون الحصول على الخدمات الحكومية أكثر سهولة ويتم إنجازها خلال فترات زمنية أقصر مع تكاليف مالية أقل, وسيصبح الوصول إلى معلومات دقيقة يجري تحديثها أولاً بأول أكثر يسراً. وبالتالي فإن هذه العناصر مجتمعة بإمكانها دعم الجهود الرامية لجذب الاستثمارات الأجنبية والارتقاء بقدرات قطاع الأعمال إلى المنافسة عالمياً.
6- الحكومة الإلكترونية في الوطن العربي
نعرض في هذه الفقرة واقع الحكومة الالكترونية في الوطن العربي، كما نسلط الضوء على أهم الخطوات العملية لتكريس الوجود العربي في مجتمع المعلومات وإرساء دعائم تركيز الحكومة الالكترونية فيه.
لقد أكدت التجارب والدراسات على أهمية تقنية المعلومات والاتصالات في العصر الحاضر وبأنها من أهم دعائم وأسس تطور وتقدم الدول، ولها أثرها في تحديد مكانة الدولة وترتيبها بين الأمم في كافة المجالات الثقافية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية. لذا تزايد اهتمام الحكومات بهذه التقنية و تم وضع خططاً وطنية لتطويرها واستثمارها على أكمل وجه، وذلك من خلال إرساء مفهوم الحكومة الالكترونية. ففي بعض الدول، ارتفع الإنفاق على بناء مراكز لتقديم خدمة الحكومة الالكترونية إلى مبلغ 6.2 بليون دولار عام 2003 كما هي الحال في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال من واقع 5.1 بليون دولار تم إنفاقها عام 2000، بينما استثمرت المملكة المتحدة مبلغ 4 بلايين دولار في بناء نماذج للحكومة الالكترونية في مختلف المؤسسات وسوف تستخدم كل هذه النماذج في دول الاتحاد الأوروبي، ناهيك عن أن الإنفاق على مثل هذه المشروعات أصبح يجد تأييداً كبيراً لدى الدوائر السياسية في أغلب دول العالم للتغلب على مشكلات البيروقراطية والمركزية، وتأخر الخدمات وطوابير الانتظار. ولقد أصدرت الأمم المتحدة بالتعاون مع الجمعية الأمريكية للإدارة العامة تقريراً خلال عام 2001 أوضحتا فيه مؤشرات ترتيب الدول على مستوى العالم في مجال تطبيق الحكومة الالكترونية. ويمكننا ملاحظة أن الولايات المتحدة تأتي في المرتبة الأولى تعقبها استراليا ونيوزيلندا وسنغافورة والنرويج وكندا والمملكة المتحدة وهولندا والدانمرك وألمانيا، حيث اعتمد المؤشر على العديد من العناصر الكمية التي يمكن قياسها مثل قدرة السكان في كل أنحاء الدولة على الوصول إلى المعلومات إلكترونياً. كما أن المؤشر عكس إلى حد كبير الترتيب الاقتصادي العام للدول، وبناءً على ذلك فلقد خرج التقرير بنتيجة مفادها أن هناك علاقة كبيرة بين التطور الاقتصادي وفاعلية الحكومات الالكترونية، وأن هنالك نقص في التنسيق بين المنظمات الحكومية فيما يتعلق بعمليات بناء الحكومة الالكتروني، كما أنه ليس للمسؤولين عن بناء مشروعات الحكومة الالكترونية مكان محدد في الهياكل التنظيمية للمؤسسات، و تتوقف مشروعات الحكومة الالكترونية على الأولوية الممنوحة لها في الخطاب السياسي، بالإضافة إلى وجود فجوة رقمية بين المؤسسات المسؤولة عن الإدارة العامة.
ولقد قمنا بالإطلاع ورصد العديد من الدراسات عن الحكومة الالكترونية في الوطن العربي وتوصلنا إلى الملاحظات التالية:
§ وجود فجوة رقمية بين الحكومات العربية فيما يتعلق بتطبيق البنية الأساسية للمعلومات تركت آثاراً واضحة في عدد المواقع الخاصة بكل حكومة عربية وفي فحوى ومضمون ومحتوى هذه المواقع.