تعالى زرع في نفوس المسلمين حب زيارة بيته الحرام والحج إليه، ولما كان الناس لا يقدر أكثرهم على هذا، جعل موسم العشر مشتركا بين الناس ليتنافسوا فيه.
والعمل الصالح يشمل الصلاة والصدقة والذكر وسائر الأعمال الصالحة.
فعليك بالإكثار من الصلاة وقيام الليل :
روى مسلم عن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عليك بكثرة السجود لله فإنّك لا تسجد لله سجدة إلاّ رفعك إليه بها درجة، وحط عنك بها خطيئة
وفضل الصلاة وقيام الليل أظهر من أن يحتاج بيانا، وليس هذا موضعه
وتكثر من قراءة القرآن، فعند الترمذي والحاكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول : الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف
وتكثر من ذكر الله ومن التكبير والتهليل والتحميد، ففي حديث ابن عمر السابق ذكره: ما من أيّام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد.
وقال الإمام البخاري - رحمه الله : كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيّام العشر يكبران ويكبر النّاس بتكبيرهما، وقال أيضا : وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً.
هذا وأنبه إلى أن حديث الترمذي : ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر، حديث ضعيف، وثبت عند مسلم من حديث عائشة قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط.
وقد بين الشوكاني أن عدم صومه صلى الله عليه وسلم لا يقدح في فضل الصوم فيه، لعموم الحديث، وقد ذكر النووي أن صيام أيام العشر مستحب جدا، وكان ابن عمر رضي الله عنه يصومها
ولا ننسى صيام يوم عرفة، ففي الحديث عند مسلم : صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله والسنة التى بعده، ولا أظن بيننا من يستغني عن هذا الفضل العظيم
هذا ولا ننسى الإكثار من الصدقات، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل امرىء في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس
قال يزيد فكان أبو الخير مرثد لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء ولو بكعكة أو بصلة
رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم
وفي رواية لابن خزيمة أيضا عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن أبي عبد الله اليزني أنه كان أول أهل مصر يروح إلى المسجد وما رأيته داخلا المسجد قط إلا وفي كمه صدقة إما فلوس وإما خبز وإما قمح، قال حتى ربما رأيت البصل يحمله قال فأقول يا أبا الخير إن هذا ينتن ثيابك قال فيقول يا ابن أبي حبيب أما إني لم أجد في البيت شيئا أتصدق به غيره إنه حدثني رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ظل المؤمن يوم القيامة صدقته
وعنه صلى الله عليه وسلم قال :
ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان يترجم له ثم ليقولن :
ألم أوتك مالا ؟ فليقولن : بلى . ثم ليقولن : ألم أرسل إليك رسولا ؟ فليقولن : بلى . فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار
فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة
والله تعالى أعلى وأعلم