الصيرفة الإسلامية ومخاطر فقدان الثقة
لاحم الناصر
إن صناعة الصيرفة الإسلامية التي يقدر عدد مؤسساتها المالية بنحو 300 مؤسسة تنتشر في جميع أنحاء العالم بإجمالي موجودات تبلغ 300 مليار دولار ومن المتوقع نمو هذه الموجودات إلى 1.85 ترليون دولار بحلول عام 2013م بنسبة نمو 24% سنوياً (وفق تصريح الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية الدكتور عز الدين خوجة) تواجه عددا من المخاطر التي يجب التنبه لها وإدارة هذه المخاطر إدارة فعالة تجنب المؤسسة المالية بل وصناعة الصيرفة الإسلامية نتائجها السلبية وسوف أتطرق إلى أهم هذه المخاطر على الإطلاق وهو الشك في شرعية المعاملات المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تجريها المؤسسة المالية ومن ثم فقدان الثقة في هذه المؤسسة المالية وينشأ هذا الشك لدى العملاء لأسباب منها اعتقاد عدم استقلالية الهيئة الشرعية أو وجود مصالح لأحد أعضاء الهيئة الشرعية مع المؤسسة المالية أو تبني أعضاء الهيئة الشرعية لرأي شرعي قد قوي فيه الخلاف أو مخالف للقرارات الصادرة عن المجامع الفقهية أو عدم وجود رقابة شرعية داخلية قوية أو عدم التزام المؤسسة بالإجراءات والخطوات الشرعية عند تنفيذ العمليات الاسلامية أو مخالفة السلوك العام للمؤسسة والعاملين بها للشريعة الإسلامية والثقافة المحلية كما أن للتغطية الإعلامية التي تحظى بها الصيرفة الإسلامية هذه الأيام دور في توسيع دائرة هذه الشكوك حيث أصبح العملاء أكثر وعيا وإدراكا لمفاهيم الصيرفة الإسلامية وكيفية تطبيقها والخلافات الفقهية الواردة فيها وأصبحت المؤسسات المالية التي تمارس الصيرفة الإسلامية حديث المجالس وفي قلب الحدث ، إن المؤسسة المالية التي تفقد ثقة عملائها بشرعية معاملاتها يصعب عليها استعادة هذه الثقة ولتغطية هذا العنصر من عناصر المخاطرة يجب على المؤسسة المالية اتخاذ الإجراءات التي من شأنها إيجاد هذه الثقة و المحافظة عليها وهي :
أولا: ضمان استقلالية الهيئة الشرعية عن المؤسسة بحيث يتم ترشيح أعضائها من قبل الجمعية العمومية للمؤسسة المالية ومن هذا الباب فإنه لا يجوز أن يكون عضو الهيئة الشرعية موظفا في المؤسسة المالية لضمان عدم تعارض المصالح مع ثقتنا التامة في ديانة أصحاب الفضيلة وتقواهم. ويحقق الاستقلالية التامة وجود هيئة عليا للرقابة الشرعية تابعة للمصرف المركزي.
ثانياً: عدم تبني الهيئة الشرعية للمؤسسة المالية المسائل التي قوي فيها الخلاف أو مخالفة الفتاوى الصادرة عن اجتهاد جماعي كالمجامع الفقهية ما أمكن ذلك.
ثالثاً: وجود قسم للرقابة الشرعية داخل المؤسسة لفحص وتدقيق معاملات المؤسسة يكون مرتبطاً بالهيئة الشرعية.
رابعاً: وجود سياسات وإجراءات لكل منتج إسلامي توضح الإجراءات التي يمر بها المنتج والسياسات المحددة له مقرة من قبل قسم الرقابة الشرعية في المؤسسة وكيفية المراجعة والمطابقة لهذه الإجراءات والسياسات وقد نص على ذلك في المبادئ الإرشادية لإدارة المخاطر لمؤسسات الخدمات المالية الإسلامية الصادر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية.
خامساً: وضع لائحة للسلوك العام للمؤسسة فيما يخص المنتجات الإسلامية والعاملين بها يتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية فلا يجوز مثلا أن تقوم المؤسسة المالية بإخراج النساء المتبرجات في الدعاية لمنتج إسلامي و إن كانت مؤسسة مالية إسلامية بالكامل أو فروع أسلامية لمؤسسة تقليدية فلا يجوز أن يكون في مظهرها العام أو سلوكها ما يخالف الشريعة الإسلامية كما يجب على موظفي المؤسسات الإسلامية أو الفروع الإسلامية التابعة لمؤسسات تقليدية أو الموكل إليهم بيع المنتجات الإسلامية الحرص على أن يكون سلوكهم ومظهرهم العام يحترم الشريعة الإسلامية والثقافة المحلية.
إن دخول المصارف العالمية التقليدية لمجال الصيرفة الإسلامية قد عزز مثل هذه الشكوك وبالتالي فإنه يجب على هذه المصارف أن تحرص على إيجاد هذه الثقة لدى الرأي العام الإسلامي وذلك باتخاذ جميع التدابير السابقة إضافة إلى الحرص على توظيف ذوي المصداقية العالية من العاملين في هذا المجال القادرين على التواصل مع عملائها ومنحهم الثقة في منتجاتها الإسلامية.
