الحكومة الإلكترونية
مصطلح جديد واسع وفضفاض له كثير من الجاذبية والبريق تبدأ حدوده من تسديد مبلغ فاتورة الخدمات العامة وتتعاظم المهام إلى إدارة الدولـــــة بشتى الجوانب، ويتبادر للذهن عند ســماع عبارة الحكومة الإلكترونية (E-Government) أنها تدير نفسها بنفسها أو تقوم بجميع الأعمال الموكلة إليها عن طريق الإنترنت أو الإنترانيت، وهذا مفهوم خاطئ، إذ لا يمكن لأي حكومة في العالم أن تدير مواردها افتراضياً أومن خلال الفضاء المعلوماتي وتحول عملها بالكامل إلى عمل إلكتروني عن طريق شبكة من الكيابل ومجموعة من الأجهزة والبرامج والمكونات الأخرى، الحكومة الإلكترونية بكل بساطة هي الانتقال من تقديم الخدمات العامة والمعاملات من شكلها الروتيني إلى الشــــــــكل الإلكتروني عبر الإنترنـــــت أو خلافها من أنواع الشبكات.
ويُعرفها(البنك الدولي) بأنها مصطلح حديث يشير إلى استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات من أجل زيادة كفاءة وفعالية وشفافية ومساءلة الحكومة في ما تقدمه من خدمات للمواطن، ومجتمع الأعمال من خلال تمكينهم من المعلومات بما يدعم النظم الإجرائية الحكومية كافة ويقضي على الفساد.
ويرى (المتولي) أنها قدرة الإدارات والقطاعات الحكومية المختلفة على توفير وتقديم الخدمات، والمعاملات، والإجراءات الحكومية بوسائل إلكترونية للأفراد ومؤسسات الأعمال، أو للجهات والإدارات الحكومية ذاتها في إطار من الشفافية والوضوح.
ويقول (المهندي) "بأنها عملية التحول الجذري للعمل الحكومي من الأسلوب المتعارف عليه إلى العمل الإلكتروني، عن طريق نافذة الخدمات الإلكترونية الحكومية، والمتاحة للمواطن والمقيم والشركات على مدار الساعة"
وهناك من يرى أن مصطلح الحكومة الإلكترونية يعني استخدام نتاج الثورة التكنولوجية في تحسين مستويات الأداء في الأجهزة الحكومية، ورفع كفاءتها، وتعزيز فعاليتها في تحقيق الأهداف المرجوة منها، ويشمل ذلك الاستفادة من تراكم المعرفة والتقدم التقني المرافق لها في توسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات العامة، من حيث وفرة هذه الخدمات وتحسين أساليب تقديمها بوسائل غير تقليدية (إلكترونية) تمكن من الاطلاع على معلومات حكومية، وإكمال التبادل بين الأجهزة الحكومية وجمهور المستفيدين من خدماتها في أي زمان ومكان على أساس المساواة والعدالة بين المعنيين كافة بالخدمات العامة.
وقد عرفها (بكري) بأنها التمكن من تنفيذ الإجراءات الحكومية في شتى المجالات إلكترونيًا بواسطة مواقع (ويب) حكومية تطرح على شبكة الإنترنت.
وتناولها(الحمادي) فقال إنها قدرة القطاعات الحكومية على تبادل المعلومات وتقديم الخدمات فيما بينها وبين المواطن وقطاع الأعمال، بسرعة ودقة عالية، وبأقل التكاليف عبر شبكة الإنترنت.
وسائل ومراحل الحكومة الإلكترونية
لا تنحصر الحكومة الإلكترونية في وسيلة واحدة بل هناك أكثر من وسيلة، فالحكومة الإلكترونية أكثر من أن تكون تطبيقات من خلال الإنترنت أو استخدام للحاسب الآلي ومنافذ الشبكات فقط، بل تتعدى إلى أبعد من ذلك باستخدام أنواع متعددة من وسائل التكنولوجيا، مثل الفاكس والتليفون أو أجهزة الرد الآلي التي تقدم خدمات الاستعلام أو تسمح للمتصل بالاطلاع على معلومات حددت صلاحياته في الاطلاع عليها مسبقاً. أو أجهزة الخدمة الذاتية مثل الصراف الآلي ومكائن استخراج الكروت المقننة، مثل كرت صعود الطائرة أو بطاقات الاتصال أو مواقف السيارات وغير ذلك.
وبمعنى آخر فإن (مقدمات الخدمات) تُعنى باستخدام جميع الوسائل والآلات التكنولوجية مستقلة بذاتها أومقرونة بوسائل وخدمات الاتصالات بشتى أشكالها وأنواعها وقنواتها ومواردها ومايتبع ذلك من استخدام للبرمجيات المساعدة.
فقد يكتفي بتقديم الخدمة في الحكومة الإلكترونية بآلة إلكترونية ماثلة للعيان وقد يقوم بها برنامج كمبيوتري وقد يساعد على إتمام تقديم الخدمة قناة اتصال فضائية أو أرضية أو كل ماسبق مجتمعة.
ومن المهم أن لا تقتصر الرؤية على الإنترنت فقط أو الشبكات، بل يجب أن يتم الاستفادة من جميع الإمكانات التكنولوجية المتوافرة منذ البداية، وأن توضع في الاعتبار أثــناء التخطــيط لكي لا يصبح استيعابها عبئاً جديداً أثناء التنفيذ أو بعده لأنها ودون أدنى شك ستفرض استعمالها أو ستفرضها الحاجة القائمة في حينه، وتسعى الحكومات المعاصرة إلى تحقيق طموحاتها من خلال التخطيط الاستراتيجي، والتعاون الدولي، وتوفير المناخ الملائم، حيث أصبحت الحكومات الإلكترونية عنواناً للتقدم وفي أغلب التجارب الدولية تطبق الحكومة الإلكترونية على أربع مراحل كما يلي:
المرحلة الأولى: (التحول أو الوجود)، وهي جعل البيانات والمعلومات الحكومية متاحة فوراً على الشبكة وخصوصاً المعلومات القانونية والإدارية والثقافية والبيئية ومعلومات النقل عموماً وتقوم الوزارات والمؤسسات الحكومية بوضع كافة المعلومات المتعلقة بتقديم خدماتها على مواقع محددة باسمها.
المرحلة الثانية: (التفاعل)، وفي هذه المرحلة تقوم مواقع الوزارات باستقبال الاتصالات والاستفسارات من خلال البريد الإلكتروني أي المراسلة بين المواطن وقطاع الأعمال من جهة ومواقع الأجهزة الحكومية على شبكة الإنترنت من جهة أخرى.
المرحلة الثالثة التعامل أو تبادل المعلومات والخدمات)، حيث يتم التبادل من خلال الشبكة بين المستفيدين وأجهزة الدولة مع توافر وسائل الدفع وتحقيق التكامل في العلاقات الراسية على مستوى كل وزارة من خلال الحصول على جميع خدمات الجهاز الحكومي التي يقدمها في البيئة التقليدية.
المرحلة الرابعة: (التكامل أو مرحلة التحول الكامل)، وفيها تتكامل الخدمات الحكومية الإلكترونية وتنتظم الوزارات في موقع ذي مواصفات قياسية معينة يطلق عليه الـ (Portal) أو البوابة ليجمع كل وزارات الدولة الواحدة متمثلة في أيقونات متعددة باسم كل وزارة وتنضوي تحت كل وزارة هياكلها الإدارية الطبيعية وخدماتها، ويتم الدخول وتنفيذ الأعمال عن طريق كلمة المرور (Password)، والتي حددت مسبقاً صلاحيات وحقوق مستخدمها لتعطيه حق الوصول إلى أي دائرة حكومية يرغبها.
يذكر أن التحول لتطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية يتطلب مبالغ طائلة لتأسيس البنية التحتية، من بناء بنوك للمعلومات إلى بنية تحتية مطورة للشبكات بالإضافة إلى إعادة تأهيل العاملين، وكل هذا يكون دون جدوى إذا لم يتحول المجتمع قبل ذلك إلى مجتمع معلوماتي يستطيع التعاطي مع المعلومات كما ينبغي.
البنية التحتية
البنية التحتية هي المكون الطبيعي الملموس لمشروع الحكومة الإلكترونية، والتي لا يمكن قيام المشروع بدونها، وتتمثل في مجموعة من المكونات المادية والبشرية والمنطقية التي يمكن من خلالها تنفيذ التطبيقات الإلكترونية للأجهزة الحكومية ومنها ما يلي:
تقنيات الاتصالات
تعد العمود الفقري لتنفيذ العمل إلكترونياً لقيامها بدور نقل المعلومات وتبادلها عبر المواقع المختلفة وتتكون من عنصرين رئيسيين وهما:
(1) قنوات الاتصال: تمثل الوسيط الناقل للمعلومات من موقع إلى آخر سواءً عبر القنوات السلكية والمتمثلة في الأسلاك النحاسية أو خطوط الألياف البصرية التي تنقل المعلومات بسرعات عالية أو عبر القنوات اللاسلكية والتي منها الأرضية (المكرويف)، أو بالقنوات الفضائية التي تعمل من خلال أقمار الاتصال والتي تعرف بالأقمار الصناعية. (2) محطات الاتصال أو إعادة الإرسال أو التحكم: وتمثل العنصر المتحكم بنقل المعلومات وتتكون من مكونات إلكترونية مختلفة قد توجد كلياً أو جزئياً في المحطات المختلفة تبعاً لوظائف المحطة، ومن هذه المكونات: أجهزة تختص بالإرسال والاستقبال، وهناك أيضاً أجهزة المضاعفة والتوجيه التي تعمل على تجميع المعلومات من مصادر مختلفة وإرسالها عبر قناةٍ واحدة، إضافة لتوجيه المعلومات عبر أفضل الطرق بين المرسل والمستقبل، وهناك كذلك مكونات إلكترونية تكفل التكامل بين شبكات الاتصال بالربط بينها إلكترونياً وبالتالي تحقق الجودة في الاستخدام.
تقنيات الحاسب الآلي ومكوناته
ومن أهـــــم المكونات الحاســـــوبية للبنــــية التحتـــية للحــــكومة الإلكترونية ما يلي:
(1) المكونات المادية: وتتمثل في أجهزة الحاسب الآلي بمختلف أنواعها وقدراتها، إضافة إلى الأجهزة الملحقة بها، والتي تعتبر ضرورية كأجهزة الإدخال أوالإخراج بمختلف أنواعها.
(2) المكونات المنطقية: وتشمل نظم برامج التشغيل ونظم برامج التطبيقات وخلافه.
(3) المكونات البشرية: وتشمل العاملين في أقسام الحاسب الآلي من مشغلين ومبرمجين ومحللي نظم ومهندسين.
(4) مستلزمات البنية التحتية لأعمال الحاسب الآلي داخل مبنى المنظمة مثل: المواقع المكانية، التوصيلات السلكية، الأجهزة المساندة، الطاولات الخاصة بالحاسب وغير ذلك.