الورقة المالية تلزم مالكها بتحمل مخاطر الاستثمار كاملة ، في حدود المبالغ التي اكتتب بها في المشروع ، فهو يتحمل بحصته في أية خسارة يتعرض لها المشروع بسبب لا يد للمضارب فيه ، لأن حملة الأوراق المالية (أرباب المال) يملكون المشروع ملكية مشتركة ، وتلف المال ، وهلاكه وخسارته على مالكه ، وفقاً لقواعد الشريعة ، فإذا تضمنت نشرة الإصدار والورقة المالية شرط ضمان مخاطر الاستثمار في المشروع ، على غير حملة الأوراق المالية ، لم تكن الورقة إسلامية، سواء كان هذا الضمان من المضارب أو من شخص ثالث غيره، تبرع بهذا الضمان ، أو تقاضى عنه عوضاً ، أما ضمان المضارب فهو شرط ينافي مقتضى العقد فيبطل ، وأما ضمان غيره بعوض فإنه ينافي قاعدة الضمان، باعتباره عملاً من أعمال البر والمواساة ، التي لا تكون إلا لله ، وأما ضمان ذلك الغير بدون عوض فإنه تبرع بالضمان في حالات لا يترتب عليها لزوم الضمان ، لأن شرط الضمان أن يكون محله العقد مضموناً على المضمون عنه، ومخاطر الاستثمار ليست مضمونة على المضارب فإذا انصب شرط الضمان على ما يلزم المضارب بسبب تعديه أو تقصيره ، أ, مخالفة لشرط من شروط المضاربة كان شرط الضمان صحيحاً .
الورقة المالية الإسلامية قد تخصص حصيلة الاكتتاب فيها للاستثمار في نشاط خاص أو مشروع معين ، وقد تخصص هذه الحصيلة للاستثمار في أنشطة متنوعة ومشاريع متعددة ، يقوم بها البنك المصدر من أمواله التي تستثمر في هذه الأنشطة وتلك المشروعات ، فيكون المكتتبون في هذه الأوراق شركاء للبنك المصدر لها في مشروعاته ونشاطاته ، التي يقوم بها بنسبة اكتتاباتهم إلى مجموع الأموال المستثمرة ، ويكون البنك في هذه الحالة مضارباً في مال غيره وعاملاً في مال نفسه ، وهو يستحق حصة من الربح بوصفه مضارباً ، تستنزل من صافي الأرباح، ثم يستحق حصة من الربح الباقي بنسبة رأسماله المستثمر مع حصيلة الأوراق المالية التي أصدرها إلى مجموع الأموال المستثمرة .
أ - فالورقة المالية التي تخصص حصيلة الاكتتاب فيها للاستثمار في نشاط خاص ، أو مشروع معين تقتضي أن توضع هذه الحصيلة في حساب خاص ، منفصلة عن أموال المضارب مُصدر الورقة المالية ، وأن تكون للمشروع المعين ، أو النشاط الخاص ، بعد قيامه حسابات مستقلة ، وذمة مالية منفصلة عن ذمة المضارب ، ذلك أن المضاربة تتمتع بذمة مالية في حدود معينة ، كما سبق بيانه ، وبذلك يمكن تحديد الأرباح وتوزيعها بين المضارب وحملة الأوراق المالية حسب الوارد في نشرة الإصدار والورقة المالية ، وحتى يمكن تحديد خسائر المشروع إن كانت هناك خسارة .
ب- وأما الورقة المالية التي توجه حصيلتها للاستثمار في جميع المشروعات والأنشطة الاستثمارية للبنك الذي أصدرها ، فإنها تقتضي أن يمسك البنك المضارب حسابات خاصة لجميع أنشطة البنك التي تساهم حصيلة هذه الأوراق في تمويلها ، مع حقوق الملكية الموجهة للاستثمار في هذه المشروعات منفصلة عن الأنشطة الأخرى التي يقوم بها البنك ، كالخدمات المصرفية والوكالات وغيرها ، حتى يمكن تحديد الأرباح المتحققة من الأنشطة الاستثمارية ، وتلك المتحققة من غيرها، وكذلك تحديد حصة المصاريف التي تلزم حساب الاستثمار من مجموع مصاريف البنك المضارب ، ثم توزيع الأرباح بين حملة الأوراق المالية ، بعد استنزال حصة البنك المضارب تبعاً لذلك .
فإذا تضمنت الورقة المالية أو نشرة الإصدار ما يخالف ذلك الحكم ، بأن نصت على أن مصدر الورقة المالية والمستثمر لحصيلتها لا يمسك حسابات مستقلة للمشروع الخاص أو النشاط المعين في الحالة الأولى ، أو لا يمسك حسابات مستقلة لمجموع الأنشطة الاستثمارية في البنك منفصلة عن حسابات الأنشطة الأخرى ، في الحالة الثانية ، كانت الورقة المالية غير مستكملة لخصائص الورقة الإسلامية ، فإن خلت الورقة المالية ونشرة الإصدار عن الإشارة إلى هذا الموضوع بالكلية ، التزم مصدر هذه الأوراق بإمساك هذه الحسابات المستقلة بحكم الشرع ، حتى يكون ما يوزع من أرباح ، أو ما يتحمله حملة الأوراق المالية من خسارة يمثل الحقيقة ، إذا تضمنت نشرة الإصدار أو الورقة المالية الصادرة بناءً على ما يفيد التزام البنك الذي أصدر هذه الورقة بإمساك حسابات مستقلة على النحو السابق ، ثم أخل البنك بهذا الالتزام ، كان ضامناً ، وأمكن لحملة الأوراق المالية حمله على تنفيذ التزامه قضاءً .
الورقة المالية الإسلامية تقتضي أن يقوم مُصدرها ، المستثمر لحصيلة إصدارها بإصدار ميزانية أرباح وخسائر في نهاية المشروع المعين ، أو النشاط الخاص ، أو في فترات دولية منتظمة ، حسب الوارد في نشرة الإصدار ، والورقة المالية الصادرة بناءً عليها .
أما مُصدر الورقة المالية بقصد تمويل جميع أنشطته ومشروعاته الاستثمارية ، فإنه يلتزم بعمل ميزانية أرباح وخسائر لهذه الأنشطة وتلك المشروعات في فترات دورية منتظمة والغالب أن تكون سنوية .
وهذه الميزانيات لابد أن تعلن للجمهور ، وأن توضع تحت تصرف حملة الأوراق المالية ، للتأكد من مقدار الأرباح الموزعة عليهم ، وأنها تساوي النسبة المخصصة لهم في نشرة الإصدار والورقة المالية ، أو مقدار الخسارة التي يتحملونها.
فإذا قام البنك مُصدر الورقة المالية بتوزيع أرباح دون أن تكون هناك ميزانية معلنة ، أعدت وفقاً للأصول الفنية من أهل الخبرة ، تظهر هذه الأرباح ، أو كانت هناك ميزانية ولكن توزيع الأرباح جاء مخالفاً لما ورد في نشرة الإصدار ، والورقة الصادرة بناءً عليها ، وما تظهره الميزانية ، كان هذا التوزيع مخالفاً لحكام عقد المضاربة ، ذلك أن البنك بوصفه مضارباً يلتزم شرعاً بمعرفة الربح ، وهو ما زاد على رأس المال ، ثم معرفة حصة حملة الأوراق المالية ، وأصحاب حقوق الملكية فيها ، وهذا كله لا يتأتى إلا بإصدار ميزانية حقيقية ، وفقاً للأصول الفنية المرعية ، وأن يأتي التوزيع متفقاً مع ما جاء في هذه الميزانية ، وعقد المضاربة الذي يتمثل في نشرة الإصدار والورقة المالية المصدرة بناءً عليها .
وليس هناك ما يمنع شرعاً من أن تتضمن نشرة الإصدار والورقة المالية الصادرة بناءً عليها تحديد نسبة من الربح تودع في حساب أو صندوق خاص تخصص حصيلته لضمان مخاطر الاستثمار ، فإذا وقعت خسارة في أحد الأعوام أمكن تغطيتها أو جزء منها من حصيلة هذا الصندوق .