: الجهود الدوليـة و العربية لمكافحة ظاهرة غسيــل الأموال.
1- الجهود الدولية: لعل أكثر طرق المكافحة الدولية لجرائم غسيل الأموال فعالية تتمثل في بناء قواعد للتعاون الدولي بهذا الشأن، ومن الضرورة استعراض الجهود الدولية الأكثر بروزا.
1-1. قانون المبادئ الصادر عن لجنة Basle سنة 1988 تختص هذه اللجنة في الإشراف على بنوك العالم وقد صدر عنها قانون يحتوي على مجموعة مباديء تحذر إستخدام البنوك في النشاط المتعلق بالجرائم المختلفة ومن المبادئ :
- التأكد من شخصية الزبائن.
- تجنب التحويلات المشبوهة.
- ضرورة تعاون البنوك مع الجهات الحكومية.
1-2. اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، المنعقدة في فينا سنة 1988 وهي اتفاقية تضم (103) دولة بالإضافة الى دول الإتحاد الأوروبي وتهدف الى تقوية وتعزيز الوسائل القانونية الفعالة للتعاون الدولي في المسائل الجنائية لغرض منع الأنشطة الإجرامية الدولية من الإتجار غير المشروع. وقد نصت المادة (3) على ضرورة إتخاذ كل طرف في إطار قانونه الوطني ما يلزم من التدابير لتجريم كل عمل من شأنه إخفاء أو تمويه حقيقة الأموال أو مصدرها أو مكانها أو طرق التصرف بها أو ملكيتها المتحصلة من جرائم المخدرات، .
1-3. لجنة مجموعة مكافحة عمليات غسيل الأموال في باريس 1990 وقرر رؤساء الدول الصناعية الثمانية الأكثر تقدما (اميركا، كندا، اليابان، فرنسا، بريطانيا، المانيا، إيطاليا، روسيا) إنشاء مجموعة لمكافحة عمليات غسيل الأموال (GAFI) في باريس سنة 1989 وتألفت المجموعة من (120) عضو موزعين بين سياسيين، وخبراء، ورجال أعمال، وقضاة، وموظفين كبار في الجمارك، أبرز مشكلة لدى غسيل الأموال تكمن في كيفية تمويل كمية ضخمة من المال النقدي إلى إيداعات او تحويلها الى ادوات مالية عامة أو إلى رؤوس أموال أخرى تدور بالإقتصاد، أي أن الصعوبة الأولى هي في مرحلة التوظيف وهنا تكمن أول نقطة ضعف في عملية الغسيل حيث يمكن إكتشاف هذا النشاط أو مهاجمته أو تتبع آثاره، وقد أوصت بتقريرها بما يأتي :
- ضرورة اتخاذ كل دولة الإجراءات اللازمة بما فيها التشريعية لإعطاء الصفة الجرمية لفعل الغسيل.
- اتخاذ الترتيبات اللازمة لمصادرة الاموال المغسولة ومردودها والوسائل التي إستخدمت في غسيلها.
- التزام المؤسسات المالية بعد فتح حسابات مجهولة الهوية أو بأسماء وهمية، التحقق من هوية الزبائن والإحتفاظ بالقيود والسجلات بشكل يجعلها قادرة على تلبية أي طلب معلومات يردها من السلطات المختصة والإنتباه الى العمليات المعقدة المهمة وغير العادية وغير المبررة إقتصاديا على أن يسمح للمؤسسة بالإبلاغ عنها أو الزامها بذلك.
أن تضع المؤسسات المالية برامج لمكاحفة الغسيل تتضمن تأهيل وتدريب الموظفين.
دراسة العمليات النقدية والتبليغ عنها عندما تتجاوز مبلغا معينا.
أن تقوم الهيئات الدولية بجمع المعلومات المتعلقة بتطوير عمليات غسيل الأموال والتقنيات المستعملة فيها وتوزيعها على السلطات المختصة.
تبادل المعلومات بين الدول تلقائيا أو عند الطلب.
ضرورة إرتكاز التعاون الدولي على اتفاقات وترتيبات قانونية ثنائية أو جماعية تتيح تسليم المجرمين.
1-4. المؤتمر الوزاري العالمي لمكافحة الجريمة الدولية لسنة 1994 الذي عقد في نابولي (إيطاليا) وأوصى بما يأتي:
إتخاذ تدابير ووضع استراتيجيات لمنع ومكافحة غسيل الأموال وإستخدام عائدات الجريمة ومكافحتها.
ضرورة التعاون الدولي لمنع غسيل الأموال ومكافحة ومراقبة عائدات الجريمة.
فرض العقوبات والاحكام الملائمة وضرورة تجريم غسيل عائدات الإنشطة الإجرامية.
التعاون بين السلطات المكلفة بتنظيم القطاعين المالي والإقتصادي والسلطات المكلفة بتنفيذ القوانين.
إعتماد تدابير شرعية لمصادرة العائدات غير المشروعة.
النظر في إتخاذ تدابير تحد من السرية المالية لفرض رقابة فعالة على غسيل الأموال.
ضرورة تطبيق قاعدة (إعرف زبونك) والكشف عن الصفقات المالية المشبوهة.
إجراء الدراسات والبحوث من اجل معرفة المؤسسات التجارية التي يمكن ان تستخدم في غسيل الأموال.
ضرورة توحيد الجهود بين المنظمات والأجهزة العالمية والإقليمية من أجل بذل جهد جماعي لمكافحة عمليات غسيل الأموال.
ضرورة قيام الأمم المتحدة بمساعدة الدول ماليا وفنيا للقضاء على عمليات الغسيل وإستخدام عائدات الجريمة ومكافحتها.
1-5. مؤتمر المخدرات وغسيل الأموال المنعقد بمدينة ميامي بأمريكا سنة 1997. ركز على ثلاثة طرق هي :
سياسة إعرف زبونك Know your customer بالتدقيق والتحقق من أموال الزبائن إن كانت لا تتناسب مع وظيفة الزبون او تجارته.
سياسة أو مبدأ الإخطار عن العمليات المشبوهة Suspicious Activities ويجب الإبلاغ عن أية عملية مشبوهة للسلطة القضائية المختصة للتحقيق فيها.
التعاون الوثيق بين الدول من خلال معاهدات جماعية او ثنائية وإصدار تشريعات تساعد وتحفز على الكشف عن هذه الجرائم كإختصاص المحاكم الأجنبية إذا كان ثمة تعاون قضائي والتخفيف من مبدأ سرية المعلومات البنكية إذا تعلقت بعملية غسيل الأموال والإفصاح عنها للسلطة القضائية المختصة. وقد عقدت عدة مؤتمرات اقليمية، عربية وقارية لهذا الغرض.
1-6. قرار مجلس الأمن رقم 1373 الصادر في 28/09/2001: إثر أحداث 11 سبتمبر 2001 و دعما للاتجاه الدولي لمكافحة الإرهاب، اصدر مجلس الأمن الدولي في 28/09/2001 القرار رقم 1373 و الذي دعا فيه جميع الدول إلى القيام دون أي إبطاء بتجميد الأموال أو أي أصول أخرى أو أي موارد اقتصادية أو مالية تعود بطريقة مباشرة لأشخاص أو هيئات معنيين بارتكاب الأعمال الإرهابية.
و تقوم الأمم المتحدة بتوزيع طلبات و نشرات على البنوك في دول العالم بأسماء الأشخاص و الهيئات التي ينبغي وقف التعامل معها و تجميد حساباتهم، كما تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتوزيع نشرات على البنوك لنفس الغرض، و نرى ان البنوك المحلية عليها الالتزام بتلك الطلبات و المنشورات إذا وردت إليها عن طريق البنك المركزي في الدولة التي تتبعه تلك البنوك.
2- الجهود العربية لمكافحة غسيل الأموال: تبذل العديد من الدول العربية جهود كبيرة من أجل مواجهة جريمة غسيل الأموال و مثال ذلك:
2-1. الكويت : حرصت دولة الكويت على مكافحة غسيل الأموال بالاشتراك في أعمال لجنة العمل المالية الدوليةFATF من خلال دول مجلس التعاون الخليجي في عام 1992، ثم بالتصديق على اتفاقية فيينا لعام 1988.
كما قام بنك الكويت المركزي بجهد واضح في هذا الخصوص، إذ طلب إلى البنوك المحلية عام 1993 اتخاذ ما يلزم لتطبيق عدد من التوصيات الأربعين للجنة العمل المالية الدولية FATF، ثم أصدر تعليماته رقم (2/رب/50/97) إلى كافة البنوك المحلية في شان مكافحة عمليات غسيل الأموالو العمليات المشبوهة والتي تضمنت عددا من الإجراءات و القواعد التي يتعين على البنوك إتباعها مع دليل الإرشادات لأنماط من المعاملات المشبوهة.
و توجت الكويت جهودها بإصدار القانون رقم 35 لعام 2002 في شان مكافحة غسيل الأموال لتساير به الاتجاه المعاصر من المشرع في كثير من الدول، كما أصدر البنك المركزي في 22/10/2002 التعليمات رقم (2/رب/2002) الخاصة بمكافحة عمليات غسيل الأموال و ذلك للعمل بها من البنوك اعتبارا من الأول من ديسمبر عام 2002 مع دليل الإرشادات لأنماط المعاملات المشبوهة.
2-2. الإمارات العربية المتحدة: أقر المجلس الوطني الإتحادي في سنة 2002 قانون غسيل الأموال الذي تصل عقوبة جريمته إلى السجن سبع سنوات، وحماية القانون حماية الإقتصاد الوطني ويطبق القانون على كل منشأة تجارية في الدولة ومنها المناطق الحرة ومؤسسات التأمين والجمارك وكل ما يتعلق بعمليات وأنشطة تداول الأموال وتلقيها.
2-3. سلطنة عمان: صدر قانون غسل الأموال في سلطنة عُمان بموجب مرسوم سلطاني في 2/4/2002 وقد جاء ليضع الإطار المرجعي لمعالجة ظاهرة غسل الأموال ويتضمن عدة مواد تعرف ظاهرة غسل الأموال وتضع العقوبات الكفيلة لردع المخالفات وتم تشكيل لجنة من عدة جهات بالدولة برئاسة وكيل وزارة الإقتصاد الوطني للشؤون الإقتصادي لمتابعة تنفيذ قانون غسل الأموال كما أن وفد اللجنة الدولية لمكاحفة غسل الأموال عند زيارته للسلطنة مؤخرا واطلاعه على مسودة القانون أكد بإن الإجراءات المطبقة بالقانون تعد من أفضل الإجراءات المطبقة على مستوى دول العالم.
2-4.لبنان : أقر مجلس النواب، القانون رقم 318 بشان مكافحة غسيل و الذي ينص على:
المادة الأولى: يقصد بالأموال غير المشروعة، بمفهوم هذا القانون، الأموال كافة الناتجة من ارتكاب إحدى الجرائم الآتية:
زراعة المخدرات أو تصنيعها أو الاتجار بها.
الأفعال التي تقدم عليها جمعيات الأشرار المنصوص عليها في المادتين 335 و 336 من قانون العقوبات والمعتبرة دولياً جرائم منظمة.
جرائم الإرهاب المنصوص عليها في المواد 314 و 315 و 316 من قانون العقوبات.
التجار غير المشروع بالأسلحة.
جرائم السرقة أو اختلاس الأموال العامة أو الخاصة أو الاستيلاء عليها بوسائل احتيالية والمعاقب عليها في القانون اللبناني بعقوبة جنائية.
تزوير العملة أو الإسناد العامة.
المادة الثانية: يعتبر تبييض أموال كل فعل يقصد منه:
1. إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة أو إعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر، بأي وسيلة كانت.
2. تحويل الأموال أو استبدالها مع العلم بأنها أموال غير مشروعة لغرض إخفاء أو تمويه مصدرها أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب الجرم على الإفلات من المسؤولية.
3. تملك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة أو للقيام بعمليات مالية مع العلم بأنها أموال غير مشروعة.
المادة الثالثة: يعاقب كل من أقدم أو تدخل أو اشترك بعمليات تبييض أموال بالحبس من ثلاث إلى سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرين مليون ليرة لبنانية.
المادة الرابعة: على المؤسسات غير الخاضعة لقانون سرية المصارف الصادر بتاريخ 3/9/1956 بما فيها المؤسسات الفردية، لا سيما مؤسسات الصرافة والشركات التي تتعاطى الوساطة المالية وشركات الإيجار التمويلي وهيئات الاستثمار الجماعي وشركات التأمين وشركات ترويج وبناء وبيع العقارات وتجار السلع ذات القيمة المرتفعة حلى، أحجار كريمة، ذهب، تحف فنية، آثار قديمة)، أن تمسك سجلات خاصة بالعمليات التي تفوق قيمتها المبلغ الذي يحدده مصرف لبنان في النظام الذي سيضعه استناداً إلى أحكام المادة الخامسة من هذا القانون.
المادة الخامسة: على المؤسسات الخاضعة لقانون سرية المصارف الصادر بتاريخ 3/9/1956 القيام بمراقبة العمليات التي تجريها مع زبائنها لتلافي تورطها بعمليات يمكن أن تخفي تبييضاً لأموال ناتجة عن الجرائم المحددة في هذا القانون.
تجدد أصول هذه الرقابة بموجب نظام يضعه مصرف لبنان ويصدره في مهلة شهر واحد من تاريخ العمل بهذا القانون على أن يتضمن كحد أدنى الموجبات التالية:
التحقق من الهوية الحقيقية للزبائن الدائمين للمؤسسات المصرفية والمالية وتحديد هوية صاحب الحق الاقتصادي في حال تم التعامل بواسطة وكلاء أو تحت ستار أسماء مستعارة عائدة لأشخاص أو لمؤسسات أو لشركات أو عن طريق حسابات مرقمة.
تطبيق إجراءات التحقق ذاتها فيما يتعلق بهوية الزبائن العابرين إذا كانت العملية أو سلسلة العمليات المطلوبة تفوق مبلغاً معيناً من المال.
الاحتفاظ بصور المستندات المعلقة بالعمليات كافة وبصور الوثائق الرسمية المعلقة بهوية المتعاملين لمدة خمس سنوات على الأقل بعد إنجاز العمليات أو إقفال الحسابات.
تحديد المؤشرات التي تدل على احتمال وجود عمليات تبييض للأموال ومبادئ الحيطة والحذر لكشف العمليات المشبوهة.
التزام المؤسسات المصرفية والمؤسسات المالية من تقيد هذه المؤسسات بأحكام النظام موضوع هذه المادة وإبلاغ حاكم مصرف لبنان عن أي مخالفة بهذا الشأن.
2-5. مصر :قام الرئيس حسني مبار بإصدار قانون 80/2002 الخاص بمكافحة غسيل الأموال ، و لقد عرف هذا القانون جريمة غسيل الأموال على أنها :
كل سلوك ينطوي على كسب أموال أو حيازتها أو التصرف فيها و إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من الجرائم المنصوص عليها في المادة (2) من هذا القانون .
و تنص المادة (
من قانون مكافحة غسيل الأموال بالتزام المؤسسات المالية بإخطار الجهات المعنية عن العمليات المالية التي يشتبه في أنها تتضمن غسل الأموال و المشار إليها في المادة (4) من القانون المذكور، كذلك فانه يتعين على المؤسسات المالية وضع النظم الكفيلة بالحصول على بيانات ليتعرف على الهوية و الأوضاع القانونية للعملاء و المستفيدين الحقيقيين من الأشخاص الطبيعيين و الأشخاص الاعتباريين، و ذلك من خلال وسائل إثبات رسمية أو عرفية مقبولة و تسجيل هذا التعرف.
كما لا يجوز للمؤسسات المالية فتح حسابات أو ربط ودائع أو قبول أموال أو ودائع مجهولة أو بأسماء صورية أو وهمية.
كما تنص المادة (9) من القانون المصري على التزام المؤسسات المالية بإمساك سجلات و مستندات لقيد ما تجريه من العمليات المالية المحلية أو الدولية، و يجب أن تتضمن تلك السجلات و المستندات البيانات الكافية للتعرف على هذه العمليات، و بالإضافة إلى ذلك، تلتزم المؤسسات المالية بالاحتفاظ بالسجلات و المستندات المذكورة و بسجلات بيانات العملاء و المستفيدين المشار إليهم في المادة (
من هذا القانون لمدة لا تقل عن خمس سنوات من تاريخ انتهاء التعامل مع المؤسسة أو من تاريخ قفل الحساب ، و يجيز القانون لتلك المؤسسات الاحتفاظ للمدة المذكورة(أي لمدة خمس سنوات) بالصور المصغرة(الميكروفيلمية) بدلا من الأصل، و يكون لتلك الصور وجية الأصل في الإثبات إذا روعي في إعدادها و حفظها و استرجاعها القواعد التي يصدر بها قرار من وحدة مكافحة غسيل الأموال.
و تحظر المادة (11) من القانون المصري الإفصاح للعميل أو المستفيد أو لغير السلطات و الجهات المختصة بتطبيق أحكام قانون مكافحة غسيل الأموال عن أي إجراء من الإجراءات الإخطار أو التحري أو الفحص التي تتخذ في شان المعاملات المالية المشتبه في أنها تتضمن غسيل الأموال، أو عن البيانات المتعلقة بها، و ذلك حتى يتوفر عنصر المفاجأة في محاصرة الجناة، و لمنعهم من القيام بأية احتياطات لطمس معالم و آثار الجريمة أو إعدام الأدلة عليها و بما قد يعيق مهمة السلطات المختصة.
2-6. السعودية : شكلت المملكة العربية السعودية وحدة لمكافحة غسل الأموال تابعة لوزارة الداخلية في إطار حملة مكافحة الإرهاب، كما اتخذت المصادر السعودية تدابير لتفادي تمويل الإرهاب، وستعمل هذه الوحدة الجديدة بالتعاون الوثيق مع السلطات المالية والنقدية السعودية، كما أمرت وزارة التجارة بفرض رقابة مشددة على الصفقات الضخمة، وطلبت من المؤسسات المالية إبلاغ السلطات عن أي حالات مريبة، وأكد مسئولون سعوديون أن تلك اللوائح التنظيمية تستكمل إجراءات سابقة اتخذها مجلس الوزراء لمكافحة غسل الأموال وغيرها من الأنشطة غير القانونية في مجال الأعمال.
من جهته قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة خاصة لمعالجة قضية غسل الأموال، على أن تكون تحت مظلة مؤسسة النقد العربي (ساما)، وتم تكليف اللجنة بإعداد مشروع نظام لمكافحة غسل الأموال، تراعى فيه الأحكام الواردة في أنظمة مجلس التعاون الخليجي، وكانت مؤسسة (ساما) قد اتخذت خلال الشهور الماضية عدة إجراءات لمواجهة عمليات غسل الأموال ، كما أن مجلس الشورى ناقش في الشهر الرابع من العام 1424هـ مشروع نظام جديد لمكافحة غسل الأموال.
3- قراءة إسلامية في ظاهرة غسيل الأموال: هذَّب الإسلام أتباعه، وردع الجريمة وأسبابها بما فرض من تعاليم شرعية ونظم أخلاقية تحمي المجتمع وتصونه من أسباب الجريمة والانحراف، فالإسلام يدعو إلى إقامة الخير، ونبذ الشر، والقضاء على المنكرات.
ومن المسلمات البديهية أن ردع الجريمة والمجرمين من شأنه حماية مصالح الناس وإبعاد الأذى عنهم، ومصالح الناس هي الدين، والنفس، والمال، والعقل، والنسل. وهذه المصالح لا قيام للحياة بدونها؛ لذلك كان الاعتداء عليها جرمًا يستوجب العقاب، فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول هو مصلحة.
ولو أردنا أن نخرج هذه العملية ونعرضها على قواعد الفقه وأصوله للوقوف على حكم الشرع فيها من حيث الحلال والحرام، لوجدنا أن مثل هذه العملية تنافي الشرع وأحكامه ولا تتفق مع قواعده وأصوله، ذلك أن الإسلام يحرِّم كل كسب بطريق محرم. والأموال التي تخضع لعمليات الغسل والتبييض أموال تنشأ عن الجرائم، وعن التزوير، والسرقة، والدعارة، والسلب، والاعتداء على ممتلكات الآخرين بالسطو أو النهم، إلى غير ذلك من الوسائل المنحرفة التي لا يجيزها الإسلام.