إدارة منشآت الأعمال من منظور إسلامي
1 ـ توطئة:[b]
1 / 1 ـ الأهمية المعاصرة لمنشأة الأعمال:
تكتسب منشأة الأعمال أهميتها المعاصرة من كونها الخلية الرئيسية لتكوين الثروة في المجتمع ولتحقيق النمو الاقتصادي الذي تنشده المجتمعات كافة. فمنشأة الأعمال هي نواة الحركة الاقتصادية داخل أية بيئة اجتماعية مهما اختلفت طبيعة النشاط الذي تمارسه هذه المنشأة، إذ قد يكون هذا في أي من حقول الصناعة التحويلية أو الزراعة أو الاستخراج أو النقل أو الاتصالات أو التجارة أو غير ذلك.
وبالإضافة إلى اختلاف النشاط العام، فإن منشآت الأعمال تختلف في حجمها، مهما كان المعيار المستخدم لقياس الحجم. فبعض هذه المنشآت يستخدم عدداً محدوداً جداً من الأشخاص وربما يتولى شخص واحد إنجاز جميع الأنشطة، أو قد يعمل لدى المنشأة الواحدة مئات أو آلاف من الأشخاص. وهكذا تختلف قيمة الموجودات العائدة للمنشأة وقيمة مبيعاتها وعدد الأسواق التي تعمل فيها وحصصها النسبية من هذه الأسواف. والمؤكد أن تقدم ورفاه أي مجتمع يعتمد اعتماداً رئيسياً على نجاح منشآت الأعمال فيه والمستوى العام لكفاءتها التشغيلية، إذ كلما اتسمت هذه المنشآت بدرجة أعلى من الكفاءة ساهم ذلك في رقي المجتمع وتقدمه إلى حدود أعلى. هذا على فرض ثبات العوامل الأخرى، التي تشمل توفر الثروات الطبيعية لدى المجتمع، ومستويات الثقافة، والتطور المهني عند أبنائه، والموقع الجغرافي للبلد، وعدد نفوسه، وغيرها من العوامل ذات الصلة.
وقد أثبتت البحوث العديدة التي أنجزت في شتى أقطار العالم أهمية الجوانب الاجتماعية والنفسية والروحية في تعظيم عطاء منشآت الأعمال وازدهار المجتمعات الإنسانية. فالاستقرار النفسي لدى الأفراد واكتفاؤهم الروحي، النابعين من علاقات اجتماعية طيبة مع وضوح الفلسفة الدينية، يساعدان بقوة في تصعيد الإنتاجية الكمية والنوعية، الأمر الذي يدفع نحو الأعلى مستويات الأداء لدى منشآت الأعمال.
1 / 2 ـ مفهوم حضارة الأعمال:
لابدّ لأي مجتمع من تطوير حضارة أعمال خاصة به تكون مستمدة من تركيبته العامة وخصائصه الرئيسية. فحضارة الأعمال لأي شعب هي جزء لا يتجزأ من مجمل الحضارة القائمة لذلك الشعب، رغم أن الإثنين خاضعان للتغير والتعديل مع مرور الزمن من جراء فعل عوامل مهمة تؤثر أثرها في هذا السياق.
غير أن حضارة الأعمال في أي بلد أو إقليم لها درجة من الخصوصية، وهي في الغالب تحمل سمات معينة. فهي من جهة ترتبط مع الحضارة العامة للبلد أو المجتمع المعني وتعتبر جزءاً منها، إلا أن ضرورات تحقيق أعلى درجة ممكنة من الكفاءة غالباً ما تتطلب حيثيات معينة أو عناصر خاصة، مما يعني إدخال هذه الحيثيات أو العناصر. هذا بالإضافة إلى أن منشآت الأعمال تتعامل على نحو مكثف مع منشآت أجنبية ولابد أن تتأثر بها.
ومفهوم «حضارة الأعمال» يعد نسيجاً ملموساً من المفاهيم والعلاقات الشخصية والممارسات التطبيقية التي قد تنص عليها القوانين والأنظمة والقرارات المكتوبة أو لا تنص. ولا شك في ان أحد مقاييس التقدم الاقتصادي لأي مجتمع هو مدى تطور حضارة الأعمال الخاصة به وتبلورها على نحو واضح وفعال في أنماط تساهم في خدمة أغراض المنشآت صاحبة العلاقة والاقتصاد الكلي أيضاً.
وهنا تجدر الإشارة إلى البعض من العناصر العديدة التي تتكوّن منها حضارة الأعمال، منها الصلاحيات التي يتمتع بها المدير التنفيذي، وعدد أعضاء مجلس الإدارة، وطبيعة العلاقة بين مالكي المنشأة ومجلس الإدارة، والأسلوب المعتمد لاتخاذ القرارات العليا. كما تمتد جوانب حضارة الأعمال للتأثير على كيفية انتقاء أعضاء الفيق الإداري الأعلى، والطرق المتبعة في الإعلان، ومدى دعم المنشأة للقضايا الخيرية، والأساليب المعتمدة لتدبير التمويلات الضرورية.
1 / 3 ـ الحضارة على صعيد المنشأة:
أما «الحضارة على صعيد المنشأة» الواحدة فيقصد بها النسيج الكامل للعلاقات الشخصية، سواء ما كان منها رسمياً أو مكتوباً أو غير رسمي وغير مكتوب. فهنا، تظهر خصوصية كل منشأة المستمدة منط بيعة أنشطتها وتاريخها، وعدد العاملين فيها، ومؤهلات كل منهم وغير ذلك من الاعتبارات.
[/b]