منظمة التجارة العالمية
بانتهاء الحربالعالمية الثانية، شهد العالم تغييرات جذرية في بنيته الاقتصادية حيث بدأت الدولالعظمى وضع أسس للعلاقات الاقتصادية الدولية في مرحلة ما بعد الحرب. وقد كان ميلادصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير عام 1944، والتوقيع علىالاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات (الجات) عام 1947 بمثابة تدشين لنظام عالميجديد.
ورغم أنالمؤسستين: "البنك الدولي" و"صندوق النقد" قد أصبحتا كيانين دائمين، إلا أنالاتفاقية العامة للتجارة ظلت كيانًا مؤقتًا نظرًا لأنها عبّرت عن مصالح الدولالمتقدمة، بينما المؤسستان الأخريان -على حد قولهما- يعبرا عن مصالح الدولالنامية.
وكان الهدف الأساسي من التوقيع علىالاتفاقية العامة للتجارة هو: تحرير التجارة الدولية، ووضع القواعد التي تعمل علىتنميتها بين الدول الأعضاء. وهذه الأهداف تختلف عن أهداف صندوق النقد الذي يهتمبوضع القواعد التي تحكم السياسات النقدية للدول، والبنك الدولي الذي-كما يعلن- يهدفبالأساس لمساعدة الدول المتعثرة في برامجها التنموية.
اتفاقية الجات والتطورنحو إنشاء منظمة التجارة العالمية (WTO)
شهدت اتفاقيةالجات منذ عام 1947 عددًا من التطورات التي آلت في النهاية لإنشاء ما يُسمى بمنظمةالتجارة العالمية بدءًا من مفاوضات جنيف عام 1947 وانتهاءً بجولة أورجواي الأخيرة 15 أبريل1994 والتي تم الاتفاق فيها على إنشاء منظمة التجارة العالمية حيث أكدت ذلكالوثيقة الختامية للجولة، والتي ورد في مادتها الأولى أن ممثلي الحكومات والجماعاتالأعضاء في لجنة المفاوضات اتفقوا على إنشاء "منظمة التجارة الدولية". وقد حددتالوثيقة: نطاق عمل المنظمة، ومهامها، وهيكلها التنظيمي، وعلاقاتها بالمنظماتالأخرى، وطرق اكتساب العضوية.
وبالفعل تمتنفيذ هذا الاتفاق في يناير 1995 حيث وثقت المنظمة كل اتفاقيات الجاتالسابقة.المبادئ التي تقوم عليها منظمة التجارةالعالمية
تقوم منظمة التجارةالعالمية على عدد من المبادئ أهمها:
1.مبدأ عدم التمييز: وينطوي هذا المبدأ على عدم التمييز بين الدولالأعضاء في المنظمة، أو منح رعاية خاصة لإحدى الدول على حساب الدول الأخرى. وبحيثتتساوى كل الدول الأعضاء في الجات في ظروف المنافسة بالأسواق الدولية، فأي ميزةتجارية يمنحها بلد لبلد آخر يستفيد منها -دون مطالبة- باقي الدول الأعضاء.
2.مبدأ الشفافية: يقصدبهذا المبدأ الاعتماد على التعريفة الجمركية وليس على القيود الكمية (التي تفتقرإلى الشفافية) أي أن تكون التعريفة محددة على الكيف إذا اقتضت الضرورة تقييمالتجارة الدولية، وبذلك ينبغي على الدول التي يتحتم عليها حماية الصناعة الوطنية،أو علاج العجز في ميزان المدفوعات أن تلجأ لسياسة الأسعار والتعريفة الجمركية معالابتعاد عن القيود الكمية مثل: الحصص (حصص الاستيراد). ويرجع ذلك إلى أنه في ظلقيود الأسعار يمكن بسهولة تحديد حجم الحماية أو الدعم الممنوح للمنتج المحلي.
3.مبدأ المفاوضاتالتجارية: وهذا المبدأ معناه اعتبار منظمة التجارة العالمية هي الإطارالتفاوضي المناسب لتنفيذ الأحكام أو تسوية المنازعات.
4.مبدأ المعاملة التجارية التفضيلية: أيمنح الدول النامية علاقات تجارية تفضيلية مع الدول المتقدمة، وذلك بهدف دعم خططالدول النامية في التنمية الاقتصادية وزيادة حصيلتها من العملات الأجنبية.
5.مبدأالتبادلية: يقضي هذا المبدأ بضرورة قيام الدول الأعضاء بالاتفاقية بتحريرالتجارة الدولية من القيود أو تخفيضها، ولكن في إطار مفاوضات متعددة الأطراف تقومعلى أساس التبادلية؛ بمعنى أن كل تخفيف في الحواجز الجمركية أو غير الجمركية لدولةما، لا بد وأن يقابله تخفيف معادل في القيمة من الجانب الآخر حتى تتعادل الفوائدالتي تحصل عليها كل دولة وما تصل إليه المفاوضات في هذا الصدد، ويصبح ملزمًا لكلالدول، ولا يجوز بعده إجراء أي تعديل جديد إلا بمفاوضات جديدة.أهداف المنظمة
الهدف الرئيسي للمنظمة هو تحقيقحرية التجارة الدولية، وذلك بالقضاء على صورة المعاملة التمييزية فيما يتعلقبانسياب التجارة الدولية، وإزالة كافة القيود والعوائق والحواجز التي من شأنها أنتمنع تدفق حركة التجارة عبر الدول.
أما الأهداف الأخرى فتتمثل فيما يلي:
- رفع مستوى المعيشةللدول الأعضاء .
- السعي نحو تحقيق مستويات التوظف (التشغيل كامل) للدولالأعضاء.
- تنشيط الطلب الفعال.
- رفع مستوى الدخل القومي الحقيقي.
- الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية العالمية.
- تشجيع حركة الإنتاج ورؤوسالأموال والاستثمارات.
- سهولة الوصول للأسواق ومصادر الموارد الأولية.
- خفض الحواجز الكمية والجمركية لزيادة حجم التجارة الدولية.
- إقرار المفاوضاتكأساس لحل المفاوضات المتعلقة بالتجارة الدولية. الهيكل الأساسي للمنظمة
يتشكل هيكل منظمة التجارة الدوليةمن عدد من الأجهزة وهي:-
1.المؤتمر الوزاري: ويتكون من جميع الدول الأعضاء (على مستوىوزراء التجارة الخارجية) ويعقد اجتماعًا كل عامين. ويتمتع بسلطة اتخاذ القراراتالمتعلقة باتفاقيات تحرير التجارة بما في ذلك قيود بنود الاتفاقية.
2.المجلس العام: ويتكونمن ممثلين من كافة الدول الأعضاء، ويتولى مسئوليات المؤتمر الوزاري فيما بين دوراتانعقاده، ويقوم بوضع القواعد التنظيمية واللوائح الإجرائية الخاصة به وبعمل اللجانالمختلفة. كما يتولى مسئولية وضع الترتيبات اللازمة مع المنظمات الحكومية الدوليةالأخرى والتي تضطلع بمسئوليات متداخلة مع تلك الخاصة بمنظمة التجارة العالمية.
3.جهاز تسوية المنازعات:وهو أحد الأجهزة الرئيسية التي تشمل ولايته كافة مجالات السلع والخدماتوالملكية الفكرية بشكل متكامل.
4.آلية مواجهة السياسات التجارية: وهي المنوطة بمراجعة السياساتالتجارية الدولية للدول الأعضاء وفقا للفترات الزمنية المحددة بنص الاتفاق، وتتراوحبين عامين للدول المتقدمة، وأربعة أعوام للدول النامية، وستة أعوام للدول الأقلنموًا.
5.المجالس النوعيةبالمنظمة: وهي مجلس لشئون تجارة البضائع، ومجلس لشئون تجارة الخدمات ومجلسلشئون جوانب التجارة المتصلة بحقوق الملكية، و على كل مجلس من هذه المجالس أن يشرفعلى تطبيق الاتفاقيات الخاصة به، وعضوية هذه المجالس، التي تعقد عند الضرورة،مفتوحة أمام ممثلي الدول الأعضاء بالمنظمة.
6.أمانة المنظمة: وهي هيئة داخلالمنظمة يقوم المدير العام للمنظمة بتعيين موظفيها وتحديد واجباتهم وشروط خدمتهموفقًا للأنظمة التي يعتمدها المجلس الوزاري.
اتخاذالقرارات وعضوية المنظمةيتم اتخاذالقرارات في المنظمة بالأغلبية المطلقة للمصوتين، ولكل عضو في اجتماعات المؤتمرالوزاري و المجلس العام صوت واحد.
أما بالنسبةلعضوية المنظمة، فهي تكون للدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، وعلى الدولالمنضمة للمنظمة الالتزام بكل الاتفاقيات التي تم إبرامها منذ عام1947 و حتى تحولالجات إلى منظمة التجارة العالمية في عام 1995.
غير أن الانضمام إلى المنظمة لا يعني التطبيق الفوري لكلالاتفاقيات وإنما يتم ذلك تدريجيًا على ألا تزيد فترة التطبيق عن عام 2005.
تسبق العضوية مفاوضات بين المنظمة والدولةالراغبة في العضوية يتم فيها تحديد مجالات تحرير التجارة التي ستلتزم بها الدولة وذلك وفقًا لمستوى النمو الاقتصادي لهذه الدولة .
ويلاحظ انه ليس هناك إجبار للدولة على دخول المنظمة، فالعضويةتكتسب بشكل تطوعي وتخضع لمدى رؤية الدولة لاستفادتها من عدمها من الانضمام للمنظمة، إلا أنه واقعيا لا يمكن لأي دولة أن تظل خارج منظوم الاقتصاد العالمي.
وهناك إحدى عشر دولة عربية منضمة للمنظمة حالياوهي البحرين وجيبوتي ومصر والأردن والكويت وموريتانيا والمغرب وعمان وقطر والإماراتوتونس إضافة إلى أربع دول في طريقها للانضمام هي الجزائر السودان و سورية والسعودية.