تنويع الحلول المصرفية لمواجهة تباين متطلبات العملاء
أدى تعدُّد المنتجات المطروحة إلى منح المصارف الإسلامية ميزة إضافية، ومع تنوُّع حاجيات العملاء بات لزاماً على المؤسسات المالية الإسلامية أن تقدم حلولاً مصرفية تناسب كل الفئات المستهدفة وتلبي رغباتها وحاجياتها. وطرحت بعض المصارف منتجات مثل بطاقات الائتمان التي زودتها بمزايا عدة تشمل تقديم الخدمات بكل أنواعها بما في ذلك خدمات الطوارئ الطبية والقانونية وحماية المشتريات إضافة إلى خدمات تأمين السفر المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وفي هذا الإطار أطلق بنك دبي الإسلامي محفظة لإدارة الأصول، ويرتكز المنتج على أداء محفظة متنوعة من صناديق التحوُّط وذلك بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية ومقتضياتها. ويوفر المنتج الجديد فرصة استثمار فريدة بحيث يدير هذه المحفظة ابرز مديري صناديق التحوط من المؤسسات حول العالم وذلك مع الحفاظ على معدل تقلب في الأسعار تحت مستوى 9%.
وتمت الموافقة على هذا المنتج من قبل هيئة الفتوى والرقابة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، وتقوم الهيئة بالرقابة المستمرة على عملية الاستثمار في المنتج. ويُعد هذا المنتج المرتبط بسلة صناديق تحوط هو الأول من نوعه في العالم وهو يعكس حرص البنك على ابتكار وتطوير حلول استثمارية متوافقة مع الشريعة من جهة وتلبي احتياجات كل شرائح المستثمرين من المؤسسات والأفراد في السوق المحلي والإقليمي والعالمي من جهة أخرى.
وهو يُعد من الحلول المالية المبتكرة التي تم تطويرها من قبل دوتشيه بنك وجولدمان ساكس. وترتكز هذه المحفظة على خطة استثمارية متنوعة، فهي تأخذ بالاعتبار الاستراتيجيات الاستثمارية المعتمدة من قبل عدد من صناديق التحوط.
كما أطلق البنك صندوقاً قيمته 47 مليون دولار للاستثمار في قطاع التجزئة العقاري في الولايات المتحدة الأميركية. ويستهدف الصندوق الاستثمار في ثمانية عقارات في الولايات المتحدة الأميركية حيث تبلغ مدة الاستثمار خمس سنوات وذلك بما يتوافق مع مقتضيات الشريعة الإسلامية وأحكامها.
ويتبع الصندوق أداة الإجارة الإسلامية ويوزع أرباحاً نصف سنوية بعائد متوقع يصل إلى نسبة 25, 8% سنوياً. وتقع الممتلكات التي يستثمر فيها الصندوق في مناطق مختلفة في السوق الأميركي وتتميز بتنوعها من حيث التوزيع الجغرافي.
كما ان المناطق التي تقع فيها هذه الممتلكات تتمتع بالعديد من الخصائص الإيجابية لناحية الاتجاهات الديموغرافية، والسكانية، والدخل المرتفع للأسر القاطنة فيها، وثبات العوائد الناتجة عن استئجار هذه العقارات، ونمو سوق التجزئة في القطاع العقاري الأميركي.
ويأتي هذا المنتج الجديد للاستثمار في القطاع العقاري في الولايات المتحدة الأميركية في أعقاب إطلاق منتج استثماري في قطاع المياه. ويؤكد ذلك على النمو الكبير والسريع الذي يحققه بنك دبي الإسلامي في مجال إدارة الثروات حيث أصبح البنك يوفر مجموعة واسعة ومتنوعة من المنتجات الاستثمارية التي تلبي جميع متطلبات المتعاملين.
ووفقاً لتصريحات سابقة أدلى بها مسؤولون في بنك دبي الإسلامي، فإن هذا الصندوق يُعد أداة استثمارية ممتازة لناحية توفير دخل ثابت وبما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، ذلك أنه من المعلوم أن الدخل الثابت الذي يمكن أن تحققه الأصول بالتوافق مع الشريعة قد يكون محدوداً جداً.
صناديق التحوُّط تثير جدلاً واسعاً
يدور جدل كبير حول صناديق التحوُّط الإسلامية، وعلى الرغم من أن عدد تلك الصناديق لم يتجاوز الأربعة على المستوى العالمي حتى الآن، إلا أن الملاحظ أنها أثارت خلافات واضحة بين الخبراء والمشرّعين. ويجيء معظم الجدل انطلاقاً من طبيعة الصناديق التحوُّطية بشكلها التقليدي حيث تُعتبر بمثابة أوعية للمضاربات على العملات وأسعار الأسهم.
وفيما يرى البعض أنها ومثلها مثل سياسة البيع على المكشوف تُعتبر غير شرعية من المنظور الإسلامي، يقول آخرون إن سياسات صناديق التحوُّط تقدم إمكانيات كبيرة للتمويل الإسلامي الذي يعاني من نقص في أدوات إدارة المخاطر وبخاصة المخاطر طويلة الأجل.
وقالوا إن العديد من سياسات التحوُّط تستمد من الرغبة في تقليل المخاطر وهو ما يتفق مع جوهر تحريم المقامرة في الإسلام. مشيرين إلى أمثلة مثل سعي المزارعين لخفض تعرضهم لتقلبات أسعار السلع. ويقول أنصار سياسات التحوُّط إن قدرة التمويل الإسلامي على توفير تمويل عقاري بفائدة ثابتة ووثائق تأمين على الحياة ومشروعات طويلة الأجل للبنية الأساسية تتعطل بعدم قدرته على إدارة المخاطر طويلة الأجل.
ويرون أن عمليات التحوُّط هذه ستوفر القدرة على إدارة المخاطر بشكل جيد، فلا يمكن ترك الاستثمارات معرضة للخطر. وصناديق التحوط تعتمد أساساً على فكرة توفير عائدات يُطلق عليها (ألفا) تفوق العائدات المتحققة في السوق. ويقول أحد الخبراء: «طالما تلتزم بتعاليم الشريعة ولديك هياكل وأدوات تتفق مع الشريعة فليس هناك ما يمنع ظهور صناديق تحوط متفقة مع الشريعة».
وتسعى الصناديق إلى وضع سياسات مماثلة لسياسات صناديق التحوط ولكن بشكل يضمن الحصول على فتوى باتفاقها مع الشريعة. ووصف مايكل جاسنر مستشار التمويل الإسلامي على موقع الانترنت هياكل الصفقات التي تصيغها صناديق التحوط في مجموعة معقدة من الخطوات للحصول على فتوى باتفاقها مع الشريعة.
لكن أحمد عباس من مركز إدارة السيولة المالية في البحرين انتقد مثل هذه الآليات باعتبارها مخالفة لروح الشريعة. وقال إنه لا يعنيه اتخاذ 20 خطوة إسلامية من أجل البيع على المكشوف فلا يمكن لأحد بيع ما ليس ملكه. وأضاف ان العمل المصرفي الإسلامي لا يتعلق بإضفاء الطابع الإسلامي على ما هو غير إسلامي.
وجاء في تقرير لمجموعة «كي.إم.بي.جي» للخدمات المهنية أن العديد من المشرّعين والمراقبين الماليين في العالم لا يزالون لا يفرقون بين المنتجات المالية الإسلامية والتقليدية، رغم أن المؤسسات الإسلامية تتبع نموذجاً مالياً مختلفاً.
وتتطلب معايير بازل من المصارف تغييراً في المفاهيم الإدارية، وإعادة صياغة الاستراتيجيات على صعيد مجالس إدارة، ما يعني تطور في العقلية المهنية ووضع مواثيق داخلية تصهر المؤسسة المالية في وحدة متكاملة هدفها السعي باستمرار للحفاظ على استمرارية نوعية، ضمن القطاع المالي، عبر المحافظة على نسب نمو ثابتة ومتواصلة.
وفي الجانب الآخر، أصبحت المصارف في بحثها عن معدلات مرتفعة من الربحية، عرضة للعديد من المخاطر التي قد تنشأ من البيئة الخارجية والعوامل الداخلية التي تعمل بها، وفي ظل تصاعد المخاطر، كان التفكير في البحث عن آليات لمواجهتها، بهدف استعادة ثقة المودعين والتي تزعزعت بعد الأزمات التي عصفت بعدة مصارف دولية، فتشكلت لجنة بازل للرقابة المصرفية، والتي أصبحت معياراً دولياً للدلالة على مكانة المركز المالي للمصرف، وتقوي ثقة المودعين فيه من منظور تعميق ملاءة البنك.
ولا يخلو العمل المصرفي من المخاطر التي تطرح تحدياً للمؤسسات المالية وللسلطات الرقابية على حد سواء، ولكن وفي إطار العولمة، وجدت المصارف نفسها أمام واقع يأخذ بعين الاعتبار تثقيلات المخاطر في العمليات الاستثمارية. كما ان المصارف الإسلامية عرضة للكثير من المخاطر التي قد تتماثل بعض الشيء مع المخاطر التي تواجها المصارف التقليدية، تبعاً لنوع المنتج وطبيعته، ولأنواع العقود.
وفي إطار التطورات التي تشهدها الأسواق المالية العالمية، ومع تزايد المنافسة، ارتفعت وتيرة المخاطر على مصارفنا، حيث الخدمات المصرفية الإسلامية هي من أكثر القطاعات نمواً في الصناعة المصرفية في الشرق الأوسط، وبفعل معدلات النمو، والعائد المرتفع الذي يقارب نسبة 15%، شكلت عامل جذب للمصارف التقليدية، وللمنافسة أصبحت المصارف التقليدية تفتح فروعا لها تعنى بالنظام الإسلامي بهدف جذب أموال المودعين، والإشكالية ربما تبررها الشفافية.
ففي نهاية الفترة المالية على المصرف أن يقدم نتائجه المجمعة بما في ذلك كل الخدمات والمنتجات، والمنتجات الإسلامية جزء منها. وبترك الموضوع للمشرع، هناك مجموعة متنوعة من الأنشطة يمكن أن تعمل من خلالها المصارف الإسلامية وبطرق مختلفة تمكنها من تقديم الأموال ويتم تكييفها لتلائم المبادئ التي تنظم العمل المصرفي الإسلامي ومن أهمها مبدأ المشاركة في المخاطر. ولذلك هناك حاجة ملحة لتحديد وقياس وإدارة ومراقبة مثل هذه المخاطر الخاصة والحد منها في حدود طاقة وكفاية رأس المال.
كسب ولاء المتعاملين عبر وسائل عصرية
يرى الخبراء ان نجاح المصارف الاسلامية في تقديم خدمات تمويلية واستثمارية مرنة وقابلة للتعديل، يعد مفتاح الولوج الى باب المنافسة في ظل تعقد العمل المصرفي وتعدد قنواته على المستويين الاسلامي والتقليدي. وتتوافر بالدولة العديد من المقومات التي تساعد المصارف الاسلامية المحلية على تحقيق انطلاقة قوية تعزز من مكانتها المالية والتنافسية وتؤدي بالتالي الى كسب المزيد من قواعد العملاء.
وانطلاقاً من ذلك المفهوم ادخلت تلك المصارف خدمات متعددة شملت التمويل العقاري مستفيدة من الطفرة الكبيرة في قطاع الانشاءات بإمارات الدولة ومدنها المختلفة، كما أدخلت ايضاً أنواعاً أخرى من التمويل غير التقليدي الذي يشمل الدراسة والعلاج والعطلات الخارجية وكافة الاحتياجات والمتطلبات الشخصية.
وعلى مستوى الشركات والهيئات التجارية اكتسبت المصارف الاسلامية سمعة طيبة من خلال تقديم خدمات مضمونة تشمل المرابحة والمتاجرة وغيرها من الوسائل وتوفر العديد من المصارف الاسلامية خدمات تستوعب العديد من الأدوات المصرفية للمساعدة في تمويل وشراء الأصول وغيرها من الخدمات التي تصمم حسب الظروف المطلوبة.
ويستفيد عملاء المصارف الاسلامية كذلك من تسهيلات السداد المرنة والخيارات التي تتيح تقليل المخاطر وتعزيز السيولة النقدية وتخفيف الضغوط على رأس المال والأعباء المالية المترتبة على القروض.
مشكلات هيكلية بحاجة لحلول ناجعة
تواجه المصارف الإسلامية مشكلات هيكلية عديدة، فحتى الآن لا توجد دراسات دقيقة وشاملة حول المسائل المتعارفة مثل استخدام نسب امكانية التعثر والخسائر التي تترتب على هذا الجانب، اضافة الى استخلاص نسب رؤوس الأموال التي تتناسب مع الوضعية الخاصة للمنتج الاسلامي، وهذه المشكلات لا تواجهها المصارف التقليدية إلا نادراً فهي تعتمد استراتيجية التسليف والائتمان المفتوح لتحصيل عائدات اكبر.
وعلى الرغم من ان بعض المصارف الاسلامية تسعى لتقديم خدمات موازية للمنتجات التقليدية مع اختلاف الأسماء والتعابير، إلا أنه لا توجد حتى الآن أسس محددة تحكم حالات الفشل، فعلى سبيل المثال هناك منتجات لا يترتب عليها عائد محدد مسبق وهي تخضع لمعايير الربح والخسارة مما يصعب عملية التعامل مع الحلول في الحالات المتعارفة مثل التعثر وغيرها.
ومع توسع اعمال التمويل اثير جدل كبير حول مبدأ تجنب الفوائد والانعكاسات المترتبة على ذلك، اضافة الى طبيعة العلاقة مع القوانين واللوائح الدولية حيث ان تلك المصارف لا تعمل بشكل منفصل بل ضمن شبكات محلية واقليمية وعالمية.
وهناك امر آخر لايزال يحير خبراء العمل المصرفي الاسلامي ويشرح آراءهم حول طبيعة العلاقة بين المصرف والعميل في بعض الحالات المحددة، وما إذا كانت تلك العلاقة يجب ان تكون علاقة ممول بمستثمر او عميل أم انها تتخطى هذا النطاق لتتحول الى علاقة شراكة تحمل في طياتها كافة المؤثرات والسلبيات والإيجابيات.
ويربط بعض الخبراء حلول تلك المشكلات بالجوانب التشريعية في المقام الأول وهي تخضع أحياناً لتباينات في الأداء، إضافة الى ربطها بعملية التصنيف والإدارة والأسس التي يعمل وفقها المصرف في المقام الثاني. ونظراً للطبيعة التي تقوم عليها منتجات محدودة مثل الإجازة أو المرابحة فإنه يصعب وضع أطر ومعايير محددة تحمي رأس المال المستثمر.
ففي بعض الحالات يترك المستأجر الأصل أو يهمله ويتسبب بذلك في مخاطر مالية مباشرة، كما ان الكثير من منتجات المرابحة الاسلامية لا تخضع لعمليات التأمين التقليدية مما يولد ايضاً مشكلات في التعامل مع حالات التلف والسرقة وغيرها. وتجسد الأمثلة السابقة جزءا يسيرا من المخاطر التشغيلية التي تواجهها المصارف الاسلامية.
نقلاً عن جريدة البيان الإماراتية - تاريخ النشر : 30 / 6 / 2007م .
كوالالمبور - رويترز:
قالت هيئة الأوراق المالية الماليزية أمس إن الصناديق الإسلامية التي توزع من خلال مركز دبي المالي ستكون أول صناديق أجنبية تطرح مباشرة للمواطنين في ماليزيا بموجب قواعد جديدة يبدأ سريانها في أول يوليو·
وقالت الهيئة إنه يتعين في الوقت الحالي على المستثمرين الراغبين في الاستثمار في صناديق أجنبية أن يوجهوا أموالهم من خلال صندوق خاص في ماليزيا· إلا أن القواعد الجديدة التي تهدف الى تيسير تسويق الصناديق الأجنبية ستغير ذلك· ووقعت السلطات في ماليزيا ودبي اتفاقا في 27 مارس يسمح بطرح الصناديق الاسلامية المعتمدة لدى أي منهما في أسواق الاخرى· وقالت الهيئة الماليزية في بيان إن مركز دبي المالي العالمي هو أول مركز مالي أجنبي تعتمده ماليزيا·
.