منتدى التمويل الإسلامي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى التمويل الإسلامي

يهتم هذا المنتدى بالدرجة الأولى بعرض مساهمات الباحثين في مختلف مجالات العلوم الاقتصادية، كما يركز على الاقتصاد الإسلامي، و هو موجه للباحثين في الاقتصاد و الطلبة و المبتدئين و الراغبين في التعرف على الاقتصاد و الاقتصاد الإسلامي....مرحباً بالجميع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ظاهرة التكتلات الاقتصادية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ch.ch
مشرف
مشرف
ch.ch


عدد الرسائل : 2822
تاريخ التسجيل : 23/12/2007

ظاهرة التكتلات الاقتصادية Empty
مُساهمةموضوع: ظاهرة التكتلات الاقتصادية   ظاهرة التكتلات الاقتصادية Emptyالأربعاء 19 مارس - 19:00


  • ظاهرة التكتلات الاقتصادية



    الأستاذ فهيم

    المقدمة:
    يعيش عالم اليوم متغيرات عديدة تستوجب من الدول النامية النظر مرة أخرى في مسارها التنموي، حيث أصبح من المستحيل أن تحقق دولة ما متطلباتها التنموية بجهد منفرد دون أن تلجأ إلى غيرها من الدول لتبادل وتقاسم المنافع المشتركة، كما أن هذه المتغيرات العالمية المتلاحقة لا تخلو من بعض المخاطر والمخاوف ولا تستطيع الدولة بمفردها تحمل تلك المخاطر، بل إن المخاطر تقل كلما كان التعاون هو السائد بين الدول. لذا نجد التوجه الدولي نحو الإقليمية يتزايد يوما بعد يوم، وأصبحت الدول الكبرى تلوذ بمحيطها الإقليمي وتوسعه. حيث نجد الولايات المتحدة تنشئ منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (النافتا)، وتدعو لإنشاء منطقة تجارة حرة للأمريكيتين، وتجعل من المحيط الباسيفيكي امتداداً إقليميا لها من أجل الدخول في تكتل مع بعض الدول الآسيوية وأستراليا. وفي أوروبا بعد تحقيق الحلم الأوروبي الكبير والعمل على ضم كل الدول الأوروبية-شرقية وغربية-بدأ الكلام عن "مبادرة العمالقة" عبر الأطلسي بين الأوروبيين والأمريكيين. ولم يقتصر هذا التوجه المتزايد نحو الإقليمية على هاتين القارتين بل تعدى إلى آسيا وأخيرا إلى أف


    يعتبر التكامل الإقليمي بين الدول النامية جانباً-من جوانب عديدة-يدخل في استراتيجية التنمية، إذ يستحيل تحقيق تنمية مستقلة-في مواجهة نظام دولي يرفض هذا التوجه بإمكانية قطرية فردية. ومن هذا المنطلق استمدت فكرة التكامل شرعيتها ومبرراتها حتى غدت توجها عالميا لا يخص الدول النامية بقدر ما يخص الدول المتقدمة.
    ولم يكن التكامل الاقتصادي مفهوما سهل التحديد فقد اختلف الكتاب الاقتصاديون على تحديد مفهوم متفق عليه بخصوصه، ودون أن ندخل في جدلية تحديد مفهومه نأخذ أحد تلك التعاريف، والذي يرى أن مصطلح التكامل يعني "قيام مجموعة من المفردات بالتجمع في كيان واحداً"(1) وينطوي هذا التعريف على ستة أبعاد يمكن تلخيصها فيما يلي:
    *
    البعد الأول:يتعلق بطبيعة المفردات التي يجري التكامل بينها.
    *
    البعد الثاني:ينصب على نوع النشاط الذي يجري التكامل بشأنه من بين أوجه نشاط هذه المفردات.
    *
    البعد الثالث:يرتبط بما سبق وهو إمكانية تعدد صيغ التكامل مع اختلاف المفردات ونشاطاتها.
    * البعد الرابع:أن هذا التوجه يتخذ صفة الديمومة، وهو ما يميزه عن ترتيبات مؤقتة تنتهي في أجل محدود.
    *
    البعد الخامس:هو أن التكامل يتحقق بتراضي الأطراف المعنية، وبالتالي فهو لا يشمل حالات الضم بالقوة .
    *
    البعد السادس:هو أنه لابد من شعور المفردات بجدوي التكامل في تحقيق غاياتها بشكل أفضل من ذلك الذي توفره الأسس البديلة لتنظيم العلاقات فيما بينها.

    وقد تكون المفردات المشمولة بالتكامل هي المنشآت الإنتاجية العاملة في قطاع معين أو في عدد معين من القطاعات الواقعة في نطاق جغرافي معين داخل الدولة، وقد يمتد ليشمل أوجها مختلفة من النشاط الاقتصادي لأقطار مختلفة، أو يتسع ليشمل مجمل النشاط الاقتصادي فيها. وإذا كانت هذه الدول تقع ضمن إقليم واحد فإننا نكون بصدد تكامل إقليمي يمكن أن يقود إلى وحدة سياسية تشمل مختلف أوجه الحياة الإنسانية (اقتصادية، وثقافية، وسياسية)، فإذا اقتصر الأمر على بناء وحدة اقتصادية بين دول الإقليم فإننا نكون بصدد تكامل اقتصادي قد يكون مقصوداً بحد ذاته أو باعتباره خطوة إلى اندماج في اقتصاد أكثر شمولية منه (إقليمي أو عالمي)، وقد يكون مرحلة تستهدف تعزيز الحركة نحو وحدة سياسية.

    ولعل كل ماسبق يقودنا إلى القول إن التكامل الاقتصادي هو عملية سياسية واقتصادية مستمرة باتجاه إقامة علاقات اندماجية متكافئة لخلق مصالح اقتصادية متبادلة وتحقيق عوائد مشتركة مناسبة من خلال الاستغلال المشترك لإمكانيات وموارد الأطراف المساهمة بغية خلق مزيد من التداخل بين الهياكلها الاقتصادية لصالح تعزيز تنميتها-محليا إقليميا-وبلوغ درجة من الاندماج فيما بينها تصل في صورتها المثلي إلى الوحدة الاقتصادية وتكوين كيان اقتصادي واحد يسعى إلى أهداف اقتصادية معينة.

    إن التكامل ليس مجرد ظاهرة اقتصادية عرفها الاقتصاد الدولي بقدر ما هو توجه أصيل ودائم تسعى إليه دول العالم باختلاف مراحل تطورها وحجم مواردها وتباين دوافعها. وتهدف التكتلات الاقتصادية إلى أهداف عديدة-ليست بالضرورة كلها اقتصادية-بل قد تكون سياسية واجتماعية وعسكرية. ويمكن أن نوجز أهم تلك الأهداف في(2):
    1.
    الحصول على مزايا الإنتاج الكبير: حيث إن اتساع حجم السوق يشجع على توجيه الاستثمارات توجيها اقتصاديا سليما، وإعادة تكوين الحركة الحرة للسلع ورأس المال والعمل من دولة إلى أخرى من خلال إزالة العوائق التي تحول دون ذلك.
    2.
    تيسير الاستفادة من مهارات الفنيين والأيدي العاملة بصورة أفضل على نطاق واسع، حيث من المفروض أن التكتل يؤدي إلى تقسيم العمل الفني والوظيفي.
    3
    . تسهيل عملية التنمية الاقتصادية:حيث إن هذه العملية تصبح أسهل وأيسر بعد قيام التكتل، إذ إن الاستفادة من اتساع السوق ووفرة عنصر العمل تؤدي إلى خلق فرص جديدة تعمل على النهوض بالإنتاج والاستثمار والدخل والتشغيل.
    4.
    كما أن التكتل الاقتصادي يؤدي إلى تنويع الإنتاج بطريقة اقتصادية، وهذا قد يحمي اقتصادات الدول الأعضاء من بعض الانتكاسات والتقلبات والسياسات الأجنبية.
    5.
    رفع مستوى رفاهية المواطنين، حيث يفترض أن التكامل الاقتصادي يمكن المستهلكين من الحصول على السلع الاستهلاكية بأقل الأسعار الممكنة نظراً إلى إزالة الرسوم الجمركية من ناحية وإلى تخفيض تكاليف الإنتاج الناتجة عن توسيع رقعة السوق من ناحية أخرى.
    6.
    التقليل من الاعتماد على الخارج وهذا مايؤدي إلى محدودية التأثر بالتقلبات الاقتصادية والسياسية التي تحدث في المجتمعات خارج هذه المنطقة، خصوصا إذا كان العمل التكاملي قد وصل إلى مرحلة متقدمة-اتحاد جمركي على الأقل-حيث يحل التبادل الاقتصادي داخل المنطقة التكاملية محل الانفتاح على العالم الخارجي نتيجة وجود الحواجز الجمركية وغيرها من السياسات المالية والنقدية التي تحد من حرية الانفتاح على الخارج.



    أما مقومات الاقتصادية التي تعتبر ضرورية لقيام أي تكامل ناجح فيمكن إيجازها في

    * توفر الموارد الطبيعية:

    وهو عامل أساسي لنجاح التكامل، حيث إن عدم توفر الموارد الطبيعية بشكل كاف لدى بعض الدول قد يعتبر حافزا على دخولها في تكامل مع غيرها من الدول التي تتوفر على مثل تلك الموارد محاولة الاستفادة من وفرة الموارد الطبيعية التي قد تنجم عن التكامل الاقتصادي. فمثلا قد تكون بعض الدول تتوفر لديها إمكانيات زراعية واسعة تمكنها من زيادة الإنتاج الزراعي وتطويره، في حين تتوفر لدى البعض الآخر ثروات معدنية يمكن أن تشكل أساسا لتطوير الصناعة، وقد يكون للبعض الآخر مناخ ملائم يجعله بلداً سياحياً...الخ، وعند قيام التكامل بين هذه الدول-تكامل لموارد-فإنه يخلق جوا يمكن من توسيع الإنتاج من السلع والخدمات ويؤدي إلى تطوير النشاط الاقتصادي عموما، والتكامل في هذا المجال يستند إلى مبدأ التخصص وتقسيم العمل الذي يسمح بوفرات الإنتاج والحجم الكبير على أساس الميزات النسبية التي تتمتع بها كل دولة من الدول المتكاملة.
    وفي هذا المجال ينبغي أن نشير إلى أن مسألة التماثل والاختلاف في نوع الموارد أمر نسبي، فعلى سبيل المثال قد تكون منطقة ما متماثلة في الموارد بوصفها منطقة موارد طبيعية-مثل منطقة أفريقيا أو الوطن العربي– بينما تكون منطقة أخرى ذات موارد بشرية-مثل منطقة جنوب وجنوب شرق آسيا-،وفي المنطقة الأولى يمكن التمييز بين منطقة موارد زراعية ومائية ومنطقة موارد طبيعية غير زراعية، وفي إطار هذه الأخيرة يمكن التمييز بين منطقة موارد معدنية ومنطقة موارد نفطية وهكذا

    * توفر عناصر الإنتاج اللازمة للعملية الإنتاجية:

    ويبرز هذا الجانب أهمية عنصر العمل الاختصاصي والفني الماهر لأهميته بالنسبة للعملية الإنتاجية وتحقيق الكفاءة فيها، حيث إن هذا العنصر ضروري لنجاح التكامل-كما أن التكامل يعمل على تنميته-خاصة في ظل التطور التكنولوجي والحجم الكبير حيث تبرز أهمية العمل المتخصص والفني كمتطلب أساسي لا غنى لتحقيق الكفاءة المثلي للموارد المستخدمة ولأداء النشاطات الاقتصادية عموما بالشكل الذي تتحقق معه زيادة لإنتاجية وتحسين كفاءة الأداء.
    *
    توفر البنية الأساسية:وقصد بها الطرق ووسائل النقل والاتصال...الخ إذ يبرز هذا المقوم كعنصر هام في نجاح أي تكامل اقتصادي، لأنه حتى في ظل توفر حرية انتقال السلع والخدمات وعناصر الإنتاج فإن مدى التكامل وفاعليته تبقى محدودة مادامت الدول

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com/forum.htm
ch.ch
مشرف
مشرف
ch.ch


عدد الرسائل : 2822
تاريخ التسجيل : 23/12/2007

ظاهرة التكتلات الاقتصادية Empty
مُساهمةموضوع: رد: ظاهرة التكتلات الاقتصادية   ظاهرة التكتلات الاقتصادية Emptyالأربعاء 19 مارس - 19:00

المتكاملة افتقرت إلى طرق ووسائل نقل بينها، لأن محدودية هذه الوسائل تؤدي إلى ضعف مدى الاستفادة من مزايا التخصص وتقسيم العمل بين الدول والقائمة على التكاليف النسبية في الإنتاج، بحيث تؤدى إضافة كلفة النقل المرتفعة إلى ارتفاع أسعار بعض السلع مما يؤثر في قدرتها التنافسية أمام سلع أخرى قد تكون أقل كفاءة إنتاجية، وهذا معناه تضرر المنتج الكفء لمصلحة المنتج غير الكفء نتيجة تكاليف النقل المرتفعة. كما أن ضعف وسائل الاتصال عبر قنواتها العديدة السلكية واللاسلكية يجد من إمكانية التعرف على الأسواق الذي يشكل الأساس الذي يتم الاستناد إليه في انتقال وحركة عناصر الإنتاج والسلع والخدمات، وهو بدوره ما يؤدي إلى الحد من الاستفادة من مزايا التخصص وتقسيم العمل.

لعل ما سبق من ذكر المقومات الأساسية للتكامل الاقتصادي يثير أمامنا تساؤلا أساسياً يدور حول سبل نجاح مشروع تكاملي في القارة الأفريقية على الأقل من باب إمكانية توفر تلك المقومات من عدمه. ومع أن هذا التساؤل ليس الرئيسي في هذه الدراسة فإن الإحاطة به ضرورية لتدعم الإجابة عن التساؤل الرئيسي للدراسة المتمثل في مدى تأثير تنامي ظاهرة التكتلات الاقتصادية في قيام الاتحاد الأفريقي كمشروع تكاملي برز إلى الوجود-مؤخرا-في ظل زحمة التوجه إلى تلك التكتلات. وهذه الأسئلة وغيرها سنناقشها في المحاور اللاحقة من هذه الدراسة .

أولا-واقع وآفاق ظاهرة التكتلات الاقتصادية:

1. ظروف نشأة التكتلات الاقتصادية
:

لقد كان لإنتهاء الحرب الباردة في النصف الأول من التسعينيات وما رافقها من تحركات على الصعيد العالمي-تهدف إلى إعادة رسم خريطة العالم الاقتصادية والسياسية وصياغة نسق العلاقات الدولية في إطار ما يسمى بالنظام الدولي الجديد-أثر واضح على المستوى العالمي، وتختلف طبيعة هذا الأثر حسب ما إذا كانت الدولة نامية أم صناعية. ومن أهم تلك المتغيرات التي أثرت في العالم أجمع ما شهده العالم يوم الخامس عشرة من أبريل سنة 1994حيث تم التوقيع من طرف مائة وإحدى عشر دولة على اتفاقية "مراكش" لإنشاء منظمة التجارة العالمية إيذانا لوضع معالم التنظيم الدولي للتجارة وتدويل الحياة الاقتصادية أو ما يسمى بالعولمة التي إلى جانب وجهها الاقتصادي لها أوجه أخرى سياسية، وثقافية وحتى اجتماعية(5). وهذه العولمة-حسب رؤية بعض الكتاب-ليست إلا "مرحلة من مراحل تطور الرأسمالية تتميز بالانتقال التدريجي من الاقتصاد الدولي-الذي تتكون خلاياه القاعدية من اقتصادات متمحورة على الذات ومتنافسة-إلى الاقتصاد العالمي القائم على أنظمة إنتاجية كونية...وإدارة اقتصادية شديدة للعلاقات الاقتصادية العالمية


إن العولمة إذاً تهدف إلى جعل الاقتصاد العالمي مترابطا ومتشابكا وذلك من خلال اندماج الأسواق العالمية في حقول التجارة والاستثمار المباشر وانتقال الأموال والقوى العاملة والتكنولوجيا ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق، وهذا مايؤدى إلى خضوع العالم لقوى السوق العالمية ومايصاحبها من اختراق للحدود القومية وانحسار كبير في سيادة الدولة عائد إلى أن مقومات السيادة الاقتصادية أصبحت عالمية بدلا من مقومات السيادة الاقتصادية الوطنية. وتختلف العولمة بهذا المفهوم عن مفهوم الاقتصاد الدولي "العالمية" الذي يركز على العلاقات الاقتصادية بين الدول ذات السيادة، أي أن الدولة تشكل العنصر الأساسي في مفهوم العالمية في الاقتصاد الدولي في حين أن الشركات عابرة القوميات تشكل العنصر الأساسي في مفهوم العولمة(7).
ويتجلي دور الشركات عابرة القوميات من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر، وتوزيع العملية الإنتاجية وتكاملها، إضافة إلى دورها البارز في إشاعة نمط استهلاك محدد وثقافة استهلاكية موحدة على صعيد العالم مستخدمة في ذلك سيطرتها على مؤسسات الاتصال والإعلام والإعلان العملاقة. وعن حجم وعدد هذه الشركات يفيد تقرير الاستثمار في العالم أنه حدث توسع هائل في عدد هذه الشركات خلال السنوات الأخيرة، حيث ارتفع من 7000 شركة سنة 1970 إلى 37000 شركة تعمل من خلال 200 ألف فرع في مختلف أنحاء العالم عام 1995، ثم إلى 65000 شركة سنة 2000 ومايقارب 85000 شركة منتسبة لها موزعة على مختلف أنحاء العالم. وقد تضاعفت مبيعات هذه الشركات أكثر من مرتين بين عامي 1970 و1992 فزادت من 2,4 تريليون دولار إلى 5,5 تريليون دولار، وتجاوزت القوة المالية للعديد من هذه الشركات القوة الاقتصادية للعديد من الدول. وإذا نظرنا إلى التوزيع الجغرافي لهذه الشركات نجد أن 418 شركة عابرة للقوميات من أصل 500 شركة هي الأكبر في العالم توجد مقارها الرسمية في واحدة من 18 دولة عضواً في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (
OECD)(*)، مع العلم أن هذه المنظمة تمثل أساساً الدول الرأسمالية الأكثر أهمية على مستوى العالم. كما أن الأغلبية الساحقة لمقار الشركات متعددة الجنسية موزعة تقريبا بين ثالوث جغرافي: الولايات المتحدة الأمريكية 153 شركة، الاتحاد الأوروبي 155شركة، واليابان 141 شركة، ومن المعرف أن هذه الدول كلها دول صناعية كبرى
إن العرض السابق لظروف النظام العالمي التي تبين مدى سيطرة الرأسمالية العالمية على الساحة الاقتصادية من خلال النمو المتسارع لظاهرة العولمة وبروز معظم تجلياتها من خلال هيمنة الشركات عابرة القوميات على النشاط الاقتصادي العالمي، والعمل على ترسيخ ذلك وإضفاء الشرعية عليه من خلال المصادقة على اتفاقية التجارة الدولية، كل ذلك جعل الدول-في مختلف أنحاء العالم المتقدم منه والنامي-تفكر بل تعمل على خلق إطار خاص للتعاملات الاقتصادية خاصة التجارية منها على شكل تكتلات اقتصادية معظمها على أساس إقليمي. ومع أن التوجه إلى التكتلات الاقتصادية ظاهرة قديمة، فإن تنامي هذه الظاهرة بالشكل المشهود حاليا هو الجديد في المسألة، ومن المعتقد أن سببه يرجع إلى ظروف الاقتصاد الدولي الحالي التي سبقت الإشارة إليها. وفي النقطة الموالية سنناقش واقع هذه التكتلات الآن ومدى تناميها عالمياً.

ثانياً-تنامي التوجه إلى التكتلات الاقتصادية وآفاقه المستقبلية:

لاتعد ظاهرة التكتلات الاقتصادية ظاهرة حديثة، بل ترجع-على الأقل-إلى بداية القرن العشرين وبالتحديد بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن الجديد في الموضوع هو تنامي وسرعة التوجه إلى إنشاء هذه التكتلات أو الدخول فيها خصوصا من قبل الدول المتقدمة. حيث يمكن القول إن تنامي هذه الظاهرة في العقد الأخير من القرن العشرين جعل منها سمة أساسية من سيم النظام الاقتصادي العالمي الجديد، ويعتقد البعض أن جذور الظاهرة ترجع إلى التغيرات التي اعترت الوضع الاقتصادي العالمي في السبعينيات التي تمثلت في انهيار نظام ابريتون وودز لأسعار الصرف الثابتة للعملات، والتحول إلى نظام أسعار الصرف العائمة وما صاحب ذلك من ارتفاع أسعار الطاقة وتقلبات حادة في أسعار العملات الرئيسية وبلوغ أزمة المديونية الخارجية ذروتها في بداية الثمانينيات، الأمر الذي أدى إلى ظهور موجة جديدة من السياسات الحمائية في الدول الصناعية مما أثر سلبا في حرية التجارة والتدفقات السلعية خاصة بالنسبة لصادرات الدول النامية إلى الأسواق العالمية.
إضافة إلى كل ما سبق فإن انهيار الشيوعية وتزايد الدول المطبقة لنظام الاقتصاد الحر أدياهما الآخران إلى التفكير في تكوين تكتلات اقتصادية وبشكل أكبر وعلى نطاق أوسع، فظهرت في أمريكا اللاتينية تجمعات كالسوق الجنوبي (ميركوسور) والسوق الكاريبي (كاريكوم)، وتجمع الأندين، وفي آسيا تجمع الآسيان لدول جنوب شرق آسيا،وتجمع السارك لدول جنوب آسيا، وفي أفريقيا السوق المشتركة لجنوب وشرق أفريقيا، وتجمع الجنوب الأفريقي للتعاون والتنمية والجماعة الاقتصادية لغرب أفريقيا. مع العلم بأن بعض هذه التكتلات أنشئ في وقت سابق على الانهيار الشيوعي.
ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى هذا التوجّه الجديد نحو التكتلات الاقتصادية-في صفوف الدول النامية بالذات-تكمن فيما شهدته السنوات الأخيرة من عقد الثمانينيات وأول التسعينيات من اتجاه واضح نحو مزيد من التكتل الاقتصادي بين مجموعات الدول المتقدمة بعد أن حل التحدي الاقتصادي محل التحدي الأمني والإيديولوجي فتوصلت دول السوق الأوروبية المشتركة إلى معاهدة ماسترخيت في سنة 1991 التي تم بموجبها تحول السوق إلى اتحاد أوروبي، ثم ما لبثت الولايات المتحدة الأمريكية أن أعلنت في عام 1992 إنشاء منظمة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية
NAFTA، وفي نفس الاتجاه ونحو المزيد من التكتل الاقتصادي ظهرت تكتلات عملاقة: كالتجمع الكبير الذي يضم معظم دول آسيا والباسيفيكي APEC.
وفي ظل هذه التوجهات وغيرها تحول ميدان الصراع بين القوى الكبرى في العالم-في وقتنا الحالي-إلى ميدان اقتصادي أساساً وبرزت التكتلات الاقتصادية لتكون ظاهرة العصر، ومهما تباينت دوافع إنشائها فإن مجرد بروزها بهذا الزخم على صعيد العلاقات الاقتصادية الدولية يؤكد قوة العوامل التي دفعت إلى وجودها. ويمكن تلخيص أهم الملامح والمضامين التي ميزت هذه الظاهرة في
* من حيث طبيعتها فإنها تأتي تجسيداً للحصول على تحولات هيكلية جذرية في البناء الاقتصادي الدولي بما فيه إعادة توزيع الأدوار والمواقع النسبية للمشاركين فيه وبالتالي تأثيره في العلاقات الاقتصادية التي تنتج عنه.
* من حيث شموليتها فإنها تغطى أهم المشاركين في الاقتصاد الدولي، بل تتعدى ذلك لتشمل غيرهم في مختلف أنحاء العالم مما يجعلها ظاهرة دولية في أبعد حدودها.
* ومن حيث أبعادها فإنها ظاهرة اقتصادية في منطقها سياسية واستراتيجية في ترابط واتصال حلقاتها.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com/forum.htm
ch.ch
مشرف
مشرف
ch.ch


عدد الرسائل : 2822
تاريخ التسجيل : 23/12/2007

ظاهرة التكتلات الاقتصادية Empty
مُساهمةموضوع: رد: ظاهرة التكتلات الاقتصادية   ظاهرة التكتلات الاقتصادية Emptyالأربعاء 19 مارس - 19:01

وبهذا يبدو العالم-من خلال هذه التكتلات الجديدة-أكثر ديناميكية من أي وقت مضى في عصر يصعب فيه التمييز بين ما هو اقتصادي وماهو سياسي. ولمزيد من التفصيل سنلقي الضوء بإيجاز على أهم تلك التكتلات الكبيرة والحديثة النشأة كالاتحاد الأوروبي والنافتا، والآسيان، والأبيك.

1
.التكتل الاقتصادي الأوروبي:

تعتبر الاتحاد الأوروبي من أكبر التكتلات الاقتصادية في العالم وأكثرها اكتمالا من حيث البني والهياكل التكاملية، ومن حيث الاستمرار في استكمال المسيرة التكاملية. فلا يكاد يمر حدث على المستوى الأوروبي إلا ويؤكد أن المسيرة الأوروبية كانت ولا تزال مسيرة عدة دول خلفت وراءها نزاعات تاريخية مريرة، وتجتمع الآن حسب ماتمليه مصالحها المادية المتفاوتة ويتحول الاتحاد الأوروبي بهذا المنظور إلى مجموعة دولية إقليمية بزعامة مهيمنة تتباين بصددها التنبؤات. ومن حيث الإمكانيات فإن هذا التكتل يهيمن تجاريا على أكثر من ثلث التجارة العالمية، حيث يحقق حجم تجارة خارجية يصل في المتوسط إلى حوالي 150 مليار دولار، وهو بذلك يفوق تجمع النافتا. كما يصل الدخل القومي لهذا التكتل إلى مايزيد على 7 آلاف مليار دولار وهو أكبر دخل قومي في العالم، كما أنه يعتبر أضخم سوق اقتصادي داخلي حيث بلغ عدد سكانه 380 مليون نسمة وبمتوسطات دخل فردي مرتفعة نسبيا
ويلاحظ أن التكتل الاقتصادي الأوروبي يتخذ استراتيجية هجومية تجاه الاقتصاد العالمي ويسعى بكل قوة إلى أن يكون على رأس الشكل الهرمي للنظام الاقتصادي العالمي الجديد في القرن الحادي والعشرين، ويمكن أن نلتمس ذلك بجلاء من خلال تفحص أهداف هذا التكتل التي وإن كانت تركز على تقوية الهياكل والبنى الاقتصادية للاتحاد ،إلا أنها تنص بشكل واضح على سعي الاتحاد إلى دخول القرن الحادي والعشرين بصورة تسمح له بأن يلعب دوراً أكثر فاعلية في كافة المجالات الاقتصادية بل وحتى السياسية. وهذا ما يدعم فرضية الترابط بين ظاهرة تنامي التكتلات الاقتصادية وما يشهده العالم من عولمة اقتصادية على جميع الأصعدة.

2
. التكتل الاقتصادي لأمريكا الشمالية(NAFTA)

تعتبر مصادقة الكونغرس الأمريكي في 17 .11. 1993 على اتفاقية منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية هي البداية لإنشاء هذا التكتل-مع أن سريان الاتفاقية لم يبدأ إلا في أول يناير 1994-الذي يضم كلا من الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وهو كما يفهم من الاتفاقية المنشئة له مفتوح أمام باقي الدول الأمريكية بما في ذلك بعض دول أمريكا اللاتينية التي قد تنضم إليه في المستقبل.
وعن حجم وإمكانيات هذا التكتل-وبالرغم من أنه لايضم إلا ثلاث دول كبيرة-فإنه يمثل أكبر منطقة تجارة حرة في العالم تقريبا بحجم اقتصاد يقارب 7 تريليونات دولار عند النشأة، وعدد منتجين ومستهلكين يناهز 360 مليون نسمة، كما يصل الناتج المحلي الإجمالي له إلى 670 مليار دولار، وحجم التجارة الخارجية له إلى 1017 مليار دولار عام 1991، ناهيك عن الإمكانات التي تتمتع بها الولايات المتحدة الأمريكية من مستويات تكنولوجية وصناعات متقدمة وثروات طبيعية وقدرات مالية هائلة
وإذا تفحصنا أهداف هذا الاتحاد نجدها لا تختلف كثيراً عن أهداف الاتحاد الأوروبي، فهي بعد تحقيق اقتصاد قوي للدول الأعضاء تعطي كل أولوياتها للقدرة على منافسة التكتلات الاقتصادية الأخرى الصاعدة على المستوى العالمي وبالخصوص الاتحاد الأوروبي، محاولة حجز مكان اقتصادي يناسب المكان المعتبر لهذه الكتلة وبالخصوص الولايات المتحدة الأمريكية.

3
. التكتل الاقتصادي الآسيوي:

لاتزال آسيا إحدى الساحات الهامة في العالم التي من المنتظر أن تشكل تكتلا اقتصاديا عملاقا يضاهي تكتل الاتحاد الأوروبي أو النافتا، خاصة إذا ما نظرنا إلى الدولتين القويتين في المنطقة (اليابان، والصين).وحتى الآن يمكن تمييز محورين للتكتل الاقتصادي في منطقة شرق وغرب الباسيفيكي:
*
المحور الأول:يتمثل في رابطة جنوب شرق آسيا المعروفة باسم الآسيان(
ASEAN)
*المحور الثاني:يتمثل في جماعة التعاون الاقتصادي لآسيا الباسيفيكية والمعروفة باسم (APEC).
أ. رابطة جنوب شرق آسيا ASEAN)):يتكون تكتل الآسيان هذا من 6 دول هي:تايلاند، سنغافورة، ماليزيا، بروتاي، إندونيسيا، الفلبين. وقد أنشئ هذا التكتل 1967 وكان هدفه آنذاك أن يكون حلفا سياسياً مضاداً للشيوعية، إلا أن القلق المشترك الذي ساد مختلف دول المجموعة نتيجة الأضرار التي لحقت بهم جراء الإجراءات الحمائية المتبعة من قبل الولايات المتحدة وأوروبا تجاه صادرات تلك الدول جعلها تركز على التعاون الاقتصادي فيما بينها. وهكذا طرح رئيس وزراء ماليزيا في سنة 1990 فكرة إنشاء تكتل اقتصادي تجاري بين دول الرابطة (الآسيان)، وقد أرسى هذا التكتل خطوة هامة على طريق تأسيس جبهة منظمة-مضادة للتكتلات الاقتصادية الأخرى-في جنوب شرق آسيا. ومع محدودية النمو في التعاون الاقتصادي وتكامل الأسواق بين دول التكتل فإنه أصبح من الملاحظ أن دوره في التجارة الدولية يتزايد باستمرار، فبعد أن كانت صادرات المجموعة لاتمثل إلا حوالي1. 3%من إجمالي الصادرات العالمية، وحوالي 3. 11%
من إجمالي صادرات الدول النامية فقد وصلت هذه الصادرات إلى 2. 5%من إجمالي الصادرات العالمية، وحوالي 8 .16%من إجمالي صادرات الدول النامية
ب. جماعة التعاون الاقتصادي لآسيا الباسيفيكية (APEC):
وتتكون هذه المجموعة من 18 دولة على رأسها اليابان والصين واستراليا والولايات وكندا والمكسيك ونيوزيلندة وكوريا الجنوبية، ودول رابطة الآسيان. وقد جاء إنشاء هذا التجمع الاقتصادي العملاق كرد فعل على إعلان قيام أوروبا الموحدة عام 1992. وتأتي الخطوات المتلاحقة لتطوير هذا المنتدى الاقتصادي وتحويله إلى تكتل اقتصادي فعلى من الرغبة المشتركة لكل من اليابان والولايات المتحدة وإدراكهما أن هذه الخطوة تحقق مكاسب للجميع. ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لهذا التجمع حوالي 13 تويليون دولار وهو ما يمثل نصف الناتج القومي الإجمالي العالمي، فضلا عن سيطرته على حوالي 50% من التجارة العالمية
إن نجاح مثل هذا التكتل العملاق يتوقف على قدرة اليابان على تفهم طبيعة الدول الآسيوية الأخرى التي تأبى الهيمنة والسيطرة والاستقلال، فإذا نجحت اليابان في فهم هذه الدول إضافة إلى تقديمها مساعدات اقتصادية لدول تلك المنطقة ومساهمتها في حل مشاكلها، كل ذلك يجعل من اليابان قوة اقتصادية تقود تكتلا اقتصاديا في جنوب شرق آسيا يكون من أكبر التكتلات التي تؤثر في مستقبل الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين.

إن هذه التكتلات الاقتصادية الكبيرة- التي وصل البعض منها إلى الأطوار الأخيرة من الاكتمال والنضج-تقودها الدول المتقدمة كما هو ملاحظ في كل من أوروبا و أمريكا وآسيا، ولذلك سيزداد تأثيرها في الاقتصاد العالمي مع مرور الزمن، وقد تنحصر المنافسة في إطار هذه التكتلات وهذا ما سيؤثر بقوة في النظام الاقتصادي وفي حجم المكاسب وشكل تكوينها.
كان ذلك عن التكتلات الاقتصادية في الدول المتقدمة وقد يتضح من العرض السابق لها كيف أنها تنمو بسرعة وأن الدول المتقدمة تتهافت للدخول فيها وبأكبر نصيب، أما فيما يخص التكتلات الاقتصادية في الدول النامية فمازالت أوزانها ضعيفة وتحتاج إلى المزيد من العمل والتنسيق، مع أن الكثير منها مات واختفى في طور النشأة. ويظل السؤال المطروح: ما هو دور هذا التوجه العالمي نحو إقامة التكتلات اقتصادية إقليمية على قيام تكتلات اقتصادية إقليمية في العالم الثالث أليس من الأولى بالدول النامية أن تعطى الأولوية لتلك التكتلات؟ بوصفها أقصر طريق إلى التنمية خصوصا في عصر العولمة الاقتصادية وأدواتها الشرسة على الاقتصادات الضعيفة؟.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com/forum.htm
 
ظاهرة التكتلات الاقتصادية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دراسة علمية اقتصادية:افضل وسيلة لمواجهة التكتلات الاقتصادية
» مفهوم الفقر
» اسيا و ظاهرة البنوك الاسلامية
» ظاهرة المصارف الإسلامية تجتاح الخليج
» الدورات الاقتصادية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التمويل الإسلامي :: قسم علوم التسيير (علوم الإدارة) :: مدخل للإقتصاد-
انتقل الى: