رابعا : مبادئ التخطيط
يجب أن يتوفر للتخطيط بعض المبادئ العامة لكي يكون جيدا ومن هذه المبادئ نذكــر ما يلي:
1. الإسهام في الأهداف: إن الهدف الرئيسي لكل خطة رئيسية أو فرعية وهي تسهيل الوصول إلى الأهداف المنظمة ويعتمد ذلك على الطبيعة الهيكلية للمنظمات فالهدف الرئيسي يتحدد للمنظمة ككل، أما الأهداف الفرعية فتتحدد لكل وحدة ولكل فرع وكل قسم وكل إدارة ،وكل وحدة أو قسم له دوره في انجاز الأهداف الرئيسية للمنظمة
2. أولوية التخطيط : التخطيط هو الوظيفة الإدارية الأولى وتسبق ما عداها من الوظائف الإدارية بالرغم من تداخل هذه الأخيرة في الواقع فإن وظيفة التخطيط تتميز عن غيرها لأنها تحدد الأهداف لكل الجهود. بالإضافة إلى ذلك فإن الخطط لابد من وضعها أولا، قبل تحديد هيكل العلاقات والمؤهلات المطلوبة للأفراد، والطرق التي يجب أن توجه إليها جهود الأفراد والمعايير التي تستخدم في الرقابة، فضلا عن ذلك لابد من تخطيط كل الوظائف الإدارية وذلك وحده يعطي الأولوية للتخطيط، ورغم أن التخطيط والرقابة توأمان، إلا أن التخطيط لابد أن يأتي قبل الرقابة، لأن الرقابة هي التحقق من أن الأداء يتم وفقا للمعايير أو الخطط، فإن لم يكن هناك خطط أو معايير فإن الرقابة لن تجد ما تتحققمنه
3. شمولية التخطيط : التخطيط وظيفة كل مدير، بصرف النظر عن مستواه التنظيمي وبصرف النظر عن طبيعة النشاط الذي يديره، فالمدير العام يقوم بالتخطيط شأنه في ذلك شأن رئيس العمال ولكن بينما يقوم الأول بالتخطيط الشامل للمنظمة ويقوم بتحديد الاستراتجيات اللازمة لبلوغ الأهداف العامة، فإن رئيس العمال يقوم بتحديد البرامج العمل اليومي اللازمة لبلوغ الأهداف التشغيلية، وكذلك فإن التخطيط يقوم به مدير المنظمة الصغيرة وكذلك مدير المنظمة الكبيرة
4. استمرارية التخطيط: التخطيط من الوظائف المستمرة طوال حياة المنظمة، فالمنظمات تعمل في ظروف غير ساكنة وتتسم بالتغير والديناميكية فالتغيرات التكنولوجية والاقتصادية والسياسية تتطلب دوام الاستعداد ومواجهتها ولا يمكن مواجهتها إلا بالتخطيط، كذلك فإن الظروف التي أخذت في الاعتبار عند وضع الخطط السابقة قد تتغير، وذلك يتطلب استمرار التخطيط بالمراجعة وتقديم الخطط البديلة لمواجهة المواقف الجديدة
5. فعالية التخطيط : تقاس فعالية التخطيط بالقدر الذي يسهم به في إنجاز الأهداف بعد استبعاد التكاليف وغيرها من النفقات المطلوبة لتكوينها وتشغيلها والخطة قد تسهم في تحقيق الأهداف ولكن عند مستويات غير مقبولة من التكليف، ومعنى ذلك أن فعالية الخطة تقاس باحتساب نسبة المدخلات إلى المخرجات بل إنها تذهب إلى ابعد من ذلك إذ يدخل في الحسبان أيضا الأمور الأخرى غير القابلة للقياس كالقيم والرضا - رضا الإفراد والجماعات- ومدى المساهمة في تحقيق رغبات المجتمع
6. مرونة التخطيط: بصفة عامة يجب أن تكون الخطة مرنة وهذه المرونة ضرورية بصفة خاصة للتخطيط طويل الأجل.
فالتغيرات في الأهداف أو الاستراتجيات، يجب أن تتم بالتوازي مع التغيرات البيئية والفرص الجديدة .
7. سرية التخطيط: يجب أن تحاط الخطة بالسرية بحيث لا تتوافر محتوياتها إلى الأفراد الذين يحتاجون إليها.
الفرع الخامس: خطوات التخطيط:
رغم اختلاف الخطط في المدى الزمني الذي تغطيه أو المدى النوعي أو التنظيمي فإن المخطط عليه إتباع عددا من الخطوات نتعرض لها فيما يلي:
1. الاعتراف بوجود الفرصة: إن الاعتراف بوجود فرصة يمكن استغلالها هيالخطوة المبدئية في عملية التخطيط ،وهي تعني التطلع إلى المستقبل وربط المستقبل بالأماني والرغبات المطلوبة، والفرصة قد تكون تقديم سلعة جديدة أو تعديل في السلعة القائمة، أو الوصول إلى أسواق جديدة أو استخدام طريقة تضيع جديدة أو إنشاء وحدة جديدة، وبعد الاعتراف بوجود هذه الفرصة يجب دراستها بوضوح ومن كل جوانبها ويتطلب ذلك تحليل وتقييم الموقف الحالي للمنظمة، وتحديد نقاط القوة ونقاط الضعف فيها، ودرجة اليقين في الوصول إليها بحيث يتبين ما يمكن أن نحصل عليه وما يمكن التضحية به وإذا تم الاعتراف الكامل بهذه الفرصة وبأبعادها يمكن وضع الأهداف الواقعة للوصول إليها.
2. وضع أو تحديد الأهداف: يعتبر تحديد الأهداف الخطوة الأولى في عملية التخطيط ، ويتم تحديد الأهداف للمنظمة ككل ثم لكل وحدة من وحداتها، والأهداف التي تعكس النتائج المتوقعة، الغايات التي يهدف إليها النشاط، كما تبين الراحل التي يجب التركيز عليها، وما يجب أن تتضمنه الإستراتجية والسياسات والإجراءات والقواعد والميزانيات والبرامج، ويجب أن توضح الأهداف الموضوعة اتجاهات الخطط الأخرى وتبيين الأهداف المنشقة للإدارات الأخرى وكلما تزايدت درجة الوضوح والواقعية في الأهداف الرئيسية ، كلما كانت الأهداف المنشقة أكثر وضوحا وأسهل تحديد وقابلة للتنفيذ.
وتحديد الأهداف الرئيسية والمشتقة يساعد على توجيه الجهود الجماعية ولذلك يجب التنسيق بين الأهداف الفرعية، وتخليصها من التضارب والتعارض، بحيث يتحقق التكامل والتوحيد والتوافق في تصرفات المنظمة ككل.
3. وضع المقدمات الافتراضية: إن الخطوة التالية من خطوات التخطيط هي الاتفاق على تحديد واستخدام المقدمات التخطيطية وهي تعتمد على المعلومات والظروف التي تواجهها وعلى السياسات الرئيسية التي يمكن تطبيقها وعلى إمكانيات الخطط المستخدمة والوقت الحاضر، والمقدمات هي افتراضات أولية على البيئة التي تستعمل فيلاها الخطط في المســـــتقبل وكلــــما تزايد عدد الإفـــراد الــمــشاركين فـــي التخـطــيط وتزايـد اتفاقـهم على استـخدام مقدمـات افتراضـية موحـدة، كلما تزايـد التنسـيق في وضـع الخـطط. والمقدمات من الأمور الضرورية للتنبؤ لأنها تجيب على التساؤلات بشأن مكان الأسواق وأنواع المنتجات وحجم المبيعات المتوقعة والتكاليف التي تتحملها المنشأة ومصادر الأموال التي تلجأ إليها.
4. تحديد البدائل: إن الخطوة التالية في عملية التخطيط هي البحث واختيار البدائل من التصرفات وخاصة التي لا تظهر مباشرة، فلا يوجد خطة يمكن الوصول إليها بطريقة واحدة بل هناك بدائل مختلفة للوصول إليها، والأكثر من ذلك أن بعض البدائل غير واضحة أو ظاهرة قد تكون أحسن البدائل لتحقيق الأهداف والمشكلة الرئيسية ليست هي إيجاد البدائل ولكن في تخفيض عددها أي حصر أهم الطرق المتاحة للوصول إلى الأهداف وذلك تمهيدا لتقويمها واختيار أنيسها ومن ثم المفاضلة مع مراعاة الظروف المحيطية.
5. تقييم البدائل: بعد أن يتم تحديد البدائل فإن الخطوة التالية هي تقييم هذه البدائل، فليس كل البدائل لها نفس مستوى الجاذبية، وإنما تختلف كل منها في مزاياها وعيوبها، ففي هذه الخطوة يتم تقييم كل بديل على ضوء الأهداف والمقدمات.
6. اختيار البديل: إن الخطوة التالية في عملية التخطيط هي الاختيار، فهذه المرحلة هي في الواقع مرحلة اتخاذ القرار، وقد يظهر التحليل والتقييم جاذبية عدة بدائل، وعلى الإدارة أن تختار من بينها فقد تقرر الإدارة اختيار بديل أو أكثر من البدائل المعروضة.
7. صياغة الخطط الفرعية: لا تقف عملية التخطيط على اختيار البديل أو البدائل لأن الخطة المختارة لابد من مساندتها بخطط تكميلية أو فرعية أو مساندة، تساعد هذه الخطط المؤسسة على سد الثغرة بين ما تريده من جهة وما هي عليه من جهة أخرى أي مساندة الخطة الرئيسية.
8. ترجمة الخطط إلى تقديرات كمية: تعتبر هذه الخطوة الأخيرة شديدة الأهمية، لأنها تعني ترجمة الخطط إلى أرقام، فهي تشكل أساسا موضوعيا لعمليات المتابعة والقياس وبالتالي الرقابة.
سادسا: مزايا وقيود التخطيط
I. مزايا التخطيط:
إن المزايا الرئيسية للتخطيط هي المساعدة على توحيد الجهود الجماعية ومواجهة التغييرات وحشد الموارد واتخاذ القرارات والاتصال والتنظيم والرقابة وسوف نتعرض لهذه المزايا كما يلي:
1. توحيد الجهود: يحدد التخطيط الأنشط اللازمة لبلوغ الأهداف وهو بذلك يساعد كل فرد أو جماعة بالمنظمة على معرفة ما تسعى إليه. كما أن وضع السياسات المختلفة والقواعد يوحد الجهود ويرشد ما عند لاتخاذ القرارات. وإذا تم التخطيط بطريقة ديمقراطية فإنه يضمن خلق روح التعاون بين الأفراد.
2. الاستعداد لمواجهة التغيير: يتطلب التخطيط النظر إلى المستقبل لاكتشاف الفرص ومواجهة مشاكل استغلالها. فهو يجبر الإدارة على التنبؤ ووضع مقدمات الافتراضات لما يمكن أن يواجه المنظمة من العقبات وبالتالي يساعد على مواجهة التغيير ويجعلها على استعداد لمواجهته. قبل أن يصبح الوقت متأخرا.
3. حشد الموارد: يتوافر لكل منظمة قدرا محدودا من الموارد النادرة يجب استغلالها بفاعلية، ويعمل التخطيط على حشد هذه الموارد والإمكانيات المتاحة سواءا كانت المالية أو البشرية واستغلالها استغلالا يؤدي إلى بلوغ الأهداف وبذلك يساعد على تحقيق الفعالية عن طريق تركيز الجهود على الأنشطة الهادفة.
4. المساعدة في اتخاذ القرارات: يوفر التخطيط ايطارا عاما لاتخاذ القرارات في كل أنحاء المنظمة، فاتخاذ القرارات في غياب التخطيط يؤدي إلى نتائج غير مثالية بالإضافة على ذلك فإن التخطيط يساعد على اختبار القدرات الفكرية للإداريين في كل مستويات المنظمة ويقودهم إلى اتخاذ قرارات أفضل من تلك التي قد يتخذونها في غياب التخطيط.
5. المساعدة في الاتصال: يساعد التخطيط على زيادة فعالية الاتصال لان التخطيط يعتمد علي الانسياب المنتظم للمعلومات من خارج المنظمة في داخلها وبذلك يعمل على إيجاد القنوات الاتصالية المتعددة في كل الاتجاهات.
6. المساعدة في التنظيم: يساعد التخطيط على بناء الهيكل التنظيمي لأن التخطيط يقوم بتحديد الأهداف المتوقعة و يبين الإمكانيات اللازمة لبلوغها كما أن تحديد واجبات كل إدارة وكل مركز في تنفيذ الخطة يساعد على تحديد المسؤوليات عن الانحراف حتى يمكن محاسبة المسؤولين عنها.
7. المساعدة في الرقابة : يساعد التخطيط على القيام بالرقابة بطريقة فعالة لان التخطيط يؤدي إلى تحديد الأهداف والمعايير، وهذا التحديد إلى جانب الالتزام بكيف ومتى وأين ومن يقوم بتحقيق هذه الأهداف وهو الدعامة اللازمة لتقييم الأداء .
II. قيود التخطيط : رغم المزايا التي يقدمها التخطيط في مجالات متعددة، إلا انه لا يخلو من النقائص ولكن المزايا الناتجة عن التخطيط تفوق النقائص التي يعاني منها، وحتى يمكن معالجة هذه النقائص لابد أن نتعرض ونتعرف على صعوبات وقيود التخطيط .
فما هي القيود التي يتم التخطيط في حدودها؟
1. الافتراضات والمعلومات: يتأثر التخطيط بسلامة ودقة المعلومات التي تعتمد عليها الخطط، فالظروف البيئية لا يمكن الرقابة عليها، والتنبؤات لم ترق بعد إلى مستويات الدقة الكاملة وصعوبة الرقابة على البيئة وانخفاض الثقة في التنبؤات قد يؤدي إلى فشل الخطط.
2. الحواجز السيكولوجية: يؤدي التخطيط إلى أثار نفسية على الأفراد العاملين في المنظمات لأنه يضيف قيودا جديدة إلى التغيير الذي يتعرضون له، وبالتالي يخلق حالة عدم الاستقرار والمقاومة بين الوحدات التنظيمية التي قد تتأثر بالتغيير.
3. تجاهل المبادأة الفردية: يؤدي التخطيط إلى تجاهل المبادرات الفردية لأنه لا يشجع على الابتكار وتشجيع التصرفات الخلاقة، طالما أنها غير مدرجة بالخطط.
4. التأخير في اتخاذ القرارات: يؤدي التخطيط إلى التأخير في اتخاذ القرارات الضرورية واللازمة لمواجهة حالات الطوارئ ومعالجة الأزمات لم تكن متوقعة.
5. ارتفاع التكاليف: يقول البعض أن التخطيط مرتفع التكاليف ويهدر الطاقة الإدارية والتي يمكن استخدامها بطريقة أكثر فعالية لتحقيق الأهداف. فالتخطيط بأعباء تكاليفه لإجراء التنبؤات والحصول على المعلومات ووضع الخطط واستخدام المتخصصين وهذه الأعباء لا تقوى عليها سوا المنظمات الكبيرة.