ch.amel عضو مميز
عدد الرسائل : 97 Localisation : الشلف تاريخ التسجيل : 24/02/2008
| موضوع: أداب المجلس الخميس 19 يونيو - 21:46 | |
| آداب المجلس
لا بد للإنسان في حياته اليومية من مخالطة الناس ومعاملتهم، ومجالستهم في مجالس عامة أو خاصة، ومن خلال هذه المجالس يمكن الحكم على المتجالسين، وبما ينفضون عن مجلسهم من نتائج وثمرات يمكن الاعتداد بهذا المجلس والإفتخار بحضوره، أو الإعراض عنه وتجنب خطره وفساده.
والمجالس مجتمعات يحضرها أناس من جميع الطبقات، ويتكلم فيها رجال من كافة المستويات، منهم الغث ومنهم السمين ومنهم المصلح ومنهم المفسد، والمسلم من يستطيع أن يدير دفة المجلس لما فيه من خير المتجالسين في دينهم ودنياهم، ولما فيه رضى الله ورسوله، فإن لم يستطع فالإعراض عن ذلك المجلس هو محض الخير وعين الصواب.
قال تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ النساء 140.
وقد كان الأنبياء والمصلحون يغشون مجالس الناس فيقعدون معهم بتواضع وإخلاص، يأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر، ويذكرونهم بما يصلحهم، ويعظونهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ويرغبونهم بالتقوى والعمل الصالح، ويرهبوهم من الكفر والإثم والمعصية والعدوان.
ولا ينبغي للعالم أو المرشد أن يجالس قوما يخوضون في باطلهم، ويرتكبون الذنوب والآثام، غافلين عن الله، ساهين عن عقابه وانتقامه، مغترين بحلمه وإمهاله، إلا كما يجالس الطبيب المريض، والعالم المعلم الغافل الجاهل، بمقدار الحاجة وبما يحقق الدعوة والإصلاح، كما لا ينبغي للمسلم أن يجلس مجلسا تنتهك فيه حرمات الله، وتدور فيه كؤوس اللهو واللغو والمنكرات، يشاركهم فيها أكلهم وشربهم، وضحكهم وبطالتهم، غير مبال بما ينزل على مجلسهم هذا من غضب الله ومقته..
ويضرب لنا رسول الله مثلا حيا فيقول: لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم وواكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم، وذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، فجلس رسول الله ـ وكان متكئا ـ وقال: لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا ـ أي تعطفوهم عليه ـ. رواه الترمذي عن ابن مسعود.
واليوم قل أن نرى مجلسا يذكر فيه الله والدار الآخرة، بعد أن عمت مجالس الغفلة والمنكرات، وفشت مجالس الغيبة والنميمة والطعن في الأعراض، والإنغماس في المحرمات.
ورب مجلس يقعده المرء مع قوم أشقياء، يصنع لنفسه فيه حلة من الشقاء تلازمه الى يوم القيامة.. ورب مجلس علم أو ذكر أو نصيحة يرتع فيها الإنسان في روضة من رياض الجنة فلا يخرج منها الى يوم القيامة..
وعن الصنف الأول يقول رسول الله : ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة رواه الترمذي عن أبي هريرة.
وعن الصنف الثاني يقول عليه أفضل الصلاة والسلام: ما جلس قوم يذكرون الله تعالى فيقومون حتى يقال لهم: قوموا قد غفر الله لكم ذنوبكم، وبدل سيئاتكم حسنات. رواه الطبراني عن سهل بن حنظلة.
هذا في الحديث عن أنواع المجالس، أما ما يتعلق بآدابها ففيها تنعكس جميع آداب المسلم الإجتماعية، وتتجلى براعته في لفت أنظار الناس، وانتزاع إعجابهم، واكتساب قلوبهم، وذلك بحسن أدبه، وكرم معشره، ودماثة خلقه، ولين جانبه، وطيب كلامه، وبشاشة وجهه.
وقد نبهنا الله تعالى الى شيء من هذه الآداب في كتابه العزبز، فأمر بالتوسع والتفسح في المجالس للقادمين إليها، وإكرامهم وإيثارهم والإحسان إليهم.
| |
|