المشتقات صناعة ملوثة بآثارها السلبية
في أوقات مثل هذه، اترك حيزاً للتفكير في بائعي المشتقات. لقد كان من الواضح منذ فترة من الزمن أن سلعهم يمكن أن تثبت أنها سامة. لكن لا بد أن الأمر مثبط للشياطين التعساء، من حيث إنه في كل مرة تُفتح فيها هوة جديدة في المشهد المالي، تكون المشتقات في أسفلها.
والأكثر وضوحاً، أن الضرر الذي ابتليت به البنوك الاستثمارية كان سببه المشتقات، كما ذكرتنا بذلك الخسائر الإضافية التي تكبدها يو بي إس في الأسبوع الماضي. وهكذا أيضاً، بطبيعة الحال، فعلت قضية سوسيتيه جنرال
وفي الولايات المتحدة، يتقصى مكتب التحقيقات الفيدرالي حالياً في كارثة القروض العقارية ضعيفة الملاءة، بما في ذلك الجزء الذي لعبه تجار المشتقات في وول ستريت
بعيداً عن ذلك، فإن الأزمة المتعمقة في شركات التأمين ذات الخط الواحد، نتجت عن قيام تلك الشركات بضمان المشتقات الائتمانية بدلاً من السندات البلدية الرتيبة التي تم تأسيسها للتعامل معها. وفيما يعد إهانة أخيرة، تجادل دراسة أكاديمية الآن بأن لمقايضات العجز عن سداد القروض تأثيراً في دفع المزيد من الشركات إلى حالة الإفلاس
وسيكون هناك المزيد عن تلك النقطة الأخيرة. لكن أولاً، لاحظ أن العديد من تلك الحالات تنطوي على تهم الاحتيال – الاختلاس- كما يطلق عليه جيه كيه غالبريث.
وكما أشار، فإن الاختلاس يرتفع وينخفض مع الدورة. ويقول: "في الأوقات الجيدة يكون الناس مرتاحين ولديهم ثقة وتكون الأموال وفيرة. لكن هناك دوماً العديد من الأشخاص الذين يريدون المزيد
بالنسبة لأولئك الأشخاص، فإن التعقيد مصدر جاذبية، فهو يعطي نطاقاً أوسع للهروب عندما يتم اكتشاف الأمر. وهناك أشياء قليلة في التمويل أكثر تعقيداً من المشتقات المهيكلة. انظر إلى حقيقة أن مكاتب التداول للبنوك الكبيرة تكتظ بالموظفين إلى حد كبير، من حملة شهادات الدكتوراه في مجال الرياضيات والفيزياء
حذرت سلطة الخدمات المالية في بريطانيا الأسبوع الماضي من أنه ربما يكون هناك المزيد من الاحتيال على الطريق، إما بسبب الأعمال السيئة التي تطفو من أوقات أكثر تساهلاً، أو لأن الأفراد كانوا أكثر اضطراراً الآن لارتكاب الأخطاء بسبب الأسواق الهابطة
ضع رهاناتك على عدد الحالات التي ستنطوي على مشتقات
بحسب دراسة أجرتها جامعة تكساس حول أخطار مقايضات العجز عن سداد القروض، فإن الأمر المحير هو أن تلك الزاوية بدت الأبسط والألطف إلى حد ما من غابة المشتقات الائتمانية. لكن كما اتضح، يمكن أن يكون لها نتائج معاكسة.
في الأيام الخوالي، إذا كنت تملك مائة مليون دولار مستثمرة في سندات شركة ما، كان من مصلحتك إلى حد كبير أن تتفادى الشركة الإفلاس، الذي من شأنه أن يتركك – على سبيل الافتراض – بنحو 40 سنتاً لكل دولار. وفي الوقت الراهن، إذا كان لديك أيضاً مقايضات العجز عن سداد القروض التي تضمن ممتلكاتك برمتها، فإن لديك الحافز كي تصوت لصالح الإفلاس بدلاً من تسوية خارج المحكمة، طالما أن العجز عن السداد سيثير المشتق ويعيد جميع أموالك.
والأسوأ من ذلك، لنفترض أن لديك مقايضات عجز عن سداد القروض بقيمة 200 مليون دولار – أي لديك مائة مليون دولار من الحماية. في تلك الحالة، لديك الحافز للدفع باتجاه ليس الإفلاس فقط، إنما أيضاً نسخة تضع أدنى قيمة ممكنة على سنداتك. فلأجل أن تجمع تلك المائة مليون دولار الإضافية، يجب أن تسلم السندات بالقيمة الاسمية المكافئة. وكلما تمكنت من شراء تلك السندات بسعر أرخص في السوق، أصبح ربحك أكبر
في غضون ذلك، فإن الأطراف المقابلة التي كتبت تلك الحماية، لديها حافز مماثل للتصويت في الاتجاه الآخر. لكن بدلاً من أن يكون لحملة السندات المصالح نفسها التي للشركة – كما في الأيام الخوالي - فأنهم يتقاسمون المصالح الآن مناصفة
لقد انفصلت حقوق السيطرة عن الحقوق الاقتصادية. وحيث لا توجد ضرورة للكشف عن ممتلكات مقايضات العجز عن سداد القروض، لم يعد من الواضح من يملك السيطرة على الكشف المسبق
وكما تقول الدراسة "قبل عقد من الزمن، لم يكن أحد يعتقد أن انفصال الدين يثير مخاوف اقتصادية خطيرة. كانت المزايا واضحة، لكن بعض التكاليف المهمة ليست كذلك". هكذا الأمر.
من شأن كل ذلك أن يثير الأسئلة حول الدور الذي يجب أن تلعبه المشتقات الائتمانية تحديداً حالما تستقر الزوبعة. إن ذلك مهم تحديداً بالنسبة للندن، التي استفادت من كونها عاصمة العالم لتبادل المشتقات الائتمانية، إضافة إلى امتلاكها السمة المريبة لصياغتها جميع الأدوات الاستثمارية المهيكلة في العالم تقريباً
ولفترة من الوقت، كانت الأشكال الأكثر تعقيداً من المشتقات، مثل التزامات الدين المضمونة، عرضة لتهمة تضخيم دورة الائتمان. فهي لا تميل إلى زيادة العرض الائتماني أثناء فترات الارتفاع فقط، إنما أيضاً تملك تأثيراً لا يمكن إنكاره يتمثل في خنق العرض الائتماني أثناء فترات الهبوط. والآن، يبدو أنه حتى الاسم الوحيد المتواضع المتمثل في مقايضات العجز عن سداد القروض، يمكن أن يكون له تأثير مماثل
والحجة المقابلة هي أن المشتقات الائتمانية حديثة للغاية، فهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اختبارها في فترة الهبوط
بعبارة أخرى، تعد تلك مشكلات بسيطة، إذا ما تم النظر إليها على نطاق ضخم إلى حد ما. ربما أن هناك شيئاً ما في ذلك. لكن إذا كان الأمر كذلك، فإن أمام صناعة المشتقات مهمتين يجب أن تنفذهما
أولاً، عليها أن تعمل بجهد أكبر لتذكيرنا بمزايا توزيع مخاطر الائتمان على نطاق أوسع. ثانياً، يجب أن تخرج بحلول للآثار السلبية المدمرة. وفي بعض الحالات على الأقل قد يكون ذلك مجدياً. لكنني شخصياً ما زلت أشك في أن تعود الصناعة كما كانت مرة أخرى على الإطلاق.
http://www.ifwatch.com/ArticlesDetails.asp?Key=38