النظام المالي الإسلامي: ما بعد الربا والزكاة
الأربعاء, 10/03/2007 - 19:12
الكاتب: يوسف الزامل
لا شك أن ركن الزكاة والحرمة الشديدة للربا يمثلان عمودين فقريين للنظام المالي الإسلامي .. ومع ذلك فإن تهميش أدوار الأنظمة المالية الإسلامية الأخرى يظهر الإسلام على أنه نظام مالي جزئي غير مكتمل الأدوار, وبالتالي فلا بد أن يتم إكماله بأنظمة أخرى لمجتمعات وثقافات أجنبية. وفي ظل هذا الوضع يصبح المجتمع الإسلامي معتمدا على نظام مرقع يعمل بكفاءة متدنية وبازدواجية ممقوتة.
ولو افترضنا أن طبقت أحد الاقتصادات الغربية مبدأ الزكاة وحظرت الربا فلا يمكن تصور أن تنجح هاتان الأداتان في تحقيق أي دور في النمو والديناميكية وهما أداتان أجنبيتان لا تندمجان ولا تتفاعلان مع بناء ضخم من الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية الغربية العديدة.
هناك أنظمة مالية إسلامية كثيرة أكدها الإسلام ولا بد من وجودها لتفعيل الاقتصاد الإسلامي. ومما تشتمل عليه مفردات هذه الأنظمة على سبيل المثال الصدقات الواجبة والتطوعية، الإرث والوصية، حقوق الضيافة، حقوق الجيرة، الإحسان إلى ذوي القربى، التكافل الاجتماعي والتعاوني، الهدية والهبة، الوقف والصدقة الجارية.. إلخ.
هذه المفردات من الأنظمة وإن كانت ليست أعمدة فقرية كالزكاة وحظر الربا، إلا أنها في مجموعها ضرورية وتتوازع بينها أركان مهمة للنظام المالي الإسلامي، وبالتالي فلا يمكن تصور نجاحه بتهميش أدوارها أو تفريغ المجتمع الإسلامي منها.
وتتجلى خطورة عدم استكمال ممارسة تطبيق النظام المالي الإسلامي كنظام متكامل بأجزائه كافة في الأوضاع الحالية في العالم الإسلامي من ناحية الاقتصار تقريبا على بضع أدوات من التورق والمرابحة، وبعض التطبيقات من نظام الزكاة في بعض الدول الإسلامية, ونتج من هذا التطبيق الجزئي عدة أمور سلبية منها:
1- الاستعاضة، لاستكمال بناء نظام اقتصادي متكامل، باستيراد سيل مستمر من الأنظمة الغربية الاقتصادية لحل المشكلات المالية وتوفير الأدوات والسياسات المتطلبة لمختلف القضايا.
2- تطبيق أدوات البنوك الإسلامية بشكلية بعيدة عن المقاصد الشرعية ما جعل البنوك الإسلامية كالتقليدية في محدودية أدوارها في التنمية.
3- استمرار معظم اقتصادات العالم الإسلامي في المعاناة من عوائق التنمية واستمرار اعتماد اقتصاداتها في الاعتماد على العالم الغربي بتبعية تقليدية لا تخدم التطور والتنمية, تقوم دول العالم الإسلامي على سبيل المثال، لتوفير الخدمات العامة ولتمويل الفقراء ولسد الفجوات الاجتماعية باستخدام أنظمة ( الضريبة ) و( القروض ) بهياكلها الغربية بشكل واسع لأن الأدوات الأخرى من النظام المالي الإسلامي معطلة أو مهمشة أو مجهولة أو غير مهيأة ( ككثير من أنواع الإنفاق العام الواجبة والمستحبة التي نصت عليها الأدلة في القرآن والسنة ) أو مطبقة جزئيا ( كالزكاة ).
وإذا كانت الرأسمالية تتفاوت أطياف تطبيقاتها كثيرا بين دول العالم الغربي والشرقي تفاوتا عظيما حسب اختلاف فلسفاتها ورؤاها ومصالحها، فلماذا نكره اقتصاداتنا على أنماط محدودة من الأطياف الغربية؟ أهو لنقص قدراتنا على التطوير والاستقلالية وميلنا إلى الاتكالية؟ أم هو لعدم معرفتنا بملكية خصائص وسمات مجتمعنا التي نتميز بها ونعتز بتفوقها – على الأقل لتثمير مصالحنا- كما تتميز المجتمعات والاقتصادات الأخرى بخصائص وسمات تعتز أيضا بها ولا تساوم على تطبيق خططها وسياساتها بما ينطلق منها؟.
ما هو حري بالبنوك المركزية ومؤسسات النقد ووزارات التخطيط في مختلف دول العالم العربي والإسلامي، إذا كانت جادة في تحقيق مسار دينامي كاف من التنمية للحاق بالركب العالمي، أن تعيد تقويم نماذجها التنموية الاقتصادية والتمويلية والبنكية والنقدية لتستجيب لخصائص بلدانها الاجتماعية والثقافية والقيمية ولتساير متطلبات شعوبها التي ترغب في التفاعل التنموي عبر استخدام سياسات ومنتجات وأساليب تعبر عن ثقافاتها وخصوصياتها ومزاياها النسبية الاقتصادية والاجتماعية والقيمية والثقافية التي تتكامل بها وتتبادل مع بقية الحضارات في كوكبنا الأرضي.
Yaz3214@hotmail.com
المصدر: الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد و التمويل
