التأمين من وجهة نظر الشريعة الإسلامية
المبحث الأول:الحكم الشرعي للتأمين بصفة عامة.
المطلب الأول:المؤيدون للتأمين .
من الفقهاء المعاصرين الذين أجازوا التأمين الأستاذ مصطفى احمد الزرقا -رحمه الله- و الشيخ على جمعة مفتي الديار المصرية الحالي و الشيخ عبد الرحمن عيسى و الأستاذ احمد طه السنوسي و الأستاذ ممد بن الحسن الحجوبي الثعالبي و يرتكز هؤلاء المفكرين و من ساندهم في الرأي على استنادات تتلخص في النقاط الآتية :
1. إن الإسلام لم يحصر الناس في أنواع معينة من العقود المعروفة في صدر الإسلام و إنما ترك الباب مفتوحا لابتكار أنواع جديدة من العقود تدعو الحاجة الزمنية إليها ، متى توافرت فيها الشروط اللازمة في النظام التعاقدي في الإسلام كتلك المطلوبة في التراضي و المحل و السبب.
2. إن نظام التأمين هو عملية تتصل بإعمال الناس في معاشهم وقد شرع الإسلام المعاملات الضرورية للعيش و لكل زمان و مكان أنواعه الخاصة من المعاملات و عملية التامين تحقق في عصرنا مصالح اقتصادية كثيرة.
3. إن الإسلام مبني على اليسر لقوله تعالى: « يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر» (الآية 183 من سورة البقرة) و قوله أيضا «و جاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم و ما جعل عليكم في الدين من حرج» (الآية 75 من سورة الحج).
4. التامين على كافة أنواعه ينطبق على فكرة التضامن و التعاون و الإسلام يحث على التعاون على البر لقوله تعالى:"و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان".
المطلب الثاني:المعارضون للتأمين.
من المعارضين لفكرة التأمين محمد أبو زهرة و يؤيده في الرأي الشيخ محمد المطيعي مفتي الديار المصرية سابقا و الشيخ عبد الرحمن قراعة ...و غيرهم كثير من الأساتذة و العلماء في مختلف أنحاء العالم الإسلامي و حججهم في تحريم التامين هي:
1. التأمين من الحرام البين بسبب منافاته لطرق الكسب الطبيعية المعروفة كالبيع و الشراء أو ما يكتسب بالصناعة و الزراعة.
2. عقد التامين لا يدخل في العقود المعروفة في الفقه الإسلامي و ليس له نظير فيها ، و قد وردت هذه العقود على سبيل الحصر فأي عقد جديد لا يستند عليها يكون غير جائز.
3. نظام التعاون ليس من التعاون على البر و التقوى لان الغني فيه يؤمن بمبل كبير فيعطى ند الكارثة مبلغا أكبر عن ذلك الذي يحصل عليه الفقير المحتاج الذي يؤمن بمبلغ ضئيل.
4. نظام التامين ليس مما دعت إليه الضرورة و من الممكن أن تعمل الحكومات الإسلامية على إبداله بنظام آخر يوافق و يتماشى مع نصوص الشريعة الإسلامية .
5. التامين أكل لأموال الناس بالباطل ،و فيه عنصر الربا لعدم تساوي البدلين في عقد التامين بين الطرفين ، و فيه عنصر المقامرة لأن دفع العوض من المؤمن معلق على وقوع الخطر ،فالمؤمن لا يضمن الخسارة إلا إذا تحقق السبب المتفق عليه و فيه عنصر المراهنة لجهالة المال الذي سيدفعه المؤمن ، و كل هذا محرم في الشريعة الإسلامية.
المطلب الثالث:المعتدلون.
الى جانب الاتجاهين السالفي الذكر ، هناك فريق ثالث يأخذ بالحل الوسط و يمكن تسميته بالاتجاه المعتدل، ومنهم الدكتور يوسف القرضاوي ،لمجمع الفقهي بمكة المكرمة وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية حيث يجيز بعض أنواع التأمين و يحرّم أنواعاً أخرى ، و تلخص اتجاهات هذا الفريق فيما توصلت اليه و لوائح عدة دراسات و ملتقيات و من أهمها المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الاسلامية المنعقد في القاهرة سنة 1965 و الذي توصّل الى النتائج التالية:
1. التأمين الذي تقوم به جمعيات تعاونية يشترك فيها جميع المستامنين لتؤدي لأعضائها ما يحتاجون اليه منمعونات و خدمات أمر مشروع و هو من التعاون على البر.
2. نظام المعاشات الحكومي و ما يشبهه من نظام التأمينات الاجتماعية و التأمينات الاجبارية بصفة عامة التي تفرضها الدولة لحماية شرائح عريضة من المجتمع ، هو تأمين يتماشى مع رأي الدين و مبادئ الشريعة الاسلامية.
3. كل التامينات الاخرى المتبقية و التي تقوم بها الشركات أياً كان وضعها مثل التأمين على الحياة و التأمين على المسؤولية و ما في حكمها فيه محرمة شرعاً .