إدارة الوقت وأثره في تطوير القوى العاملة للدكتور/ ناصر عبدالله ناصر المعيلي
العمل الإداري هو نشاط يسعى لتحقيق الأهداف في ضوء الإمكانات والظروف المتاحة. وتحقيق الأهداف مرتبط بجدول زمني وخطة محددة. ولا يمكن الاعتراف بالنجاح في تحقيق النتائج وتقديره إلا إذا كان في حدود الوقت أو الزمن المطلوب. والعمل الإداري يتطلب جهداً وتفكيراً ذهنياً في مراحل التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة.
وكلما ترقى المدير أو المشرف إلى منصب أعلى ركز دوره على اتخاذ القرارات، ولكن عليه أن يسعى للمفاضلة بين الحلول والقرارات في الوقت المحدد.
وتنشأ مشكلة الوقت لدى المديرين لأنهم يواجهون غالباً مشكلة إنجاز الأعمال أو المهام المطلوبة منهم في الوقت المحدد، فيركز المدير أو المشرف على عامل الوقت أكثر من العوامل الأخرى المؤثرة في عملية الإنتاج.
وهناك صراع قائم بين المشاركة التنظيمية والفنية في الأعمال.
وتتركز الجهود على المشاركة التنظيمية باعتبارها شيئاً متميزاً عن الإسهام الفني للتنفيذيين أو العاملين، ويعني ذلك أنهم يتعاملون بطريقتين هما:
أولاً: اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب؛ إن توقيت اتخاذ القرار من أهم العوامل المساهمة في دعم عملية اتخاذ القرار للحصول على النتائج المستهدفة. ولا يمكن الاعتماد على محتوى القرار فقط وتجاهل الوقت أو الزمن المناسب لاتخاذ وإصدار القرار.
ثانياً: معالجة المشاكل والموضوعات المطروحة بالتسلسل السليم وفي الوقت السليم؛ فغالباً ما يهتم المديرون التنفيذيون بعنصر التنفيذ، ويطلبون وقتاً أطول، وفي بعض الأحيان لا يوافق التنفيذيون عند استشارتهم على قبول بعض الأعمال بسبب ضيق الفترة الزمنية المطلوبة للتنفيذ.
وإدارة المنشاة تقوم بدور واضح للتحكم في الوقت من خلال:
توسيع حدود العمل أو تضييقه.
الإسراع أو الإبطاء في العمل.
التركيز على بعض الأنشطة وتخصيصها وتفضيلها على البعض الآخر.
ولا تستطيع إدارة المشروع في أغلب الأحوال الانفراد باتخاذ الكثير من القرارات بسبب الوقت أو لعجزها عن تقدير الوقت اللازم لارتباطها ببعض الجوانب الفنية حيث يصعب عليها أن تتعرف على المشكلة بنفس القدر الذي يعرفه شخص أقرب لمستوى العمل.
ولا شك أن المنشآت عبارة عن نظم للجهد الإنساني المطلوب والمنسق زمنياً في ضوء حاجات وأهداف هذه المنظمات. وإدارة أي منشأة تنظر إلى الإنجاز على أنه مرتبط بتوجيه معين نحو الوقت المخطط أو المستهدف. وعلاقة الأداء بالوقت هي السبب في ظهور أعراض السرعة كالتوتر والحدة والقلق والضيق.
وتعني إدارة الوقت والذات توجيه القدرات الشخصية للأفراد وإعادة صياغتها لإنجاز العمل المطلوب في ضوء القواعد والنظم المعمول بها، وهذا يعني توجيه إرادة الفرد الداخلية تجاه الأداء المطلوب وفقاً للزمن والوقت المحدد.
أما ترشيد السلوك والوقت فيعني استخدام الأساليب والإمكانات والقدرات المتاحة لتحقيق الهدف المطلوب إنجازه في الوقت المحدد لذلك.
خطوات إدارة الوقت
تسجيل الوقت:
إن الفلسفة الأساسية التي يبنى عليها تسجيل الوقت تقوم على ركنين هما؛ التعرف على طرق انقضاء الوقت، والتكلفة المالية التي تتحملها المنشأة للوقت.
وحساب التكلفة الحقيقية للوقت بالنسبة للمنشاة لابد أن يتضمن، بالإضافة إلى راتب أو أجر الوظيفة، أية تكاليف أخرى تتحملها المنشأة لقاء أشغالها. ويتضمن تسجيل الوقت رصد كل الأنشطة التي يمارسها المدير في فترة زمنية معينة، وكذا الوقت الذي يستغرقه كل نشاط في هذه الفترة، ثم القيام بتحديد متوسط الوقت الذي يقضيه في كل نشاط، وذلك بغية التعرف على الأنشطة التي تستغرق وقتاً أكثر مما هو مفروض، بهدف تقليل الوقت الذي يقضيه المدير فيها، وتلك التي تستغرق وقتاً أقل، بهدف توجيه الاهتمام إليها، وتلك الأنشطة التي يقضي المدير وقتاً فيها ولكن من الممكن الاستغناء عنها ليصل المدير إلى إعادة توزيع وقته على الأنشطة وفق أهميتها ودرجة إسهامها في تحقيق الأهداف. ولاشك أن الهدف من التسجيل هو تحديد الأهمية النسبية لكل نشاط، وإبراز الأنشطة المهمة والأنشطة غير المهمة، بهدف تقليل الوقت الذي يقضيه المدير في الأولى وزيادة الوقت المخصص للأخرى، بهدف التعرف على مضيعات الوقت وما يخضع منها لسيطرة المدير وأي شخص آخر.
تحليل الوقت:
إن تسجيل الوقت وحده لا يحل المشكلة ولكنه يوضح كيفية استخدام الوقت تمهيداً لإعادة تنظيمه. ومن ثم فبعد تسجيل الوقت لابد من تحليله، وهي الخطوة الأولى لإدارته لأنها تستهدف التعرف على الأنشطة غير المنتجة التي تستهلك الوقت. وإذا كان تسجيل الوقت وتحليله يتيح للمدير مراجعة استخدامه لوقته وإعادة توزيعه، فإن هذه المراجعة لن تجدي إذا لم تقترن باتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الاستخدام الأفضل للوقت، سواء على صعيد تحديد الأهداف والأولويات أو على صعيد السيطرة على الوقت.
تجميع الوقت:
هناك طرق عديدة لتجميع الوقت المتاح. فبعض المديرين والقادة يبرمجون أعمال اجتماعات المراجعة وحل المشاكل وما شابه ذلك لمدة يومين في الأسبوع، وهناك من يخصص الفترات الصباحية للعمل الرسمي وتكون فترة ما بعد الظهر للمراجعين.
أساليب إدارة الوقت
الإدارة بالأهداف:
إن الإدارة بالأهداف تنطلق من فرضية أن أهداف المنشأة يجب أن تكون واضحة ومعروفة لجميع العاملين بالإضافة إلى معرفة الهدف من وجود كل شخص في التنظيم ومعرفة ما يمكن أن يقدمه من عطاء، وكذلك تحديد المخاطر والمعوقات التي من المحتمل أن تواجه عمل القائد الإداري.
الإدارة الذاتية:
يتمثل مفهوم الإدارة الذاتية بوجود فلسفة معينة ومنهج متطور لدى الإداري، يمكن من خلالها تطوير الإمكانيات والمهارات الذاتية للفرد في سبيل تحقيق أكبر الإنجازات وأفضل النتائج على المستوى الفردي أو على مستوى المنشأة بشكل عام. وتعتمد الإدارة الذاتية على مستوى واقعية الأفراد وانطباعاتهم وقناعاتهم الذاتية وتشتمل على عدة مقومات من أهمها المحافظة على اللياقة البدنية العالية، وتوافر بعض السمات الشخصية المميزة للفرد، وتوافر بعض المعارف والمهارات الاجتماعية والإشرافية اللازمة في مجال العلاقات مع الآخرين والمرونة التي تتيح للشخص التأقلم مع المتغيرات المختلفة. وتبدو أهمية الإدارة الذاتية للاستفادة من الوقت خلال فهم الإداري للأهداف التي يسعى لتحقيقها ومعرفة النشاطات التي يمارسها والطرق والوسائل التي يستخدمها لتحقيق هذه الأهداف. ولذلك فإن أسلوب الإدارة الذاتية يعتمد أساساً على الفرد الذي يعتبر هو العقل المدبر للمنشاة ويتوجب عليه أن يطور نفسه بصفة دائمة وأن يكون على اتصال دائم بكل ما هو جديد في حقل المعرفة والمعلومات بهدف استغلال الإمكانات والموارد المتاحة بشكل أفضل والمحافظة على وقت العمل.
الإدارة بالتفويض:
يقصد بمبدأ التفويض عملية نقل السلطة من فرد أو جماعة معينة إلى فرد أو جماعة أخرى لممارسة العمل واتخاذ القرارات اللازمة لبلوغ الأهداف المحددة، كما أنه يعني في الوقت نفسه أداء جزء من عمل المدير بواسطة مساعديه. ولكن عملية تفويض السلطة لا تؤدي إلى تفويض المسؤولية ولا يمكن أن يتخلى المدير عنها بمجرد تفويضه للسلطة، لأن عملية التفويض لا تؤدي إلى إلغاء المسؤولية، ويظل المدير هو المسؤول النهائي عن أداء مرؤوسيه ونتائج عمل منظمته.
كما أن المرؤوسين مسئولون عن نتائج الأعمال المكلفين بها أمام رئيسهم.
خلاصة القول
إن إدارة الوقت عنصر مهم من عناصر الإدارة الحديثة. وهي
من العمليات الإدارية التي لا يمكن الاستغناء عنها، خصوصاً في مجال التحليل والتخطيط. وتعتمد إدارة الوقت على عدد محدد من العوامل. وبالسيطرة على هذه العوامل تزيد فاعلية وكفاءة الإدارة السليمة للوقت.
دكتوراة في إدارة الإعمال، مطار الملك خالد الدولي، وعضو عامل في الجمعيات السعودية للادارة، الاقتصاد، والإعلام والاتصال، بكلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود - الرياض.
، وحين يحصل على رزقه من وراء الأسباب التي يتخذها للإرتزاق، فهو إذن في حالة عبادة لله، لا تتنافى مع عبادة الحج، في الإتجاه إلى الله.
منافع للناس
في ظلال قوله تعالى: }ليشهدوا منافع لهم| (الحج - آية 28).
في هذه الآية الكريمة مسائل، أهمها:
الأولى: أنه تعالى لما أمر بالحج في قوله }وأذن في الناس بالحج| ذكر حكمة ذلك الأمر في قوله تعالى }ليشهدوا منافع لهم|، واختلفوا فيها، فبعضهم حملها على منافع الدنيا، وهي أن يتجر في أيام الحج، وبعضهم حملها على منافع الآخرة وهي العفو والمغفرة، وبعضهم حملها على الأمرين جميعاً، وهو الأولى.
الثانية: إنما ذكر المنافع؛ لأنه أراد منافع مختصة بهذه العبادة، دينية ودنيوية، لا توجد في غيرها من العبادات.يقول بن الجوزي، يرحمه الله، في كتابه «زاد المسير»: «والأصح من حملها على منافع الدارين جميعاً، لأنه لا يكون القصد للتجارة خاصة، وإنما الأصل قصد الحج، والتجارة تبع.
يقول الخطيب في كتابه: «التفسير القرآني»: والمنافع التي يشهدها الوافدون إلى بيت الله الحرام كثيرة متنوعة، حسب حظوظ الناس منها، فهناك منافع روحية تفيض من جلال المكان وروعته وبركته، وذلك بما يغشى الروح من هذا الحشر العظيم، الذي حُشر فيه الناس على هيئة واحدة في ملابس الإحرام مجردين من متاع الدنيا وما لبسوا فيه من جاه وسلطان.
ولقد أحسن النسفي يرحمه الله، في تصوير هذه الفريضة، وفي عقد الشبه بينها وبين الحياة الآخرة، حيث يقول: فالحاج إذا دخل البادية، لا يتكل فيها إلا على عتاده، ولا يأكل إلا من زاده، فكذا المرء إذا خرج من شاطئ الحياة، وركب بحر الوفاة، لا ينفع وحدته إلا ما سعى فيه معاشه لمعاده، ولا يؤنس وحشته إلا ما كان يأنس به من أوراده.
منافع اقتصادية ومنافع روحية
وهناك منافع اقتصادية بجانب المنافع الروحية، ومن هذه المنافع:
يعتبر الحج مؤتمراً إسلامياً لحل مشكلات المسلمين الاقتصادية، حين يفد إلى الأماكن المقدسة ملايين المسلمين من شتى بقاع العالم منهم العلماء المتخصصون في مجال الاقتصاد، فيكون ذلك فرصة طيبة لعقد المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية لمناقشة مشكلات المسلمين الاقتصادية، في سبيل الوصول إلى التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية.
في الحج رواج اقتصادي للمسلمين، إذ يتسم موسم الحج بالرواج الاقتصادي لما يتطلبه من سلع وخدمات لازمة لأداء مناسك الحج، فكم من ملايين الريالات تنفق على وسائل الانتقال وشراء المأكولات والمشروبات والملابس والإقامة والذبائح.
في الحج دعوة إلى تطبيق الاقتصاد الإسلامي، إذ في الحج دعوة لتطهير المعاملات بين الناس من الخبائث والموبقات من ربا واحتكار وغش وتدليس وغرر وجهالة وأكل لأموال الناس بالباطل. كما أن الحاج عليه أن يتجنب الإسراف والتبذير والإنفاق الترفي.
منافع البدن والذبائح للفقراء والمساكين والمحتاجين في داخل الأماكن المقدسة وخارجها.
منافع التجارات والعمل وكسب المعيشة في أيام الحج، كما أباح ذلك الله سبحانه وتعالى، بحيث لا يكون القصد الأساسي والمطلب الرئيسي هو التجارة.
المدول الاقتصادي للحج
في الحج مدلول اقتصادي كبير، ذلك أنه فرصة للكسب المادي الشرعي، والكسب الأخروي، فهو عبادة مالية وبدنية، ثوابها جميعاً في الآخرة.
إن الحج مؤتمر إسلامي كبير تلتقي فيه الخبرات العالمية الإسلامية صناعيين، وتجاراً، ومهنيين، وبجميع التخصصات، وبهذا تنتهز فرصة الحج؛ لا لهذا الغرض فحسب، بل تكون تابعة غير مقصودة، ولكنها في الواقع فرصة للدول الإسلامية ولأبنائها، حيث تنمو العلاقات الاقتصادية بين المسلمين، إذ يناقشون مشكلات الأمن الغذائي ومشكلات الاقتصاد بصفة عامة. ففي الحج دورة تجارية جيدة، وموسم لازدهار الاقتصاد الإسلامي، من جديد.
وفي الحج انتعاش للمصانع، حيث يستهلك الحاج العديد من المنتجات في كل ساعة من ساعات الموسم، فتدور المصانع، ويكثر الطلب، وبالتالي يزيد العرض فيصبح للتجارة معنى جديداً في هذه المشاعر المقدسة.
وعلى التاجر المسلم أن يلتزم بآداب التجارة في الإسلام، وهذا فرض عين عليه في هذه المشاعر والمواقف، وليعلم أن الجالب مرزوق والمحتكر ملعون، وليعلم أن له الأجر من الله عز وجل حيث قرب للحجاج ما يحتاجون إليه وجعله تحت سمعهم وبصرهم، وأنه في هذا يسهم في قضاء حاجة المسلمين فيقضي الله حاجته، فإن اصطحب الحاج هذه المعاني السامية في تجارته في الحج، فإنه يضمن إن شاء الله أن يكون مع الذين أنعم الله عليهم.