تاريخ المصارف الإسلامية:
قبل المحاولات القانونية أو النظامية لإنشاء المصارف الإسلامية قامت عدة تجارب استهدفت إحياء الصيغ الإسلامية في بعض مجالات التمويل، ولعل [أقدمها اختيار السيد عبد الرحمن المهدي في السودان لصيغة المشاركة المتناقصة للحصول- في العشرينات والثلاثينات- على التمويل]([45])بدل التمويل المصرفي الربوي.
وبعد هذه التجربة الرائدة رُصِدَت محاولات مماثلة في ماليزية وباكستان في أواسط الأربعينات وأوائل الخمسينات، ولم تُعَمِّر طويلاً([46])، وفي عام 1963م بدأت تجربة بنوك الادخار المصرية في ميت غمر، وهي التي كانت نواة لقيام بنك ناصر الاجتماعي([47]).
أما على صعيد المصارف الإسلامية - غير الربوية -:
فقد برزت الدعوة لإنشائها في باكستان في أواخر الأربعينيات حين نادى بها محمد نسيم، وأنور قرشي، ونعيم صدقي، وأبو الأعلى المودودي([48]).
وتبلورت الفكرة في الستينيات على أيدي اقتصاديين إسلاميين، منهم: محمد نجاة الله صديقي، ومحمد باقر الصدر، ومحمد عبد الله العربي، وعيسى عبده([49]).
وأول مصرف إسلامي أُسس كان في مصر سنة 1963، إلا أنَّ هذه التجربة تعرضت لعقبات وعراقيل، فتوقفت الفكرة في ميدان التطبيق العملي([50]).
وفي عام 1967 م، قامت مجموعة من الاقتصاديين وأعدت مشروعاً أسمته: النظام الأساسي لبيت التمويل الكويتي، وكان أساس مهمتها: الإعداد والدراسة والدعوة لإقامة البنوك الإسلامية([51]).
وفي أوائل السبعينيات، صدر نظام مصرف ناصر الاجتماعي في مصر سنة 1971م([52])، بموجب القانون رقم (96)([53]).
وفي الأردن تم إنشاء مؤسسة لإدارة وتنمية أموال الأيتام، وذلك في عام 1972، بوسائل لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية([54]).
وعقدت مؤتمرات علمية على المستوى الشعبي والحكومي على نطاق العالم الإسلامي، نجم عنها إنشاء البنك -المصرف- الإسلامي للتنمية، وذلك في شهر أغسطس / آب عام 1974، وهو أول مصرف إسلامي حكومي([55])وانطلاقاً من هذه البداية، وتكملة لها، قام الأمير محمد الفيصل آل سعود بالدعوة لإنشاء عدد من المصارف الإسلامية([56])حملت اسمه في عدد من الدول الإسلامية، بإضافة اسم الدولة لاسم المصرف، (بنك فيصل الإسلامي - المصري، السوداني، البحريني …).
ثم أُعلِنَ عن نجاح تجربة بيت التمويل الكويت، ومَارسَ عمله في الشهر الثالث من سنة 1977م([57]).
وبعد ذلك توالى قيام المصارف الإسلامية في عدد من الدول العربية والإسلامية([58])، وكذلك في بعض الدول غير الإسلامية، مثل: إنكلترا ولكسمبورغ([59]) وجزر البهاما.
وقد أصبحت هذه المؤسسات الإسلامية والمصارف اللاربوية [من معالم النشاط الاقتصادي العالمي والمحلي على المستوى الجزئي والكلي في الاقتصاد]([60]).
[ولقد بلغ عدد المصارف الإسلامية والمؤسسات المالية الإسلامية حتى مايو -أيار- 1997م حوالي 150 مؤسسة مصرفية ومالية، تدير استثمارات تُقَدَّر بحوالي ((75,5 مليار دولار)) غَطَّت قارات آسية وإفريقية وأوربة وأمريكة، وانتشرت في أكثر من 27 دولة]([61]).
وقد نجحت المصارف الإسلامية - حسب بيانات صندوق النقد الدولي - في أن تنتشر في (48) بلداً؛ تُمَثِّل ثلث دول العالم الأعضاء في صندوق النقد، وقد خرجت عن إطارها في أسوال الدول الإسلامية، إلى أسواق الدول الأخرى، كما أشارت إحصائيات الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية عام 1998م، إلى النمو السريع للمصار فالإسلامية، خلال عقدين من الزمن، حيث وصل عددها إلى (176) مصرفاً، وتبلغ الأرصدة التي تقوم على إدارتها، ((100 مليار دولار)) ([62]).
وقد بلغ عدد المصارف الإسلامية حوالي (240) مصرفاً في إحصاء عام (2000م)، بخلاف العشرات من منافذ المعاملات الإسلامية التابعة للبنوك التقليدية([63]).
المصدر:
موقع أ.د علاء الدين الزعتري
http://www.alzatari.org/show_art_details.php?id=133