خصائص الاقتصاد الاسلامي
يتميز الاقتصاد الإسلامي بعدة خصائص ليست لغيره، أذكرها كلها ثم افصل فيها بعد ذلك:
• ربانية المصدر
• ربانية الهدف
• الرقابة المزدوجة
• الجمع بين الثبات والمرونة(التطور)
• التوازن بين المادية والروحية
• التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة
• الواقعية
• العالمية
ربانية المصدر
الاقتصاد الإسلامي ليس كغيره ، فهو ليس كإقتصاد الفلاسفة مثل أفلاطون و أرسطو ، و ليس كإقتصاد آدم سميث أو ريكاردو ، و ليس كإقتصاد الماركسيين، فحتى لو اتفق معهم على بعض النقاط .. فهو يتميز بكونه رباني المصدر. فهو مستمد من بيان الله ، من دين الله .. فهو جزء من الإسلام
و مصادر التشريع في الإسلام معروفة:
- قران كريم محفوظ ليوم القيامة ..
- سنة نبوية مطهرة مقررة من القران : " و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" (النحل 44) .. و غالبا ما يأتي لفظ " الذكر" في إشارة للقران .. أما هنا فهي السنة قطعا ، فهل من منكرها ؟!
- الاجماع: أيضا مقرر من القران: " و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى و نصله جهنم" .. فمن خالف سبيل المؤمنين الذي أجمعوا عليه فله الضلال !
- القياس و باقي المصادر(كعمل أهل المدينة مثلا): يلجأ المجتهد إلى تلك المصادر طالما كان موافقا للوحي .. فالاجتهاد إنما يقبل ما دام في ضوء النصوص ومقاصد التشريع الاسلامي.
و معنى هذا ان الاقتصاد الاسلامي في جملته مصدره الوحي، أو الاجتهاد في ضوئه. وهذه الخصيصة لا توجد في أي مذهب اقتصادي آخر، فكل المذاهب الاخرى من وضع البشر.
ماذا عن الكتب السماوية السابقة ؟
نجد اشارات في القران على تعاملات اليهود الاقتصادية ، فنجد في سورة النساء (الاية 161) " وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل" .. فالربا محرم عندهم إلا انهم (بعد تحريفهم للتوراة) أباحوا لأنفسهم الربا مع غير اليهود ، فنقرأ مثلا " لا تقرض أخاك بربا ، ربا فضة أو ربا طعام أو ربا شيء مما يقرض بربا، للأجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا كي يباركك الرب " !!
فهل بعد التحريف، يمكن للتوراة ان تكون المنهج العالمي الذي يحتكم الناس اليه ؟
فماذا عن النصارى ؟
على مر العصور ، و حتى العصور الوسطى في أوربا ، ارتبط الاقتصاد بالكنيسة بشدة، واتفقت تعاليم الكنيسة مع الوحي في بعض النقاط و خالفت في أخري .. إلا ان الكنيسة كانت تمثل الاقطاع بأقسى صوره.. فملكت الاراضي و تحكمت في مسالك الاقتصاد و دعائمه .. فقامت الثورات .. و ظلم العباد و فسدت البلاد ..و تعالت الأصوات المنادية بفصل الدين عن الدولة ..
في تلك الفترة المظلمة على النصارى ، كانت فترة النور للمسلمين الذين انتهجوا المنهج الرباني القويم ..
و نخلص من هذا إلى ان الاقتصاد الاسلامي وحده الرباني المصدر .. الصافى .. لذا وجب الايمان به والعمل به .. فهو اقتصاد معصوم في أوامره ونواهيه وأوامره الكلية، و أقرب إلى الصواب في الأمور التي تكون فيها بالاجتهاد.
رباني الهدف
يهدف الاقتصاد الاسلامي الى سد الحاجات الدنيوية للافراد والمجتمعات، طبقا لشرع الله الذي استخلف الانسان في التصرف في المال والانتفاع به، فالمسلم يدرك ان المال ملكا لله –سبحانه- فيكون إرضاء مالك المال هدفا يسعى اليه المسلمون في نشاطهم الاقتصادي.
و يتبين ذلك من كلام ربنا .. ومنه:
" وابتغ فيما ءاتاك الله الدار الاخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا"
و بذلك .. نجد المسلم يتعبد لله بهذا النشاط الاقتصادي ..
فما أهداف النظم الاقتصادية الأخرى ؟
الاجابة واضحة جدا: المادة البحتة
فالتجاريين يسعون وراء أكبر قدر من الذهب والدولارات، والطبيعيون يسعون لاكبر محصول زراعي من الارض، والرأسماليون يسعون بكل ما أوتوا لنيل أكبر قدر من السيطرة السوقية ولجمع أكبر كم من المغانم المادية بغض النظر عن حرمانيتها !
فنجد مثلا ان دور اللهو (و ان كان ماجنا) لها ناتج إقتصادي ربما يفوق مزرعة أو مصنع ! كما نجد ان ربة المنزل لا تتقاضى أجرا ، لذا فهي أقل قيمة من الفاجرة التي تتقاضى لجرمها !
أما الماركسيون فالهدف من اقتصادهم هو خدمة أفكارهم .. فنجد لينين يقول في خطاب له عام 1910:
" يجب على المناضل الشيوعي أن يتمرس بشتى ضروب الغش والخداع والتضليل، فالكفاح من أجل الشيوعية يبارك كل وسيلة تحقق الشيوعية "
ثم يأتي من بعده ستالين ليقول:
" لن نكون ثوريين مناضلين بحق إلا اذا طبقنا دائما ما تعلمناه من ماركس عن ضرورة استخدام كل الوساءل الأخلاقية وغير الأخلاقية في كفاحنا من أجل الشيوعية " .. ثم يكمل .. " أننا نستطيع ان نستخدم قوتنا الاقتصادية في تحقيق أهدافنا الدولية"
فشتان بين الاسلام وغيره !
///// الرقابة المزدوجة /////
لضبط أي نظام ، لا بد من وجود رقباء على الناس ، فإن غاب الرقيب فغالبا ما ينفلت الناس، إما لو كان هذا النظام اسلامية فينشأ ما يعرف بالرقابة المزدوجة: رقابة الحاكم على المحكومين، ورقابة ذاتية نابعة من ايمان كل فرد في هذا النظام !
و قد أسس النبي هذا المفهوم واضحا، فقد كان يراقب اسواق المدينة المنورة ونشاطها الاقتصادي بنفسه –صلى الله عليه وسلم- ثم عين من يفعل ذلك مع أسواق مكة بعد فتحها .. و ذلك ما اسطلح عليه بوظيفة المحتسب.
والجانب الاخر من المفهوم نجده في كثير من الاحاديث، فعند ذكر منزلة الاحسان قال عليه السلام :" ان تعبد الله كأنك تراه، فإن ل تكن تراه فأنه يراك" .. و " من غشنا فليس منا" .. وأحاديث كثيرة لتعظيم أمر الرقابة الذاتية
///// الجمع بين الثبات والمرونة (التطور) /////
في الاقتصاد الاسلامي أمور ثابتة لا تتغير مع الزمان والمكان، تلك هي التي جاء بها نص ثابت قاطع كتحريم الربا وحل البيع والمقدار في الزكاة ... الخ
أما باقي المستجدات الزمنية والمكانية ففيها فسحة من الاجتهاد. وعملا بالقاعدة: الاصل في العبادات الحظر وفي المعاملات الاباحة، نجد الاسلام قد اتسع ليشمل ما يجد من معاملات طالما خلت من الربا والميسر والغرر الفاحش. و هناك أمثلة كثيرة على تغير الفتاوي واختلافها، فيقال هذا اختلاف زمان ومكان وليس اختلاف حجة وبرهان.
وقد تميز الاقتصاد الاسلامي عن غيره بالجمع بين الثبات والمرونة، على عكس المناهج الاخرى التي ليس لديها ثوابت، بل هي نفسها تتغير! فبدأنا نرى الملكية العامة تزحف على الدول الرأسمالية، والملكية الخاصة تزحف على النظم الماركسية .. مخالفين بذلك أسس قيام تلك المناهج !