منتدى التمويل الإسلامي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى التمويل الإسلامي

يهتم هذا المنتدى بالدرجة الأولى بعرض مساهمات الباحثين في مختلف مجالات العلوم الاقتصادية، كما يركز على الاقتصاد الإسلامي، و هو موجه للباحثين في الاقتصاد و الطلبة و المبتدئين و الراغبين في التعرف على الاقتصاد و الاقتصاد الإسلامي....مرحباً بالجميع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 42
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي   الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي Emptyالسبت 12 يناير - 5:35

الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي

المصدر: موقع الأستاذ الدكتور محمد البلتاجي
http://www.bltagi.com/dawabet_eltamweel.htm

ضابط العقيدة

إن الإيمان لا يكون مجرد نطق باللسان, وإنما هو عقيدة حية تملأ القلب وتعمره, فتصدر عنها آثارها كما تصدر عن الشمس أشعتها, ومن آثار الإيمان وثماره أن يكون الله ورسوله أحب إلي المرء من كل شئ, وأن يظهر ذلك في أقواله, وتصرفاته, وأخلاقه, فإن كان ثمة شئ أحب إلي المرء من الله ورسوله, فالإيمان مدخول, والعقيدة مهزوزة, فالحياة بما فيها من أهل وعشيرة وأموال وتجارة ومساكن ومناصب وجاه وسلطان لا يجب أن تكون أحب للمؤمن من الله ورسوله والشريعة التي أوحاها إليه, وقد قال الله تعالي :{ قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم, وأموال إقترفتموها, وتجارة تخشون كسادها, ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله, فتربصوا حتي يأتي الله بأمره, والله لا يهدي القوم الفاسقين } التوبة (آية 24) وقال r : { لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والده وولده, ونفسه التي بين جنبيه والناس أجمعين }.

إن ثمرة هذه العقيدة السليمة والإيمان الكامل بها يكون قوة دافعة لكل سلوك خير للإنسان, بدءا من جهاد النفس ومغالبة الهوي والإنتصار عليهما, ثم الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله ومنع الظلم والفساد في الأرض, وإنتهاء بإماطة الأذي عن الطريق وما بينهما من كل أمر بمعروف وكل نهى عن منكر, فإذا عرف الإنسان به وإمتلأت حياته بالإيمان الكامل كانت لذلك آثار عظيمة في حياته ولعل من هذه الثمار والآثار ما يلي :



1 - الإيمان يحرر النفس من سيطرة الغير.. ذلك أن الإيمان يقتضي الإقرار بأن الله هو المحيى المميت, الخافض الرافع, الضار النافع .

2 - الإيمان يوحي بأن واهب العمر هو الله وأنه لا ينقص بالإقدام, ولا يزيد بالأحجام, لذا فإنه يبعث في نفس المؤمن روح الشجاعة والإقدام, فلا يخشي الموت, ولا تثني عزيمته المحن .

3 - والإيمان يقتضي الاعتقاد بأن الله هو الرازق .. وأن الرزق لا يعجل به حرص حريص, ولا يرده كراهية كاره .


4 - والطمأنينة أثر من آثار الإيمان.. أي طمأنينة القلب, وسكينة النفس, فإذا إطمأن القلب - وسكنت النفس - شعر الإنسان ببرد الراحة, وحلاوة اليقين, وإحتمل الأهوال بشجاعة, وثبت إزاء الخطوات مهما إشتدت, ورأي أن يد الله ممدودة إليه, وأنه القادر علي فتح الأبواب المغلقة, فلا يتسرب إليه جزع ولا يعرف اليأس إلي قلبه سبيلاً .

5 - والإيمان يرفع من قوى الإنسان المعنوية .. ويربطه بمثل أعلي من عند الله, مصدر الخير كله, والبر والكمال, وبهذا يسمو الإنسان عن الماديات, ويرتفع عن الشهوات, ويستكبر عن لذائذ الدنيا, ويري أن الخير والسعادة في النزاهة والشرف, وتحقيق القيم الصالحة, ومن ثم يتجه الإنسان تلقائيا لخير نفسه, ولخير أمته, وخير الناس جميعا .

6 - والحياة الطيبة يعج ل الله بها للمؤمنين في الدنيا قبل الآخرة..{ من عمل صالحا من ذكر أو أنثي فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } النحل (آية 97) وقال تعالي :{ للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير, ولنعم دار المتقين } النحل (آية 30) وقال سبحانه:{ ولو أن أهل القري آمنوا وإتقوا لفتحنا عليه بركات من السماء والأرض } الأعراف (آية 96) .

7 - الإيمان يجعل الإنسان دائما في معية الله .. الذي خلقه وسو اه, فيكون رقيبا علي نفسه محاسبا لها, يضبط حياته كلها علي مقتضي الشريعة, ويترسم الأخلاق التي إرتضاها الخالق له, وهنا يكون فلاحه في الدارين, أما إذا إبتعد عن منهج الله وخرج عن مقتضي العقيدة والشريعة, فيكون مآله إلي الشقاء في الدارين, فقد قال الله تعالي : { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمي } طه (آية 124) .

8 - أن الله سبحانه الخالق لهذا الكون .. والخالق لهذه الأرض, والخالق لكل ما هو عليها, ومن عليها من إنس وجان وحيوان ونبات وجماد - وغير ذلك مما لا نعلمه - هو الذي وهب كل موجود وجوده { ذلكم الله رب-كم خالق كل شئ فأعبدوه } الأنعام (آية 102).

9 - إن الخالق سبحانه وتعالي والموجد لكل النعم والطيبات .. هو المالك الأول والأصيل لها ولكل شئ في ملكوت السماوات والأرض : { ولله مُلك السموات والأرض وما بينهما, يخلق ما يشاء } المائدة (آية 17).. وقال تعالي :{ تبارك الذي بيده الملك وهو علي كل شئ قدير, الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا} الملك (آية1) والله سبحانه مالك هذا الكون قد سخره لخدمة الإنسان, ووهبه من الوسائل والأدوات ما يعينه علي الإنتفاع بما فيه من نعم وطيبات, وإكتشاف ما فيه من قوي وطاقات, وإستغلال ذلك كله لنفع المخلوقات.

10- لقد خلق الله البشر وإستعمرهم في الأرض .. وأن الأرض بما فيها مسخ رة لهم مذللة بإذن ربهم, بعد الأخذ بالأسباب المخلوقة لهم, ومن ثم فإن حقوق البشر وواجباتهم حددها الله سبحانه عندما طلب منهم إعمارها, ولقد جاء القرآن واضحا في أن الله جل شأنه خلق آدم أبا البشر ليكون خليفة في الأرض, فقال تعالي : {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة, قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء, ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك, قال إني أعلم ما لا تعلمون} البقرة (آية 30) .

11- إن خلافة الإنسان علي الأرض بما فيها من نعم وطيبات مقيدة بتعاليم الله رب العالمين, أنزلها لمصلحة هذا الخليفة..

وهي تعاليم سهلة ميسورة, بل هي ضوابط للسعادة في الدنيا والآخرة, وتتلخص هذه الضوابط في أن يكون إكتساب المال من طريق حلال والتعامل فيه بالطريق المشروع الخالي من الظلم, وأكل أموال الناس بالباطل, وأن ينفق هذا المال حيث أمر الله من وجوه البر والخير وصلة الأرحام والعطف علي الفقراء والمساكين, ويخرج الزكاة عن المال المدخر . إن إستخلاف الله للإنسان في هذه الحياة إنما هو لتعمير الأرض وإسعاد أهلها, حيث ينتفع المجتمع الإنساني بمال الله الذي سخره لأهل الأرض جميعا, مع إحترام ملكية الإنسان وإرادته في تنفيذه لتعاليم الله .



12- إن للاستخلاف آثارا هامة تتعلق بتصرفات الإنسان في ملكه.. فالملكية الفردية في إطارها الشرعي محترمة ومقدرة في ضوء مبدأ الإستخلاف, كما تحترم إرادة الإنسان حيث لا يجوز شرعا إخراج الشئ من يد مالكه إلا بإرادته وإذنه, غير أن هنالك من الحالات التي تتيح ذلك, إذا ما وجدت مصلحة راجحة تدعو إلي إخراج الشئ من ملك صاحبه, ولو جبرا , وهذا يكاد ينحصر في الحالات الأربع التالية :

o إجبار المحتكر علي البيع بثمن المثل .

o إجبار المدين الموسر علي الوفاء بما عليه من دين .

o نزع الملكية للمنعفة العامة بشروطها .

o حق الشفعة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 42
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي   الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي Emptyالسبت 12 يناير - 5:35

ضوابط القواعد الكلية

القاعدة الفقهية هي الأمر الكلي المنطبق علي جميع جزئياته, بمعني أن يندرج تحت هذا الأمر الكلي مجموعة من الأحكام المتشابهة, التي يمكن إرجاعها إلي أصل واحد . وقد رصد بعض الفقهاء عددا كبيرا من القواعد الكلية سوف نتناول بعضها بإيجاز من بين تلك القواعد التي إتفقت المذاهب عليها, ومن أهم تلك القواعد ما يلي :

· القاعدة الأولي : الأمور بمقاصدها .

· القاعدة الثانية : لا ثواب إلا بالنية .

· القاعدة الثالثة : المشقة تجلب التيسير .

· القاعدة الرابعة : الضرر يزال .

· القاعدة الخامسة : الغنم بالغرم .

· القاعدة السادسة : العادة محكمة .

· القاعدة السابعة : اليقين لا يزول بالشك .

· القاعدة الثامنة : الخراج بالضمان .

ويلاحظ أن القاعدة الثانية ذات شبه بالقاعدة الأولي, وكلاهما دليلهما قول الرسول r : { إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل إمرئ ما نوي ....} . الحديث, ومن ثم نكتفي ببحث القاعدة الأولي وآثارها .

1 - قاعدة الأمور بمقاصدها :

وهي تعني أن كل قول أو عمل إنما هو بالمقصد الذي يريد صاحبه أن يحققه, أو بالغاية التي يريد الوصول إليها من وراء قوله أو عمله, فإذا تكلم أو تحرك, فالعبرة من كلامه أو حركته بما يقصد أو يريد, وبعبارة أخري تقاس الأعمال والأقوال بمقياس النوايا الحسنة أو السيئة للفاعل أو القائل .

والأصل في القاعدة ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:قال رسول الله r : إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل إمرئ ما نوي ...وهناك أحاديث عديدة إستدل بها العلماء علي هذه القاعدة, إلا أن للحديث السابق مكانة خاصة لدي العلماء, وذكر الإمام الشوكاني رحمه الله بأن كسب العبد قد يكون بقلبه أو بجوارحه أو بلسانه, إلا أن عمل القلب أرجحها, ومعني ذلك أن القلب قد يتجه لفعل الخير دون أن يصاحب النية الكامنة عمل مادي ظاهر, ومع ذلك يكتب الله لصاحبه ثواب الخير الذي إنتوي فعله .

إن أهمية المقاصد واضحة في حياة العباد, فهي التي تميز أعمالهم وأقوالهم عن غيرهم, ولا شك أن عمل الإنسان إن صاحبته النية الحسنة والمقصد الحميد كان صاحبه مثابا عليه, أما إن صاحبته النية السيئة والمقصد الخبيث كان معاقبا عليه, مع أن العمل في الحالين واحد, فالعبادة إذا قصد بها وجه الله تكون سبب في الثواب والجزاء الأوفي, أما إذا قصد بها الرياء والتظاهر (والعياذ بالله) تكون بذاتها ذنبا عظيما وإثما كبيرا , وهكذا سائر الأعمال والأقوال التي تصدر عن الإنسان, فالعقود مثلا إذا قصد من إبرامها قصدا مشروعا كان العقد صحيحا , أما إذا كان القصد من إبرامها غير مشروع كان العقد باطلا .



2 - قاعدة التيسير ورفع الحرج :

والمراد من التيسير التسهيل بحيث تكون الأحكام الشرعية في مقدور المكلف, بمعني أن يقوم بها من غير عسر أو حرج أي بدون مشقة, والمراد من الحرج الضيق, فإذا صار العبد في حالة لا يستطيع معها القيام بالعبادة علي النحو المعتاد فإن الله سبحانه وتعالي يرخص له في أدائها حسب إستطاعته, وفي هذا رفع للحرج عن العباد, وقد عبر العلماء عن هذه القاعدة بقولهم { المشقة تجب التيسير } وكلمة المشقة المقصودة هي تلك التي لا تكون معتادة للفرد, وتخرج عن حدود الإستطاعة, ذلك أنه من المعلوم أن كل تكيف لا يخلو من مشقة عند القيام بتنفيذه, ولكن الفرق كبير بين المشقة التي في وسع الإنسان القيام بها وتلك التي يعجز عن تحملها, والأخيرة هي التي تكون سببا في جلب التيسير من الشارع الحكيم, إذ يقول الله عز وجل :{ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة (آية 286) .. ويقول : { وما جعل عليكم في الدين من حرج } الحج (آية 78).. وقال النبي r :{ إن الدين ي سر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه}



ويظهر أثر هذه القاعدة واضحا في التكاليف الشرعية, فالله جل وعلا لم يفرض علي المؤمنين من العبادات إلا ما وسعهم, ففي الطهارة مثلا إذا لم يتوفر الماء رخص له التيمم, وفي أداء الصلاة, إذا لم يستطيع أداءها قائما رخص له أن يؤديها جالسا أو علي النحو المستطاع, كما رخص في الصيام للمريض بالإفطار, وكذلك المسافر علي أن يؤديها بعد ذلك, كما ربط الحج بالقدرة .

وفي مجال المعاملات نجد القاعدة مطردة حيث جعل الله سبحانه باب التعاقد مفتوحا أمام العباد وجعل الأصل فيها الإباحة, ولم يضع من القيود إلا تلك التي تمنع الظلم أو تحر م أكل أموال الناس بالباطل .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 42
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي   الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي Emptyالسبت 12 يناير - 5:35

3 - قاعدة الضرر يزال :

ومعناها أن الله عز وجل قد شرع لعباده الأحكام التي تصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة, وتزيل عنهم كل ما يضر به أو يؤذيهم, فإذا وقع الإنسان في حالة من الضرر الشديد, جاز له علي سبيل التخلص من الضرر أن يلجأ إلي الوسيلة التي يتفادي بها ما جلبه من ضرر .

فمثلا قد حر م الله التعدي علي حقوق الغير, سواء بالإستعمال أو الإتلاف, ولكن إذا توقفت حياة إنسان علي أخذ شئ من مال غيره, فإنه يعتبر في حالة ضرورة تبيح له أن يتناول من مال الغير بالقدر اللازم لدفع الهلاك وإزالة الضرر, مع إلتزامه بتعويض صاحب المال عند الميسرة .

وأصل القاعدة ما روي عن إبن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله r قال : لا ضرر ولا ضرار ... فالشريعة الإسلامية تحرص علي إزالة الضرر عن الأفراد والجماعات, وطبقا لما ورد في هذا الحديث الذي يعتبر أصلا من أصول الشريعة, ومعني لا ضرر.. أي لا يضر الإنسان أخاه فينقص شيئا من حقه, ولا ضرار..أي لا يجاريه علي إضراره بإدخال الضرر عليه, فالضرر فعل الواحد, والضرار فعل الإثنين, والضرر هو الإبتداء بالفعل, والضرار هو الجزاء عليه .

ويظهر أثر هذه القاعدة في معظم أبواب الفقه من عبادات ومعاملات وعقوبات, ولكونها قاعدة أساسية, فقد تفرعت عنها قواعد كلية أخري منها :

(1) الضرورات تبيح المحظورات .. وتطبيقا لها جاز للمضطر أن يأكل الميتة, وجاز رفع العقاب عن المكره, وجاز للمعتدي عليه أن يدافع عن نفسه .

(2) الضرورة تقدر بقدرها .. فلا يجوز للمضطر أن يتناول من المحرمات إلا بالقدر اللازم لإنقاذ نفسه من الهلاك, كما لا يجوز للمعتدي عليه أن يتجاوز القدر اللازم لرد العدوان .

(3) الضرر لا يزال بالضرر .. لأن إزالة الضرر بمثله يعتبر إيقاعا بالضرر علي الغير وهو في الأصل غير جائز .



4 - قاعدة اليقين لا يزول بالشك :

ومعناها إبقاء الحكم علي ما كان عليه حتي يقوم الدليل علي تقييده أو إنتفائه, فالحال القائم يقين مبني علي دليل والحال المطلوب الإنتقال إليه يحتاج إلي دليل أقوي, وأساس قاعدة { اليقين لا يزول بالشك } ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله r : { إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كما صلي, ثلاثا أم أربعا, فليطرح الشك, وليبن علي ما إستيقن } .. ويتفرع عن هذه القاعدة قواعد فرعية منها :

(1) الأصل بقاء ما كان على ما كان .. فمن تيقن الطهارة وشك في الحدث فهو متطهر, والعكس صحيح .

(2) الأصل براءة الذمة .. فمن إدعي أنه دائن لشخص بمبلغ معين, فلا عبرة من الإدعاء المجرد وإنما لابد من الإثبات, فإذا لم يقدم الأدلة المثبتة للدين, فالأصل براءة ذمة المدعي عليه, وكذلك فإن المتهم برئ حتي تثبت إدانته .

(3) الأصل فى الأشياء الإباحة .. حتي يقوم الدليل علي التحريم .



5 - قاعدة العادة محكمة :

والعادة هو ما إعتاده الناس وجري عليه العرف بينهم في مكان معين وزمان معين لفعل معين, وتحكيم العادة لا يكون إلا إذا إنعدم وجود مصدر أقوي منه من ناحية التشريع حيث لا يوجد نص من قرآن أو من سنة ولا يوجد إجماع, كما لا يوجد إمكان لتطبيق قواعد القياس حيث أن الواقعة الجديدة لا نظير لها في القضايا القديمة, عند ذلك يكون العرف أحد المصادر الممكنة للحكم في الواقعة, وقد أخذ دليله من قوله r : { ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله أمر حسن } وقد إشترط الفقهاء له شروطا منها :

· أن يكون العرف شائعا معتادا وغالبا أي ليس نادرا .

· ألا يكون مخالفا لما إشترطه أحد المتعاقدين عند التعاقد .

· أن يكون العرف سابقا أو مقارنا لزمن التعاقد .

· ألا يخالف نصا من الكتاب والسنة أو حكما فيه إجماع, فالعرف من المعروف وما جري علي خلاف ما سبق فهو من المنكرات التي يتحتم تغييرها . ومن أمثلة المنكرات التي شاعت وقد يتصور البعض أنها أصبحت ع رفا محكما المعاملات الربوية, وخروج النساء بثياب غير محتشمة, وتعاطي المسكرات في محلات خاصة, وإنتشار محلات للهو المخالف لحدود الشرع, وغير ذلك من الأفعال والأموال التي حرمها الله وأفرط البعض فيها . وعلي ذلك فإن العرف قسمان : عرف فاسد لا يؤخذ به, والقسم الثاني عرف صحيح يؤخذ به, ويعتبر الأخذ به أخذا بأصل من أصول الشرع, وقال العلماء في هذا العرف الأخير أن الثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي .



6 - قاعدة الغنم بالغرم :

ويقصد بها أن الحق في الحصول علي النفع أو الكسب ( العائد أو الربح ) يكون بقدر تحمل المشقة أو التكاليف ( المصروفات أو الخسائر أو المخاطر ), وبعبارة أخري فإن الحق في الربح يكون بقدر الإستعداد لتحمل الخسارة, وهذه القاعدة تمثل أساسا فكريا قويا لكل المعاملات التي تقوم علي المشاركات والمعاوضات, حيث يكون لكل طرف فيها حقوقا تقابل أو تعادل ما عليه من التزامات, علي أن الالتزامات تكون علي ثلاثة أنواع هي : التزام بمال أو التزام بعمل أو التزام بضمان, وهذه هي الأسباب الثلاثة التي تسبب لصاحبها الحق في الحصول علي الربح أو الغنم علي ما إتفق عليه العلماء, ومن ثم فإن لهذه القاعدة أهمية كبيرة في المعاملات المصرفية الإسلامية, حيث تؤثر في أمرين أحدهما : أن يحصل المصرف علي ربح أو عائد أو عوض من حيث الأصل, وثانيهما : تحديد النسبة أو المقدار أو القيمة التي يحصل عليها .



7 - قاعدة الخراج بالضمان :

ويقصد بها إن من ضمن أصل شئ جاز له أن يحصل علي ما تولد عنه من عائد, فبضمان أصل المال, يكون الخراج ( أي ما خرج منه ) المتولد عنه جاز الإنتفاع لمن ضمن, لأنه يكون ملزما بإستكمال النقصان المحتمل الحدوث - إن حدث - وجبر الخسارة إن وقعت, ولهذه القاعدة علاقة بالقاعدة السابقة, لأنها قد تدخل تحتها من حيث أن الخراج غنم والضمان غرم, ولا يخفي أن لهذه القاعدة أثر كبير في الأعمال المالية والمصرفية حيث تؤثر في عملية توزيع النتائج المالية في المصارف الإسلامية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 42
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي   الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي Emptyالسبت 12 يناير - 5:36

ضوابط الأحكام الشرعية

يقصد بالأحكام الشرعية خطاب الخالق تبارك وتعالي لعباده المكلفين بأداء فعل ما أو الإنتهاء عنه أو التخيير بين هذا وذاك, ومن ثم كانت الأحكام الشرعية التكليفية خمسة أحكام هي : الواجب, والمندوب, والمباح, والمكروه, والحرام ..

وفيما يلي تعريف موجز لكل منها :

(1) الواجب :

هو الأمر الذي طلب علي وجه اللزوم فعله, بحيث يأثم تاركه, والواجب والفرض مترادفان عند جمهور الفقهاء, والأحكام الواجبة نوعان أحدهما : واجب عيني يوجه فيه الطلب بالفعل إلي كل إنسان مكلف, وواجب كفائي : يوجه خطاب التكليف إلي الجماعة كلها, فإذا قام البعض بالفعل سقط عن الباقين مثل الجهاد في سبيل الله, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وغيرها.

(2) المندوب :

هو ما طلب الشارع فعله طلبا غير لازم, أو هو ما يثاب فاعله, ولا يعاقب تاركه, أو هو الراجح فعله مع جواز تركه, ويسمي النافلة, أو السنة, أو التطوع, أو المستحب, وينقسم المندوب إلي ثلاثة مستويات هي : س نة مؤكدة, س نة دون المرتبتين (وهي ما ترتبط بالعادات ولا علاقة لها بالتبليغ عن الله وبيان شرعه) .

وقال الشاطبي : المندوب خادم للواجب, لأنه مقدمة له أو تذكار به, والمندوبات بمنزلة الحمي والحارس للواجبات .. أو هي رياضة للنفس تستنهض الهمة وتحفزها لعدم التقصير في الفروض, والمندوب غير لازم بالجزء أي علي مستوي الإنسان المكلف, ولكنه لازم بالكل (علي مستوي الجماعة المسلمة) مثل الآذان, وصلاة الجماعة, والنكاح (الزواج) فإنها مندوبات علي مستوي الفرد الواحد, لكن الجماعة المسلمة تأثم إن تركتها إذ أنها واجبة بالكل .

(3) المباح :

هو تلك الأمور التي تركها الشارع الحكيم دون أمر أو نهي, فالإنسان فيها م خير بين الفعل أو الترك, وتثبت الإباحة بأحد أمور ثلاثة : إما بنفي الإثم, أو بعدم النص علي التحريم أو بالنص علي الحل, وقد جعل الخالق تبارك وتعالي نطاق الأفعال المباحة متسعا تيسيرا علي البشر, مما يجعل للحكم الشرعي دائمية وصلاحية عبر الزمان والمكان, والأمور المباحة لا ثواب فيها علي الفعل, ولا إثم فيها علي الترك, ويكون لإعمال النية شأن في تحصيل الثواب في الأعمال المباحة .

ويري الشاطبي أن الفعل المباح لا يكون مباحا إلا بالجزء ( أي علي مستوي الفرد الواحد ) أما الفعل في ذاته علي مستوي مجموع الأفراد إما أن يكون مطلوب الفعل أو مطلوب الترك, ولذلك فالشاطبي يري أن هناك نوعان من الأفعال المباحة .

أ - المباح الخادم لأمر مطلوب الفعل .. فهذا مباح بالجزء مطلوب الفعل بالكل مثل الأكل والزواج وغيرها .

ب - المباح الخادم لأمر مطلوب الترك .. فهذا مباح بالجزء مطلوب الترك بالكل كاللهو والسماع للغناء, فهي حاجة في بعض الأوقات, إذا لا يصح أن يقضي العاقل كل وقته في السماع أو اللهو أو التنزه .



(4) المكروه :

هو تلك الأمور التي طلب الشارع الحكيم الكف عنها طلبا غير لازم, بأن كان منهيا عنها, وإقترن النهي بما يدل علي أنها لم يقصد به التحريم, ومن ثم يكون ترك هذا الأمر مستحبا مثابا عليه, وإن تم الفعل فلا إثم عليه .

(5) الحرام :

هو ما طلب الشارع الكف عن فعله علي وجه الحتم واللزوم, سواء كان الدليل الذي أوجب اللزوم قطعيا أو ظنيا , وإن كان الأحناف يفرقون بين نوعين, فيعتبرون أن (الحرام) هو ما ثبت بدليل قطعي, أما ما ثبت بدليل ظنى فيطلقون عليه (مكروه تحريما ).

والحرام هو أمر يكون ضارا ضررا لا شك فيه, وينقسم إلي نوعين :

المحرم لذاته .. ما يكون ضرره ذاتيا مثل أكل الميتة وشرب الخمر والزنا والسرقة والربا وغيرهما مما يمس الضروريات الخمس, فالمحرم في ذاته يمس الضروري في واحد من الأمور الخمسة ( الدين, العقل, النفس, النسل, المال), والضروري منها هو الذي لا يتحقق معه المحافظة علي واحد من هذه إلا بوجوده .

المحرم لغيره .. هو الذي لا يكون النهي عنه لا لذاته ولكن لأنه يفضي إلي محرم ذاتي, كالنظر إلي عورة المرأة, فهو محرم لأنه يفضي إلي كبيرة الزنا, والإستقراض بفائدة لأنه يؤدي إلي كبيرة الربا الذي هو محرم لذاته .

وتنضبط أفعال المسلمين أفرادا أو مؤسسات في إطار هذه الأحكام الشرعية الخمسة, ولا يخرج فعل من الأفعال عن أن يأخذ حكما من الأحكام الخمسة فهو إما واجب الفعل, أو مستحق الفعل, أو محرم الفعل, أو مكروه الفعل, أو مباح الفعل أي لا حكم له بين الأربعة السابقة, وإذا كانت التكاليف الشرعية موجهة أصلا إلي العباد المكلفين بإعتبارهم أفرادا طبيعيين, فإنها كذلك لا تعفي منها المؤسسات بإعتبار أنها تصدر عنها أفعال ويمارس معها معاملات ويبرم معها عقود, فأصبحت لها إرادة بإعتبار إرادة المؤسسين لها, وأضفي عليها المجتمع الشخصية الإعتبارية, وتعين لها من يمثلها ويعبر عن إرادتها, وبحكم هذا الأثر وهذه الفاعلية تخضع أفعال تلك المؤسسات لضوابط الأحكام الشرعية, ومع أنها لن تسأل كمؤسسة أمام الخالق تبارك وتعالي يوم الحساب, إلا أن ولى الأمر المخول له سلطة تسيير أعمالها وتجسيد شخصيتها هو المحاسب أمام الخالق يوم القيامة, كما يحاسب في الدنيا كذلك.

إن اثار الضوابط المذكورة علي أعمال المؤسسات المصرفية كبيرة, حيث تكون كل معاملاتها في نطاق هذه الضوابط, أي في إطار المشروعية الإسلامية ويخضع لها جميع الأنشطة والأعمال كما تخضع لها المقاصد والأهداف والغايات, والسياسات والنظم والإجراءات .

لذلك يمكن أن نحدد أهم تلك الآثار فيما يلي :



(1) تأثير في صياغة الأهداف والمقاصد والأولويات :

حيث تصاغ بالشكل الذي لا يتعارض مع الضوابط الشرعية, ويحقق الفهم الكامل للأولويات الإسلامية للأمة دون التضحية بمصالح الأفراد, وهي موازنة تقوم علي فهم مراتب المصلحة المعتبرة شرعا (من ضروريات وحاجيات وتحسينات) وهو ما إعتبرناه مكونا رئيسيا في الضوابط الحاكمة لتشغيل الأموال .



(2) تأثير في الإدارة الكلية لموارد المؤسسة المصرفية :

بحيث تحقق أفضل النتائج من حيث حسن إستغلال للموارد البشرية والمادية (مالية أو غير مالية), فتستخدم من أساليب الإدارة والقيادة ما لا يتعارض مع الضوابط الإسلامية سواء تعلق ذلك بقواعد إجارة الأفراد, وتوظيفهم والتعامل معهم وحفزهم وإثابتهم وعقوبتهم وغير ذلك من سياسات الموارد البشرية, فتظهر المشاركة الإدارية, والشوري, والعدالة, وتكافؤ الفرص, والتنمية المعرفية والمهارية, والمبادرات الذاتية, والرقابة الذاتية, والولاء والإنتماء, مما يجعل روح التنظيم مشبعة بجو من التضامن والتكاتف والحرص المشترك علي النجاح وتلافي السلبيات.



(3) تأثير في نظم وإجراءات العمل والعقود والنماذج :

حيث تصاغ جميعها في ضوء الأساس الفقهي والفني المنضبط والخادم للأهداف وفي إطار من العقود الشرعية التي تحكم المعاملات المصرفية, وهنا يجدر القول أنه لا يجب أن توجد معاملة في المصرف الإسلامي بغير تكييف شرعي يحكمها, سواء كان كان ذلك في إطار عقد شرعي ورد في المراجع الفقهية (من العقود المسماة) أو عقد تم تخريجه في إطار القواعد العامة الشرعية للعقود.



(4) تأثير في مجالات التوظيف والخدمات :

إذ يجب ألا تكون أنشطة التوظيف والإستثمار والخدمات من بين المجالات المحرمة أو المكروهة, وإنما تكون في نطاق المجالات المباحة شرعا أو المندوبة أو الواجبة, ويكون التنويع بينها التزاما ينبني علي الإستطاعة, ومن الأمثلة علي المجالات والسلع والخدمات المحرمة والمكروهة :

1 - تجارة وصناعة الخمور والمسكرات والمخدرات وكل ما يأخذ حكمها, ويدخل في دائرة نشاطها من خدمات نقل وتوزيع وتقديم .

2 - تربية وتجارة الخنازير والصناعات والخدمات المرتبطة بلحومها أو مكوناتها .

3 - نوادي القمار والميسر وما يشبهها ويأخذ حكمها .

4 - النوادي الليلية والمراقص .

5 - المحلات والنوادي المخصصة للهو غير المباح المرتبط بمحرمات ومفاسد وكلاهما قرين الآخر لا ينفك عنه .



(5) تأثير في الأساليب والوسائل المتبعة في التوظيف والخدمات:

يجب ألا تكون من بين الأساليب والوسائل المحرمة أو المكروهة, والتي نذكر من أمثلتها :

1 - التعامل بالفوائد الثابتة في نشاط الإيداعات والقروض فهو من الربا المحرم.

2 - التعامل بالبيوع المنهى عنها شرعا .

3 - المعاملات التي يصاحبها الغرر والجهالة .

4 - المعاملات التي تؤدي إلي إحتكار السلع وحبسها عن التداول .

5 - المعاملات التي يكتنفها غش وخداع وكذب وتدليس ورشوة .

6 - بخس الأثمان أو التلاعب فيها .

7 - التلاعب في الموازين والمكاييل .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 42
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي   الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي Emptyالسبت 12 يناير - 5:36


(6) تأثير في كيفية توزيع النتائج :

يتم توزيع نتائج النشاط في المؤسسة المصرفية الإسلامية في إطار العدالة بين الأطراف التي ساهمت في تحقيقها علي أساس قاعدتي (الغنم بالغرم) و (الخراج بالضمان) وفي إطار العلاقات الشرعية بين البنك والمودعين بغرض الإستثمار, وكذا بينه وبين الحاصلين علي تمويل بصيغ مختلفة .



(7) تأثير في التزام المؤسسة المصرفية الإسلامية بالمسئولية الاجتماعية والأخلاقية :

يلتزم المصرف الإسلامي بأداء الزكاة المفروضة علي المال النام الذي حال عليه الحول, والمستحقة شرعا علي م لاك هذا المال (مساهمين أو مودعين) والذين يفوضون البنك أو يأذنون له بأداء ذلك نيابة عنهم, وتصرف الزكاة في مصارفها الشرعية, وكذلك الصدقات والتبرعات, وما قد يقرره ولي الأمر من إنفاق إضافي لصالح المجتمع المسلم .



ضوابط المقاصد الشرعية

يري الإمام الغزالى أن مقاصد الشرع من الخلق خمسة مقاصد, هي أن يحفظ عليهم دينهم وأنفسهم, وعقلهم ونسلهم ومالهم, فكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول فهو مصلحة, وكل ما يفوت هذه الأصول الخمسة فهو مفسدة, ودفعها مصلحة, وهذه هي المصلحة المعتبرة شرعا التي تقوم علي المحافظة علي هذه الأصول الخمسة وصيانتها, وقد قال العلماء إن إستقراء حياة الناس في هذه الأمة والأمم السابقة تؤكد علي هذه الأصول الخمسة, وكذا فإن إستقراء مصادر الشريعة بكلياتها وجزئياتها يفيد ذلك, وقد قرر العلماء أن الأحكام الشرعية هي وعاء المصالح الحقيقية, وأنه لم يأت الإسلام بحكم إلا وفيه مصلحة لبني الإنسان, وقد ضبطت في المحافظة علي الأصول الخمسة, وأن المصلحة المقصودة ليست مرتبة واحدة لكنها علي ثلاث مراتب .

المرتبة الأولي : الضروريات

وهي التي لا تتحقق وجوه المصلحة المذكورة إلا بها, فالضروري بالنسبة للنفس هو المحافظة علي الحياة, والمحافظة علي الأطراف, وكل ما لا يمكن أن تقوم الحياة إلا به, والضروري بالنسبة للمال هو ما لا يمكن المحافظة عليه إلا به, وكذلك بالنسبة للنسل, وقد بي ن الغزالي الضروري في هذه الأمور فقال :

{ هذه المصالح الخمس حفظها واقع في رتبة الضروريات, فهي أقوي المراتب في المصالح, ومثاله قضاء الشرع بقتل الكافر المضل, وعقوبة المبتدع الداع إلي بدعته, فإن هذا يفوت علي الخلق دينهم, وقضاؤه بإيجاب القصاص, إذ به حفظ النفوس, وإيجاب حد الشرب, إذ به حفظ العقول التي هي مناط التكليف, وإيجاب حد الزني, إذ به حفظ النسب, وإيجاب زجر النصاب والسراق, إذ به يحصل حفظ الأموال التي هي معايش الناس وهم مضطرون إليها } .

وفي الجملة فإن دفع كل ما يترتب عليه فوات أصل من الأصول الخمسة المذكورة ي عد ضروريا , وقد شدد الشارع الإسلامي في حمايته, وأعطاه فضلا من التأكيد, وأنه إذا ترتب حفظ الحياة علي فوات أمر محظور أباح الشارع تناول المحظور, بل أوجبه إذا لم يكن فيه إعتداء علي أحد, ولذا أوجب علي المضطر الذي يخاف الموت جوعا أن يأكل الميتة والخنزير وأن يشرب الخمر, تحت قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) .

المرتبة الثانية : الحاجيات

وهي التي لا يكون الحكم الشرعي فيها لحماية أصل من الأصول الخمسة, بل يقصد منه دفع المشقة أو الحرج أو الإحتياط لهذه الأمور الخمسة, كتحريم بيع الخمر, لكيلا يسهل تناولها, وتحريم رؤية عورة المرأة, وتحريم الصلاة علي الأرض المغصوبة, وتحريم تلقي الركبان, وتحريم الإحتكار, والإحتيال, ومن ذلك إباحة كثير من العقود التي يحتاج إليها الناس, كالمزارعة والمساقاة, والسلم, والمرابحة والتولية .



المرتبة الثالثة : التحسينيات

وهي الأمور التي لا تحقق أصل هذه المصالح, ولا الإحتياط لها, ولكنها ترفع المهابة, وتحفظ الكرامة, وتحمي الأصول الخمسة, ومن ذلك بالنسبة للنفس حمايتها من الدعاوي الباطلة والسب, وغير ذلك مما لا يمس أصل الحياة, ولا حاجيات من حاجياتها, ولكن يمس كمالها ويشينها, وذلك يلي المرتبتين السابقتين. ومن ذلك بالنسبة للأمور المالية تحريم التغرير والخداع والنصب, فإنه لا يمس المال ذاته, ولكن يمس تحسينيا إذ هو يمس إرادة التصرف في المال عن بينة ومعرفة, وإدراك صحيح لوجوه الكسب والخسارة, فهو لا إعتداء فيه علي أصل المال, ولكن الإعتداء علي إرادة المتصرف .

وبذلك نلحظ أن حفظ الأصول الخمسة من المصالح الضرورية للخلق كما أن لها إمتدادات في مرتبتي الحاجيات والتحسينيات, تيسر أداءها, أو ترفع الحرج في تحصيلها, وتكون عامل إحتياط للتأكد من صيانة الضروريات ووقايتها, ولأهمية فهم الضروريات في الأصول الخمسة نتناوله بالإيضاح فيما يلي :



(1) المحافظة على الدين :

الدين لابد منه للإنسان حتي يهذب سلوكياته, ويعلو إلي مرتبة بشريته التي خلقه الله عليها, وقد حما الإسلام التدين بأحكامه, فقال تعالي : لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغى ... ونهي عن الفتنة في الدين, وإعتبر الفتنة أشد من القتل, فقال سبحانه وتعالي : الفتنة أشد من القتل ... ومن أجل حفظ الدين وحمايته وتحسين النفس بالمعاني الدينية شرعت العبادات كلها, فهي لتزكية النفس وتنمية روح التدين .



(2) المحافظة على النفس :

هي المحافظة علي حق الحياة العزيز, والمحافظة علي النفس تقتضي حمايتها من كل إعتداء عليها بالقتل أو قطع الأطراف أو الجروح, كما يدخل فيها المحافظة علي الكرامة الإنسانية بمنع القذف والسب, وغير ذلك من كل أمر يتعلق بها, أو بالحد من نشاط الإنسان من غير مبرر له, فقد حمى الإسلام حرية العمل وحرية الفكر والرأي, وحرية الإقامة, وغير ذلك مما ت عد الحريات فيه من مقومات الحياة الكريمة الحرة التي تزاول نشاطها في دائرة المجتمع الفاضل من غير إعتداء علي أحد .

(3) المحافظة على العقل :

أي حفظه من أن يناله ما يجعل صاحبه عبئا علي المجتمع ومصدر أذي للناس, والمحافظة علي العقل تتجه إلي نواح : أولاها : أن يكون كل عضو من أعضاء المجتمع الإسلامي سليما يمد المجتمع بعناصر الخير والنفع . وثانيها : ألا يعرض عقله للآفات فيكون عبئا علي الجماعة . وثالثها : أن من حق الشارع أن يحافظ علي العقل, ويعمل علي وقايته من الشرور والآثام, كما يعمل علي العلاج, ومن أجل ذلك عاقبت الشريعة من يشرب الخمر, ومن يتناول أي مخدر من المخدرات بالقياس علي الخمر, كما تمتد صيانة العقل إلي حمايته من الأفكار المنحرفة والبدع المضللة الواردة من خارج المجتمع أو من داخله .



(4) المحافظة على النسل :

هي المحافظة علي النوع الإنساني وتربية الناشئة تربية تربط بين الناس بالالف والإئتلاف, وذلك بأن يتربي كل ولد بين أبويه, ويكون للوالد حافظ يحميه, فكان التنظيم المتكامل لأوضاع الأسرة الذي أخذ مكانا كبيرا في الأحكام الشرعية منذ بداية إختيار الزوجة وخطبتها وحتي إنتهاء العلاقة الزوجية بالطلاق أو بالموت . كما كان منع الإعتداء علي الحياة الزوجية, ومنع الإعتداء علي الأعراض, سواء أكان بالقذف أو كان بالفاحشة, فإن ذلك إعتداء علي الأمانة الإنسانية التي أودعها الله تعالي جسم الرجل والمرأة, ليكون منهما النسل والتوالد الذي يمنع فناء الجنس البشري, ومن أجل ذلك كانت عقوبة الزنا, وعقوبة القذف, وغير ذلك من العقوبات التعزيزية التي وضعت لحماية النسل .



(5) المحافظة على المال :

تكون بمنع الإعتداء عليه بالسرقة والغصب ونحوهما, وتنظيم التعامل بين الناس علي أساس من العدل والرضا, وبالعمل علي تنميته ووضعه في الأيدي التي تصونه وتحفظه وتقوم علي رعايته, فالمال في أيدي الأحاد قوة للأمة كلها, ولذا وجبت المحافظة عليه بتوزيعه بالقسطاس المستقيم, وبالمحافظة علي إنتاج المنتجين وتنمية الموارد العامة ومنع أن يؤكل بين الناس بالباطل وبغير الحق الذي أحله الله تعالي لعباده, ويدخل في المحافظة علي المال كل ما شرع للتعامل بين الناس من بيوع ومشاركات وإجارات وغيرها من العقود التي يكون موضوعها المال .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
 
الضوابط الشرعية للعمل المصرفي الإسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التمويل الإسلامي :: منتدى المؤسسات المالية الإسلامية :: المصارف الإسلامية-
انتقل الى: