ثانيا: المصادر الخارجية للأموال في المصارف الإسلامية:
تشتمل المصادر الخارجية للأموال فى المصارف الإسلامية على الودائع المختلفة بالمصارف الإسلامية وتتضمن الودائع تحت الطلب {الحسابات الجارية} , الودائع الإدخارية {حسابات التوفير} , ودائع الاستثمار {حسابات الاستثمار} , دفاتر الإدخار الإسلامية , صكوك الاستثمار , القروض الحسنة من المؤسسات المالية الإسلامية .
وسوف يتم تناول كل نوع من أنواع هذه الودائع بشئ من التفصيل كمايلى :
1)- الودائع تحت الطلب {الحسابات الجارية} :
تعرف الوديعة تحت الطلب بأنها. النقود التى يعهد بها الأفراد أو الهيئات إلى المصرف علي أن يتعهد الأخير بردها أو برد مبلغ مساو لها إليهم عند الطلب.
والحسابات الجارية بهذه السمه لايمكن الاعتماد عليها فى توظيفات طويلة الأجل,وأما استخدامها فى الأجل القصير فيتم فى حرص شديد وحذر بالغ ، ويتم ذلك بعد أن تقوم إدارة المصرف بتقدير معدلات السحب اليومية , ودراسة العوامل المؤثرة فيها بدقة , مع الأخذ فى الحسبان نسبة السيولة لدى البنوك المركزية ومؤسسات النقد .
وتعد الأرباح المتحققة عن طريق تشغيل هذه الأموال من حق {المساهمين} وليس من حق أصحاب الودائع نظرا لآن المصرف ضامن لرد هذه الودائع ولايتحمل المتعامل أى مخاطر نتيجة لتشغيل واستثمارتلك الأموال وذلك تطبيقا للقاعدة الشرعية {الخراج بالضمان} .
وقد ورد فى توصيات مؤتمر المصرف الإسلامى المنعقد بدبى في مايو 1979م مايلى :
{عدم استحقاق الحساب الجارى أى نصيب فى أرباح الاستثمار}
وتمثل الحسابات الجارية مصدرا من مصادر تحقيق الأرباح فى المصارف الإسلامية فى حالة ما إذا كانت تمثل نسبة كبيرة من إجمالى الودائع نظرا لأنها ودائع غير مكلفة .
وتتفاوت نسبة الحسابات الجارية من مصرف لآخر , وكلما زادت قدرة المصرف على جذب الودائع غير المكلفة كلما أدى ذلك الى زيادة الموارد المالية للمصرف الغير مكلفة , مما يؤدى الى زيادة العائد الناتج من تشغيل هذه الموارد .
2)- الودائع الادخارية {حسابات التوفير} :
تعد الودائع الإدخارية أحد أنواع الودائع لدى المصارف الإسلامية , وهى تنقسم الى قسمين وهما :
أ - حساب الادخار مع التفويض بالاستثمار: ويستحق هذا الحساب نصيبا من الربح ويحسب العائد من الربح أو الخسارة على أقل رصيد شهرى , ويحق للمتعامل إلايداع أو السحب فى أى وقت شاء .
ب - حساب الادخار دون التفويض بالاستثمار: وهذا النوع لا يستحق ربحا ويكون حكمه حكم الحساب الجارى .
3)- ودائع الاستثمار { حسابات الاستثمار}:
وهى الأموال التى يودعها اصحابها لدى المصارف الإسلامية بغرض الحصول على عائد, نتيجة قيام المصرف الإسلامى باستثمار تلك الأموال , وتخضع هذه الأموال للقاعدة الشرعية " {الغنم بالغرم} ".
وتعد ودائع الاستثمار أهم مصدر من مصادر الأموال فى المصارف الإسلامية وتبلغ نسبتها فى بعض المصارف الإسلامية 8ر29% من إجمالى مصادر الأمول .
وتأخذ ودائع الاستثمار صورة عقد مضاربة بين المودعين وبين المصارف الإسلامية, تقوم المصارف بموجبه باستثمار هذه الأموال مقابل نسبة من الربح تحصل عليها , ويجب أن تحدد هذه النسبة مقدما فى العقد , وهى حصة شائعة فى ا لربح غير محددة بمبلغ معين , وتعد هذه النسبة عائد العمل للمصرف كمضارب فى أمواوتنقسم ودائع الاستثمار الي نوعين :
النوع الأول : الايداع مع التفويض .. بمعنى أن يكون للمصرف الحق فى استثمار المبلغ المودع فى أى مشروع من مشروعات المصرف , محليا أو خارجيا.
وهذا النوع يكون لأجال مختلفة 3 , 6 , 9, 12 , 24 شهرا وهذه المدة قابلة للتجديد .
وهذا النوع من الايداع مطبق فى بعض المصارف الإسلامية ويقوم على أساس عقد المضاربة المطلقة , وقد الزمت بعض المصارف الإسلامية المودع ( المضارب ) ألا يسحب الوديعة أو جزءا منها إلا بعد إنقضاء المدة المحددة للوديعة , وإلا فقد العائد عن الجزء المسحوب من الوديعة .
ومن تلك المصارف التى تطبق هذا النوع المصرف الإسلامى الدولى للاستثمار والتنمية بمصر , وبنك فيصل الإسلامى السودانى والمصرى .
النوع الثانى : الايداع بدون تفويض .. بمعنى أن يختار المودع مشروعا من مشروعات المصرف الإسلامى وتستثمر فيه أمواله , وله أن يحدد مدة الوديعة أو لا يحددها .
وهذا النوع من الايداع مطبق فى بعض المصارف الإسلامية حيث يقوم على أساس عقد المضاربة المقيدة , ومن تلك المصارف التى تطبق هذا النوع بنك دبى الإسلامى .
ويجب فى كلا النوعين من الودائع أن تحدد نسبة الربح مقدما فى عقد المضاربة ( مطلقة / مقيدة ) , لأن ذلك هو ما تقتضيه أحكام المضاربة والا فسد العقد لجهاله الربح .
4)- صكوك الاستثمار :
تعد صكوك الاستثمار أحد مصادر الأموال بالمصارف الإسلامية , وهى البديل الشرعى لشهادات الاستثمار والسندات .
وصكوك الاستثمار تعد تطبيقا لصيغة عقد المضاربة , حيث أن المال من طرف (أصحاب الصكوك) والعمل من طرف آخر (المصرف) .
وقد تكون الصكوك مطلقة أو مقيدة ويرجع ذلك إلى نوعية الصك, وتحكم قاعدة " الغنم بالغرم " توزيع أرباح صكوك الاستثمار .
وتأخذ صكوك الاستثمار الاشكال التالية :
أ - صكوك الاستثمار المخصصة لمشروع محدد :
يحكم هذه الصكوك عقد المضاربة المقيدة , حيث يقوم المصرف باختيار أحد المشروعات التى يرغب فى تمويلها , ثم يقوم بإصدار صكوك استثمار لهذا المشروع ويطرحها للاكتتاب العام , ويتم تحديد مدة الصك طبقا للمدة التقديرية للمشروع .
ويتم توزيع جزءا من العائد تحت الحساب كل ثلاثة شهور أو ستة شهور , على أن تتم التسوية النهائية حين انتهاء العمل بالمشروع , ويحصل المصرف على جزء من الربح مقابل الإدارة تحدد نسبته مقدما فى الصك .
ب - صكوك الاستثمار المخصصة لنشاط معين :
يحكم هذه الصكوك أيضا عقد المضاربة المقيدة, حيث يقوم المصرف باختيار أحد الأنشطة سواء كانت أنشطة تجارية أو عقارية أو صناعية أو زراعية, ثم يقوم باصدار صكوك استثمار لهذه الأنشطة ويطرحها للإكتتاب العام .
ويتم تحديد مدة الصك بين سنة إلى ثلاث سنوات وذلك طبقا لنوع النشاط , ويتم توزيع جزء من العائد تحت الحساب كل ثلاثة شهور أو ستة شهور, وتتم التسوية سنويا طبقا لما يظهره المركز المالى السنوى لهذا النشاط , ويحصل المصرف على جزء من الأرباح مقابل الإدارة تحدد نسبته مقدما فى الصك .
ج - صك الاستثمار العام :
يحكم هذا الصك عقد المضاربة المطلقة , ويعد هذا الصك أحد إدوات الإدخار الإسلامية , حيث يقوم المصرف الإسلامى , باصدار هذه الصكوك المحددة المدة غيرالمحددة لنوع النشاط , وتطرح هذه الصكوك للاكتتاب العام .
يستحق الصك عائد كل ثلاثة شهور كجزء من الأرباح تحت حساب التسوية النهائية فى نهاية العام وطبقا لما يظهره المركز المالى للمصرف .
ويحصل المصرف على جزء من الأرباح مقابل الإدارة تحدد نسبته مقدما فى الصك.
5) - دفاتر الادخار الإسلامية :
تعد دفاتر الإدخار الإسلامية أحد أنواع الودائع الإدخارية بالمصارف الإسلامية, ويمكن السحب والايداع بهذه الدفاتر فى أى وقت .
وهذا النوع من الدفاتر مطبق فى بعض المصارف الإسلامية ومنها المصرف الإسلامى الدولى للاستثمار والتنمية , ويتم صرف العائد لهذه الدفاتر سنوياوفقا لنتائج النشاط الفعلى للمصرف , ويمكن أن يتم صرف عائد ربع سنوى تحت حساب العائد , وعلى أن تتم التسوية فى نهاية العام .
6) - ودائع المؤسسات المالية الإسلامية :
انطلاقا من مبدأ التعاون بين المصارف الإسلامية , تقوم بعض المصارف الإسلامية التى لديها فائض فى الأموال , بايداع تلك الأموال فى المصارف الإسلامية التى تعانى من عجز فى السيولة النقدية , إما فى صورة ودائع استثمار تأخذ عنها عائد , أو فى صورة ودائع جارية لا يستحق عنها عائد .
7) - صكوك المقارضة المشتركة أو المخصصة :
تعد صكوك المقارضة المشتركة أو المخصصة من مصادر الأموال الخارجية للمصارف الإسلامية وهى ناتج البحث الذى قام به رجال المال والإقتصاد بالبنك الإسلامى الاردنى حول تمويل المصرف للمشروعات العامة بما لا يتعارض وأحكام الشريعة الإسلامية , وتوصلوا إلى أن يقوم البنك الإسلامى بالأردن بإصدار صكوك مقارضة على نوعين وهما:
أ - صكوك المقارضة المشتركة :
وهى صكوك يصدرها المصرف بفئات معينة ويطرحها فى الأسواق للاكتتاب ومن حصيلة هذه الصكوك يقوم المصرف بتمويل الاستثمارات التى يراها , كما يباشر عملياته المصرفية على اختلاف أنواعها , ومن صافى الأرباح مجتمعة يخصص المصرف جزءا منها لتوزيعه على أصحاب الصكوك ويوزعه عليهم بنسبة قيمة ما يملكه كل منهم من صكوك وبذلك تختلف قيمة ما يوزع عليهم من سنة لأخرى تبعا لما يحققه المصرف من عملياته مجتمعة من أرباح وبالتالى تنفى شبهه التحريم .
وتعد هذه الصكوك أحد المصادر الخارجية لجذب مدخرات جديدة وخاصة صغار المدخرين مما يوفر قدرا من السيولة لدى المصارف الإسلامية .
ب - صكوك المقارضة المخصصة :
ويختلف هذا النوع عن النوع الأول فى أن المصرف يقوم بدراسة عدة مشروعات ويقوم بتمويل ما يقع عليه اختياره عن طريق طرح صكوك لكل مشروع على حدة, ويقوم أصحاب المدخرات بالاكتتاب فى هذه المشروعات كل حسب اختياره , حيث يعد صاحب الصك فى مشروع معين شريكا فيه بقدر ما يملكه .
ويعد المصرف فى هذه الحالة وكيلا عن أصحاب الصكوك فى كل ما يتصل بإدارة المشروع ومراقبة اعماله وتوزيع أرباحه وهذا النوع من الصكوك يحقق فرصة للمدخرين فى اختيار المشروع الذى يرغبون فى الاكتتاب فيه .
8 ) - شهادات الإيداع :
تعد شهادات الإيداع أحد مصادر الأموال متوسطة الأجل بالمصارف الإسلامية ، ويتم إصدار تلك الشهادات بفئات مختلفة لتناسب كافة مستويات دخول المودعين وتتراوح مدة الشهادة من سنة إلى ثلاثة سنوات.
وتستخدم أموال تلك الشهادات في تمويل مشروعات متوسطة الأجل ويتم توزيع نسبة عائد شهري تحت حساب التسوية النهائية أو يتم توزيع العائد في نهاية الفترة .
9 )- صناديق الإستثمار.
تعد صناديق الإستثمار أحد مصادر الأموال في المصارف الإسلامية ، حيث تمثل أوعية إستثمارية تلبي إحتياجات ومتطلبات المودعين من استثمار اموالهم وفق المجالات التي تناسبهم سواء الداخلية منها أو الخارجية بما يحقق لهم عوائد مجزية .
ويقوم المصرف بإختيار أحد مجالات الإستثمار المحلية او الدولية وينشأ لهذا الغرض صندوق يطرحه للإكتتاب العام على المستثمرين ، ويقوم المصرف بأخذ نسبة شائعة في الربح مقابل إدارته للصندوق وعادة ما يتم توكيل أحد الجهات المختصة بهذا النشاط بإدارة الصندوق مقابل مبلغ معين .
وتكتسب هذه الصناديق أهميتها في تحديد مجال إستثمار الأموال مسبقاً ومدى مطابقة هذا المجال لأحكام الشريعة الإسلامية ، مما يمكن المستثمر أن يتخارج من الصندوق وفقاً لشروط محددة مسبقاً ضمن عقد المضاربة الشرعية الذي يحكم نشاط صناديق الإستثمار .