1) ازدواجية ملكية وسائل الإنتاج
تتكامل كل من الملكية العامة والخاصة في المنهج الإسلامي، ويعتبر وجود أحدهما ضروري بالنسبة لللآخر فلا يوجد تناقض أو تناحر بين الملكيتين وهذا لأن كل منهما يحدد بسياج من القيم التشريعية والخلقية والمعنوية.
إن إقرار الملكية الخاصة هي بمثابة إقرار للميل الطبيعي في الإنسان لتملك نتائج عمله، بينما تكمن أهمية إقرار الملكية العامة من باب تكفل الدولة بتوفير الحاجيات الضرورية التي تضمن حد الكفاية: مستوى لائق من العيش لكل فرد، وتمويل المشاريع اللازمة لذلك غير أن مشاريع كلا من الملكيتين متكاملة يتمم كل منها الآخر، ولهذا فإن المنهج الإسلامي للتنمية يحدد مجالات معينة للملكية العامة لوسائل الإنتاج تكون في أغلب الأحيان الثروات الطبيعية، والمرافق الضرورية، والمنافع العامة وبعض المنشآت القائمة على إنتاج بعض الاحتياجات التي تعد ضرورية بالنسبة لأفراد المجتمع والتي تتكفل الدولة بتوفيرها، وبعض المجالات التي لا يكون للملكية الخاصة القدرة على الاستثمار فيها.
وماعدا هذا يكون خاضعا للملكية الفردية هذه التي تعتبر حق ثابت ولا يمكن التعدي عليه أو تحويل ملكيته أو نزعها إلا في حالة وجود حاجة حقيقية فيها مصلحة راجحة للمجتمع يصاحب ذلك تعويضا عادلا.
إن المنهج الإسلامي لم يحدد الملكية الخاصة، بل لقد أجاز التفاوت في الثروات شرط أن تكون وسائل وأساليب الكسب المشروعة.
ويتضح لنا من خلال هذا الطرح أن المنهج الإسلامي للتنمية ينفرد بتعايش النشاطين الاقتصاديين العام والخاص، وهذا يكمل هذا ويدعمه، بينما تضطلع الدولة من خلال وحداتها الاقتصادية بالتكفل بقدر من النشاط لخدمة سائر أفراد المجتمع، يقوم الأفراد الخواص من خلال المشاريع الاستثمارية الخدماتية بتوفير باقي السلع والخدمات.
2) الحرية الاقتصادية
تعتبر الحرية الاقتصادية في تملك وسائل الإنتاج من أولى القواعد التي يقوم عليها المنهج الإسلامي للتنمية، حيث يكون الأفراد المالكين أحرارا في التصرف في ممتلكاتهم في ما يخص النشاط الاقتصادي، العمل الاستهلاك، الإنتاج، العقود وغيرها بشرط التقيد بقيود معنية تتماشى مع قيم المجتمع وتتحدد بحدود الشريعة الإسلامية وسنوجز أهم هذه الشروط في النقاط التالية:
- يجب أن يكون نشاط الفرد نافعا له ولمجتمعه.
- يجب أن لا يتعارض نشاط الفرد مع أهداف المجتمع واحتياجاته
- أن يسلك في إشباع حاجاته واستغلال الموارد المتاحة بالطرق المشروعة.
- الابتعاد عن كل ما من شأنه إهدار الموارد أو سوء استخدامها.
- مراعاة عدم الإضرار بالنفس أو المجتمع في مجالي الإنتاج والاستهلاك.
- الابتعاد عن إنتاج الخبائث أو استهلاكها أو التعامل بها.
- دفع الفرائض المستحقة على الأموال كالزكاة وإخراج وغيرها…
- عدم اكتناز الثروة أو حجبها أو تعطيلها عن مجال الاستثمار.
- التحلي بالقوام في الاستهلاك، فلا إسراف ولا تقتير حسب ما تقضيه الظروف المحيطة.
- أن يتقيد الأفراد بنوعية الإنتاج التي تتطلبه مرحلة وظروف التنمية في الاقتصاد القومي.
3) تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي.
من القواعد الأساسية للتنمية الاقتصادية في المنهج الإسلامي التدخل في الملكية الفردية، ويستهدف هذا التدخل على السير المتوازن للنشاط الاقتصادي، ولا يكون تدخل الدولة مشروعا إلا في حالات معينة تستدعي ذلك وسنوجز أهم الحالات التي تمكن الدولة من التدخل في الملكية الفردية وذلك في النقاط التالية:
- الحالات التي تكتسب فيها الملكية بطرق غير شرعية مثل الغش بجميع أنواعه، كالغش في الميزان وأنواع السلع، وفي النقود.
- الإنتاج أو الاتجار في الخبائث مثل الخمر والمخدرات، الميتة، الخنزير، الأصنام، آلات اللهو المنهي عنها والزنا والكهانة والشعوذة.
- الاستغلال الوظيفي، والسرقة والقمار والمراهنات، الغصب، الاختلاس، الربا، الاحتكار.
- الحقوق التي على الملكية للغير كالزكاة، الرهن، اللقطة، الإنفاق الواجب.
- إساءة التصرف في الملكية وسوء استخدامها، كالصغير، السفيه، وجميع حالات الإضرار بالغير.
- الجنايات التي تستدعي عقوبة مالية.
- ما تستدعيه ظروف المجتمع الحالات أخرى مختلفة.
وتتمثل أشكال التدخل في جميع في حالات فيما يلي:
• استيفاء الحقوق.
• المصادرة والغرامات المالية أو الإتلاف في بعض الحالات كإنتاج الخبائث.
• الحجز ومنع التصرف.
4) المنافسة الحرة
من بين القواعد التي ترتكز عليها حرية التعامل في الأسواق في المنهج التنموي الإسلامي المنافسة الحرة الشريفة بين المنتجين، وهذا لضمان تفاعل جيد بين قوى العرض والطلب في ظل حرية تامة لتحديد الأسعار.
وكونها حرة وشريفة لأنها تخضع لضوابط تمنع ظهور العوامل التي تجعل المنافسة الحرة هدامة كما هو الحال في النظام الرأسمالي وهذه الضوابط شرعية نوجزها فما يلي:
- منع الاحتكار بجميع أنواعه.
- منع الغش والتدليس والتطفيف والغرر.
- منع الوساطة التي يترتب عليها التأثير في حرية الأسواق.
- ضمان الوساطة التي يترتب عليها التأثير في حرية الأسواق.
- ضمان الحقوق العادلة لكل من المنتجين والمستهلكين.
- منع التعامل بأي شكل من أشكال الربا وكل ما يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل.
- ضرورة تحلي المنتجين بالصدق من جهة ومراقبة الدولة المستمرة للأسواق من جهة أخرى.