مواجهة التحديات والموقف من العولمة:
الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري
أمين الفتوى في إدارة الإفتاء العام والتدريس الديني، وزارة الأوقاف، سورية
أستاذ الفقه المقارن والاقتصاد الإسلامي
E.Mail:alzatari@scs-net.org
www.alzatari.org
إن عصر العولمة الذي نعيش فيه هو عصر التكتلات الاقتصادية ولم يعد أمام المسلمين مفر من مواجهة هذه الحقيقة.
وليس من الحكمة أن تقف أقطار العالم الإسلامي مكتوفة الأيدي إزاء ظاهرة العولمة، بل يجب أن تأخذ بالأسباب لمواجهة سلبياتها بالموضوعية قبل فوات الأوان، ويرى الكاتب أن هناك حاجة لإعطاء أولوية عليا للجوانب الآتية:
1- نحو مشروع حضاري إسلامي: في ضوء التحديات والمستجدات التي يشهدها العالم فإنه لا خيار للدول الإسلامية في المرحلة المقبلة سوى الاعتماد على الذات وصياغة مشروع مستقبلي قادر على تعبئة الجهود، وإعادة الديناميكية إلى الأمة ومؤسساتها، وتعزيز لحمة التكامل الاقتصادي والتنموي بين أقطارها، ويهدف المشروع إلى تكوين الشخص المسلم الذي يفقه الدين ويفهم العصر، ولا يكون ذلك إلا بتعميق الإيمان وصدق العطاء.
والمشروع الحضاري يحتاج إلى الوعي لدي جماهير الأمة الإسلامية بأهمية النهضة للعالم الإسلامي، وهذا يتطلب ضرورة العمل الجاد على محو الأمية في العالم الإسلامي.
فالعلم هو سلاح العصر والذي يملك العلم يملك القوة، ومن هنا فلا مفر أمام المسلمين من التسلح بالعلم الذي هو فريضة إسلامية لا يجوز التفريط فيها.
2- التكامل الاقتصادي: فدول العالم الإسلامي لا تستطيع مواجهة متطلبات العولمة اعتماداً على الإمكانات القطرية، فالترابط والتكامل الاقتصادي الإسلامي أصبح قضية مصيرية.
ولكن من المحزن حقاً أن نرى حماس الدول الإسلامية للتكتل والاندماج يضعف ويخبو في الوقت الذي أصبح فيه الاندماج والتكتل سمة العصر.
إن التكتل المنشود يحتاج إلى إرادة قوية، وشعور جماعي بالأخطار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تواجه المسلمين، والتي تتعاظم في ظل تدنى مستوى التعاون بين الدول الإسلامية، وفرض سياسات العولمة على الأمة الإسلامية.
3- ضرورة التنمية البشرية: فالعنصر البشري ركيزة كل تقدم علمي وتكنولوجي قديماً وحديثاً، وللتنمية البشرية جانبان:
الأول: تشكيل القدرات البشرية مثل تحسين الصحة والمعرفة والمهارات.
الثاني: انتفاع الناس بقدراتهم المكتسبة في المجالات الشخصية.
4- الشفافية ومحاربة الفساد: لقد أخذ الفساد يستشري في كثير من دول العالم الإسلامي، وبات أمراً عادياً وليس وضعاً شاذاً أقرب إلى الاستثناء.
وللفساد آليتان رئيسيتان هما:
1- العمولة لتسهيل عقد الصفقات.
2- وضع اليد على المال العام، والمحسوبية، أي تحويل الموارد الحقيقية من المصلحة العامة إلى أصدقاء الحاكم السياسيين.
ويعد الفساد الإداري أحد أهم المشاكل التي تعاني منها دول العالم الإسلامي، وقد صنفت مؤسسة الشفافية الدولية التي يشرف عليها البنك الدولي 85 دولة حسب مدى انتشار الفساد في سلم تنازلي من 10 (الأكثر نزاهة) إلى صفر (الأقل نزاهة). ووفق هذا السلم فإن أكثر الدول الإسلامية نزاهة جاءت في موقع متوسط، واعتبرت ماليزيا من بينها الأكثر نزاهة وحصلت على 53 نقاط، تلتها تونس (5 نقاط)، ثم الأردن (47 نقاط)، أما أقل الدول الإسلامية نزاهة فهي نيجيريا وحصلت على 19 نقطة، ثم إندونيسيا (نقطتان)، ثم باكستان (27 نقطة). وللمقارنة: جاءت الولايات المتحدة الأميركية في المرتبة السابعة عشرة بمجموع 75 نقاط، أما إسرائيل فقد جاءت في المرتبة التاسعة عشرة بمجموع 71 نقاط( ).
المصدر:
http://www.alzatari.org/show_art_details.php?id=650