الصيرفة الاسلامية والعولمة
لاحم الناصر
لاتكاد تقرأ بحثا او مقالا يتحدث عن ابرز التحديات التي تواجه صناعة الصيرفة الاسلامية الا وتجد ان من ابرز التحديات المذكورة في البحث او المقال تحدي العولمة المتثمل في تحرير تجارة الخدمات المالية بحيث تصبح اسواق الدول الاسلامية مفتوحة لجميع المؤسسات المالية العالمية لتقديم خدماتها وافتتاح فروعها بعد ان كانت هذه الاسواق حكرا على المؤسسات المالية الوطنية او الاقليمية وفي الحقيقة انني اعتبر ان ابراز العولمة على انها تحدي لصناعة الصيرفة الاسلامية امر فيه من التعميم وتبني النظريات القائمة وركوب لموجة الضجيج المصاحبة للطرح الشعبوي عن العولمة اكثر منها حقائق علمية مبنية على الدليل فيجب علينا عند الحديث عن اثار العولمة على الصيرفة الاسلامية التفريق بين تأثيرها على المؤسسات المالية الاسلامية القائمة وبين تأثيرها على صناعة الصيرفة الاسلامية ككل ،فاذا كان المقصود هو تأثير العولمة على المؤسسات المالية الاسلامية القائمة والمحتكرة لتقديم هذه الخدمة في البلاد الاسلامية فنعم هي ستتأثر دون ادنى شك حيث ان الكثير منها لا يرقى الى مستوى المؤسسة المالية فضلا عن منافسة كبريات بيوت ومؤسسات المال العالمية فقد بقيت هذه المؤسسات المالية الاسلامية ردحا من الزمن وتحت لافتة تطبيق احكام الشريعة الاسلامية تقدم الخدمات المالية الاسلامية بصورة رديئة دونما حافز للتجديد او التطوير بل زادات على ردائة الخدمات استغلال حاجة العميل لمثل هذه الخدمات بفرض العمولات والارباح الباهظة حتى اصبح هذا الاستغلال سمة بارزة للصيرفة الاسلامية حتى بعد دخول منافسين جدد لهذا المجال تمثل في دخول المؤسسات المالية التقليدية و تقديمها للخدمات المالية الاسلامية .
اما ان كان المقصود هو تأثير العولمة على صناعة الصيرفة الاسلامية كصناعة ففي الحقيقة ان صناعة الصيرفة الاسلامية هي صناعة معولمة بطبيعتها فليست محصورة في منطقة او اقليم او دولة معينة بل هي منتشرة في جميع اجزاء المعمورة تتبناها وتقدمها ابرز المؤسسات المالية الغربية من دويتشه بنك الى مجموعة اتش اس بي سي البريطانية و مجموعة ستي بنك الامريكية وغيرها الكثير من المؤسسات المالية الغربية ولا شك ان تأثير العولمة على هذه الصناعة داخل الدول الاسلامية سيكون ايجابيا حيث ستقوم هذه المؤسسات المالية العريقة بنقل خبرتها الى هذه الدول الاسلامية مما سيطور هذه الصناعة داخل الاقطار الاسلامية، كما ان دخول هذه المؤسسات المالية العريقة للدول الاسلامية سيؤدي الى اشتداد المنافسة بينها لاجتذاب رؤس الاموال الراغبة في الاستثمار وفق احكام الشريعة الاسلامية مما سيجعل من تطوير ادوات الاستثمار الاسلامي هما بالنسبة لهذه المؤسسات لاكتساب الميزة التنافسية.
ان المؤسسات المالية الغربية وبما تملك من رؤس اموال ضخمة وخبرات ادارية وعملية قادرة على تطوير ادوات مالية اسلامية شديدة التعقيد خصوصا في الجانب الاستثماري والذي تنأى كثير من المؤسسات المالية الاسلامية عن البحث فيه او تطويره لان الكثير من هذه المؤسسات المصرفية الاسلامية هي بنوك تجارية وليست استثمارية فلم تعنى بتطوير ادوات الاستثمار لديها بل نشطت منذ نشئتها في ابتكار وتطوير ادوات التمويل فاصبح الجانب الاستثماري اقل جوانب الصيرفة الاسلامية تطورا ونموا.