أولاً-مفهوم الفقر:
يدلّ مفهوم الفقر على وجود أوضاع وظروف معيشية لفئات اجتماعية، وهي أوضاع تتسمم بالحرمان على مستويات مختلفة، غير أنه تسود مفاهيم عديدة للفقر في الأدبيات الحديثة ذات العلاقة بموضوع الفقر، و التي تصف الفقراء بأنهم أولئك الذين ليس بمقدورهم الحصول على سلة السلع الأساسية التي تتكون من الغذاء والملابس والسكن، إضافة إلى الحد الأدنى من الاحتياجات الأخرى مثل الرعاية الصحية والمواصلات والتعليم.
من جهة أخرى تركز بعض مفاهيم الفقر على أشكال مختلفة من الحرمان، وتشمل أشكال الحرمان الفسيولوجية والاجتماعية، الأولى تتمثل في انخفاض الدخل (أو انعدامه) والغذاء والملبس والمسكن، ومن هنا فهي تشمل فقراء الدخل وفقراء الحاجات الأساسية، أما الحرمان الاجتماعي فهو مرتبط بالتباينات الهيكلية المختلفة كالائتمان، الأرض، البنى التحتية المختلفة، وحتى الأملاك العامة (المشتركة)، إضافة إلى عدم تمكن "الفقراء" من الاستفادة من الأصول الاجتماعية كالخدمات الصحية والتعليمية.
كما يعرف على أنه عدم القدرة على بلوغ الحد الأدنى من الشروط الاقتصادية والاجتماعية التي تمكن الفرد من أن يحيا حياة كريمة. والفقر له أبعاد وأشكال متعددة، هناك بعد اقتصادي، إنساني، سياسي، سوسيو ثقافي، وقائي.
ومن المهم الإشارة إلى مفهوم الفقر من وجهة نظر الفقراء أنفسهم، حيث يرونه نتيجة لعدم القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للفرد والأسرة والمتمثلة في توفير المأكل والملبس والمسكن الملائم، وضمان العلاج وتوفير المستلزمات التعليمية لأفراد الأسرة وتسديد فواتير الماء والكهرباء وتلبية الواجبات الاجتماعية.
ثانياً- أنـواع الفقر:
يمكن النظر إلى ظاهرة الفقر من عدة زوايا منها:
1-الفقر المطلق و الفقر النسبي: حيث يعطي المفهوم الأول حداً معيناً من الدخل، وتعتبر الأسرة فقيرة إذا قل دخلها عن هذا الحد، في حين يشير الفقر النسبي إلى الحالة التي يكون فيها دخل الأسرة أقل بنسبة معينة من متوسط الدخل في البلد، وبالتالي تتم المقارنة في هذه الحالة بين فئات المجتمع المختلفة من حيث مستويات المعيشة.
2- الفقر الثابت و المؤقت: الفقر الثابت المتواصل وهو جماعي هيكلي، والفقر الطارئ أو الظرفي هو الناجم عن أزمة اقتصادية أو عسكرية أو سياسية عابرة أو الكوارث الطبيعية وهو عادة ما يمكن تجاوزُه بالتكافل و التضامن الشعبي والدولي.
3- تصنيفات أخرى للفقر
أ- الفقر الاقتصادي: الذي يعني عدم قدرة الفرد على كسب المال، على الاستهلاك، على التملك، الوصول للغذاء...الخ.
ب-الفقر الإنساني: هو عدم تمكن الفرد من الصحة، التربية، التغذية، الماء الصالح للشرب والمسكن، هذه العناصر التي تعتبر أساس تحسين معيشة الفرد و الوجود.
ج-الفقر السياسي: يتجلى في غياب حقوق الإنسان، المشاركة السياسية، هدر الحريات الأساسية و الإنسانية. الفقر السوسيوثقافي: الذي يتميز بعدم القدرة على المشاركة على اعتبار الفرد هو محور الجماعة و المجتمع، في جميع الأشكال الثقافية والهوية و الانتماء التي ترابط الفرد بالمجتمع.
هـ-الفقر الوقائي: هو غياب القدرة على مقاومة الصدمات الاقتصادية و الخارجية
ثالثا- أسباب تفشي ظاهرة الفقر:
باختصار شديد يمكن إدراج أهم أسباب الفقر تبعا لأسباب أو أبعاد رئيسية وهي إما بعد سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي، وتعتبر تلك الأبعاد ذات تأثير قوي على الفرد والمجتمع ككل.
1- البعد السياسي: و من هذا البعد نجد أن التوزيع الجغرافي لبعض البلاد قد يؤثر على مستوى المعيشة بالنسبة لأفراد المجتمع وذلك بسبب قلة الموارد المتاحة للأفراد وبالتالي يؤثر على مستوى المعيشة نظرا لسوء التوزيع الجغرافي.
أضف إلى ذلك الحرب التي تؤثر على مستوى معيشة الفرد وتجعله يعيش في مستوى أدنى للمعيشة وذلك لأن الحروب تؤثر على النشاط الاقتصادي وعلى الموارد الموجودة، والحصار الذي يفرض على أي بلد سيؤثر على الأفراد أيضا لأنه يوقف أي نشاط أو استثمار وبالتالي لا يجد أفراد المجتمع أمامهم إلا الموارد المتاحة لهم والمحدودة وبالتالي يصلوا إلى مرحلة الفقر المطلق وهي عدم القدرة على إشباع الحاجات الأولية (كالمأكل - والملبس).
بالإضافة إلى أنإتباع سياسة معينة و مجحفة في بعض المجتمعات تكون السبب في ظهور ظاهرة الفقر خلال امتلاك بعض من أفراد المجتمع ذوي السلطة والجاه لمعظم ثروات المجتمعدون البعض الآخر.
2- البعد الاقتصادي: يظهر من خلال بعض الأزمات الاقتصادية في بعض المجتمعات التأثير المباشر على المجتمع وأفراد المجتمع مثل:
- عدم الاستفادة من الموارد التي تساعد على رفع المستوى الاقتصادي للبلد أو المجتمع.
- إن التطورات الاقتصادية مثل الجات والعولمة والخصخصة والتمويل الاقتصادي لا يعتبر نجاحاً اقتصادياً في بعضالمجتمعات بقدر ما هو سبباً يعمق و يوسع هوة الفقر.
- عدم استغلال الموارد الطبيعية الموجودة في المجتمع مثل (البترول - الزراعة - الأنهار) استغلالاً عقلانيا يكون فيه بالتالي معدل استهلاك أفراد المجتمع أكثر من الإنتاج.
- عدم الاهتمام بإنشاء أنشطة جديدة داخل المجتمع لزيادة من دخل المجتمع وأفراده و تحسين مستوى ثروة الأمة.
- عدم الاهتمام بتكوين علاقات جيدة مع العالم الخارجي للمجتمع لتبادل الأنشطة التجارية بين المجتمعات وبعضها البعض.
3- البعد الاجتماعي: ويظهر من خلال ثقافة المجتمع والمبادئ التي يقوم عليها هل هي المساواة أم اللامساواة بين أفراد المجتمع.
- كعدم تقديم الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل بالنسبة لأفراد المجتمع و التي تعتبر من أهم الأسباب المؤدية لظهور الفقر.
- ظهور النظام الطبقي والتمايز بين الطبقات الذي يؤدي إلى عدم وجود مشاركة فعالة بين أفراد المجتمع.
- عدم الاهتمام بالتنمية الثقافية بالنسبة لأفراد المجتمع قد يكون ضمن الأسباب المؤدية لظهور الفقر.
رابعاً- الآثار السلبية لظاهرة الفقر
- البقاء في دائرة الحروب مما يؤدي بدمار أفراد المجتمع وانهياره ككل.
- انخفاض مستوى المهارة وظهور الأمية (الجهل).
- ظهور وانتشار الأمراض وانخفاض مستوى الرعاية الصحية مما تؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات.
- نقص وسوء التغذية والتي تؤدي إلى انتشار الأمراض.
- تدني مستوى الإسكان.
- ظهور الآفات الاجتماعية مثل التفكك الأسري الناتج عن عدم قدرة رب الأسرة على تحمل المسؤولية لباقي أفراد الأسرة ممايؤدي إلى:
- اللجوء إلى نزول الأطفال إلى مجال العمل وترك الدراسة لمساعدة سد احتياجات الأسرة من مأكل وملبس.
- انتشار الجرائم مثل القتل والسرقات والاختلاس الناتج من انخفاض الدخل ومستوى المعيشة رغبة في الحصول على المال لسد احتياجات الأسرة.
- قلة فرص التعليم بالنسبة لأفراد المجتمع.
- نقص القدرة والضعف الجزئي والكلي عن المشاركة بفاعلية في الحياة الاجتماعية والاستمتاع بثمار التطور الحضاري والتنمية.