ch.ch
مشرف
عدد الرسائل : 2822
تاريخ التسجيل : 23/12/2007
 | | موضوع: ضرورة التنوع و التكامل في الصناعة المالية الاسلامية الخميس 31 يناير - 23:48 | |
| ضرورة التنوع والتكامل في الصناعة المالية الإسلامية بالرغم من أهمية المصارف التجارية في القطاع المالي في أي بلد، إلا أنها لا تكفي وحدها من أجل النهوض بالصناعة المالية، بل لا بد من توافر أنواع أخرى عديدة من المؤسسات المالية لكي تنجح الصناعة المالية في أداء مهمتها في دعم النمو الاقتصادي وتعزيزه.
فبالإضافة للمصارف التجارية، هناك البنوك الاستثمارية والبنوك المتخصصة وشركات رأس المال المخاطر والشركات الاستثمارية وصناديق الاستثمار ومؤسسات إدارة المخاطر وشركات التأمين، وغيرها. وكلما كان الاقتصاد أكثر تقدماً كلما كانت الصناعة المالية أكثر تنوعاً ومن ثم أكثر قدرة على الاستجابة للاحتياجات المتجددة والمتعددة للنشاط الاقتصادي. ولذا فمن الخطأ الفادح أن تقتصر الأنظمة في أي بلد على أنواع محدودة، مثل المصارف التجارية وشركات التأمين، وتغلق الباب أمام الطيف الواسع من المؤسسات المالية والاستثمارية الأخرى. فهذا القصور يؤدي إلى هجرة رؤوس الأموال من جهة، وإلى نشوء سوق سوداء للاستثمار والتمويل من جهة أخرى، مما يؤدي إلى ارتفاع مخاطر الاستثمار وتكلفة التمويل ومن ثم تأخر النمو الاقتصادي.
وإذا نظرنا إلى الأسس التي يقوم عليها التمويل الإسلامي والقواعد التي تحكم أنشطته المختلفة، وجدناها تشجع على التخصص بسبب ارتباطها الوثيق مع النشاط الاقتصادي المنتج. فعقود التمويل الإسلامية، كالبيع الآجل والسلم والإجارة والمشاركة وغيرها، عقود تفرض الترابط بين التمويل وبين النشاط الحقيقي. هذا الترابط يقتضي نوعاً من التخصص في النشاط التمويلي بحسب القطاع الذي تطبق فيه هذه العقود، وذلك لكي ينجح الممول في حفظ حقوقه وتحقيق الكفاءة ومن ثم الربحية اللازمة. فقواعد التمويل الإسلامي تقتضي تخصص المؤسسات المالية بحسب مجالها ونطاق عملها.
والتخصص من شأنه أن يرفع مستوى الكفاءة ومعدل الإنتاجية، كما هو معلوم في أبجديات النظرية الاقتصادية. كما أنه يتيح الفرصة لبناء صناعة مالية تتكامل فيها المؤسسات المتخصصة مع بعضها لتصبح الصناعة إجمالاً أقدر على الاستجابة للمتطلبات الاقتصادية للتنمية.
إن الصناعة المالية شأنها شأن البناء، له أصول وقواعد تقوم عليها سائر أجزاء البناء وجوانبه المختلفة. والمنطق الاقتصادي يقتضي أن تكون القدرة على تحمل المخاطر هي معيار تدرج المؤسسات المالية في بناء الصناعة، حيث تكون المؤسسات الأقدر على تحمل المخاطر أساساً لما فوقها. وهذا يستلزم البدء بشركات رأس المال المخاطر، تليها شركات التمويل والاستثمار المتخصصة، تليها المصارف الاستثمارية، تليها صناديق الاستثمار، ثم على رأس الهرم تقف المصارف التجارية. فالمصارف التجارية هي الأقل قدرة على تحمل المخاطر ولذلك ينبغي أن تكون هي المرحلة الأخيرة في البناء. وهي لكي تنجح في عملها لا بد لها من مؤسسات مكملة أقدر على تحمل المخاطر، وهذه بدورها تحتاج إلى من هو أقدر، وهكذا حتى الوصول لقاعدة البناء. تماماً كما هو الشأن في القطاع التجاري، حيث يعتمد تاجر التجزئة على تاجر الجملة، وهذا على المورد، وهذا على المصنّع. فالمصنّع هو الأقدر على تحمل المخاطر، يليه المورد وهكذا. فالتكامل بين أجزاء الصناعة يعتمد بشكل كبير على توزيع المخاطر بين المؤسسات المختلفة بحسب تخصصها. فالتخصص ضروري لتحقيق التكامل، وهذا بدوره يجعل الصناعة قادرة على تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية بمرونة وكفاءة.
والمتابع اليوم للصناعة المالية الإسلامية يلاحظ غلبة المصارف التجارية على سائر أنواع المؤسسات المالية الأخرى. وهذا يؤدي إلى أن تظل الصناعة الإسلامية عالة على المؤسسات التقليدية في جوانب حيوية من عملها، مما يؤثر سلباً في مسيرة التمويل الإسلامي ومصداقيته. كما أنه يجعل الصناعة الإسلامية تفتقر إلى التكامل ومن ثم القدرة على تحقيق أهداف التنمية التي يتطلع إليها الجمهور الإسلامي. وأياً ما كانت الأسباب التاريخية التي جعلت الاهتمام ينصب في البداية على المصارف التجارية، فالفرصة اليوم متاحة لاستدراك هذا الخلل في بناء الصناعة المالية الإسلامية، والعمل على استدراك الثغرات الكبيرة التي يعانيها.
| |
|
