| مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:08 | |
| د. نادر فرجانى
مدير مركز "المشكاة" للبحث، مصر (الموقع على الإنترنت: www.almishkat.org)
(تم نقل الموضوع من الموقع المذكور من دون إجراء أي تصحيح إملائي )
مايو 1998
المحتويات
مقدمة
التعليم العالى في السياق المجتمعى
الدور المتغير للتعليم العالى في البلدان المتقدمة
انعكاس تغير دور التعليم العالى على البلدان العربية
العائد على التعليم العالي
العائد المجتمعي - مقارنة دولية
العائد الفردي؛ الخاص والاجتماعي
دور التعليم العالي في تنمية البلدان المتخلفة
خصائص التعليم العالي في البلدان العربية
البنية المؤسسية
الالتحاق بالتعليم العالي
الإنفاق على التعليم العالي
نوعية التعليم العالي في البلدان العربية
التعليم العالي وعالم العمل والإنتاج
التعليم العالي في سياق تحول الاقتصاد السياسي في البلدان العربية: عن حافز الربح
نحو تعليم عال ممكّن من التنمية في البلدان العربية
أولاً: استمرار مسؤولية الدولة مع تحرير مؤسسات التعليم العالي من سلطان الحكومة ومن حافز الربح
ثانياً: هزة شديدة لمؤسسات التعليم العالي القائمة بهدف تحسين النوعية مع عدم السماح بمؤسسات جديدة إلا بضمان مستوى نوعية أرقى جوهريا من المستهدف
ثالثاً: إقامة نسق للتعليم العالي المرن، والمواكب لاحتياجات التنمية
رابعاً: برنامج فعال للتعاون العربى
المراجع
ملحق: جداول إحصائية
مقدمة
التعليم العالي، مثله كأى نسق تعليم نظامى، ليس إلا انعكاساً للسياق الاجتماعى والاقتصادى العام. وليس بالمستغرب، والحال كذلك، أن يعانى التعليم العالي في البلدان العربية من مشكلات ضخمة.
غير أن التعليم العالي، خاصة الجامعى، يعد في كثير من البلدان المتخلفة، ومن بينها العربية، كقدس الأقداس التعليمية، وليس هذا بمستغرب في مجتمعات كان التعليم العالي فيها أمراً بعيد المنال عن الغالبية الساحقة حتى عصر قريب. هذا على حين أصبح تهرؤ التعليم العالي، خاصة في منظور تردى نوعيته، من معالم التخلف، بمعايير العصر. بل قد يصبح هذا التهرؤ، أحد آليات تدويم التخلف في عالم القرن الواحد والعشرين.
وقد آن الأوان لتغيير هذه النظرة. فلا صلاح لأمة دون تعليم عال، فعال وحيوى ودائب التطور. ومن ثم فقد صار ملحاً أن يتوفر العرب على إصلاح جذرى للتعليم العالي في سياق نهضة تعليمية عامة أمست ضرورية لمستقبل أفضل في الوطن العربى.
ولا يقتصر تعريف التعليم العالي في هذه الدراسة على الجامعات، وإن كان من الطبيعى أن تركز عليها باعتبارها القطب المهيمن على النسق كله.
ويواجه البحث في أوضاع التعليم العالي في البلدان العربية عقبة ضعف المعلومات، ولاسيما عن نوعية التعليم. وتعد دراسة صبحى القاسم (بالإنجليزية، 1995) مصدر المعلومات شبه المتكامل الوحيد عن التعليم العالي في البلدان العربية، بالتركيز على مؤشرات العلم والتقانة. ولكن تتوقف أغلب البيانات في هذه الدراسة عند أوائل التسعينيات. ولا توفر الدراسة في بياناتها عنصر المقارنات الدولية، أو التغير عبر الزمن. وبالمقابل، لا يمكن تجميع صورة أحدث، حتى عن المعالم الرئيسية، للتعليم العالي في جميع البلدان العربية من أحدث إصدارات المصدرين الدوليين الأساسيين: منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو).
وتجدر الإشارة إلى أن البلدان العربية تتفاوت بيِّناً في الحجم وفي البنية الاجتماعية والاقتصادية، بما ينعكس على أوضاع رأس المال البشرى والتعليم فيها. وتقوم كذلك تفاوتات مهمة داخل البلدان العربية. وتقلل ندرة البيانات، الدقيقة والحديثة والمقارنة، من قدرة الباحث على الإمساك بتفاصيل الصورة. على وجه الخصوص، يظهر أن التعليم العالي اتسم تقليديا بجودة أعلى نسبياً في بلدان المغرب العربى، وحافظ عليها بنجاح أكبر حتى الآن، خاصة في تونس. غير أن المجـال لا يتسع في ورقة مثل الحالية إلا للتعرض إلى القسمات العامة والغالبة مع التحفظ، مسبقاً، بقيام التنوع.
كذلك لا تحتمل الدراسة الحالية الإحاطة بتفاصيل كل موضوع يطرح[1]، وإنما تتوخى إلقاء نظرة تحليلية على السمات الحاكمة لعلاقة التعليم العالي والتنمية في البلدان العربية. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:09 | |
| التعليم العالي في السياق المجتمعي:
أصبح من الطبيعى في نهايات القرن العشرين تقسيم العالم إلى بلدان سابقة، أو متقدمة، وأخرى لاحقة لها، أو متخلفة عنها، على الدرب نفسه، بعد انتصار الرأسمالية، وغلبة نسق السوق، وتصاعد سيادة العولمة، ولو إلى حين.
ومن المهم توضيح أن العولمة ليست صيرورة محايدة، تنتمى إليها أمريكا وموريتانيا مثلاً على حد سواء. فالعولمة في واقع الأمر تعنى هوان الدولة- الأمة أمام تنامى قوة الفاعلين الأقوى على صعيد رأس المـال العالمى، أى الشركات الكبرى عابرة الجنسيات- الأمر الذى ينطوى على مزيد من هيمنة رأس المال على العمل على الصعيد العالمى. ولكن الأهم، ربما، هو أن العولمة تعنى، في واقع الأمر، "التغريب" Westernisation أو "الأمركة" Americanisation، سواء على مستوى التنظيم الاقتصادى، أى نظام السوق، أو السياق الثقافي العام.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد. إذ تدفع توليفة من الظروف المحلية والدولية بعض البلدان المتخلفة، ومن بينها عربية، إلى ترسيخ بعض من أسوأ قسمات نظام السوق بتركه طليقاً مع غل يد الدولة واستمرار التضييق على العمل الأهلى. هذا مع أن إجماع الرأى الآن هو أن سلامة البنية المجتمعية تتطلب توازناً دقيقاً، وتضافراً حيوياً، بين الحكومة وقطاع الأعمال والمجتمع المدنى. ويعنى كل ذلك أن العولمـة تقابل في البلدان العربية أمركة متخلفة ومشوهة تفتقر إلى الكثير من مزايا التنظيم الاجتماعى السائد في الاقتصادات الرأسمالية الناضجة: عملية ديمقراطية نشطة، توازن بين قطاعات المجتمع (الحكومة، وقطاع الأعمال والمجتمع المدنى)، وآليات ضبط فعالة لكل من هذه القطاعات.
الدور المتغير للتعليم العالي في البلدان المتقدمة:
مؤسسات التعليم العالي، في الغرب، مؤسسات اجتماعية مركبة تشتهر بالجمود والمحافظة. وإن كانت "تنتج" ما يسمى، في العرف الاقتصادى، سلعة عامة public good: المعرفة، فهى تتسم كذلك بالاستقلال، وتحافظ عليه بشراسـة. ويتمتع الأكاديميون بمستوى اقتصادى وظروف عمل متميزة وبمكانة اجتماعية مرموقة. ويحمى الأساتذة عادة نظام تعيين دائم tenure يضمن لهم حرية التعبير والموقف. وتعتز الجامعـات العريقة بالتقاليد الأكاديمية وتزود عنها بقوة. ويجعل كل ذلك من التغيير في التعليم العالي بطيئاً وصعباً.
ومع ذلك فقد مرت الجامعات، في الغرب، بتطورات وإصلاحات مهمة خاصة منذ نهايات القرن التاسع عشر. فقد كانت الجامعات تركز، تقليدياً، على دور نقل المعرفة من خلال التدريس عوضاً عن إنتاج المعرفة من خلال البحث. ولم تقبل الدور الأخير إلا عبر صراع لم يكن سهلاً دار، في البداية، حول تطوير جامعة برلين قرب نهاية القرن التاسع عشر (من خلال جهود همبولدت Humboldt). وتلى تلك النقلة تبلور دور الجامعة في خدمة المجتمع. وبذلك تكاملت الوظائف الثلاث المعروفة للجامعة حول منتصف القرن العشرين، وتعاظمت أهميتها.
ومنذ الستينيات، مثل شباب الجامعات طليعة حركة مجتمعية ضخمة لنقد الجامعات والمطالبة بتطوير دورها الاجتماعى. وترتب على ذلك أن اضطرت الجامعات لقبول قدر من الديمقراطية في شؤونها من خلال إشراك شباب الأكاديميين، والطلبة، في اتخاذ القرار. كما زادت الحكومـات من اهتمامها بالجامعات، ومن التدخل في شؤونها. وارتبطت هذه التطورات بنشوء فكرة مساءلة accountability الجامعات عن مدى خدمتها لأغراض المجتمع، وعن كفاءة استخدامها للأموال، الأمر الذى يعده البعض تضييقاً لنطاق استقلال الجامعات.
كذلك شهد الثلث الأخير من القرن الحالى بعض التطورات المهمة في تنظيم مؤسسات التعليم العالي مثل الاهتمام بمرونة الالتحاق بالتعليم العالي وإتاحته مدى الحياة من خلال الجامعة المفتوحة؛ وتعميق تداخل الفروع العلمية interdisciplinary في البحث والدراسة، الأمر الذى اقتضى أشكالا تنظيمية تختلف عن الأقسام الأكاديمية التقليدية مثل المعاهد والمراكز البحثية متداخلة التخصصات؛ وزيادة الجرعة المهنية في التعليم العالي من خلال المعاهد الفنية، وإن كان هذا الاتجاه قد أدى إلى ردة فعل فيما بعد ذلك تدعو إلى ضرورة التركيز على الأساس المعرفي التقليدى للتعليم العالي liberal arts وتوثيق الصلة مع الصناعة (السوق) عبر المشروعات، والمؤسسات، البحثية المشتركة والمنح والاستشارات (ألتباك، بالإنجليزية، 1991). | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:09 | |
| ويعد التطور الأخير بداية طور جديد في الدور المجتمعى للتعليم العالي في البلدان المتقدمة يتخلق مع تعاظم دور "السوق" في التنظيم الاجتماعى، في سياق العولمة في البلدان الرأسمالية الناضجة، ويصل البعض لاعتباره "نهاية الجامعة" كما عرفها الغرب منذ نهاية القرن التاسع عشر. إذ يثير هذا التحالف الجديد شكوكاً حول تحكم السوق (حافز الربح) في تنظيم الجامعة وأدوارها، ومن ثم فقدان الجامعة لاستقلالها، بل وطابعها المميز كمؤسسة اجتماعية . وتشمل قائمة المظالم سيادة معايير الكفاءة (مقومة مالياً وربحياً) محل المعرفة، وصعود الإداريين في مواجهة الأكاديميين، وتهميش المشاركة في اتخاذ القرار في مؤسسات التعليم العالي، واحتمال تدهور البحث الأساسى (حيث لا يترتب عليه هامش ربح مباشر للصناعة كما في حالة البحث التطبيقى والتقانى). ويتزامن كل هذا مع صعود دور وحدات قطاع الأعمال، خاصة عابرات الجنسيات، في التعليم المتخصص والتدريب المكثف داخل المنشأة، وأحيانا خارجها.
ويرى بعض الباحثين أن الأمر، في النهاية، أبعد من كل ذلك بكثير.
فيعتبر هيل Hill و توربين Turpin، مصداقاً لموقف فاسر Wasser، أن التغير الحاصل جذرى لدرجة تثير التساؤل حول هوية الجامعة ذاتها، وحول مبرر إطلاق لفظة "الجامعة" على هذه المؤسسة التى تتخلق حالياً. ويعدان دخول السوق نطاق المعرفة بهذا الشكل تعبيراً عن نقلة جوهرية في ثقافة العلم: من الدور التحريرى للعلم-المعرفة إلى سيادة قيم السوق والمتاجرة في نطاق المعرفة، كسلعة. ولهذه النقلة آثار عميقة، ليس فقط على الجامعات ولكن على البشرية جمعاء: على عملية بناء المعرفة ذاتها، وعلى إمكان التوصل إلى المعرفة المحصلة.
ويعبر ريدنجز Readings في كتاب حديث (بالإنجليزية، 1996) عن مآل فكرة، ومؤسسة، الجامعة في الغرب، بالعنوان الدرامى: "خراب الجامعة" The University in Ruins!
ويعزو الكاتب تبدل دور الجامعة، في المقام الأول، إلى هبوط المهمة الثقافية التى أولتها لها الدولة-الأمة وشكلت مبرر وجود الجامعة: منتج، وحامى، وناشر، فكرة الثقافة القومية. حيث تجلب العولمة (الاقتصادية) معها، من الأساس، هبوط قيمة الدولة-الأمة في معترك تكوين رأس المال العالمى. ومن ثم فإن "الثقافة" تفقد قيمتها كأساس لشرعية الجامعة. فقد ترافق صعود الدولة-الأمة وفكرة الثقافة الحديثة. ويتزامن الآن فقدان أهميتهما للاقتصاد العالمى عابر الجنسيات. وعلى نطاق فكرى أوسع، فإن الجامعة الجديدة، التى تتحول إلى شركة كبرى corporation، لا تمتلك دوراً في الثقافة باعتبارها المشروع التاريخى للبشرية جمعاء منذ عصر التنوير، وإنما تتحول مرجعيتها الأساسية من الثقافة القومية إلى السوق. ويتوارى المجتمع في خلفية العلاقة بين الجامعة-الشركة وبين وحدات قطاع الأعمال، خاصة عابرة الجنسيات التى تتعاظم هيمنتها على السوق العالمى باطراد[2]، وفقاً لتخطيط مركزى طويل الأجل (أو ليست مفارقة غريبة أن يعنى انتصار الرأسمالية انقضاء التخطيط المركزى على مستوى الدولة بينما يتم ترسيخه على مستوى عابرات الجنسيات، وعلى صعيد العالم كله!).
انعكاس تغير دور التعليم العالي على البلدان العربية:
لا ريب أن تبدل دور مؤسسات التعليم العالي، خاصة الجامعة، في البلدان المتقدمة سيفرض تبعات مهمة على أوضاع التعليم العالي في البلدان العربية، خصوصاً وأن المجتمعات العربية تقع في عداد المتلقين السلبيين لموجات العولمة العاتية. ولا ريب في أن هذه التبعات ستتكيف بالسياق التاريخى للتعليم العالي، وبيئته المجتمعية، في البلدان العربية.
وسنتعرض لبعض من خصائص التعليم العالي في البلدان العربية، وغالبيتها سلبية، فيما بعد. ونكتفي هنا بإشارات عابرة إلى أهم مفردات البيئة المجتمعية: نشوء سوق طليق لا يتوقع أن يحسن الكفاءة الاقتصادية بسبب تردى رأس المال البشرى وفساد الإطار المؤسسى للنشاط الاجتماعى والاقتصادى؛ مثل هذا السوق لابد سيفرز أسوأ عواقب محاباة الأقوياء وعقاب الفقراء- وهى خاصية أصيلة لآلية السوق؛ هامشية الإنتاج المحلى مع اكتمال الاستيعاب في السوق العالمى من خلال التجارة الدولية؛ ومحصلة ذلك كله انتشار الفقر وتعميق الفوارق في الدخل والثروة والقوة في المجتمعات العربية.
وقد يعتبر البعض التعليم العالي في البلدان المتقدمة مثلاً أعلى لنظيره في البلدان المتخلفة، يتعين اللحاق به كسبيل لتحسين التعليم العالي في الأخيرة وصولاً للتقدم. ولكن يرد على هذا التقابل البسيط، على الأقل في حالة البلدان العربية، تحفظان مهمان. الأول أن التعليم العالي في البلدان العربية شديد البعد عن نظيره في البلدان المتقدمة، في المضمون وفي الدور الاجتماعى، وإن تشبه به شكلاً، لدرجة تلقى في تقديرنا شكوكاً قوية على إمكان لحاق الأول بالثانى على صراط مستقيم. فلم يصبح التعليم العالي في البلدان العربية شبيهاً بالنسق المتشبه به بما يكفي لاعتماد مفهوم "اللحاق".
ويتلخص التحفظ الثانى في أن التعليم العالي، خاصة الجامعات، يمر في البلدان المتقدمة، في سياق العولمة وسيادة قوى السوق العالمية، بعد أن أنجز مهمتى الانتشار الواسع وتأسيس النوعية الراقية، بنقلة جوهرية تغير من هدفه الاجتماعى ، وبالتالى من مضمونه الأساسى، وسبل تنظيمه، والقوى الفاعلة فيه. والمتوقع أن تنعكس هذه النقلة على التعليم العالي في البلدان المتخلفة، كما هى العادة قاصرة ومشوهة، في سياق الأمركة المعوجّة المشار إليه أعلاه.
ويثير هذا التحول، في حالة البلدان العربية، أن الدور المنصرم للتعليم العالي في الغرب ارتبط، قرابة قرن من الزمان، بسياق ثقافي متكامل (اجتماعى واقتصادى وسياسى) اكتمل بناؤه هناك، بمشاركة فاعلة من التعليم العالي. هذا على حين لم يكتمل مثل هذا البناء الثقافي بعد في البلدان العربية، ولم يساهم التعليم العالي في اكتمال بنائه. وعليه، يعبر الدور الجديد للتعليم العالي في الغرب عن استجابة لتغير جوهرى في التنظيم الاجتماعى، يتمثل أساساً في العولمة وسيادة أوسع للسوق كما تتبدى في الاقتصادات الرأسمالية الناضجة. وبالمقابل تهرول البلدان العربية نحو صورة متهرئة من هذا التنظيم الاجتماعى، يكون فيها النمط الجديد من التعليم العالي غريباً في سياق الأمركة المشوهة في البلدان العربية. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:10 | |
| العائد على التعليم العالي: العائد المجتمعى - مقارنة دولية: على نقائصها المعروفة، توفر المقارنات الدولية إطاراً مرجعياً مفيداً للتعرف على الملامح العامة لظاهرة ما. ويزيد من فائدة المقارنات الدولية، تداعى الحدود بين الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية في سياق العولمة. كذلك تفيد المقارنات الدولية بشكل خاص في تبين مدى اتساق مجموعة معينة من الدول مع النمط العام، أو تباعدها عنه. وجلى أن هذا اعتبار مهم عند الاهتمام بمجموعة محددة من بلدان العالم، مثل البلدان العربية في حالتنا هذه. ونسعى هنا لإنشاء علاقة بين مستوى الناتج الاقتصادى على جانب، ومدى انتشار التعليم العالي على جانب آخر، في العالم المعاصر، باستخدام بيانات عن بلدان العالم في التسعينيات الأولى. وحيث تسود الاعتبارات الاقتصادية في عالم اليوم، اعتمدنا مقياس الناتج المحلى الإجمالى للفرد (بدولارات معادل القوة الشرائية[3] في 1993) كمؤشر عام على الإنتاجية الاقتصادية، والرفاه المادى، للفرد من السكان. وهو مؤشر مهم، وإن كان قاصراً، في تقديرنا الخاص، حتى في التعبير عن الرفاه الاقتصادى بالمعنى الضيق، فهو لا يهتم، مثلاً، بقضية التوزيع. وعلى جانب التعليم، اتخذنا مقياس عدد الطلبة في المرحلة الثالثة من التعليم لكل 100 ألف من السكان في عام 1994[4]. ويعانى هذا المؤشر من عيبين. الأول، أن الالتحاق بالتعليم في فترة زمنية معينة لا يعبر عن تراكم تكوين رأس المال البشرى على المستوى التعليمى العالي في المجتمع. وحيث التعليم العالي أحدث كثيراً في البلدان المتخلفة، فإن استخدام هذا المؤشر يؤدى إلى التهوين من الفوارق بين البلدان المتقدمة والمتخلفة في مدى تملكها لرأس المال البشرى الذى يتكون من خلال مؤسسات التعليم العالي. أما العيب الثانى فيعود إلى أن البلدان المتقدمة تختلف عن تلك المتخلفة جوهريا في التوزيع العمرى للسكان، بحيث تزيد نسبة السكان في سن التعليم عموما، والتعليم العالي خاصة، في البلدان المتخلفة عن المتقدمة. ويعنى ذلك أن استعمال مؤشر عدد الطلبة الملتحقين بالمستوى الثالث من التعليم كنسبة من السكان يقلل من الفجوة بين البلدان المتقدمة والمتخلفة في مدى انتشار التعليم العالي. كذلك يتعين الإشارة إلى أن هذا المؤشر يقارب كم التعليم العالي وليس نوعيته. فقد يتساوى مجتمعان في الرصيد الكمى للتعليم العالي ولكن يبز أحدهما الآخر في النوعية الأمر الذى يرتب فارقاً ضخماً في مجال العائد على انتشار التعليم العالي. وللأسف لا تتوفر بيانات جيدة، ومقارنة، عن نوعية التعليم العالي. وقد توفرت لنا قيم المؤشرين في 149 دولة، مما يوفر أساساً معلوماتياً متيناً لمناقشة العلاقة محل الدراسة. ويمثل شكل (1) العلاقة بين المؤشرين، حيث يرمز لكل بلد بالحروف الثلاثة المستعملة اختصاراً لاسمه باللغة الإنجليزية. وتقوم علاقة طردية واضحة بين المؤشرين المعتبرين حيث ترتبط المستويات الأعلى من الناتج للفرد بزيادة انتشار التعليم العالي (معامل ارتباط = +0.6). ولكن نمط العلاقة، وموقع بعض التجمعات الدولية عليه، يوضحان استخلاصات مهمة. أولاً تتجمع غالبية البلدان المتخلفة في الركن الأيسر السفلى من شكل الانتشار، حتى يستحيل التمييز بين رموزها. في هذه البلدان يترافق ندرة التعليم العالي مع قلة الناتج الاقتصادى للفرد. غير أن الأهم هو ملاحظة أن موقع مجموعتين من الدول يتباعد عن النمط العام للعلاقة بما يقلل من قوتها. فتتسم بعض البلدان بمعدلات ناتج أعلى مما يتسق مع انتشار التعليم العالي بها، وتغلب على هذه المجموعة البلدان العربية المنتجة للنفط، الذى يمثل الجزء الأكبر من الناتج بها ريعاً rent على ميزة مكانية وليس إنتاجاً بالمعنى المتعارف عليه مما يؤدى لكسر العلاقات بين مقاييس الناتج للفرد والعوامل المختلفة التى ترتبط بها عادة في مثل هذه الدول الريعية (يؤدى استبعاد البلدان العربية المنتجة للنفط إلى زيادة معامل الارتباط بين المؤشرين المعتبرين إلى حوالى 0.7). شكل (1) العلاقة بين الناتج المحلى الإجمالى للفرد ومستوى الالتحاق بالمستوى الثالث من التعليم وعلى العكس، تتسم مجموعة أخرى من الدول باقتران مستوى مرتفع نسبياً من انتشار التعليم العالي بمعدلات منخفضة نسبياً من الناتج للفرد. وبتأمل رموز هذه المجموعة يتضح أنها تتكون أساساً من الدول التى كانت تنتمى إلى الاتحاد السوفييتى، والتى ما فتئت تعانى من أزمة اقتصادية حادة (يؤدى استبعاد هذه المجموعة من البلدان، بالإضافة إلى البلدان العربية المنتجة للنفط، إلى زيادة معامل الارتباط بين المؤشرين المعتبرين إلى قرابة 0. . وعند استبعاد هذين المجموعتين الاستثنائيتين، يتبلور نمط العلاقة في اقتران المراحل الأولى من انتشار التعليم العالي بزيادة سريعة في الناتج للفرد. ثم يتباطأ معدل الزيادة في الناتج للفرد استجابة للانتشار الأوسع في التعليم العالي بعد ذلك. في المنظور الاقتصادى إذا، يرتب انتشار التعليم العالي عائداً مجتمعياً مهماً، خاصة في المراحل الأولى. وفي الحدود التى يرتبط بها ارتفاع الناتج بتحسن فرص التقدم المجتمعى، يمكن القول بأنه لاغنى لصناعة التقدم في البلدان المتخلفة عن نشر التعليم العالي. والواقع أن الدور المحورى الذى يلعبه التعليم العالي في تنمية المجتمعات المتخلفة، والذى سنشير إليه في القسم التالى، يرتب عائداً مجتمعياً على التعليم العالي يفوق، بمراحل، ما تقول به الحسابات الاقتصادية. وتجدر الإشارة إلى أن الحسابات الاقتصادوية economistic للعائد على التعليم التى تقول بها مؤسسات التمويل الدولية، خاصة البنك والصندوق، تهمل هذا العائد المجتمعى في تركيزها على العائد المالى الفردى: للأسر والأفراد. وعندنا أن العائد المجتمعى أهم، في منظور التنمية، من العائد الفردى بما لا يقاس. ولكن لننظر في العائد على التعليم العالي على المستوى الفردى. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:11 | |
| العائد الفردى؛ الخاص والاجتماعى:
تقوم الحكمة التقليدية في دوائر مؤسسات التمويل الدولية على نتيجة مشتقة من المقارنات الدولية عن العائد على المراحل التعليمية المختلفة بدلالة الكسب (الدخل من العمل) مفادها أن العائد المالى على التعليم الأساسى للأفراد والأسر أعلى من العائد على المراحل الأعلى من التعليم، خاصة العالي. وقد استخدمت هذه النتيجة، في سياق برامج التكيف الهيكلى، لتبرير تحويل الموارد من التعليم العالي إلى التعليم الأساسى باعتبار الأول عالى التكلفة، ويفيد فئة قليلة من السكان، ويرتب عائداً فردياً قليلاً، بالمقارنة بالتعليم الأساسى. وعندنا أن هذه الوصفة من أخطر سوءات نصائح "الإصلاح الاقتصادى".
هذا إذا ارتضينا الأساس المعلوماتى لهذه النصيحة الخطر. ومن أسف أنه لا تتوافر بيانات جيدة ومقارنة عن العائد الفردى على مراحل التعليم المختلفة في البلدان العربية. ولكن البيانات المتاحة عن مصر تثير شكوكاً قوية حول صحة الاستنتاج الذى تقوم عليه.
في اقتصاديات التعليم نعتبر معدل العائد على التعليم، الذى يقوم على فكرة بسيطة في مدرسة رأس المال البشرى: الإنفاق على التعليم نوع من الاستثمار تتوقع عليه الأسر والأفراد عائداً يتمثل في الدخل من العمل. وبناء عليه يمكن أن نقارن معدل العائد على الإنفاق الأسرى على التعليم بمعدلات الفائدة السائدة. وبحساب معدل العائد على مراحل التعليم المختلفة في مصر مثلاً نجد أن التعليم الأقل من الابتدائى ينتج عائداً ضعيفاً (أقل من 5%) تعبيراً عن الكسب المرتفع نسبياً للحرفيين قليلى التعليم. أما العائد على إنهاء التعليم المتوسط فسالب، أى يمثل الإنفاق عليه خسارة للفرد وللأسرة. وعلى حين يعطى إنهاء التعليم الجامعى عائداً موجباً، فلا يتعدى 2%، أى أقل بكثير من معدل الفائدة الذى يترتب على إيداع ما ينفق على التعليم في مصرف. وتتعلق هذه الاستخلاصات بما يسمى العائد الخاص على التعليم، الذى نعتبر فيه تكلفة التعليم للقطاع العائلى، الأسر والأفراد.
ويمكن أيضاً أن نعتبر العائد الاجتماعى للتعليم، بمقارنة معدلات الكسب بإنفاق المجتمع (الدولة) بالإضافة إلى إنفاق الأسر والأفراد على التعليم. وطبيعى أن العائد الخاص على التعليم يكون دائماً أعلى من العائد الاجتماعى. ومن ثم يتفاقم ضعف العائد على التعليم، التى وصفنا في حالة معدل العائد الخاص، فقط بدرجة أشد عند اعتبار معدل العائد الاجتماعى على التعليم (بارتش، بالإنجليزية، 1994).
لكن الأمر يختلف عند إدخال الهجرة في الاعتبار، لأن من يهاجر يحقق مستوى أعلى من الكسب، ولكن بالعمل، والإنتاج، خارج الاقتصاد المصرى. غير أنه يبقى في جميع الأحوال أن إنهاء التعليم الأقل من المتوسط يعطى عائداً سالباً. وتتعزز مكانة التعليم الجامعى كالمرحلة الوحيدة التى ترتب عائداً يزيد عن 5% على إتمامها.
ويظهر مما سبق أن حسابات العائد الفردى على مراحل التعليم المختلفة في مصر لا تدعم الحكمة التقليدية في الدوائر الاقتصادية الدولية. بل إنه يمكن القول بأن سوق العمل المصرى يرسل، بدلالة الكسب، إشارة واضحة signal للأسر والأفراد على أهمية إنهاء التعليم العالي، خاصة عند أخذ آثار الهجرة للعمل خارج البلد في الاعتبار. وليست هذه النتائج مدهشة للمتتبع لسوق العمل المصرى. ونتصور أنها غير بعيدة عن أوضاع كثرة من الاقتصادات العربية. لا يقوم إذاً أساس على ضعف العائد على التعليم العالي في البلدان العربية، حتى عند الاقتصار على العائد المالى الفردى، وهو أمر يجافي الصواب.
فالاقتصار على العائد المالى لا يوفر معالجة متكاملة لموضوع العائد الفردى على التعليم، خاصة في مجتمعات مثل العربية. فالمكانة الاجتماعية التى تترتب على التعليم مثلاً عنصر مهم في منظومة القيم الاجتماعية في البلدان العربية. وبديهى أن تبلغ المكانة الاجتماعية للتعليم أوجُها بإتمام التعليم العالي.
هذا من جانب. ومن جانب آخر فإن إهمال العائد المجتمعى خطأ حتى أكبر. إذ تهمل هذه النصيحة تماماً مسألة العائد المجتمعى على التعليم العالي، وهو كما أشرنا في نهاية القسم السابق، أهم في منظور التنمية من العائد الفردى. وليس غريباً أن يقوم في مجتمع متخلف تناقضاً بين مقتضيات الرفاه الفردى والجمعى. بل أن هذا التناقض هو، في حد ذاته، أحد معالم التخلف. والواقع أن قصر حل مشكلة تمويل التعليم في البلدان المتخلفة في حدود إعادة تخصيص الموارد بين المراحل المختلفة تنطوى على ضرر بليغ بفرص تكوين رأس المال البشرى ومستقبل التنمية. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:12 | |
| دور التعليم العالي في تنمية البلدان المتخلفة
تشهد البلدان العربية، مع كثير من دول العالم المتخلفة، وإن بدرجات متفاوتة، تغييرات عميقة في هياكلها الاقتصادية تستدعى، في السياق المحلى والإقليمى والعالمى الذى تقع فيه، آثاراً مجتمعية بعيدة المدى نسميها، للوضوح، "إعادة الهيكلة الرأسمالية". ونقصد بإعادة الهيكلة الرأسمالية إحداث تغييرات جذرية في الهياكل الاقتصادية تجاه سيادة توجهات نظام السوق الطليق في النشاط الاقتصادى، محلياً وعلى الصعيد الدولى. ويعنى هذا التوجه، على وجه الخصوص، تنصيب رأس المال الخاص على أنه الفاعل الرئيسى، وإعلاء الربح كالحافز الأساسي، في إحداث النمو الاقتصادى، الذى يُصبح صنو التقدم. بالمقابل يتوارى مفهوم "التنمية"، ويُعوّل على "النمو الاقتصادى" في إطار نظام السوق في "التخفيف"، من الفقر عوضاً عن غايتي التنمية: التقدم و"القضاء" على الفقر. بعبارة أخرى، مفروض علينا الآن، حسب شروط الاقتصاد العالمى الجديد، أن نقارب التقدم في المنظور السلبى للتخفيف من "الفقر" من خلال "النمو".
ويتزامن هذا التحول المجتمعى الكبير مع بزوغ حقبة جديدة في تاريخ البشرية ستطبع بسماتها الجوهرية بدايات القرن القادم. وإن أردنا الاستعداد حقاً، وليس إنشاءً وتدبيجاً، للقرن الواحد والعشرين فعلينا أن نعتبر سمات هذا الآتى، ونتملى موقعنا منه، ونعد العدة للوجود فيه باقتدار.
وأحسب أن سمات جوهرية سبع تشكل الحقبة التاريخية التى ترافق منابت القرن الواحد والعشرين: العالمية، أو العولمة globalisation، أى تداعى الحدود بين الدول والمجتمعات في سياق حضارى غربى مهيمن؛ والعلم؛ والتقانة فائقة التطور- وعلى رأسها المعلوماتية؛ والإيقاع الخاطف- والمتسارع- للتطور؛ والمنافسة الحادة- في عقر الدار إن لم يقدر عليها خارجه؛ والإنتاج راقى النوعية؛ والكفاءة الإنتاجية العالية. وغنى عن البيان أن للتعليم، والتعلم الدائب، دوراً محورياً في تأسيس هذه السمات. ولن تتجذر هذه السمات في مجتمع ما دون تفان في العمل الكفء.
فالتعليم والعمل وجهان أساسيان للنشاط الإنسانى في كل المجتمعات البشرية. التعليم هو عملية إكساب المعارف والقدرات والتوجهات الاجتماعية، بينما يعنى العمل المشاركة في النشاط الاجتماعى والاقتصادى أى في إنتاج السلع والخدمات بالمعنى الواسع. ومن ثم، فإن محصلة التعليم والعمل سمتان جوهريتان لأى مجتمع: الناتج الكلى والإنتاجية.
يعبر الناتج الكلى عن مجمل إنتاج السلع والخدمات في المجتمع، على حين تقيس الإنتاجية حجم الناتج المقابل لوحدة العمل، أو لوحدة رأس المال. وحجم الناتج، خاصة بالنسبة للفرد في المجتمع، ومستوى الإنتاجية، محددان رئيسيان لمدى الرفاه البشرى. في المجتمعات المتخلفة يتردى الناتج للفرد، وتتدنى الإنتاجية، بالمقارنة بالمجتمعات الأكثر تقدماً في إطار النمط الرأسمالى المهيمن حالياً على العالم.
وقد أصبح مستقراً، حتى في نظر المؤسسات المالية الدولية، كالبنك الدولى، أن العامل الحاكم في التقدم هو الاستثمار الكثيف في البشر، ما يسمى بناء رأس المال البشرى. ولكن يلزم أيضاً أن يوظف رأس المال البشرى المكون بكفاءة، أى على مستوى إنتاجية مرتفع.
ويمكن القول أن تاريخ الفكر التنموى هو سجل لتطور فهم رأس المال. فقد وقع التركيز قديماً على رأس المال الطبيعى والمالى، وإن لم يهمل عنصر العمل. ولكن تسارع في العقود الثلاثة الأخيرة الاعتراف بأهمية العنصر البشرى في منظومة النمو والتنمية. فقامت مدرسة "رأس المال البشرى" human capital فالاستثمار يقع في البشر، أساساً من خلال التعليم، مولداً رأس مال جوهرى، للأفراد وللأسر وللمجتمعات على حد سواء، على صورة توجهات اجتماعية، ومعارف، وقدرات. وتبلور مفهوم "تنمية الموارد البشرية" human resources development الذى قام على أن البشر مورد، كأى مورد آخر، وعنصر من عناصر الإنتاج، يتعين أن ينمى ويصان لكى يحقق أقصى إنتاجية ممكنة. ولكن رويداً تزايدت أهمية البشر حتى استقر مفهوم "التنمية البشرية" human development الذى يرى في رفاه البشر غاية الجهد الإنسانى وليس مجرد إحدى وسائله، ويرتب أهمية كبرى لتطوير القدرات الإنسانية وتوظيف هذه القدرات في تعظيم الرفاه المجتمعى، ويوسع نطاق الرفاه فيما وراء الجوانب المادية للعيش إلى الحالات الأرقى من الوجود الإنسانى في نهايات القرن العشرين.
كذلك تبلور مفهوم رأس المال الاجتماعى social capital الذى يرتب أهمية كبرى لأنساق العلاقات الاجتماعية التى تنظم البشر في هياكل مؤسسية تحدد طبيعة النشاط الاجتماعى الاقتصادى ومدى كفاءته. وحتى في المنظور الاقتصادى الضيق، يعد رأس المال الاجتماعى عاملاً حيوياً في توليد النمو الاقتصادى.
وتتقاطر الكتابات مؤخراً في موضوع رأس المال الفكرى intellectual capital، وتنشأ له الكراسى الأكاديمية في كبريات الجامعات، والذى يعترف بالأهمية الحاسمة للفكر والإبداع في إدارة المشروعات وفي تطوير المجتمعات.
ولعل أرقى أشكال رأس المال الإنسانى ما يسمى برأس المال الثقافي cultural capital الذى يمثل جماع المعرفة ومعين الهوية والخصوصية الإنسانية لطائفة من البشر. ويكتسب رأس المال الثقافي أهمية خاصة في حالة مجموعة البلدان العربية التى يمكن أن تحول إرثها الثقافي المشترك إلى عامل نهضة وعزة، وبالذات على خلفية "صدام الحضارات" في عصر العولمة. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:15 | |
| وهكذا يتضاءل دور رأس المال الطبيعى والمالى أمام الأهمية المتعاظمة لأشكال رأس المال الإنسانى المتعددة، المتركزة في البشر، أفراداً ومؤسسات ومجتمعات، باعتبارها عماد التقدم الإنسانى قرب نهاية القرن العشرين. ومن هنا ينبع الاهتمام الفائق بالتعليم حيث "يصنع" رأس المال الإنسانى ويشّكل.
من أسف أنه يغيب في غمار الحماس لرأس المال (المالى) والتهافت على تشجيعه في البلدان العربية الفقيرة، أن هناك إجماعاً الآن، حتى في دوائر الاقتصاد العالمى ذاتها، على أن جذب رأس المال (المالى) الخارجى، أو تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادى ، أو بناء القدرة التنافسية في الاقتصاد العالمى، وهى أعمدة معبد الرأسمالية الراهن، خاصة في البلدان المتخلفة، كلها رهن بكم، وجودة، رأس المال البشرى وبمدى رقى رأس المال الاجتماعى.
وفي منظور المشاكل الأكثر إلحاحاً، حتى في منظور الاقتصاد العالمى الجديد، فإن الفقر يستشرى في البلدان العربية، ويتفاقم التفاوت في توزيع الدخل والثروة، بما ينذر بصراعات اجتماعية عنيفة، تأججت نيرانها في بلدان عربية وتتجمع سحبها السوداء في أخريات. وقد استقر في أدبيات التنمية، خصوصاً في ظل نظام السوق الحر الذى تتحول إليه البلدان العربية، باندفاع خطر، أن الوسيلة الناجعة لمكافحة الفقر هى في تمكين الفقراء أنفسهم من كسر حلقة الفقر الشريرة، من خلال المشاركة الفاعلة في النشاط الاقتصادى والمجتمعى. وليس لدى الفقراء من رأسمال إلا قوة عملهم. ويطلب ذلك تبنى الدولة لسياسات تزود الفقراء بأنواع رأس المال المختلفة: البشرى، والاجتماعى، والمالى، والعينى. وأهمها الأول، وقوامه المعارف والمهارات التى تتكون عن طريق صنوف التعليم المختلفة؛ والثانى، ومبناه التنظيم المؤسسى، الاجتماعى والاقتصادى والسياسى، المحقق للكفاءة الإنتاجية ولمصالح عموم الناس على حد سواء.
وجلى أن التعليم العالي يلعب الدور المحورى في تشكيل الصنوف الأكثر رقياً من رأس المال الإنسانى. بل أن مساهمة التعليم العالي في بناء رأس المال الإنسانى تتعاظم مع ارتقاء صنف رأس المال. فتزيد مساهمة التعليم العالي في تكوين رأس المال الاجتماعى مثلاً عن مساهمته في بناء رأس المال البشرى بالمعنى التقليدى: التوجهات الاجتماعية والمعارف والقدرات، والذى يشارك فيه عديد من الأنظمة التعليمية والمؤسسات الاجتماعية المكونة لنسق التنشئة في المجتمع، وإن كانت مؤسسات التعليم العالي هى التى تؤسس الثروة المجتمعية من المعارف والقدرات المتطورة، وهى عماد التقدم في القرن الواحد والعشرين.
وتكاد مؤسسات التعليم العالي، خاصة الجامعات، تتحمل العبء الأساس في حيوية الفكر، أى تطوير رأس المال الفكرى، والحفاظ على ثقافة الأمة وتجديدها، أى بناء رأس المال الثقافي، من خلال البحث وإعمال الفكر.
وتلعب مؤسسات التعليم العالي، خاصة على الأنماط التنظيمية المحدثة القائمة على تداخل التخصصات المعرفية، دوراً أساسياً في تطوير المجتمعات، من خلال جهود البحث والتطوير التى تجرى في تضافر وثيق مع وحدات قطاع الأعمال العام، والحكومة والمجتمع المدنى. ومازال هذا الدور، كما سنشير فيما يلى، قاصراً بشدة في البلدان العربية.
ومرة أخرى، نشدد على أن المناقشة السريعة لدور التعليم العالي في تنمية المجتمعات المتخلفة المقدمة أعلاه، خاصة بالترافق مع التوصيف المتضمن في القسم التالى، تبين العائد المجتمعى العظيم الذى يتوقع على تطوير حق لمنظومة التعليم العالي في البلدان العربية. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:15 | |
| خصائص التعليم العالي في البلدان العربية
البنية المؤسسية:
تفاخر المنطقة العربية بقيام مؤسسات علم راقية المستوى فيها منذ مئات سنين، قام أغلبها على جامع مهم وتمويل أهلى من الهبات والأوقاف. وأشهر الرعيل الأول من هذه "الجامعات" هما الأزهر بالقاهرة (970 م)، وجامعة القرويين بمدينة فاس- التى تعود أصولها إلى جامع أنشئ في 859 م، واللذان يتنافسان على لقب أول جامعة في العالم. ولكن بحلول القرن الحادى عشر أقيمت مؤسسات علم عالية مثل المدرسة النظامية ببغداد (1067 م) ومعهد الزيتونة بتونس. وينقل ماسيالاس Massialas (بالإنجليزية، 1991) عن دودج Dodge، أنه بنهاية القرن الرابع عشر كانت قد أنشئت كليات في جميع المدن العربية الكبرى. وزاد عدد الكليات بكل من القاهرة ودمشق وقتها عن سبعين. وكان التركيز في هذه المؤسسات يقع على العلوم الدينية وما يتصل بها من لغة وأدب وفلسفة، وإن لم تستبعد أمهات العلوم الأخرى كالرياضيات والفيزياء. وقد تحول بعض من هذه المؤسسات إلى جامعات حديثة التنظيم فيما بعد (الأزهر- جامعة الأزهر، القرويين- جامعة القرويين، معهد الزيتونة - جامعة تونس).
غير أن التعليم العالي، على الطراز الغربى، بدأ بالمعاهد العليا التى أنشأها محمد على باشا في مصر قبيل منتصف القرن التاسع عشر. وتبع ذلك إنشاء عدد من مؤسسات التعليم العالي الأقدم في البلدان العربية في الجزائر (1859) وبيروت (1866) والخرطوم (1902) وبغداد (1908). وخلاف البلدان المذكورة افتتحت أول جامعة في سوريا عام 1923. وتلتها الجامعات الأولى في ليبيا - 1955، السعودية - 1958، الأردن - 1962، الكويت - 1966، اليمن والصومال -1970، قطر- 1973، الإمارات - 1976، موريتانيا -1981، جيبوتى - 1982، البحرين - 1984، وعمان - 1985. وقد توسعت مصر والمغرب والجزائر وليبيا والأردن، والسودان مؤخراً، في إنشاء الجامعات الإقليمية، حتى زاد عدد الجامعات في السودان مثلاً الآن عن أى بلد عربى آخر. ولهذا التوسع إقليمياً مساوئ سنشير إليها فيما بعد. ولكن من المهم هنا الإشارة إلى أن غالبية مؤسسات التعليم العالي الحديثة قامت في كنف المستعمر الأوربى، كنسخ من مؤسساته، خدمة للتحديث، في منظوره. فقد كانت هذه المؤسسات وسيلة لطبع المجتمعات العربية بثقافة المستعمر، ومن ثم تحولت إلى ساحة صراع مع العناصر الوطنية. وخلاف المسألة الأيديولوجية، مثلت مؤسسات التعليم العالي حلقة من حلقات طمس التقانات المحلية.
ومع ذلك فلعل السمة الأبرز لمؤسسات التعليم العالي الحديثة في البلدان العربية هى حداثة العهد. فعلى حين يقدر أن عدد الجامعات العربية وصل 152 في عام 1995، لم يزد عددها في منتصف القرن عن عشرة. وقامت طفرة في إنشاء الجامعات في السبعينيات (33 جامعة) وفي الثمانينيات (51 جامعة)، وواضح هنا تأثير عصر الوفرة النفطية. أى أن ثلاثة أرباع الجامعات العربية أنشئت في الربع قرن الأخير، ولا يتعدى عمر غالبيتها (57%) الخمسة عشر عاماً. وهذه ملحوظة على قدر كبير من الأهمية. فمؤسسات التعليم العالي، وبوجه خاص الجامعات، تستغرق وقتا لكى ترسّخ بنيتها المؤسسية وتجوّد دورها المعرفي، خاصة في مجال البحث، وتخرج أعداداً كافية من الكوادر عالية التأهيل.
ورغم النشأة الأهلية الأولى كانت كل مؤسسات التعليم العالي الحديثة تقريباً حكومية (في منتصف السبعينيات شملت الجامعات الخاصة الجامعتان الأمريكيتان في القاهرة وبيروت وجامعة القديس يوسف في بيروت). وتحولت بعض المؤسسات التى نشأت أهلية إلى حكومية (بدأت جامعة القاهرة أهلية ثم تحولت إلى جامعة حكومية في عام 1925). ثم بدأ الدفع نحو إنشاء جامعات خاصة يقوى مع اشتداد رياح "التكيف الهيكلى" و"الإصلاح الاقتصادى" منذ منتصف السبعينيات. ولنا لهذا الموضوع عودة.
وتنقسم مؤسسات التعليم العالي في البلدان العربية إلى ثلاثة أصناف. الجامعات التى عادة ما تتكون من كليات (يتراوح عددها بين اثنتين إلى أكثر من 20). وفي 1993 كان هناك 957 كلية جامعية في 132 جامعة عربية، بمتوسط أعلى قليلاً من سبع كليات للجامعة. والصنف الثانى هو الكليات أو المعاهد العليا المستقلة (أربع سنوات دراسية على الأقل)، وبلغ عددها 136 مؤسسة في عام 1993 غالبيتها في المغرب والجزائر (في بلدان أخرى كمصر وتونس، أعيد تجميع المعاهد الفنية العليا التى كانت قد أنشئت مستقلة على هيئة جامعات حيث عاف الناس فكرة "المعاهد" الأدنى منزلة من "الجامعات"). أما الصنف الثالث فيشمل كليات ومعاهد عالية تتراوح مدة الدراسة فيها بين سنتين وثلاث. وبلغ عددها في عام 1991 قرابة 450 مؤسسة. وهكذا، وإن كان تنظيم الجامعات والكليات هو الغالب، يقوم تنوع واضح في مؤسسات التعليم العالي في البلدان العربية في طبيعة التنظيم (قاسم، بالإنجليزية، 1995). | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:16 | |
| الالتحاق بالتعليم العالي :
تقدر اليونسكو عدد الملتحقين بالتعليم العالي في البلدان العربية حول منتصف التسعينيات بقرابة ثلاثة ملايين، انظر جدول (م-1). ويمثل هذا العدد ضعف عدد طلبة التعليم العالي في المنطقة في عام 1980. وهذه ولا شك زيادة كبيرة. ولكن معدل الزيادة هذا ليس استثنائياً. فقد زاد عدد طلبة التعليم العالي في عموم الدول النامية بالمعدل نفسه خلال الفترة ذاتها.
ولكن نسبة الالتحاق (الإجمالية) بالتعليم العالي كانت أعلى في البلدان العربية عن متوسط الدول النامية عبر الفترة (1980-1994)، وإن كان الفارق النسبى بين المجموعتين يتضاءل بمرور الزمن، انظر شكل (2). أما بالمقارنة بالبلدان المتقدمة فقد كان معدل الالتحاق بالتعليم العالي في البلدان العربية في بداية الفترة، وفي نهايتها، فقط ربع قيمته في البلدان المتقدمة. وهذا بون شاسع يتعين على أى مجتمع يطمح إلى التقدم في القرن الواحد والعشرين أن يسعى لتجاوزه.
شكل (2)
نسبة الالتحاق الإجمالية (%)، في المرحلة الثالثة من التعليم، 1980-1994
وتتخلف البلدان العربية عن البلدان المتقدمة بصورة واضحة في مدى التحاق الإناث بالتعليم العالي، رغم تزايده عبر الفترة المدروسة. والواقع أن نسبة الإناث بين طلبة التعليم العالي في البلدان العربية كانت أقل من متوسط الدول النامية حتى منتصف التسعينيات، وإن كان الفارق يضيق حتى كاد يختفي. انظر شكل (3).
شكل (3)
نسبة البنات (%)، في المرحلة الثالثة من التعليم، 1980-1994
كذلك تجدر الإشارة إلى أن نصيب التعليم العالي من جملة الملتحقين بالتعليم في البلدان العربية (حوالى 5.3% في التسعينيات) لا يزيد كثيراً عن النسبة المقابلة في مجمل الدول النامية (4.2% في عام 1994، وفي تزايد)، ولكنه يقل كثيراً عن نظيره في البلدان المتقدمة (17.6 في عام 1994، وفي تزايد سريع). ويتضح من هذه المقارنة أن التوصية بتقليل التوسع في التعليم العالي في البلدان المتخلفة تنطوى على حرمان هذه المجتمعات من القاعدة الأساسية للعلوم والتقانة المتقدمة. غير أن الكم وحده لا يكفي في هذا الصدد. فالنوعية أهم بكثير، الأمر الذى سنعود إليه بعد قليل.
وإذا أردنا مقارنة الالتحاق بالتعليم العالي بين البلدان العربية تواجهنا مشكلة قلة توفر البيانات المقارنة والحديثة في المصادر الدولية بشكل حاد. فلا تتوفر البيانات اللازمة لجميع البلدان العربية في عام 1994، وهى آخر سنة تتوفر البيانات عنها في الكتاب الإحصائى السنوى لليونسكو، خاصة فيما يتصل بتوزيع طلبة التعليم العالي حسب النوع. انظر جدول (م-2).
شكل (4)
عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم العالي لكل 100 ألف من السكان،
في البلدان العربية وكوريا وهونج كونج، 1990
ولتوحيد أساس المقارنة قدر الإمكان نستخدم بيان عدد طلبة التعليم العالي لكل 100 ألف من السكان، ونضمن في المقارنة كوريا الجنوبية وهونج كونج. ويبين شكل (4) التفاوت البيّن في الالتحاق بالتعليم العالي في البلدان العربية: من أقل من 2 في الألف في الصومال، وحوالى 3 في الألف في السودان وموريتانيا وعمان، إلى 22 في الألف في الأردن و 33 في الألف في لبنان.
ويلاحظ أن البلدان العربية الخليجية احتلت موقعاً متوسطاً أو أقل من المتوسط على هذا المؤشر (وإن كان يجب أن نأخذ في الاعتبار أن البلدان العربية الخليجية الصغيرة التى يمثل فيها غير المواطنين النسبة الأكبر لا توجد فيها إلا قلة من طلبة الجامعة من غير المواطنين).
ولم يصل أى من البلدان العربية إلى مستوى الالتحاق التعليم العالي في كوريا الجنوبية في منتصف التسعينيات. غير أن الملحوظة الأهم في حالة كوريا الجنوبية هى قفز نسبة طلبة التعليم العالي إلى السكان إلى ثلاثة أمثال تقريباً عبر الفترة (1980-1994)، على حين كانت قيمة المؤشر في مطلع الثمانينيات فيها أقل من أفضل بلد عربى في هذا المضمار: لبنان، وإن كانت أعلى من باقى البلدان العربية جميعها.
وقد أشرنا فيما سبق إلى زيادة الالتحاق بالتعليم العالي في مجمل البلدان العربية منذ 1980 بحوالى 100%، ولكن نمط التغير اختلف من بلد لآخر، خاصة في التسعينيات. فنلاحظ تدهوراً طفيفاً في عدد الطلبة للسكان في التعليم العالي في التسعينيات في مصر وسوريا مثلاً، بينما اتسم المؤشر بثبات نسبى في الأردن والإمارات والجزائر والمغرب.
ورغم انخفاض التحاق الإناث بالتعليم العالي في مجمل البلدان العربية، فإن التفاوت بينها في هذا الميدان ضخم ومشوق. انظر جدول (م-3)، وقد تم تجميع هذا الجدول من مصدرين واحد دولى (اليونسكو) والآخر عربى (الألكسو). فكما يظهر من شكل (5)، تراوحت نسبة الإناث بين طلبة التعليم العالي حول منتصف التسعينيات بين حد أدنى، 17%، في موريتانيا واليمن، إلى ما يقرب من 70% في قطر والإمارات. ويلاحظ أن التحاق الإناث بالتعليم العالي كان في غالبية البلدان العربية أعلى نسبياً من هونج كونج، وأعلى من كوريا الجنوبية في كل البلدان العربية إلا ثلاثة.
شكل (5)
نسبة الإناث بين طلبة التعليم العالي (%)، في البلدان العربية وكوريا وهونج كونج،
94/1995
والواقع أن البلدان العربية الخليجية، باستثناء السعودية وعمان، تتسم بارتفاع نسبة الإناث في التعليم العالي. وعموماً يعد ارتفاع التحاق الإناث بالتعليم العالي مؤشراً إيجابياً مهماً خاصة في مجال التنمية الاجتماعية. غير أن الارتفاع النسبى لالتحاق الإناث بالتعليم العالي في البلدان الخليجية الصغيرة يعبر أيضاً عن عزوف الذكور عن الالتحاق بالتعليم العالي في ظل توفر فرص للكسب الضخم والسريع دون تجشم مشقة التعليم العالي، غير متاحة للإناث، أساساً من خلال التجارة. وتدل المؤشرات المتاحة على ارتفاع نسبة الإناث بين الطلبة مع زيادة صعوبة الدراسة. ولا شك، مع ذلك، في أن ارتفاع التحاق الإناث بالتعليم العالي مكسب للمرأة، وللتطور الاجتماعى عامة، ولكنه مكسب منقوص. حيث تواجه خريجات التعليم العالي ندرة فرص العمل المتاحة لهم بسبب اقتران القيود الاجتماعية على نوع الوظائف المسموح لهن بشغلها من ناحية، وانكماش الإنفاق الحكومى والتراجع عن ضمان تشغيل المواطنين من ناحية أخرى. وهذه واحدة من تجليات الأزمة متعددة الجوانب بين التعليم العالي وسوق العمل في البلدان العربية التى سنتطرق إليها فيما بعد.
والمؤكد أن الالتحاق بالتعليم العالي في غالبية البلدان العربية انتقائى للفئات الاجتماعية الأغنى. إذ حتى في الدول التى تدعى مجانية التعليم العالي تتكبد الأسر أنواعاً من التكلفة مثل بعض الرسوم وتكلفة الكتب والأدوات (خاصة في فروع العلوم التطبيقية والتقانية) وأحياناً الدروس الخصوصية. الأمر الذى يستبعد بعض أبناء الفقراء، خاصة الإناث، من التعليم بداية. كذلك تقلل التكلفة المرتفعة للإنجاز في التعليم السابق على المرحلة الجامعية (الحصول على درجات مرتفعة في الاختبارات العامة) من فرصة أبناء الفقراء في التأهيل للتعليم العالي. ويساهم ارتفاع معدلات التضخم، وتزايد الفقر، في زيادة عبء هذه التكاليف بمرور الزمن، وفي رفع تكلفة الفرصة البديلة للتعليم. وعلى هذا فإن انتشار الفقر يزيد باطراد من انتقائية التعليم العالي لأبناء القادرين. وبذلك يعود التعليم العالي تدريجياً إلى آلية لتكريس الفوارق الاجتماعية في البلدان العربية. ويعنى ذلك، ضمن ما يعنى، أن أحد المهام الأساسية في ميدان تطوير التعليم في البلدان العربية في المستقبل هى إعادة الزخم المجتمعى لنشر التعليم العالي.
وإذا نظرنا إلى التخصصات التى يلتحق بها طلبة التعليم العالي في البلدان العربية كمؤشر على الصلة بين مؤسسات التعليم العالي وسوق العمل لوجدنا أن غالبية الطلبة تلتحق بالعلوم الإنسانية والاجتماعية والتعليم، انظر جدول (م-4). ويشذ عن هذا الوضع الجزائر، وهى البلد العربى الوحيد الذى يقل فيه الالتحاق بالفروع الإنسانية والاجتماعية من التعليم العالي عن 40%، وتليها البحرين 48%. وفي الاتجاه العكسى، ترتفع نسبة الالتحاق بالفروع الإنسانية والاجتماعية في السعودية واليمن وموريتانيا إلى 75%، 87%، 92%، على الترتيب. انظر شكل (6). وبالمقابل تتدنى نسبة الالتحاق بالفروع الإنسانية والاجتماعية إلى 54% في كوريا الجنوبية و قرابة 40% في هونج كونج.
والمثير أن البلدان العربية، حتى السعودية، تتسم، بالمقارنة بكل من هونج كونج وكوريا، بانخفاض نسبى في التحاق الإناث بالفروع الإنسانية والاجتماعية من التعليم العالي. ولكن يبقى السؤال عن مدى الاستفادة من كل رأس المال البشرى المختزن في الإناث هذا في المنطقة العربية في ظل القيود الاجتماعية المفروضة على مشاركة النساء في النشاط الاقتصادى والاجتماعى.
شكل (6)
نسبة طلبة العلوم الإنسانية والاجتماعية والتربية في التعليم العالي،
في البلدان العربية وكوريا وهونج كونج، حول 1990 | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:16 | |
| الإنفاق على التعليم العالي:
تندر البيانات الجيدة والمقارنة عن الإنفاق على التعليم العالي في البلدان العربية من المصادر الدولية. فالمتاح قليل ويشى بصعوبة المقارنة، بين البلدان أو عبر الزمن. ونحاول فيما يلى أن نلم الشتات المتناثر عن الإنفاق العام الجارى على التعليم العالي في بعض البلدان العربية وبلدى المقارنة، هونج كونج وكوريا الجنوبية، فيما يتيسر من السنوات 1980، 1990، وأحدث سنة متاحة بعد ذلك.
وقد اخترنا أن نقارن كم الإنفاق الجارى على التعليم العالي للفرد من السكان، حتى يمكن التعرف على مدى تخصيص الموارد للتعليم العالي نسبة إلى حجم سكان المجتمع ككل. كذلك حولنا الإنفاق على التعليم العالي للفرد إلى الدولار الأمريكى حسب معدلات التبادل السائدة (بيانات صندوق النقد الدولى). انظر جدول (م-5). وسلسلة البيانات ضعيفة، ودرجة مقارنيتها محدودة، ولكنها تفضى، مع ذلك، إلى استخلاصات مهمة.
ويظهر من مقارنة الإنفاق على التعليم العالي للفرد من السكان (بالدولار) تدهور الموقف النسبى للبلدان العربية بشدة، عبر الفترة التى توفرت عنها بيانات منذ عام 1980، نسبة إلى بلدى المقارنة (وبينهما فارق كبير في معدل الإنفاق لمصلحة هونج كونج يعود إلى صغر سكانها مع كثافة الإنفاق على التعليم العالي فيها).
ففي عام 1980، من بين عشرة بلدان عربية توفرت عنها بيانات، لم يقل الإنفاق في واحدة عن بلدى المقارنة (تساوت موريتانيا - أقل الدول العربية إنفاقاً وقتها - مع كوريا). وكانت الكويت تنفق أكثر من أربعة أمثال هونج كونج.
ولكن حول عام 1990، من بين تسعة بلدان عربية توفرت عنها بيانات، قل إنفاق بلدين (المغرب وموريتانيا) عن كلا بلدى المقارنة. وتساوت عمان مع كوريا. وقل إنفاق خمس دول عن مستوى هونج كونج. وانخفض إنفاق الكويت ليقارب هونج كونج وإن ظل أعلى قليلاً (رغم أن رقم الكويت في ذلك العام يتضمن الإنفاق الرأسمالى).
أما حول عام 1993، فلم تتوفر بيانات إلا عن ست دول عربية. كان إنفاق أربع منها أقل من كلا بلدى المقارنة. ولم تتخط إنفاق كوريا إلا تونس. وحتى السعودية كان إنفاقها أقل من هونج كونج.
ولكن الصورة تصبح جد مفزعة عند تخليص أرقام الإنفاق من أثر زيادة الأسعار (التضخم، حسب بيانات صندوق النقد الدولى)، انظر شكل (7). حيث يتضح أن الاتجاه التصاعدى الحاد في الإنفاق (الحقيقى) على التعليم العالي في هونج كونج وكوريا الجنوبية، إلى ما يربو على مثلين ونصف، يقابله انخفاض ضخم في البلدان العربية التى توافرت عنها بيانات منذ عام 1980: إلى حوالى الربع في حالة مصر وأقل من النصف في المغرب، في حوالى اثنى عشر عاماً فقط. وكانت أقل معدلات التدهور في تونس (التى اقترب الإنفاق الحقيقى فيها في عام 1993 من مستوى كوريا).
شكل (7)
الأرقام القياسية للإنفاق العام الجارى على التعليم العالي (بالدولار) للفرد من السكان
(بالأسعار الثابتة 1980=100)
ويؤكد أيزمون Eismon و دافيز Davis (بالإنجليزية، 1991) أن كثيراً من مؤسسات البحث الآسيوية، مثل معهد كوريا المتقدم للعلم والتقانة وجامعة سنغافورة الوطنية والمعهد الهندى للتقانة، تناهز، في مؤشرات الإنفاق والإمكانات المتاحة، المستوى السائد في البلدان المتقدمة.
ولذلك يقرر الكاتبان أن مثل هذه البلدان قد حققت، على خلاف مناطق أخرى في العالم، أفضل توقعات مخططى العلم والتقانة منذ الستينيات في مجالات التنمية العلمية والتعليمية، ومن ثم الاقتصادية. إذ "يمتلك كثير من هذه البلدان، خاصة حديثة التصنيع، قاعدة عريضة، وافرة التنوع، من أنساق التعليم والبحث، وقوى عاملة ماهرة تقنياً. وتلعب الجامعات الآسيوية دوراً مهما في مجتمعاتها العلمية. وتتصدر إنتاج البحث الأساسى. وهى مؤهلة لمتابعة التقدم العلمى والتقانى، والاستفادة منه، والإضافة إليه. وتدعم الابتكار المحلى في الصناعة والزراعة. وينتظر أن يزداد هذا الدور أهمية في ضوء السياسات القومية لتشجيع النمو الاقتصادى المؤسس على المعرفة" (المرجع السابق، 293). فياليت الوصف كان للبلدان العربية!
نوعية التعليم العالي في البلدان العربية:
كثير ما يثار أن التوسع السريع في التعليم ينطوى حتماً على قدر من مبادلة trade-off الكم بالنوعية. وبالتالى فإن التوسع السريع في التعليم العالي في البلدان العربية كان لابد وأن يؤدى إلى تدهور في النوعية. ولكن الأسئلة المهمة هنا هى: إلى أى حد وصل التدهور في نوعية التعليم العالي في البلدان العربية؟ وهل كان من الضرورى، مع التوسع الكمى الذى تم، أن تتدهور النوعية إلى هذا المستوى؟ وإذا كان لابد من اختيار بين التوسع الكمى والنوعية، فما هو الاختيار الأفضل الآن؟
ومن أسف أن قيد ندرة البيانات والمعلومات عن التعليم العالي يصل أقصاه في موضوع النوعية. فلا توجد دراسات مضبوطة ومقارنة عن نوعية التعليم العالي في البلدان العربية، خاصة بالمقارنة بالبلدان المتقدمة. ويرجع ذلك القصور لصعوبة مثل هذه الدراسات من جانب. ولكنه يرجع أيضاً للسبب الذى ذكرنا في المقدمة: أن التعليم العالي يعامل بقدسية ليست مستغربة، ولكن غير مفيدة، في البلدان المتخلفة. ونتيجة لكل هذا، تعم الشكوى من تردى نوعية التعليم العالي في البلدان العربية ولكن تتوقف الأدلة عند المستوى الانطباعى أو التنادر anecdotal. وقد يكون الانطباع مهماً إذا صدر عن حس ثاقب. وقد تكون النادرة بليغة التعبير عن الواقع. ولكن أيهما لا يغنى عن البحث المضبوط والمدقق. وفي غياب الأخير نسوق ملاحظات من الصنف الأول، علَّ خطورتها تحفز البحث المدقق المطلوب.
ونلاحظ بداية أن العلم، خاصة في مجالاته الرخوة، كالعلوم الاجتماعية، سلعة بائرة في المجتمعات المتخلفة التى لا تحترم العقلانية، بل قد تحقرها وتهزأ بها فعلاً، رغم "الطنطنة" الفارغة، أحياناً. وينعكس هذا الوضع على ضعف العلم كمؤسسة اجتماعية، وتردى تعليمه، في هذه المجتمعات بوجه عام.
يفترض أن تتكامل نشاطات التعليم، والبحث، والخدمة المجتمعية في نشاط أى من مؤسسات التعليم العالي. وتتضافر هذه النشاطات الثلاثة فيما بينها، بمعنى أن الإنجاز المرتفع في واحد منها ينعكس إيجابياً على الآخرين. فالبحث الراقى والخدمة المجتمعية المؤثرة شرطان جوهريان لتعليم ناجح، وهكذا.
ويمكن تصور أهداف المؤسسة من النشاطات الثلاثة في: خدمة المعرفة بوجه مطلق (أكاديمى)، وخدمة الدارس، وخدمة المجتمع. وهذه أيضاً أهداف يتعين أن تكون متضافرة. في منظور خدمة الدارس، تظهر أهمية تزويد الطالب بمعارف ومهارات مفيدة له، في سوق العمل، ولمجتمعه. وفي منظور خدمة المجتمع، تتجلى أهمية نوعية المعارف والمهارات التى يتزود بها الطالب من ناحية، وقيام المؤسسة بالبحوث التطبيقية والاستشارات، سواء لجهات حكومية أو لقطاع الأعمال، العام والخاص، من ناحية أخرى. وتتقاطع نشاطات البحث التطبيقى والاستشارات بشكل واضح مع دور المؤسسة في تأهيل الدارسين للحياة العملية، بل وتعظيم فرص العمل، المفيد والمكسب، دخلاً ومكانة، لخريجيها، وهكذا. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:16 | |
| ولعل السمتين الغالبتين على التعليم العالي في البلدان العربية هما تدنى التحصيل المعرفي وضعف القدرات التحليلية والابتكارية، واطراد التدهور فيها. ومن أسف أن هذه السمات أمست تطول ما يعد مؤسسات النخبة. ومن أسف أن مفهوم مؤسسة النخبة يتحول تدريجياً من التميز التعليمى إلى القدرة على دفع مصروفات المرتفعة، الشرط الذى يتوافر أيسر لشريحة الأغنياء الجدد، وعادة ما تقترن هذه القدرة بتدنى مستوى التحصيل التعليمى لأبناء هذه الفئة بالمعايير السائدة، فيجتمع بذلك شرطان كفيلان بالقضاء على الجودة التعليمية في الجامعات والمعاهد العليا المتاجرة.
ويحاج البعض بأن المادة الخام التى تستقبلها الجامعة، معيبة. وأن معيار الدرجات في الامتحانات العامة غير كاف لتحديد القدرة على الإنجاز في التعليم العالي. وفي هذا قدر كبير من الصحة نتيجة لتردى نوعية التعليم في البلدان العربية بوجه عام. وهناك جانب جوهرى في نقص إعداد طلاب الجامعات عامة، يتمثل في ضعف التحصيل في مجال الرياضيات. وليس القصد هنا مجرد المعرفة. ولكن الأهم، هو امتلاك الملكات المفترض أن تنميها الدراسة الجادة للرياضيات: التجريد والنمذجة والتحليل والتركيب. وتدل الدراسات المتاحة في بعض البلدان العربية على تخلف التحصيل التعليمى في الرياضيات عن باقى الفروع، منذ المرحلة الابتدائية، خاصة في الاتجاهات التى تُنشئ أسس الرياضيات الأعلى واستخدام الأسلوب الرياضى في حل المشكلات. ولا ريب أن أسلوب التلقين والاستظهار الذى يغشى جميع فروع التعليم في المدارس، وحتى بعض الجامعات العربية، يفرز أسوأ، وأغرب، سوءاته في الرياضيات[5].
على الرغم من كل ذلك، ربما كانت درجة القصور النسبى في الإنجاز التعليمى، بالمقارنة بالمستهدف معياراً، أفدح في الجامعات، خاصة في العلوم الاجتماعية، من المراحل التعليمية السابقة. بمعنى آخر، ربما افتقد خريجو الجامعات بعض قدراتهم التى كانوا يمتلكون، ولو جزئياً، عند دخولهم الجامعة، والتى كان يُتوقع أن ينميها برنامج تعليمى جيد، في العلوم الاجتماعية خاصة، بسبب جرأة الشباب، وحب المغامرة والاقتحام. ويبدو أن من يبقى محتفظاً بهذه الملكات بعد التعليم الجامعى ليس إلا استثناءً عنيداً لم ينجح النظام القاسى العقيم في كسره.
وعادة ما يلقى اللوم على "الانفجار" في الالتحاق بالتعليم العالي، دون زيادة مواكبة في المخصصات المالية. ولا ريب في أن مؤسسات التعليم العالي في البلدان العربية جوعى إلى الإمكانات المادية. والمؤكد أن كثيرا من المجتمعات العربية قد دفع ثمناً باهظاً لسياسة الدولة في استخدام التعليم العالي وسيلة للرشوة الاجتماعية، دون تخطيط سليم، أو حتى توفير مقومات الحد الأدنى من التعليم الرصين من إمكانات مادية وبشرية. ودفعت فروع العلوم الاجتماعية ثمنا أبهظ. فقد كان حشر الآلاف من طلاب الجامعات في مساقات العلوم الاجتماعية في الجامعات أقل تكلفة وأسهل من الفروع "العلمية". ولعل القائمين على العلوم الاجتماعية في الجامعات كانوا أكثر استعداداً للنزول على رغبة الدولة في هذا الصدد، وفي ميادين أخرى. حيث تتفاعل العلوم الاجتماعية بقوة مع الوظيفة الأيديولوجية للدولة، وتوفر فرصاً مغرية للصعود الاجتماعى والسياسى للمشتغلين بهذه الفروع.
ولكن انفجار الالتحاق مع قصور الإمكانات لا يكفي، وحده، في تقديرنا لتفسير تردى نوعية التعليم العالي العربى. فقد تدخلت عوامل كثيرة، ليس هنا محل الخوض فيها تفصيلاً، لإفساد المناخ الأكاديمى للجامعات، خاصة في العلوم الاجتماعية. بحيث لم يصبح التميز العلمى شرطاً لازماً، أو حتى كافياً، للالتحاق بالسلك الجامعى أو الترقى فيه.
وكان أن ساد التلقين في الجامعة التى يفترض أن مهمتها الأساسية هى تطوير الفكر الناقد؛ وتدهورت المكتبات، واستعمالها، إلى حد الغياب المطلق أحياناً؛ وتردت أساليب البحث، إن وجدت، إلى صيغة "القص واللصق" على أقصى تقدير؛ وغاب التأصيل النظرى الرصين؛ بل انتشرت في أوساط أكاديمية الدروس الخصوصية وحتى سرقة المنتجات العلمية. أما تعاطى أدوات المعرفة والبحث الأحدث، مثل الحواسيب، فيكاد يقترب من المحرمات. أما عن الدراسات العليا فحدِّث ولا حرج. وانعكس كل ذلك على الضعف الشديد لتحصيل الطلاب في الجامعات، حتى في مجالات تخصصهم، من ناحية، وعلى وهن الناتج العلمى والفكرى للجامعات من ناحية أخرى. وافتقرت برامج التعليم العالي كذاك إلى التمرين العملى المُكسب للخبرة. ويزيد الطين بلة ألا يجد خريجو الجامعات فرصة لتطبيق ما درسوه في الحياة العملية، إن وجدوا عملاً يرتبط بموضوع دراستهم أصلاً. نتيجة لكل ذلك، أضحت الجامعات خليطاً غير سوى بين تمدرس مهنى ضعيف المستوى ونزوع فج إلى الأكاديمية المتخلفة (زمناً وأدواتاً).
وليست مؤسسات التعليم العالي في هذا الهم سواء من قطر عربى إلى آخر. ولا حتى داخل البلد الواحد. فهناك "مراكز" و "أطراف" تتفاوت بيِّناً، وإن في إطار التردى العام. فالجامعات الإقليمية في بعض البلدان العربية مثلاً، على فرصتها الذهبية في الاضطلاع بدور رائد في مجتمعاتها المحلية، تعانى بوجه عام من ضعف الإمكانات، المادية والبشرية.
ومن المهم الإشارة إلى أن سمات مؤسسات التعليم العالي التى أوردنا أعلاه، إن صحت، تفرض مشكلة مختلفة عن تلك التى كانت تشكو منها البلدان العربية في الماضى: أى غياب مؤسسات التعليم العالي. المشكلة الآن هى في وجود مؤسسات للتعليم العالي، أحياناً ضخمة الحجم، ولكن متدنية الكفاءة، قليلة الإنتاجية المعرفية، وضعيفة العائد الاجتماعى. ويمتد هذا التوصيف لحالة مؤسسات البحث العلمى المتخصصة. وعندنا أن هذه مشكلة أعقد من غياب المؤسسات. فالخبرة الدولية أن إصلاح مؤسسات التعليم العالي القائمة أصعب بكثير من بناء أخرى جديدة أفضل (ألتباك، بالإنجليزية، 1991).
التعليم العالي وعالم العمل والإنتاج:
العمل مكافأة يتوقع من يسعى إلى التعليم أن يحصل عليها. فالمتوقع أن يساعد التعليم على الحصول على عمل مميز، خاصة إذا تكبد الفرد، وأسرته، تكلفة التعليم التى ما فتئت تتصاعد في البلدان العربية، حتى إنهاء التعليم العالي، أى قرابة عشرين عاماً في المتوسط. ولكن هذا الظن كثيراً ما يخيب في البلدان العربية الآن. فقد اقتضى النظام الاجتماعى، من خلال السوق المشوه، حين أُطلق له العنان، ثمناً باهظاً من الناس مقابل العبث بالتعليم العالي، فأسقط عنه الامتيازات المجتمعية خاصة الاقتصادية التى كان يحظى بها في السابق. فتدل الدراسات على أن سوق العمل أصبح يعاقب التعليم الجامعى في مصر مثلاً بمعدلات عالية من البطالة. ولم يعد مستغرباً انتشار البطالة بين المهندسين والأطباء. ويشتد العقاب بين أبناء الفقراء، حيث يعانون معدلات بطالة أعلى من أبناء القادرين. وتشير البحوث أيضاً إلى تدهور القيمة الاجتماعية للتعليم بحيث صار "احترام التعليم" أمراً مشكوكاً فيه في مقابل "احترام الغنى"، أيا كان مصدره!
ومن ناحية أخرى، فإن كثيراً مما يعد أعمالاً مميزة لخريجى مؤسسات التعليم العالي، التى تحجز عادة لأبناء القادرين خريجى جامعات النخبة، تتركز في الشركات الخاصة الكبيرة، لاسيما الأجنبية، وفي مهن لا تقتضى تعليماً جامعياً- مثل البيع والسكرتارية وصرافي البنوك- وغالبيتها أعمال لا تطلب إلا تعليماً متوسطاً وإجادة لغة أجنبية، وبعض مهارات بسيطة تكتسب في الأغلب من خلال العمل نفسه.
ومع ذلك تبقى البطالة الجزئية، خاصة المستترة (المقنعة) منها، أخطر مشكلات التشغيل في البلدان العربية. والمقصود بالبطالة المقنعة هو العمل، ولو لكل الوقت المعتاد، ولكن على مستوى إنتاجية منخفض، أو دون استغلال كامل للمهارات والمؤهلات، أو مع ضعف المقدرة على الوفاء بالحاجات. وتعبر الحالة الأولى عن تدنى الإنتاجية الاجتماعية، وتنتج الثانية عن قلة التوافق بين نظم التعليم واحتياجات سوق العمل، أما الثالثة فتشير إلى انخفاض مستوى الرفاه الاجتماعى الكلى (الفقر). وهذه مفاهيم مركبة ويصعب قياسها بدقة. وليس غريباً، والأمر كذلك، أن تكون المعلومات عن نقص التشغيل المستتر هى الأكثر ندرة في مجال قياس التشغيل بوجه عام. وإن كان في حكم المؤكد استشراء البطالة المستترة في الأقطار العربية، رغم قلة البيانات المباشرة عنها، بدليل انخفاض الناتج الاجتماعى للفرد، وشيوع الشكوى من قلة توظيف العاملين لمهاراتهم وقدراتهم، على ضعفها، وانتشار الفقر وتعاظمه. وتقدر دراسة أجريت في مصر قرب نهاية عام 1988 أن البطالة المستترة تتراوح، حسب معايير مختلفة، بين عشر المشتغلين وثلثيهم. كما قدرت هذه الدراسة أن مدى نقص التشغيل المستتر يتفاوت بيِّناً حسب خصائص المشتغلين. فقد كان أكثر تكراراً بكثير بين الذكور عن الإناث، وأكثر شيوعاً في الحضر عن الريف، وأقوى لدى الشباب ولذوى التحصيل التعليمى المتوسط والعالي. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:17 | |
| وهذه كلها مؤشرات قوية على وجود خلل جوهرى بين سوق العمل، أو احتياجات المجتمع من العمل، من ناحية، وبين التعليم العالي من ناحية أخرى. ولكن الإقرار بهذا الخلل لا يعنى إلقاء كامل اللوم على نسق التعليم. فنسق التعليم، مثله مثل سوق العمل، كان، ومازال إلى حد بعيد، مداراً من قبل الدولة. وعلى فساد السياسات العامة يقع جل اللوم.
ويكمل الفصام بين مخرجات التعليم العالي وسوق العمل، فصام آخر بين التعليم العالي وباقى المجتمع: الدولة ومشروعات قطاع الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى. فلا تقوم حالياً علاقة تضافر وثيق بين مؤسسات التعليم العالي والقطاعات المجتمعية الثلاثة تكفل مساهمة قوية للتعليم العالي في تنشيط التنمية في البلدان العربية.
ويكتسى البعد الخارجى لقضية التشغيل أهمية خاصة في حالة خريجى التعليم العالي. فقد أصبح العمل في الخارج سمة هيكلية في غالبية البلدان العربية كثيفة السكان، كوسيلة للتغلب على نقائص سوق العمل المحلى (خاصة انتشار البطالة وقلة الكسب). وتنتمى الغالبية الساحقة للمهاجرين إلى سوق العمل المؤقت في البلدان العربية النفطية الذى يتعرض لتقلبات شديدة حسب الظروف الاقتصادية والسياسية، أساساً لبلدان الاستقبال. وتدل المعلومات القليلة المتاحة على أن الهجرة للعمل انتقائية بدرجة ملحوظة للمؤهلين عالياً.
غير أن تنامى العولمة سيؤدى، لا محالة، لتقوية السوق العالمى الوحيد في ميدان العمل، وهو سوق الكفاءات العليا الذى تستقطب مراكز الغرب الرأسمالى من خلاله، عادة للإقامة، شريحة مهمة، ومتزايدة، من قمة هرم رأس المال البشرى في البلدان العربية.
ومن المهم الإشارة، في النهاية، إلى التأزم الهيكلى للعلاقة بين نسق التعليم العالي وحاجات عالم العمل والإنتاج، في البلدان العربية في الحقبة الراهنة. فقد ساد في غالبية البلدان العربية نمط للتخطيط المركزى، متفاوت الشمول من دولة لأخرى، في ميدانى التعليم والعمل. ولكن هذا التخطيط كان ضعيفاً، ونجمت عنه المشكلات التى أشير إليها أعلاه. ويمكن القول بأن نظام التخطيط قد انهار فعلاً دون أن تلغى مؤسساته في كثير من الأحيان، ودون أن يجرى إصلاحها أو تحويلها إلى نسق من التخطيط "التأشيرى" Indicative المتسق مع التحول إلى آلية السوق، ولكن الفعال.
والأخطر من كل ذلك أن الأسواق، وبوجه خاص سوق العمل، لم تتطور بعد إلى أسواق تنافسية كفء في البلدان العربية. بل مازالت تشكو الكثير من التشوه. وعليه لا يمكن الاعتماد على الأسواق في إحداث التواؤم بين نسقى التعليم والعمل بكفاءة وبتكلفة إجمالية مقبولة. والواقع أنه حتى في الاقتصادات الرأسمالية الناجحة ينطوى الاعتماد لإحداث هذا التواؤم على تكلفة اجتماعية كبيرة لا تطيقها البلدان النامية، الأمر الذى يستلزم زيادة كفاءة التخطيط للمواءمة بين نسقى التعليم والعمل في البلدان العربية بالصورة التى تتسق مع طبيعة أسواق العمل الحالية.
التعليم العالي في سياق تحول الاقتصاد السياسى في البلدان العربية: عن حافز الربح
أشرنا فيما سبق إلى صعود دور السوق في البلدان المتقدمة وإلى الأثر المحتمل لذلك على مؤسسات التعليم العالي، ودورها الاجتماعى، في هذه البلدان. كذلك ألمحنا إلى التحول تجاه السوق "الطليق": سوق مشوه، بلا ضوابط مجتمعية تضمن حتى كفاءته؛ سوق تحركه قوى محلية، وعالمية، لا تأبه بالتنمية، في البلدان المتخلفة ومن بينها العربية. وفي هذا الإطار يطرح في البلدان العربية، في سياق "الإصلاح الاقتصادى" أحياناً أمور تتجاوز السائد في المجتمعات الرأسمالية المثال، ولا يتوقع منها أن تحقق نتائج مفيدة في ظروف البلدان المتخلفة. ومن بين هذه، في مجال التعليم، إفساح المجال للقطاع الخاص الهادف للربح في "إنتاج" التعليم. وقد قام مؤخراً، دون ضجة كبرى على ما يبدو، عدد من مؤسسات التعليم العالي الخاصة الربحية في بلدان عربية (المغرب منذ عام 1984؛ الإمارات منذ عام 1985؛ والأردن منذ عام 1990). كذلك صدر في مصر عام 1992 قانون يسمح بإنشاء جامعات خاصة تستهدف الربح (وإن تضمن القانون النص، الساذج، على ألا يكون غرضها الأساسى الربح وعلى ألا يزيد هامش أرباحها عن 10%). ولكن إنشاء هذه الجامعات في مصر ما فتئ مثار جدل مستعر، بل ونزاع أمام القضاء[6].
وجلى أن مسألة الموازنة بين الخاص والعام في التعليم العالي تدور حول قضايا ملكية ownership مؤسسات التعليم العالي وتمويلها finance والتحكم فيها control.
وليس من شك لدى الكاتب في أن تحكم الحكومات، من صنف تلك القائمة في البلدان العربية، هو أحد الأسباب الرئيسية لتدهور التعليم العالي وقصور مساهمته في التنمية، وإن يكن فقط بسبب تغييب استقلال التعليم العالي والتضييق على الحرية الأكاديمية. ولم يحسن من نتائج سيطرة الدولة أيضاً أن ضاقت خزائنها عن تمويل التعليم العالي كما ينبغى. فالحكومات توفر السلع العامة، ومنها التعليم، وفق مقتضيات هيكل القوة القائم. وهيكل القوة القائم في البلدان العربية قهرى، وغير معبر عن مصالح مجموع الناس، ولا يعلى من قيم العلم والمعرفة. وليس غريباً، والحال كذلك، أن يتدهور التعليم العالي، خاصة في ميادين الفكر وتطوير المعرفة، رغم انتشاره السريع نسبياً.
وليس من أمل لدى الكاتب أيضاً في أن إطلاق حافز الربح على قمة النسق التعليمى يمكن أن يحل أى من مشكلات التعليم العالي. وعلى وجه الخصوص، لا ينتظر أن يتولى القطاع الخاص الربحى التغلب على أزمة النوعية وضعف البحث في التعليم العالي العربى. بل الأرجح أن يتسبب، في سياق الاقتصاد السياسى الراهن في البلدان العربية، في مشكلات من نوع جديد. والخطر، كل الخطر، أن تتنصل الحكومات من مسؤوليتها الجوهرية عن التعليم العالي، وتطويره، تعلقاً بالوهم الذى يباع لها عن الأثر السحرى ليد السوق الخفية. وتكون النتيجة أن تخسر المجتمعات العربية معركة التعليم العالي، حتى وإن ربح بعض أفراد (المستثمرون).
والأرجح أن التعليم العالي الخاص سيبقى هامشياً في البلدان العربية- هذه طبيعة الأمور في ضوء نقطة البدء التاريخية التى تهيمن فيها الحكومة على مؤسسات التعليم العالي، وتريد أن تبقى على هيمنتها عليها لأسباب عديدة، ليس من أقلها ضمان إعادة إنتاج الأيديولوجيا المهيمنة، وضبط الدور العام للجامعات، ولخريجها، في الحلبة السياسية. وحتى في المجتمعات المتقدمة التى يقوم فيها قطاع خاص يعتد به في التعليم العالي، يبقى القطاع الخاص تحت إشراف دقيق ومتابعة قريبة من الحكومة، على الأقل لضمان النوعية وتفادى جنوح حافز الربح.
والحق أن الطابع الخاص- بمعنى غير الحكومى- مطلوب لجميع مؤسسات التعليم العالي، وفي هذا أهم ضمانات حماية الاستقلال الأكاديمى وحرية الفكر المفتقدان في البلدان العربية. إن المطلوب، خدمة للنهضة، في حكمنا، هو أن يصبح جل التعليم العالي في البلدان العربية غير حكومياً، وفي جميع الأحوال غير ربحياً. وليس معنى ذلك، على الإطلاق، أن تنفض الحكومات يديها من التعليم العالي. على العكس تماماً. ويتأسس هذا الحكم على عدد من القضايا النظرية، وعلى استقراء خبرة التعليم الخاص في العالم، خاصة في الحالة الأهم: الولايات المتحدة الأمريكية.
من الناحية النظرية، يتسم نشاط التعليم العالي، اقتصادياً، بخاصتين. الأولى: أن "المستهلك" ليس على قدم المساواة مع "المنتج" في المعرفة بخصائص "السلعة- خدمة التعليم العالي" مما يرتب ميزة غير عادلة للمنتج، خاصة المنتج الساعى لتعظيم الربح. والثانية: أن شراء "خدمة التعليم العالي" ينطوى على تكلفة مرتفعة لمدة طويلة ويتسم العائد منها بدرجة عالية من عدم التأكد. وطبيعى في هذه الأحوال أن يطمئن المستهلك- نتيجة لضعفه الهيكلى في "سوق التعليم العالي"- إلى أن انعدام الحافز لدى المشروع غير الربحى سيحميه من إساءة استغلال حافز الربح. وبالإضافة، يتوقع أن تهتم المشروعات غير الربحية بالتميز أكثر من الكفاءة (خفض التكلفة)، وفي هذا مصلحة مجتمعية واضحة في مؤسسات يفترض فيها أن تسعى لتوسيع آفاق المعرفة الإنسانية، الأمر الذى يصعب إخضاعه لحسابات الأرباح والخسائر الضيقة (جايجر، بالإنجليزية، 1991).
ولهذه الأسباب يدعو المنطق الاقتصادى الرشيد، سواء في المنظور الفردى أو الكلى، لتفضيل المشروع غير الربحى في التعليم العالي. وهذا هو واقع الحال في البلدان المتقدمة، حيث ينتمى أغلب التعليم العالي الخاص إلى القطاع غير الحكومى وغير الهادف للربح. ويتركز التعليم العالي الربحى في المجالات التى تتسم ببساطة المنتج ونمطيته ووضوح العائد منه (التدريب المهنى والحرفي قصير الأجل المؤدى عادة إلى اكتساب مهارة محددة).
ومن الجدير بالذكر أن دور التعليم العالي الحكومى قد تنامى خلال القرن العشرين، وحتى نهاية السبعينيات، في البلدان المتقدمة، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التى يقوم فيها أكبر قطاع خاص في التعليم العالي في العالم. ومنذ منتصف السبعينيات، بدأ الاتجاه نحو تقليل الدعم الحكومى للتعليم العالي في سياق تيار صعود السوق وتقليل دور الدولة. ولكن ينبغى ملاحظة أن هذا التحول لم يتسبب في زيادة الدور النسبى للتعليم العالي الخاص. كما أن التعليم العالي في هذه البلدان كان قد بلغ فعلاً حالة من الانتشار والنضج والفعالية المجتمعية لازالت البلدان المتخلفة عنها جد بعيدة.
وقد كانت القوة الدافعة وراء تنامى الدور الحكومى هى توسيع نطاق الالتحاق بالتعليم العالي وتطوير مؤسساته، وهى أمور لم يكن التعليم العالي الخاص، على أهميته- خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، قادراً على الوفاء بها، ولم يكن هناك من بديل إلا أن تقوم عليها الحكومات.
ويتضح من التحليل السابق أن هذه المهمات هى بالضبط المطروحة في ميدان التعليم العالي في البلدان العربية الآن. وإن كان لنا في التاريخ الحديث للبلدان المتقدمة، التى نُدعى إلى التأسى بها، من عبرة ، فإن الاستنتاج المنطقى هو أن مهمتى نشر التعليم العالي وتطويره، كما هو الحال في أنواع البنية الأساسية المختلفة، أثقل مما يحتمل القطاع الخاص، ناهيك عن شقه الربحى. هذه مسؤولية تاريخية للدولة الدافعة نحو التقدم. وتزداد أهميتها في عصر المعلوماتية. ويمثل التنصل منها نكوصاً منكراً عن الدور الجوهرى للدولة في تقدم المجتمع.
وإذا نظرنا في أوضاع التعليم العالي الخاص في الولايات المتحدة الأمريكية نجد أن حوالى 60% (من أصل 3000) من مؤسسات التعليم العالي في مطلع التسعينيات كانت خاصة (المصدر السابق، 238). ومع ذلك لا يتعدى نصيب مؤسسات التعليم العالي الخاصة من طلبة التعليم العالي الربع. كذلك تتعين الإشارة إلى ملحوظتين مهمتين. الأولى، أن كلا الخاص والحكومى من مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة الأمريكية يشتركان، نتيجة لتاريخ تطورى طويل في المجتمع وفي التعليم العالي على السواء، في الأهداف والأساليب والقيم التى تحكمهما. فمؤسسات التعليم العالي، خاصة كانت أو حكومية، تنتمى عضوياً إلى المجتمع الذى تقوم فيه. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:18 | |
| والملحوظة الثانية هى أن مؤسسات التعليم العالي الخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية تلعب في الواقع دوراً أهم نسبياً من تلك الحكومية في البحث المتقدم وفي الحفاظ على المعايير الأكاديمية الراقية، وهى أمور مكلفة جداً. ولكن مؤسسات التعليم العالي الخاصة الراقية لا تطيق، مهما ارتفعت رسوم الدراسة بها أو مصادر أموالها الأخرى، تكلفة تمويل هذا التميز من مواردها الذاتية. ولذلك فإن مؤسسات التعليم العالي الخاصة الراقية في الولايات المتحدة الأمريكية، وكلها غير ربحية، تبقى معتمدة على دعم الدولة، خاصة لتمويل الدراسات العليا والبحث، وعلى وجه الخصوص البحث الأساسى (لا يهتم قطاع الأعمال بدعم البحث الأساسى، رغم أنه ضرورى في الأجل الطويل لرقى البحث التطبيقى والتقانى الذى يدعمه قطاع الأعمال بسخاء نتيجة لأثره السريع في تعظيم الربح).
وتضطر مؤسسات التعليم العالي الخاصة الراقية التى تكتفي برسوم الدراسة بها في الولايات المتحدة الأمريكية لأن تنأى عن البرامج المكلفة في العلوم والدراسات العليا و البحث المتطور. كما تواجه خطر اقتصار الدراسة بها على الشرائح الاقتصادية القادرة على تكبد رسومها المرتفعة، الأمر الذى ينعكس سلباً على المستوى الأكاديمى للطلبة وعمق خبرتهم الاجتماعية. ولذلك تبذل هذه المؤسسات جهودا ضخمة للحفاظ على قاعدة اجتماعية عريضة ومستوى مرتفع من الأداء الدراسى لطلبتها، من خلال برامج المساعدة المالية (يقدر أن أكثر من 60% من طلبة التعليم العالي الخاص في الولايات المتحدة الأمريكية يتلقون مساعدة مالية، ويتخرج حوالى نصفهم وعليهم ديون تعليمهم). والحكم الآن في الغرب أن "خصخصة التعليم العالي قد بلغت نهايتها" بمعنى ضرورة التوسع في المساعدات المالية للطلبة حتى لا يترتب على اطراد ارتفاع الرسوم تناقص الالتحاق (المصدر السابق).
مرة أخرى، إن شئنا أن نستخلص عبرة من حالة الولايات المتحدة الأمريكية، يكاد يستحيل أن يشكل حافز الربح أساساً لتعليم عال راق. فيستحيل من ناحية أن يوفر حافز الربح أساساً للوفاء بحاجات الفئات الاجتماعية العريضة من التعليم العالي. ويستحيل، من ناحية أخرى، أن تنشأ مؤسسات تعليم عال خاصة متميزة، لاسيما في البحث، دون دعم مجتمعى واسع، وأساساً من الدولة.
وبالإضافة إلى كل ذلك، فإن مؤسسات التعليم العالي الخاصة تميل لأن ترتبط بمصالح اجتماعية معينة، مما قد يساعد على إثارة الانقسامات الطائفية والفئوية في المجتمع. وفي حالة المؤسسات الربحية، في مجتمعات لا تقيم ضوابط فعالة على وحشية حافز الربح، كما هو الحال في البلدان العربية، فإن مصلحة أصحاب المال، مواطنين أو أجانب، سترقى فوق أى اعتبار: علمياً كان أو أخلاقياً. ولا ريب أن هذا المصير يمثل أسوأ كابوس لمن يمثل التعليم العالي لهم منارة العلم والنهضة في المجتمع.
وفي النهاية، يتعين أن نتذكر أن الضوابط التى تقوم في المجتمعات المتقدمة من خلال آليات الضبط regulation العام للمؤسسات الخاصة، والربحية تحديداً، وفاء لمصلحة المجتمع لا ينهض، بأية فعالية، في المجتمعات المتخلفة. فالأرجح، في ظل السياق المؤسسى الحالى، أنه إذا أقام مستثمرون ذوو سطوة قطاعاً خاصاً، يستهدف الربح في ميدان التعليم العالي، سيستحيل أن تمارس إدارة حكومية غير كفء، وحريصة على اجتذاب الاستثمار الخاص، وعرضة لضغط ذوى النفوذ، ضبطاً محكماً لمستوى جودة التعليم.
هذا عن التكييف العام لمسألة القطاع الخاص، وحافز الربح، في ميدان التعليم العالي. ولكن واقع الحال في البلدان العربية يشهد تطورين في اتجاه التعليم العالي الخاص. الأول هو إنشاء مؤسسات تعليم عال خاصة، أغلبها ربحى. والثانى هو مخاصصة (تعريب يفضله الكاتب لكلمة Privatisation) مؤسسات التعليم العالي الحكومية. وتشى قراءة التطورات الجارية بأن هذين التطورين لا يتمثلان مجمل الحكمة التى لخصنا أعلاه عن دور التعليم العالي الخاص، خاصة في مراحل إقامة البنية الأساسية المعرفية للتقدم، وقد يكونا مضرين، خاصة الثانى.
ومؤسسات التعليم العالي الخاصة في البلدان العربية ما زالت محدودة العدد والالتحاق بها لا يشكل إلا نسبة ضئيلة من طلبة التعليم العالي في المنطقة، وتعانى السوءات المتوقعة للتعليم الخاص المتخلف. في المغرب مثلاً أنشئت حتى بداية العام الأكاديمى 94/1995 خمسين مؤسسة لم يتعد عدد الطلبة بها ثمانية آلاف (بمتوسط حوالى 150 طالب للمؤسسة، وتضم أصغرها 20 طالباً فقط). ويعدد الطيب الشكيلى (1996) بعض سمات هذه المؤسسات: ارتفاع نسبة الذين استنفذوا فرص التعليم العالي بالمؤسسات الحكومية بين الطلبة (حوالى الثلث)، والتركز الجغرافي في المناطق الأغنى من البلاد، والتركيز على التكوين المهنى بدلاً من التعليم الجامعى بالمعنى المتكامل، وقلة المتفرغين بين أعضاء هيئة التدريس (حوالى 13%)، وغياب جل التخصصات الصناعية والطبية التى تقتضى تجهيزات مكلفة، وارتفاع تكلفة الالتحاق. ويستشف وجود قوى متنفذة تدافع عن مصالح هذه المؤسسات مع ضعف البيئة القانونية والإدارية لضبطها (صدر "القانون الأساسى" لتنظيم القطاع بعد سبع سنوات من بدء إنشاء المؤسسات، ولم تصدر "المراسيم التطبيقية" لمدة تربو على أربع سنوات بعد ذلك). ولعل هذه حالة مثالية مما يتوقع لمؤسسات التعليم العالي الخاصة في البلدان العربية أن تكون عليه.
وللأردن تجربة قديمة، وسيئة، في التعليم العالي الخاص، توضح الوجه القبيح لحافز الربح. ففي أواخر السبعينيات قامت بها "كليات المجتمع التى كانت تركز في تدريسها على الجوانب العملية والمهنية ... لقيت بادئ الأمر نجاحاً كبيراً وحظيت بسمعة جيدة ... غير أن الأمور سرعان ما تغيرت نتيجة انجذاب أصحاب هذه الكليات وراء الربح السريع ... فانخفض المستوى واشتد التنافس ... فبدأت تنهار تدريجياً" (أمين عبد الله محمود، 1996). ولكن بدأ إنشاء جامعات "استثمارية" تقوم عليها شركات منذ عام 1990 حتى بلغ عددها في عام 1996 تسع (بالإضافة إلى كلية تمتلكها الجمعية العلمية الملكية). وتتركز غالبية الجامعات الخاصة في منطقة عمان الكبرى، يلتحق بالتعليم العالي الخاص في الأردن حوالى 40% من طلبة الجامعات الرسمية السبع، وقرابة النسبة ذاتها من هيئة التدريس، مما يجعلها شريكاً غير صغير في بنية التعليم العالي في الأردن. وفي هذا تعد الأردن الاستثناء البارز في قسمة التعليم العالي بين العام والخاص في البلدان العربية.
ولكن يعاب على هذه الجامعات التركيز على التدريس دون البحث، والاقتصار على التخصصات "النظرية" لزيادة هامش الربح فيها، وتكرار التخصصات فيما بينها، وبينها وبين الجامعات الرسمية، مما "يؤدى إلى إغراق السوق بخريجى التخصصات المتشابهة" و "التنافس الشديد بين الجامعات على أعضاء هيئة التدريس"، والاعتماد الزائد على الأساتذة غير الأردنيين خاصة العراقيين- الأمر الذى يعنى تعرض هذه الجامعات لهزة قوية حال انقضاء الأوضاع الاستثنائية القائمة في العراق، وتعرض هذه الجامعات "في أحيان كثيرة إلى مخاطر ناتجة عن تدخل قوى المال في شؤونها".
وإذا استثنينا "الجامعات الخاصة" التى أشرنا لوضعها المتأزم أعلاه، فلمصر أيضاً تجربة قديمة، ولا تدعو للإعجاب، في التعليم العالي الخاص، تحت الإشراف الحكومى في صورة المعاهد العليا الخاصة. ويعود بعض هذه المعاهد إلى الثلاثينيات، ولكن يرجع تنظيمها حكومياً إلى عام 1970. وتتقاضى هذه المعاهد رسوماً أعلى بكثير من الجامعات الرسمية (10-50 مثلاً). وتقبل هذه المعاهد خريجى الثانوية العامة الذين لا تؤهلهم درجاتهم للالتحاق بالجامعات. وتركز غالبيتها الساحقة على الدراسات الاجتماعية والإنسانية، وتتسم بضعف المستوى الأكاديمى وانخفاض المكانة الاجتماعية لخريجيها رغم مساواتهم بخريجى الجامعات قانوناً.
ودولة الإمارات هى الدولة الخليجية الوحيدة التى نشأت بها مؤسسات تعليم عال خاصة. والإمارات حالة خاصة حيث تقوم فيها، إضافة للمبررات المعتادة لإقامة مؤسسات التعليم العالي الخاصة، حاجة لتوفير التعليم العالي لغير المواطنين الذين لا تتحمل الدولة مسؤولية تعليمهم، ورغبة كل إمارة، ومواطنيها، في قيام مؤسسات التعليم العالي بها. وقد زاد عدد مؤسسات التعليم العالي الخاصة في الإمارات حتى عام 1996 عن ثلاثين مؤسسة (كان منها 14 عاملة فعلاً، ثمانية منها دون ترخيص من وزارة التعليم العالي) وذلك بالإضافة إلى 155(!) معهداً كانت تحصل في السابق على "تراخيص من وزارة التربية والتعليم لتقديم دورات تدريبية مختلفة، بالإضافة إلى بعض الخدمات الجامعية" (عبد الرحيم شاهين، 1996). وينتشر في الإمارات التعاون بين مؤسسات التعليم العالي المحلية ومؤسسات نظيرة، أو أم، للمؤسسات الإماراتية. ويلاحظ الكاتب نفسه أن كل مؤسسات التعليم العالي الخاصة في الإمارات أنشئت بدون تخطيط مسبق يقوم على دراسة احتياجات سوق العمل، ويغلب عليها الطابع النظرى والأدبى وتشابه مخرجاتها مع المؤسسات الحكومية، وتفاوت عدد الدارسين بها بين 790 طالباً في كلية الدراسات الإسلامية والعربية- وهى غير ربحية- إلى 48 فقط في كلية دبى للصيدلة - كان متوسط عدد الطلبة في الكلية الخاصة في عام 1993 حوالى 170، وارتفاع الرسوم، والحاجة لأن تعمل هذه المؤسسات على "تطبيق الشعارات المرفوعة ... والمتعلقة بالتميز".
ولكن مخاصصة مؤسسات التعليم العالي الحكومية، دون نزع الصفة الحكومية عنها، يمكن أن تكون أبعد أثراً من إنشاء عدد محدود، وضعيف، من مؤسسات التعليم العالي الخاصة، وذلك بسبب الحجم الهائل لمؤسسات التعليم العالي الحكومية حالياً. وتأخذ هذه المخاصصة شكلين أساسيين. الأول هو إقامة ما يسمى في الجامعات المصرية "الوحدات ذات الطبيعة الخاصة"، والثانى هو إنشاء أقسام في الكليات الجامعية بمصروفات مرتفعة عادة ما يكون التدريس فيها بلغة أجنبية.
والوحدات ذات الطبيعة الخاصة، حسب خبرة الجامعات المصرية، وحدات تنشأ داخل الكليات الجامعية عادة كمراكز بحث واستشارة، وتفتح الباب لتلقى هبات من المانحين، أو رسوم من قطاع الأعمال، لقاء أنشطة مشتركة. ولا شك أن الاتجاه محمود إذا أدى لنهضة البحث والتطوير في مؤسسات التعليم العالي. غير أن الفائدة المحققة لهذه الوحدات حتى الآن، فوق إضافة نسبة لميزانية المؤسسة تتصرف فيها بقدر من الحرية، هى زيادة دخل أعضاء هيئات التدريس المنتمين إليها، والمسئولين في الكليات، وفي الجامعة الأم. وقد أدى هذا في بعض الأحيان إلى تعدد مثل هذه الوحدات داخل الكلية الواحدة والتنافس بينها على مصادر التمويل. ولا يبدو حتى الآن أن هذه الوحدات قد أنتجت نقلة نوعية في المستوى العلمى لأنشطة الجامعات أو إضافات معرفية مفيدة.
أما أقسام التدريس الخاصة بمصروفات، وغالباً بلغة أجنبية، داخل مؤسسات التعليم العالي الحكومية فتعنى في الحقيقة شق التعليم العالي الحكومى إلى قسمين متنافرين، بل ومتنابذين: واحد لأبناء الأغنياء والثانى لغيرهم. ولا يعود ذلك فقط إلى المصروفات المرتفعة التى تقتضى في القسم الأول، ولكن اشتراط إجادة اللغة أجنبية يعنى في الواقع قصر الالتحاق بهذا الصنف من التعليم العالي الحكومى على خريجى مدارس اللغات الأجنبية- أى أبناء الأغنياء مرة أخرى. ولا يردّ على هذا الانتقاد بأن هذه الأقسام الأجنبية "تسمح" لنسبة ضئيلة من الطلبة المتفوقين بالالتحاق بها مجاناً. فالخبرة أن من يتمتعون بهذه "الميزة" دون أن يكونوا من الوسط الاجتماعى "الراقى" وصنف المدارس المتميزة التى يدرس فيها أبناء هذا الوسط، يعانون من أزمة معزل ghetto دراسى واجتماعى قد يجر عليهم ويلات. والخوف، كل الخوف، أن يتحول تعليم الأغنياء إلى طفل مدلل للإدارة وهيئات التدريس بينما يترك تعليم الفقراء في الدرك الأدنى من فقر الموارد والإهمال. وفي بعض الحالات تنشأ أقسام اللغات هذه بتمويل من مانحين أجانب، مثل دولة اللغة التى يتم التدريس بها، وبتعاون في التنفيذ يصل إلى حد وجود أجانب مقيمون يشاركون في التدريس والإشراف على المقررات. ولا يحتاج الأمر كثير تفكير لتصور ماذا ينطوى عليه هذا النسق من انتماء أقسام الأغنياء باللغات الأجنبية، وطلبتهم. فالأغلب أن مثل هذه الأقسام تنشئ علاقة بين الطلبة فيها وثقافة دولة اللغة الأم، ومؤسساتها وشركاتها، في داخل البلد وخارجها، تكاد تطغى على العلاقة بالوطن. ولعل هذه أخطر مضار العولمة في البلدان المتخلفة: قسمة ناسها بين فئة قليلة مرتبطة في الأساس بمؤسسات ومراكز السوق العالمية، وغالبية مهمشة ومستضعفة تقتات على فتات هؤلاء | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:18 | |
| نحو تعليم عال ممكّن من التنمية في البلدان العربية
يمكن تلخيص محتوى الأقسام السابقة من هذه الدراسة في إبراز الدور الحاسم الذى يلعبه نشر التعليم العالي، وترقية نوعيته، في نهضة المجتمعات خاصة في سياق عصر المعلوماتية والعولمة. ومع ذلك فإن التعليم العالي في البلدان العربية يقصر بفداحة عن متطلبات نهضة حق، في مدى انتشاره، وبالأخص من حيث نوعيتة والمساهمة في رقى المعرفة وتوظيفها خدمة للتنمية. بل الأخطر أن استمرار الاتجاهات الراهنة في ميدان التعليم العالي تنذر بازدياد نخبويته وتكريس تردى نوعيته.
وليس من قبيل المبالغة القول، بأنه في منظورى الانتشار والنوعية، ومن حيث المساهمة في تنمية حق، يكاد نسق التعليم العالي القائم في البلدان العربية، على ضخامته، يحتضر. ولكن البديل مازال غير قادر، أو غير مسموح له، أن يولد.
إن إصلاحاً حقا للتعليم العالي في البلدان العربية أصبح بحاجة إلى هزة كبرى Big Bang. فلم تعد التدرجية مفيدة. ولن يغنى الترقيع ورتق الفتوق. ولن يجدى فتيلاً ترديد العبارات المدبجة في توصيات المؤتمرات والندوات. ولابد، في النهاية، من دفع التكلفة الاجتماعية التى ينطوى عليها أى إصلاح جذرى.
ونقدر أن هناك أربعة توجهات استراتيجية صار ملحاً أن تتضافر في عملية جادة لإصلاح جذرى للتعليم العالي في البلدان العربية، تبدأ دون إبطاء.
أولاً: استمرار مسؤولية الدولة مع تحرير مؤسسات التعليم العالي من سلطان الحكومة ومن حافز الربح
إن الدولة مسؤولة عن بناء رأس المال الإنسانى بكافة أشكاله. ويزداد حرج مسؤولية الدولة في حالة التعليم العالي نظراً لضخامة مؤسساته وعظم احتياجاتها. غير أن مسؤولية الدولة عن التعليم العالي لا تعنى أن تكون مؤسسات التعليم العالي حكومية. بل الأصلح ألا تكون.
إن أهم مقوم للإصلاح الجذرى في تقديرنا هو تحرير مؤسسات التعليم العالي كافة من سلطان الحكومة بحيث تقوم عليها مجالس إدارة مستقلة رباعية التمثيل (الدولة، قطاع الأعمال، والمجتمع المدنى، والأكاديميون). الأمر الذى يمهد الطريق لإطلاق طاقات مؤسسات التعليم العالي، في تعاون وثيق مع أجهزة الدولة ومشروعات قطاع الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى، لتحقيق أقصى مساهمة في التنمية من خلال التدريس والبحث وخدمة المجتمع. ويتطلب تحقيق الإصلاح المرجو من هذا الاقتراح عناية خاصة في تشكيل مجالس الإدارة الأولى من شخصيات مستقلة بحق. فمن الجلى أن مجلس إدارة مشكل أساساً من موالين لهيكل القوة القائم، ومستفيدين منه، لن يستطع تحقيق الإصلاح المؤمل.
ويتكامل مع المطلب الأول العمل على استبعاد حافز الربح من ميدان التعليم العالي وتشجيع قيام مؤسسات التعليم العالي غير الهادفة للربح. وإذا أمكن نفخ الروح في العمل الأهلى في البلدان العربية من خلال المنظمات غير الحكومية فقد تنفسح فرصة طيبة في هذا الميدان.
ولكن مسئولية الدولة عن التعليم العالي تعنى تحديدا القيام، بكفاءة، بوظيفتين رئيسيتين:
الأولى: زيادة التمويل الحكومى والمجتمعى للتعليم العالي. فما زال هناك مجال في تقديرنا لزيادة مخصصات التعليم العالي من الموازنة الحكومية، ولو على حساب أوجه إنفاق أخرى لا تدانى التعليم العالي أهمية.
وبسبب ترافق انتشار الفقر بين العامة واستشراء الثراء بين قلة في البلدان العربية، أصبح من الضرورى استهداف القادرين لزيادة مساهمتهم في تمويل التعليم العالي. سواء من خلال اقتضاء رسوم تعليم عالية من أبناء القادرين (وليس مجرد إعفاء المتفوقين من غير القادرين) ولا نستثنى الدراسات العليا، أو تشجيع الأفراد الموسرين، ومشروعات الأعمال، على منح الهبات والوقفيات لمؤسسات التعليم العالي (من خلال إعفاءات ضريبية مغرية).
والواقع أن لقطاع الأعمال مصلحة ذاتية في دعم التعليم العالي لضمان توفر الكفاءات البشرية اللازمة لتعظيم أرباحه (يعى قطاع الأعمال هذه الحقيقة في المجتمعات الرأسمالية الناضجة، بينما يتوقف رأسماليو المجتمعات المتخلفة عند الشكوى من قلة الكفاءات).
كذلك يمكن للحكومات أن تفرض رسوماً متنوعة على القادرين تستخدم لتمويل التعليم العالي، وللأردن تجربة رائدة في هذا الصدد[7].
ومن الجوهرى أن يتم تخصيص هذه الموارد بين مؤسسات التعليم العالي على أساس شفاف تلعب فيه اعتبارات الجودة والخدمة المجتمعية، شاملة توفير احتياجات سوق العمل، والقدرة على تبنى برامج البحث الأساسى والتطوير التقانى، وتعزيزها، دوراً مهماً.
والثانية: العمل على رفع كفاءة استغلال موارد مؤسسات التعليم العالي، وتعظيم العائد المعرفي والمجتمعى عليها، من خلال تقنين المحاسبة الجادة لمؤسسات التعليم العالي، خاصة فيما يتصل بالمال العام. ويتفرع عن هذه الوظيفة إقامة نظم اعتماد accreditation جدية لبرامج التعليم العالي، وتطبيقها بصرامة، لضمان النوعية في جميع مؤسسات التعليم العالي.
ثانياً: هزة شديدة لمؤسسات التعليم العالي القائمة بهدف تحسين النوعية مع عدم السماح بمؤسسات جديدة إلا بضمان مستوى نوعية أرقى جوهريا من المستهدف
قد تكون مجموعة المقترحات المتضمنة في هذا التوجه الاستراتيجي أقلها قبولاً، وأغلاها تكلفة، اجتماعياً وسياسياً. ولكننا لا نرى إصلاحاً جاداً للتعليم العالي في البلدان العربية بدونها. والمعروف أن تفادى دفع تكلفة الإصلاح في الأجل القصير يزيد من صعوبته في الأجل الطويل. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:18 | |
| بالنسبة لمؤسسات التعليم العالي القائمة تقوم ضرورة ملحة للقيام بالمهام التالية في سياق خطة متكاملة الأبعاد:
1. تقليل الاستيعاب في مؤسسات التعليم العالي القائمة مع تحسين الإمكانات والتجهيزات للتدريس والبحث، وبوجه خاص في فروع العلوم الإنسانية والاجتماعية وتلك التى تزداد البطالة بين خريجيها، بحيث يقوم تناسب أفضل بين الإمكانات المتاحة وأعداد الطلبة في إطار خطة طويلة الأجل لتطوير مؤسسات التعليم العالي. وإن كان لابد من الاختيار بين الكم والنوعية، فالنوعية الأرقى مع الكم الأقل، في الوضع الحالى، لاشك أفضل. ولا نرى غضاضة حتى في إيقاف القبول ببعض المؤسسات حتى يمكن التخطيط لتحويلها إلى مراكز امتياز، وقد يكون من المناسب هنا إيقاف القبول بأقل مؤسسات التعليم العالي جودة، ويكون مدى النجاح في تحسين هذه المؤسسات هو الاختبار الأكيد لإمكان النهوض بقطاع التعليم العالي ككل.
2. تنقية هيئات التدريس ووضع برامج فعالة لترقية قدراتهم. في بعض البلدان لا تتمثل المشكلة في نقص نسب المؤهلين بشهادات عليا بين أعضاء هيئة التدريس ولكن في ضعف قدراتهم، خاصة البحثية، وبشكل مطرد بانتهاء مراحل الترقى، ومع طول الخدمة، في السلك الجامعى. وعادة ما يعتبر البحث نشاطاً غير مجز إلا من أجل الترقية في السلك الأكاديمى[8]. ويعود بعض من فتور الهمة هذا إلى تخلف الإمكانات المساعدة على البحث، الأمر الذى يحتاج لعلاج جذرى. ولكن الحل النهائى لضعف القدرات يطلب اعتماد برامج تدريبية، في الداخل والخارج. فالمعروف أيضاً أن بعض الإمكانات المتاحة حالياً، في مجال الحواسيب والاتصالات مثلاً، ليست مستخدمة بالكفاءة المطلوبة إلا من قلة قليلة من أعضاء هيئات التدريس. وقد لا يمكن تطوير بعض من أعضاء هيئات التدريس الحالية، وليس من غرم في أن يفتح باب التنافس، شريفاً، على الوظائف الجامعية في مرحلة انتقالية تستهدف انتخاب أصلح العناصر. على أن يتأسس مبدأ التنافس كعنصر جوهرى في شغل مناصب هيئات التدريس.
3. إعادة النظر في هياكل وبرامج مؤسسات التعليم العالي القائمة بما يؤدى لتفادى التكرار النمطى في نسق التعليم العالي ككل، والتحول نحو نمط التعليم العالي المرن، المواكب لاحتياجات التنمية المشار إليه فيما يلى، بالتعاون مع مؤسسات الدولة وقطاع الأعمال والمجتمع المدنى.
أما فيما يتصل بإنشاء مؤسسات جديدة فمن الضرورى، كمكون أساسى لنظم الاعتماد التى أشرنا إليها أعلاه، وضع مستوى نوعية مستهدف لمؤسسات التعليم العالي الجديدة وتطبيقه بصرامة، بحيث لا تضاف مؤسسات جديدة إلا وتساعد على تحسين جوهرى في المستوى العام للنوعية، خاصة من خلال تنافس مؤسسات التعليم العالي الجديدة والقديمة. وبهذه الصورة يمكن تفادى مأزق أن تخلق، في حمى تدليل السوق السائدة في البلدان العربية حالياً، كيانات عليلة للتعليم العالي، تزيد من أزمة التعليم العالي في المنطقة بدلاً من أن تساعد على حلها.
ثالثاً: إقامة نسق للتعليم العالي المرن، والمواكب لاحتياجات التنمية
لكى يحقق نسق التعليم العالي الدور المبتغى منه في تطوير المجتمعات العربية يستهدف إعداد أفراد قابلين للتعلم، عوضاً عن مجرد متعلمين، وأن يساهم عضوياً في نهضة المجتمع. ولهذا يتعين أن يكتسب التعليم العالي مقومين أساسيين: التنوع والمرونة، خاصة في الاستجابة لمقتضيات التغيرات السريعة محلياً وعالمياً. والأمل أن تساعد التغيرات الهيكلية الموصوفة أعلاه في تحويل مؤسسات التعليم العالي هاتين الوجهتين.
1. تنوع مؤسسات وبرامج التعليم العالي: ويمتد هذا المحور إلى تفادى أن تكون البرامج الأساسية لمؤسسات التعليم العالي القائمة نسخاً متكررة من وثائق قديمة لا تتجدد. والاهتمام بمؤسسات التعليم العالي دون الجامعية، والإعلاء من قيمتها المجتمعية.
ولكن التنوع يعنى أيضاً إنشاء، وتعضيد، مؤسسات للتعليم العالي للأفراد مدى الحياة مثل الجامعة المفتوحة التى تتيح المجال للاستزادة من المعرفة، بدءً من المقرر الواحد إلى الدرجات العلمية، دون الالتزام بالنمط الجامعى الجامد القائم حالياً.
ويعنى التنوع كذلك زيادة أهمية التعليم المتكرر recurrent بالتعاون مع الدولة وقطاع الأعمال والمجتمع المدنى التى يفرضها التقادم السريع للمهارات التقنية في العصر الحالى. وتتسم هذه البرامج بخدمة احتياجات التطور المؤسسى في قطاعات النشاط المجتمعى الثلاثة، وبتمتين الاستفادة المزدوجة بين مؤسسات التعليم العالي وباقى المجتمع. كما يمكن أن تكون هذه البرامج مصدر تمويل جيد لمؤسسات التعليم العالي.
ويدخل في نطاق التنوع تعميق الوظيفة الإنتاجية لمؤسسات التعليم العالي، سواء كمصدر تمويل أو كمجال لتعميق الوظيفة التعليمية.
وفي النهاية يتطلب التنوع المؤسسى إنشاء مراكز البحث والتطوير R&D القائمة على تداخل التخصصات وبالمشاركة الفاعلة مع قطاعات المجتمع الثلاثة.
2. مرونة مؤسسات التعليم العالي: على مستوى الأفراد، تعنى المرونة حرية الخروج ثم العودة إلى مؤسسات التعليم العالي في أنواعها ومراحلها المختلفة. فالمعروف الآن أن الجمع بين خبرة العمل والدراسة الأكاديمية يحقق أفضل النتائج المعرفية للفرد وللمجتمع، وأن تنوع المناظير والخبرات داخل مؤسسات التعليم العالي يثرى المؤسسة، والدارسين بها، معرفياً.
أما على الصعيد المؤسسى، فتعنى المرونة أن يخضع هيكل المؤسسات، والبرامج التى تقدمها، ومحتويات البرامج، للمراجعة المستمرة من قبل مجالس إدارتها بما يضمن سرعة استجابتها للتطورات العالمية والمحلية. وهذه إحدى ميزات التمثيل الرباعى في إدارة مؤسسات التعليم العالي. | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:19 | |
| رابعاً: برنامج فعال للتعاون العربى
أمسى التعاون العربى الفعال ضرورة ملحة لنهضة تعليمية في البلدان العربية. والمؤكد أن التعليم العالي هو أهم مجال للتعاون العربى في ميدان التعليم. فالعائد على التعاون العربى في التعليم العالي أعلى ما يكن. والمجالات المرشحة بجدارة كأولويات للتعاون العربى هى: الدراسات العليا، والبحث، والنشر.
ويقتضى تفعيل التعاون العربى دحر اتجاه التشرذم التنافسى في التعليم العالي العربى الذى كانت تحركه، وما زالت، النعرات القطرية التى تفت في عضد العرب جميعاً. كما يقتضى تجاوز العبارات الإنشائية، المرصوصة جميلاً، ولكن المفرغة من أى مقومات للتطبيق. ومن المحبذ الاستفادة من البنية الأساسية القائمة في الأقطار العربية، وبعض منها غير مستغل بالدرجة الكافية، بعد دعمه وتطويره، في العمل العربى المشترك في ميدان التعليم العالي. ولا شك في أن التطور الهائل في تقانات الاتصال يمكن أن يساهم في تمتين ذلك التعاون على غرار البرامج القائمة بين البلدان الأوربية مثلاً[9] (سانيال Sanyal، بالإنجليزية، 1991).
ومشروع جامعة العرب للدراسات العليا (على الحوات، 1996)، الذى ما انفك يتخبط في أروقة المؤتمرات منذ خمسة عشر عاماً، يجب أن يعتبر المحك الأول لقدرة العرب على التعاون في ميدان التعليم العالي بما يحقق تحركاً جاداً في هذا المضمار.
وقد تفتح جامعة العرب المفتوحة، إن قامت بجدية وكفاءة لا تشوبها شراهة حافز الربح، أفقاً رحباً في هذا المضمار. أما إذا لم يحرز العرب تقدماً ضخماً في هذا الاتجاه، بسرعة، فلا يلومن صناع القرار في الدول العربية إلا أنفسهم على تضييع فرصة هذه المنطقة في ولوج الفتحة الأخيرة لباب التقدم من خلال بناء رأس المال الإنسانى.
............................................................... | |
|
| |
مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: رد: مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية الأحد 3 فبراير - 4:19 | |
| المراجع
بالعربية:
أحمد صيداوى (1996)
اتجاهات وتوجهات إصلاحية في التعليم العالي، في: التعليم العالي في الوطن العربى: رؤى مستقبلية، المجلة العربية للتعليم العالي، العدد الثانى، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ديسمبر 1996.
الطيب الشكيلى (1996)
التعليم العالي الخاص بالمغرب: حصيلة وآفاق، في: الجامعات الخاصة في البلدان العربية، منتدى الفكر العربى، عمان، مارس 1996.
أمين عبد الله محمود (1996)
الجامعات الخاصة في الأردن: قراءة أوليـة، في: الجامعات الخاصة في البلدان العربية، منتدى الفكر العربى، عمان، مارس 1996.
حامد عمار (1997)
معارضتى للجامعات الخاصة، الأهرام الاقتصادى، القاهرة.
سعيد السلمان (1996)
الجامعات الخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة: تجارب، حقائق، أرقام، في: الجامعات الخاصة في البلدان العربية، منتدى الفكر العربى، عمان، مارس 1996.
عبد الرحيم شاهين (1996)
التعليم العالي الخاص في دولة الإمارات العربية المتحدة: رؤية مستقبلية، في: الجامعات الخاصة في البلدان العربية، منتدى الفكر العربى، عمان، مارس 1996.
عبد الله بوبطانة (1991)
تمويل التعليم العالي العربى :البحث عن بدائل جديدة، في: تمويل التعليم العالي في المنطقة العربية من مصادر غير تقليدية، دراسات حالة عن مصر، الأردن، منطقة آسيا والباسيفيك، قراءات حول التعليم العالي، العدد الثالث، مكتب اليونسكو الإقليمى في الدول العربية، يونيو 1991.
على الحوات (1996)
الدراسات العليا في جامعات الوطن العربى: واقعا وارتقاء، في: التعليم العالي في الوطن العربى: رؤى مستقبلية، المجلة العربية للتعليم العالي، العدد الثانى، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ديسمبر 1996.
على لبيب، شكرى عباس حلمى، حسان محمد حسان (1991)
تمويل التعليم العالي في مصر من مصادر غير تقليدية، في: تمويل التعليم العالي في المنطقة العربية من مصادر غير تقليدية، دراسات حالة عن مصر، الأردن، منطقة آسيا والباسيفيك، قراءات حول التعليم العالي، العدد الثالث، مكتب اليونسكو الإقليمى في الدول العربية، يونيو 1991.
محمد الجوهرى (1996)
وضعية الجامعات الخاصة في جمهورية مصر العربية، في: الجامعات الخاصة في البلدان العربية، منتدى الفكر العربى، عمان، مارس 1996.
محمد عادل بركات، حسن ندير خير الله، عبد الكريم أبو الحسن (1996)
التطوير المهنى لأعضاء الهيئة التدريسية في جامعات الوطن العربى في ضوء المستجدات العالمية، في: التعليم العالي في الوطن العربى: رؤى مستقبلية، المجلة العربية للتعليم العالي، العدد الثانى، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ديسمبر 1996.
محمد فرج دغيم (1996)
نحو استراتيجية عربية للتعليم العالي: قضايا و مشكلات، في: التعليم العالي في الوطن العربى: رؤى مستقبلية، المجلة العربية للتعليم العالي، العدد الثانى، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ديسمبر 1996.
منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (1995)
بحث في سياسات التغيير والنمو في مجال التعليم العالي، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، باريس.
منير حسن نايفة، فخرى البزاز، عيسى بطارسة (1996)
توظيف الخبرات العلمية المهاجرة في قضايا البحث العلمى في الوطن العربى، في: التعليم العالي في الوطن العربى: رؤى مستقبلية، المجلة العربية للتعليم العالي، العدد الثانى، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ديسمبر 1996.
هانى عبد الرحمن (1991)
تمويل التعليم العالي في الأردن، في: تمويل التعليم العالي في المنطقة العربية من مصادر غير تقليدية، دراسات حالة عن مصر، الأردن، منطقة آسيا والباسيفيك، قراءات حول التعليم العالي، العدد الثالث، مكتب اليونسكو الإقليمى في الدول العربية، يونيو 1991.
بالإنجليزية:
Altbach, P. G. (1991)
University Reform, International Higher Education - An Encyclopedia, Volume 1 Garland Publishing, Inc., New York & London.
Barnet, R. J. and Cavanagh, J. (1994)
Global Dreams, Imperial Corporations and the New World Order, Simon and Schuster.
Bartsch, Ulrich (1995)
Rates of return to investment in education and migration in Egypt, Almishkat Research Notes No. 09, Cairo, September 1995.
Eisemon, T. O. and Davis, C. H. (1991)
University Research and the Development of Scientific Capacity in Sub-Saharan Africa and Asia, International Higher Education - An Encyclopedia, Volume 1, Garland Publishing, Inc., New York & London,1991.
El-Kholy, O. A. (1996)
Changed Universities for a Changing World, STEMARN’s Workshop on the “Organization, Management and Evaluation of Applied scientific & Technological Research System in Arab Universities”, Bahrain, 16-20 November 1996.
Geiger, R. L. (1991)
Private Higher Education, International Higher Education - An Encyclopedia, Volume 1, Garland Publishing, Inc., New York & London.
Hill, S. and Turpin, T. (1994)
Academic Research Cultures in Collision, Science as Culture 20.
Massialas, B. G. (1991)
The Arab World, International Higher Education - An Encyclopedia, Volume 2, Garland Publishing, Inc., New York & London.
Qasem, S. (1995)
The Higher Education System In The Arab States, Development of S&T Indicators, United Nations Educational, Scientific and cultural Organization - Cairo Office.
Qasem, S. (1995)
R&D Systems In The Arab States, Development of S&T Indicators, United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization - Cairo Office.
Readings, B. (1996)
The University in Ruins, Harvard University Press, Cambridge, Massachusetts.
Sanyal, B. C. (1991)
Higher Education and the Labor Market, International Higher Education - An Encyclopedia, Volume 1, Garland Publishing, Inc., New York & London.
UUNESCO & The Arabian Gulf University (1996)
The Organization, Management, And Evaluation Of Applied Scientific & Technological Research Systems In Arab Universities, Arabian Gulf University, Bahrain 16-20 November.
Wasser, H. (1990)
Changes in the European University: from traditional to entrepreneurial, in Higher Education in the late Twentieth Century: Reflections on a changing system’ Higher Education Quarterly, 44 (2).
[1] توفر المراجع، في نهاية الورقة، تفاصيل عن أغلب القضايا المثارة.
[2] يتحكم بضع مئات من الشركات عابرة الجنسيات العملاقة في الاقتصاد العالمى. ويفوق كثير منهم في الحجم اقتصادات غالبية الدول (بارنت وكافناه، 1994). وتتعاون الشركات العملاقة كثيراً في المجالات التى تؤثر، بصورة حرجة على مصالحهم مثل براءات الاختراع والرخص (هيل و توربين، 1994).
[3] (PPP) Purchasing Power Parity ، وهو الأسلوب المفضل في المقارنات الدولية، من: برنامج الأمم المتحدة للإنماء، تقرير التنمية البشرية لعام 1996.
[4] من: اليونسكو، الكتاب الإحصائى السنوى، 1996.
[5] يعنى الحصول على درجات عالية في اختبارات الرياضيات "حفظ" أكبر عدد ممكن من "المسائل" وحلولها بحيث يتحول ذهن الطالب إلى "ذاكرة" ضخمة تخزن فيها المسائل وحلولها، وتسترجع، بكفاءة. وفي بعض المقررات الجامعية في مواد ذات طبيعة رياضية، لا يخرج الامتحان، بالاتفاق المسبق بين الأستاذ والطلبة، عن عدد من المسائل أو التمرينات التى تم حلها خلال العام الدراسي، أحياناً بنفس معالمها الرقمية.
[6] استصدرت نقابة الأطباء المصرية حكماً قضائياً بوقف القبول بكلية الطب بجامعة خاصة بسبب عدم توافر الإمكانات اللازمة بعد أن قبلت دفعة من الطلبة بهذه الكلية فعلاً، وما زال الأمر متنازعاً.
[7] تشمل الرسوم الجمركية، ورسوماً على أرباح الشركات، والهاتف، ورخص الأبنية، ورخص المهن، وعقود الإيجار، والمعاملات القانونية، وإيرادات الغرف التجارية والنقابات، ومعاملات الأراضي، والعطاءات الرسمية (هاني عبد الرحمن، 1991).
[8] الأبحاث قليلة في هذا الصدد، ولكن تنتهي دراسة أجريت في الثمانينيات إلى ارتفاع الناتج البحثي بعد الانتهاء من الدكتوراه، وينقص بشكل جوهري بعد 8-10 سنوات، أى الفترة المطلوبة للترقي لدرجة الأستاذية (القاسم، مذكور في ستيمارن، بالإنجليزية).
[9] يسمح برنامج إيراسموس ERASMUS بتنقل الطلبة بين جامعات الدول الأعضاء والاعتراف المتبادل بإنجازاتهم الأكاديمية. ويقوم برنامجا كوميت COMETT و باس PACE بتطوير برامج التعاون بين الجامعات والصناعة عبر الدول الأعضاء واستخدامها في التعليم والتدريب خاصة باستخدام التقانات الحديثة | |
|
| |
| مساهمة التعليم العالي في التنمية بالبلدان العربية | |
|