منتدى التمويل الإسلامي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى التمويل الإسلامي

يهتم هذا المنتدى بالدرجة الأولى بعرض مساهمات الباحثين في مختلف مجالات العلوم الاقتصادية، كما يركز على الاقتصاد الإسلامي، و هو موجه للباحثين في الاقتصاد و الطلبة و المبتدئين و الراغبين في التعرف على الاقتصاد و الاقتصاد الإسلامي....مرحباً بالجميع
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 41
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية   الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Emptyالثلاثاء 25 ديسمبر - 4:24

الأوقاف ودورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية
إعداد
أ . د . عبد الرحمن الضحيان
ملخص البحث :
يتكون البحث من سبعة فصول بالإضافة إلى كلمة شكر وتقدير والمقدمة وصفحة المحتويات والخاتمة والتوصيات وقائمة المراجع .
أما الفصول فهي :
الفصل الأول : موضوعات عامة حول الموضوع : وتم تناول عدد من العناوين ذات العلاقة مثل تعريفات مهمة للوقف والأدلة على مشروعية الوقف في الإسلام من القرآن الكريم والسنة النبوية والأدلة الفعلية ... تم الحديث عن شخصية الوقف من الناحيتين النظامية ( القانونية ) والتأكيد على إن للوقف شخصية اعتبارية أو حكمية وله ذمة مالية وحق التملك ... ثم الحديث عن أركان الوقف ... وشروط ناظر الوقف ومحاسبيه ... والأوقاف من المنظور الاقتصادي الإسلامي والوضعي وأخيراً الوقف على لسان الشعراء ...
الفصل الثاني بعنوان : الدور الديني للأوقاف في الحضارة الإسلامية :
وتناول الفصل دور المسجد الذي للأوقاف الفضل في التوسع في تأسيسه وتم التأكيد على دور المسجد في الحياة الإسلامية حتى أصبح المسجد بيت مال للمسلمين والمدرسة والمعهد والجامعة لتخريج جميع الكفاءات في كل التخصصات وكل ذلك بأموال الأوقاف ...
الفصل الثالث بعنوان : الدور العلمي والثقافي للأوقاف
وتم التأكيـد فيه على ما قدمته الأوقاف للثقافة والعلم والعلماء وطلبة العلم من المدد والعون المادي حتى أصبح لها شأن عظيم على الحضارات الأخرى ...
الفصل الرابع بعنوان : الدور الاجتماعي والإنساني للأوقاف :
وفيه تم التأكيد على دور الأوقاف في رعاية وحماية المجتمع المسلم بما أمدته من المال والعون، وخاصة للفئات المحتاجة وقد غرس هذا في النفوس الحب والتآخي والإنسانية ...

الفصل الخامس بعنوان : الدور الصحي للأوقاف:

وفي هذا الفصل تم التأكيد على ما قدمته الأوقاف من العناية والرعاية للجانب الصحي مثل إنشاء المستشفيات وتوفير الدواء والعلاج المجاني والوقاية والرعاية الصحية لكل الفئات ...
الفصل السادس بعنوان : الدور الحربي للأوقاف :
ومن ابرز ما قدمته الأوقاف للحضارة الإسلامية المدد والعون للجيوش الإسلامية سواء على الحدود أو حماية الأمن الداخلي وفك الأسرى وتعزيز الجهاد بأموال الأوقاف .
الفصل السابع بعنوان : الدور الصناعي للأوقاف :
وتم تناول دور الأوقاف في مساندة المنظمات الدولية الإسلامية وكذلك دورها في حماية ورعاية الأقليات الإسلامية في العالم ... تم الحديث عن موقف أعداء الإسلام ومحاربتهم للأوقاف وتم اختتام البحث بتوصيات لتعزيز وعودة الأوقاف إلى الحياة الإسلامية بمفهوم وإدارة جديدة. والله الموفق .
شكر وتقدير
أشكر لله تعالى على توفيقه في بداية البحث ونهايته .. ثم الشكر لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ممثلة في مكتبة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة لدعوتهم لي، للكتابة في موضوع (( الأوقاف ودورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية )) ، كما أخص بالشكر معالي أ. د. عبدالله الشبل، مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - التي أتشرف في الانتساب إليها - على موافقته الشخصية وتشجيعه على المشاركة والكتابة في هذا البحث.
ولعل من توفيق الله وحسن الحظ، وجود معرضٍ للكتاب بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ( بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة ) وقد وجدت في هذا المعرض من المراجع الخاصة بالأوقاف الإسلامية وبالأخص مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، مما يسرني أن أشكر هذه الوزارة على طبعها ونشرها العدد الكبير من المؤلفات القيمة والخاصة بالأوقاف الإسلامية بشكل عام والأوقاف في المغرب بشكل خاص وأعدها كنزاً فكرياً في هذا المجال. هذا بالإضافة إلى ما وجدته في مكتبتي الخاصة من بحوث نادرة عن الأوقاف في العالم الإسلامي من منظور معاصر مما ساعد فعلاً على وضع الخطة العلمية اللازمة لمثل هذا البحث، الجديد في طرحه - كما اعتقد - هذا وقد عزم الباحث وتوكل على الله -بسبب هذا البحث- في تأليف كتاب عن: الأوقاف الإسلامية من منظور معاصر، بعنوان: (( الأوقاف الإسلامية ودورها في التنمية بين الماضي والحاضر والمستقبل )) إن شاء الله تعالى.
والله الموفق.

المقدمة :
الحمد لله حمد الشاكرين، المعترفين بفضل الله رب العالمين، والصلاة والسلام على الهادي الأمين أول من وجه بالوقف، وجعله سنة حسنة يستفيد منها الفقراء والمساكين، وغيرهم.
عُرفت الأحباس أو الأوقاف منذ دخول المصطفى صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة ثم سادت في كل أمصار الإسلام وأصبحت عاملاً مهماً من عوامل الرُقي والتقدم في الحضارة الإسلامية، ذلك أن الأوقاف شملت جميع أنواع الحاجات سواء الاقتصادية أم الاجتماعية أم العلمية أم الصحية أم الحربية.
لذا عرفها واستفاد منها كل فرد من أفراد الأمة حاكماً أو محكوماً.
مظاهر الاهتمام بالأوقاف:
يزداد الاهتمام بالأوقاف -في بعض الدول الإسلامية- ومن مظاهر ذلك:
1- وجود وزارة خاصة بالأوقاف في بعض الدول الإسلامية أو إدارة متخصصة.
2- عقد مؤتمرات وندوات خاصة بالأوقاف.
3- عقد مسابقات علمية للبحوث في مجال الأوقاف.
4- تسجيل رسائل علمية عليا (ماجستير ودكتوراة) في موضوع الأوقاف.
5- طبـع ونشر المؤلفات الخاصة بالأوقاف من قبل الوزارات الخاصة بالأوقاف أو من قبل المؤسسات العلمية والمؤلفين.
إن الأوقاف الإسلامية لها دور مميز في الحياة الإسلامية عبر التاريخ والحضارة الإسلامية، وإني لأقف عاجزاً عما كانت تسديه الأوقاف من أعمال جليلة في شتى شؤون الحياة الإنسانية والحيوانية، ولا عجب فقد امتد أثرها إلى علاج الحيوانات والطيور وتغذيتها والعناية بها.
تناولت في هذا البحث دور الأوقاف، في سبعة فصول جاء تفصيلها في صفحة المحتويات، وتمثلت في الدور الديني والصحي، والعلمي والاجتماعي والحربي، ثم دور الأوقاف في العالم وخاصة تجاه الأقليات الإسلامية. والله الموفق.
الفصل الأول
موضوعات عامة حول الموضوع
1- تعريفات:
أ- الوقف: (( The Trust )) يعني ما قاله صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: (( احبس أصلها وسبل ثمرتها )) فالوقف بهذا النص يعني: عدم التصرف في الأصل الموقوف والتصرف في عوائده واستثماراته في مجالات البر والإحسان.
ب- الدَّور: ما تقوم به الأوقاف من عمل خيري قرره الواقف لمصلحة الموقوف عليه.
ج- التشييد: هو البناء، وبالتحديد وضع القواعد الأساسية للبناء.
د- البنية: هي القاعدة الأساسية التي ترتكز عليها القواعد والأعمدة للبناء الحضاري.
هـ- الحضارة: هي المعالم المتطورة المتميزة في كل الشؤون من حياة الأمة ... كما أنها فترة تاريخية في حياة كل أمة تسود ثم تبيد وتسود وهكذا.
و- الحضارة الإسلامية: المعالم المتطورة والمتميزة في حياة الأمة الإسلامية التي اهتدت في بنائها الحضاري بالقرآن الكريم والسنة النبوية والتطبيق العملي من خلال السيرة النبوية ... في بناء الدولة الإسلامية الأولى وما تلاها من الدول التي سادت ثم بادت لابتعادها عن المنهج الأصلي وستعود للسيادة إذا عادت للأصول.
ومن خلال التعريف بمفردات عنوان البحث، يتضح أن للأوقاف دوراً وعملاً مميزاً وعظيم في بناء القاعدة الأساسية التي قامت عليها وبرزت من خلالها المعالم والتطورات في مسيرة وتاريخ الأمة الإسلامية المهتدية بالقرآن الكريم والسنة النبوية والتطبيق العملي لهذا الهدي كما ظهر جلياً في بناء الدولة الإسلامية الأولى في العهد النبوي.
2- الأدلة على مشروعية الوقف في الإسلام:
أ- الأدلة من القرآن الكريم:
حثَّ القرآن الكريم في آيات كثيرة على فعل الخير، والبر والإحسان، وهذا ما يعنيه ويهدف إليه الوقف، ومن الآيات الكريمة الدالة على استحسان الوقف ما يلي:
- { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }[آل عمران، 92].
- { وافعلوا الخير لعلكم تفلحون }[الحج، 77].
- { وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون }[البقرة، 280].
- { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة }[المائدة، 35].

- { وما تفعلوا من خير فلن تكفروه }[آل عمران، 115].
هذه الآيات العظيمة وغيرها من كتاب الله العظيم أعظم دليـل على مشروعية الأوقاف في الحياة الإسلامية ومشروعية ظهور هذا الجهاز والمؤسسة ذات النفع العام والخاص بين فئات الأمة والتي عرفت بالأحباس أو الأوقاف وديوان الأوقاف ثم وزارة الأوقاف في الوقت الحاضر.
ب- الأدلة القولية من السنة النبوية:
وتحقيقاً للمعاني الفاضلة من الأوقاف فقد طبق ثم حثَّ المصطفى صلى الله عليه وسلم على استحسان الوقف ومن الأدلة على ذلك:
* قوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما غنم أرضاً بخيبر: (( إن شئت حبست أصلها وتصدقت بثمرتها )).
* قال أنس بن مالك فلما نزلت الآية: { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} قام أبو طلحة فقال يا رسول الله إن أحب أموالي بيرحاء وإنها صدقة لله. أرجو برَّها وذُخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( بخ ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعله في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة بين بني عمه وأقاربه ... )).
* قوله صلى الله عليه وسلم (( إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ... ... )) فالوقف صدقة صدقة جارية يبتغي الواقف أجرها في الدنيا والآخرة.
* إن نصوص الأحاديث الشريفة تدل على مشروعية الأوقاف لما لها من دور فعَّال وخير كبير بين المسلمين.
جـ- الأدلة الفعلية من السنة النبوية:
وتطبيقاً لما حثَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم من إجراء الوقف على أعمال البر والخير، فقد أسس أول مسجد في الإسلام (( مسجد قباء )) وهو أول وقف ديني في الإسلام ... ثم المسجد النبوي الذي بناه بعد وصوله المدينة وأوقفه للعبادة ... وفي الحديث (( أنه صلى الله عليه وسلم قال لبني النجار في الحائط الذي بنى مسجده فيه: يا بني النجار هل تأمنوني بحائطكم هذا فقالوا: لا، والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله )) رواه البخاري بهامش فتح الباري ج5، ص263([1]).
وأول وقف من (( المستغلات الخيرية )) ما وقفه النبي صلى الله عليه وسلم وهو سبعة حوائط ( بساتين )، وهي التي تركها مخيريق اليهودي، الذي قُتل في غزوة أحد وكان قبل موته أوصى بأمواله للنبي صلى الله عليه وسلم يضعها حيث يشاء، فلما قُتل قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم (( مخيريق خيرُ يهود )) فتصدق بها النبي أي أوقفها([2]).
تلك نماذج من الأدلة العملية التي أرساها الهادي البشير صلى الله عليه وسلم في مشروعية إقامة الأوقاف لصالح المسلمين سواء لعبادتهم مثل المساجد ... أو للعمل الخيري بجميع أنواعه ... ولجميع المحتاجين إليه.
د- الأدلة الفعلية للصحابة والتابعين:
يقتدي الصحابة الأجلاء بقدوتهم ومثلهم الأعلى النبي صلى الله عليه وسلم لذا فعندما أقرَّ عليه السلام لعمر ولأبي طلحة رضي الله عنهما بوقف ممتلكاتهما لأعمال البر والخير توالى وتسابق الصحابة في الوقف، الذي كان يُعرف بالصدقة والحبس ... فأوقف عثمان رضي الله عنه من أمواله ... وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه تصدق بأرضه (( ينبع )) حبساً وصدقةً على الفقراء والمساكين وقد بلغ قِطَافُ نخيلها في عهده رضي الله عنه حِمْلَ ألف بعير ... ( ولعلها المعروفة الآن بينبع النخل )، وكذلك وقف الزبير بن العوام بيوته على أولاده، لا تباع ولا تورث ولا توهب ، كما شرط أن للمطلقة من بناته أن تسكن غير مُضرَّةٍ ولا مُضرّ بها .. فإذا تزوجت فليس لها حق .. إلا ما لغيرها من ثمر الوقف .. وكذلك سائر الصحابـة والصحابيـات مثل أم المؤمنيـن عائشة رضي الله عنها وأسماء بنت أبي بكر، ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت، وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد .. وغيرهم مما يدل على تسابق الصحابة والصحابيات على البرّ والخير في الدنيا والآخرة إقتداءاً واهتداءاً بسيد البشرية صلى الله عليه وسلم([3]).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 41
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية   الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Emptyالثلاثاء 25 ديسمبر - 4:28

3- شخصية الوقف:
الأشخاص في القانون ( النظام ) نوعان هما:
1) الشخص الطبيعي أو الانسان وما يملكه من قدرة وعقل بمقتضاه يملك ويتصرف.
2) الشخص الاعتباري، أو الحكمي أو غير الطبيعي وهو ما عدا الإنسان فالدولة وما فيها من أجهزة تعتبر شخصية اعتبارية معنوية، لها ذمة مالية، ولها حق التملك والتصرف ومن ذلك الوقف فإنه يعتبر شخصية اعتبارية له ذمة مالية، وله حق التملك والمرافعة .. عن طريق من يتولى أمره من الأشخاص الطبيعيين.
4- أركان الوقف([4]):
أ- الواقف: صاحب الحق، والمال الذي وقفه بإرادته وإجازته بعض ماله وثمرتها لجهة أو جماعة.
ب- المال الموقوف: وله خمس شرائط هي:
1) مالاً متقوّماً أي يباح الانتفاع به.
2) مملوكاً في ذاته.
3) معلوماً غير مجهول حين الوقف.
4) ثابتاً وهو العقار والمنقول.
5) متميزاً غير مشاع.
جـ- الموقف عليه: من ثم وقف المال عليه أشخاصاً أو جهة .. ولا يشترط قبولهم الوقف.
د- العقد: وهو الركن الشرعي ويتم بالإيجاب من الواقف فقط ولا حاجة لإيجاب الموقوف عليه.
5- الوقف ومكانته من الدين الإسلامي:
للأستاذ الزرقا رأي جيد وجواب وافٍ لمن يسأل عن مكانة وموقع الأوقاف من الدين الإسلامي حيث يقول([5]): إن الجواب عن ذلك يختلفُ بحسب المراد من السؤال:
فإن كان السؤال هل الدين يأمرُ بالوقف ويفرضه على الناس، كما فرض الواجبات الدينية من صلاة وزكاة ونحوهما، فالوقفُ قطعاً ليس كذلك:
وإن كان السؤال هل الدين يُحَبِّذُه ويَستحسنهُ باعتبارِ موضوعِ الخيرِ والبر فيه، كما يستحسنُ سائر أعمال البر بوجهٍ عام، فلا شكَّ أنه بهذا المعنى من الدين. ولو أن الناس لم يقف أحدٌ منهم من أمواله، في وجوه الخير، لم يكونوا آثمين، إذ الوقفُ ليس عبادةً من شعائر الدين، وإنما هو طريقٌ للبرِّ والإحسان وصلة القربى والفقراء، فإذا انسدَّ من ذلك بابٌ، فالأبواب سواه مُفَتَّحة.

غير أن الوقف ضماناً مستمراً للقيام بعمل الخيرات، لا يوجد في غيره، لو أحسن الذين يُوكَلُ إليهم أمرهُ القيام عليه مخلصين غير طامعين فيما ائتمنوا عليه، ولا مقصرين في شؤونه.
ومن ثم اعتُبرتْ لأموالِ الأوقاف حُرْمةٌ مستمدةٌ من الجهةِ الموقوفِ عليها. فما كان حقاً لأشخاص موقوف عليهم ، فحرمته حرمةُ مالِ الغير وحقوقه. وما كان لمصالح دينية أو عامة أخرى، فحرمته حرمةُ حقوقِ الله تعالى والأموال العامة التي تتعلق بها حقوقُ الجماعة.
إن الأدلة القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وآراء العقلاء والعلماء والحكماء يؤكد أن الوقف له مكانة وموقع مهم من الدين الإسلامي ونظمه لما يقوم به من أدوار عظيمة في جميع شؤون الحياة الإسلامية كما سنرى ان شاء الله.
6- شروط ناظر الأوقاف ومحاسبته([6]):
تحدثت كتب أحكام الوقف كثيراً عن ناظر الأوقاف وما يجب أن يتـوفر فيه من الشروط للمحافظة على الأوقاف واستثمارها والاستفادة منها:
* ومن الشروط التي يجب أن تتوفر في المشرف أو الناظر ما يلي:
أ- الإسلام: فلا ولاية لغير المسلم على الوقف عند الفقهاء لأن الوقف تشريع إسلامي ولن يقوم به وبواجبه غير المسلم ومثل ذلك المساجد والدعوة.

ب- العقل: فلا يتولى الوقف فاسد التدبير وغير المميز أو المجنون.
جـ- البلوغ: ناظر الوقف لابد أن يكون بالغـاً لكي يتصرف بماله وبالوقف تصرفاً شرعياً.
د- الأمانة: وتقتضي أن يكون الناظر أميناً وموثوقاً بدينه وخوفه من الله.
هـ- الكفاية: وتعني أن يكون الناظر قوي أمين.. أي قادر على إنجاز العمل بكفاية الكفاءة.
ومما سبق يتضح أن الناظر شخصية مختارة بدقة تتوفر فيها معلم الصدق والأمانة وعدم الخيانة وذلك لأنه يعمل في عمل خيري ولأهل الحاجة في الغالب.
محاسبة الناظر:
لم يغفل أحكام الوقف ما قد يظهر من بعض النظار من الأخطاء لذا فإن المحاسبة واردة وواجبة ... إن الفقهاء يقررون على أن الناظر مؤتمن على أموال الوقف، وإذا ظهر لها خلاف ذلك فلها إحالته إلى التحقيق والمحاكم لإدانته أو براءته، (( ومحاسبة الناظر .. لا تستند إلى نص من كتاب أو سنة، وإنما هي آراء اقتضتها ظروف الحال وأوجبتها متطلبات الحياة وتقلباتها كما أن هذه المحاسبة تُحال في معظم نوازلها وأحكامها إلى القواعد الخاصة بالأمناء كالأوصياء والأُجراء والوكلاء )).
7- الأوقاف من المنظور الاقتصادي الإسلامي([7]) والوضعي:
تحدث كثير من علماء الاقتصاد وأشاروا إلى مصادر حل المشكلات الاقتصادية في العالم من منظور إسلامي وبالتحديد أشاروا إلى ما شرعه الإسلام من نظم لحل تلك المشكلات في مقدمتها:
أ- نظام الزكاة. ب- نظام الصدقات المطلقة والمقيدة والكفارات. ج- نظام النفقات.
د- نظام خُمس الغنائم. هـ- نظام الركاز. و- الكفالة العامة من بيت المال لكل إنسان في الأرض الإسلامية. ز- نظام الأوقاف.
ويشير الأستاذ سعيد حوى إلى دور الأوقاف في حلّ المشكلات في المجتمع المسلم فيقول:
بأن نظام الوقف أهم مساعد لنظام الزكاة لحل المشكلات الاقتصادية لأنهم استخدموه لحل الكثير من المشكلات التي تظهر في المجتمع المسلم ومن ذلك: ما أوقفوه للمرضى وللعجزة والمساكين والضعفاء والفقراء واليتامى والأرامل بل وحتى رعاية الحيوانات .. ولولا أن أوقاف المسلمين لعب بها كثيراً لكفت طبقات كثيرة من الناس .. فلابد من إعادة الأوقاف بشقيها: الأوقاف الذرية والأوقاف العامة.
ويطرح الأستاذ مصطفى الزرقا رأي علماء الاقتصاد ومعارضهم للوقف ثم يرد عليهم بالمنظور الإسلامي فيما يلي: -بتصرف-
ينظر علماء الاقتصاد اليوم إلى الوقف نظرة مريبة، فيرون فيه محاذير وأضراراً بالنسبة إلى المقاصد الاقتصادية العامة، لا تجعله لديهم من التدابير المستحسنة، وخلاصة تلك المحاذير في نظرهم هي:
1- أن الوقف يمنع من التصرف في الأموال، ويُخرج الثروة من التعامل والتداول فيؤدي إلى ركود النشاط الاقتصادي، ويقضي على الملكية.
2- إنه غير ملائم لحُسن إدارة الأموال، لانتفاء المصلحة الشخصية في نُظَّار الأوقاف، فلا يهتمون في إصلاح العقارات الموقوفة فتخرب.
3- إنه يُورثُ التواكل في المستحقين الموقوف عليهم، فيقعد بهم عن العمل المنتج اعتماداً على موارده الثابتة. وهذا مخالف لمصلحة المجتمع.
ثم يرد عليهم الأستاذ الزرقا بقوله:
ولا يخفى أن هذه المحاذير، إذا سَلِمَ كلها أو جُلُّها، لا تسلم من الرد عليها بما يبرر فكرة الوقف، ويرجح جانب المصلحة فيه.
أ- المحذور الأول يقابله ما في الوقف من مصالح البرِّ والخير التي تحيا به ، وليس يصحُّ وزنُ كلِّ شيءٍ بميزان الاقتصاد، إذ ليست غاية الأمة مادية بحتة، وهناك من المصالح العامة والخدمات الاجتماعية التي تؤديها الدولة نفسها، كالمعارف وسواها، لا سبيل إليه إلا بتجميد طائفة من الأموال والعقار، لتكون مراكز للعلم والثقافة، وينفق عليها عوضاً عن أن تستغل، لأن المحذور الاقتصادي في تجميدها، يقابله نفعٌ أعظم منه في الأغراض العامة التي تجمد، أو تنفق الأموال في سبيلها.
ب- المحذور الثاني يرد مثله في أعمال الدولة وعمالها، وفي الوصاية على الأيتام. فكلٌّ من عمال الدولة، وكذا الأوصياء، لا يعملون لمصلحةٍ شخصية، تحفزهم على الإتقان والإصلاح. والقائمون على إدارة أملاك الدولة ليس لهم في حسن إدارتها وإصلاحها منفعة شخصية مادية، تنقص بتقصيرهم وتزداد بعنايتهم. ومع ذلك لا يصح الاستغناء عن أن تقني الدولة أملاكاً، وتوظف في أعمالها المالية وغيرها عمالاً، وكذا لا يستغني عن نصبِ الأوصياء. ولكن يجب حُسْنُ الانتقاء في هؤلاء جميعاً، بحيث ينتخب للعمل القويُّ الأمين الذي يشعر ضميره بالواجب والتبعة. ومن وراءِ ذلك إشرافٌ وحسابٌ وقضاء. وهذا ما أوجبه الشرع في إدارة شؤون الأوقاف ومن يتولّونها.
جـ- المحذور الثالث فيقال مثله في الميراث فإن كثيراً ممن يرِثُون أموالاً جمَّة، يتواكلون عن الأعمال التي أفاد بها مورثوهم ما خلَّفوه لهم من ثروة، وينصرفون إلى الصرف والتبذير، عن الجد المنتج والتوفير، ولم يصلح هذا سبباً لعدم الإرث. ولو لم يكن المال الموقوف وقفاً، لأصبح إرثاً وداهمنا فيه المحذورُ نفسه.
وقد رأينا أن نظام الوقف في الإسلام له في الواقع من المنافع العلمية والخيرية ما يجلُّ عن التقدير. وليست الكلمة للاقتصاد وحده، بل هناك مصالح عامة أخرى غير مادية، لها شأن كبير في الوزن التشريعي. ونظراً لموافقتي واستحساني آراء الأستاذ الزرقا والاكتفاء بها فقد نقلت معظمها بتصرف يسير.
8- الوقف على لسان الشعراء([8]):
شارك الشعراء الفقهاء في تأكيد أهمية الأوقاف ووجوب المحافظة عليها لدورها المهم في جميع جوانب الحياة الإسلامية وطالبوا عدم التعدي بل ووقف كل تعدٍ من المواطن أو الأجنبي أو المستعمر وطالبوا بعودة الأوقاف للحياة والمجتمع المسلم لما تسديه من أعمال البر والخير لكثير من الفئات، التي لا يوجد نظام غير الأوقاف يساعدها

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 41
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية   الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Emptyالثلاثاء 25 ديسمبر - 4:29

الفصل الثاني
الدور الديني للأوقاف في الحضارة الإسلامية
تمهيد:
إن الدور الديني للأوقاف هو الأساس في نشأتها من قبل الموقفين، ذلك أن هدفهم الأساسي من الوقف طاعة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في البرّ والإحسان ثم طلب الأجر وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة؛ ولهذا سعى ويسعى أصحاب الوقف أن يكون وقفهم في المجالات الدينية أكثر من غيرها، ومن ذلك إنشاء وإعمار المساجد وما ينتج عن ذلك من أعمال خيَّرة مباركة مثل تدريس حلقات القرآن الكريم والدعوة والإرشاد والحسبة.
ولذا فإن حديثنا في هذا الجزء من البحث سيكون حول الأوقاف ودورها في الحضارة الإسلامية من طرف إنشاء المساجد وإعمارها ونشر الدعوة، والحسبة من خلال هذا المصدر الديني الثري بالمنافع.
الأوقاف والمسجد:
تشهد الحضارة الإسلامية أن للأوقاف دوراً بارزاً مميزاً في إنشاء المساجد وإعمارها في كل أنحاء العالم، ومهما تقلبت الحكومات وسادت ثم بادت فإن دور الأوقاف قائم لا يتبدل في هذا المجال .. والمؤكد أن المسجد هو أساس مهم من أسس الحضارة الإسلامية بل الركن الذي حفظ الحضارة .. ويؤكد هذا المعنى الأستاذ/ بنعبد الله فيقول([9]): (( وتعتبر مؤسسة الوقف أهم مورد مالي رُصد لحياة المساجد ليستمر بكل ما يتعلق بالشؤون الإسلامية ودور تحفيظ القرآن الكريم وأن يؤدي الوعاظ والخطباء دورهم في تنمية معاني الخير والحق وبيان روعة الإسلام ومعالجته لمشكلات الحياة وقضايا الناس .. فهذه المؤسسة كانت -وما تزال- أهم مورد لشؤون الدين والتعليم الإسلامي على الإطلاق، وأكثرها دخلاً وإدراراً وإليها يرجع الفضل في بقائه واستمراره أحقاباً وقروناً وفي انتظام الحياة العلمية والدراسية في جامعات الإسلام وكلياته .. )). ويضيف الأستاذ بنعبد الله قائلاً:
(( ومما يروى أن الخليفة الحاكم بأمر الله أمر بجرد المساجد التي لا غلة لها .. فظهر أن هناك (830) مسجداً تحتاج إلى النفقة .. فأوقف عليها جميعاً الحبوس (الأوقاف) لكي يُصرف من ريعها على فقهائها وقرائها ومؤذنيها والمستخدمين حتى شملت ثمن الأكفان..)).
ومما سبق يتضح دور الأوقاف في إقامة روح المسجد في الإسلام والمتمثلة في الصلاة والدعوة والإرشاد من خلال القائمين على المسجد وعيشهم الكريم من الأوقاف.
المسجد وبيت المال:
إن النفوس تطمئن وتأمن في المسجد لأنه بيت الله تبارك وتعالى، حيث تنقطع في المسجد الجرائم والأحقاد وكل الفواحش والمنكرات لقوله تعالى: { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر .. }؛ وقد مرَّ في الحضارة الإسلامية كما يشير إلى ذلك الأستاذ بنعبد الله، أن أصبح المسجد خزينة وداراً للمال فيقول([10]): (( يحكى أن بيت مال أهل (( برذعة )) ببلاد القوقاز كان بالمسجد الجامع .. وكان بيت المال في كل من الشام ومصر يقوم بالمسجد الجامع، وهو (بيت المال) شبه قبة مرتفعة محمولة على أساطين، ولبيت المال باب حديد وأقفال، والصعود عليه على قنطرة من الخشب، وإذا صليت العشاء الآخرة أخرج الناس كلهم من المسجد حتى لا يبقى فيه أحد ثم أُغلقت أبوابه، وذلك لوجود بيت المال فيه .. )) وعلى هذا جرى العمل بالأندلس فكانت الأوقاف تحت إشراف قاضي الجماعة، والمُتحصلُ يوضعُ بالمسجد الكبير بقرطبة ويسمى بيت المال، وتدفع منه رواتب موظفي المسجد.
يبرز جلياً مما سبق أن الوقف في الإسلام قام بدور مهم في إحياء روح المسجد، ولكن هذا الدور لم يقتصر على ذلك بل امتد إلى جميع شؤون الحياة كما أشرنا إلى ذلك سابقاً، ويؤكد هذه الاستمرارية وهذا الشمول الأستاذ/ الزرقا بقوله([11]): (( إن الوقف في الإسلام تناول غرضاً أعمّ وأوسع مما كان عليه في الأمم السالفة، فلم يبق مقصوراً على أماكن العبادة ووسائلها، بل ابتغى به منذ عصر الرسول عليه السلام، مقاصد الخير في المجتمع وبذلك توسع النطاق في المال الموقوف بتوسع الغرض في الوقف فأصبح الذي يوقف ليس هو مؤسسات العبادة فقط (المساجد) بل المستغلات العقارية التي تفيض بالثمرات كالأراضي الزراعية والحدائق ودور السكنى )).

وإسناداً لما سبق من دور الأوقاف في إحياء دور المسجد في الحضارة الإسلامية يضيف د. محمد شريف أحمد إلى ذلك قوله([12]): ( لقد أدى الوقف خدمة مشهودة في مجال تشييد المساجد والجوامع والتكايا وتعيين رجال مختصين لإقامة الشعائر الدينية .. كانت مهمة الأوقاف محصورة في أمرين هامين هي:
1- صيانة أملاك الوقف والعمل على تنمية مواردها.
2- العناية ببيوت الله ونشر الدين والثقافة الإسلامية وتحفيظ القرآن الكريم.
إن دور الأوقاف في الحياة الإسلامية عظيم، ويَعظُم هذا الدور كلما كانت الأوقاف مخصصة لبيوت الله تعالى وما ينتج عن ذلك من دعم مادي ومعنوي لفئات متعددة من أبناء الحي وفي المدينة والقرية التي يقع فيها المسجد ، فكلما عظم دور المسجد في رواده من خلال تحقيق العبادة الحقة والأخلاق الفاضلة والبعد عن الفحشاء والمنكر بالإضافة إلى توطيد العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع المحيط بالمسجد ومن حولهم .. كل ذلك مدعاة إلى تقوية الإيمان والعمل الصادق بين فئات مجتمع المسجد.

وهكذا يظهر في الماضي والحاضر والمستقبل الدور العظيم للأوقاف وما تمدُّه وتموله من الأموال والعقار والمزارع .. للمسجد ثم ما يحيط بالمسجد وأهله.
ومن كل ذلك ونتائجه يصبح المسجد جامعة ومعهداً ومركز قيادة وتدريب لكل ما يخدم الدين الإسلامي في شتى شؤون الحياة .. كما سنرى فيما بعد أسباب ظهور العداء الكبير ضد الأوقاف بوصفها مصدراً ممولاً ومهماً للروح الدينية والسياسية في المسلمين عبر الحضارة الإسلامية.

الفصل الثالث
الدور العلمي والثقافي للأوقاف في الحضارة الإسلامية
للأوقاف دور عظيم في الحضارة الإسلامية فيما يتعلق بتطور العلم والثقافة والأدب، وذلك من خلال الكتاتيب والمدارس والمعاهد والكليات والجامعات .. وقد حفل تاريخ التعليم الإسلامي بمن سجل هذا الدور المميز للأوقاف التي حافظت على قيمة العلم والعلماء والارتقاء بالطلاب وثقافتهم ..
ويؤكد ما نسعى إليه د./ كامل جميل العسلي([13]) في بحثه عن مؤسسة الأوقاف ومدارس بيت القدس فيقول: ((فلسطين من أقصاها إلى أقصاها حافلة بالأوقاف .. وأقدمها، الوقف الذي وقفه الرسول الكريم نفسه على الصحابي الجليل تميم الداري وذريته في أرض مدينة خليل الله إبراهيم.
كان نظام الأوقاف هو العمود الفقري للمدارس وللمؤسسات التعليمية الأخرى كالمساجد والزوايا والربط والخوانق والمكتبات ، كما كان العمود الفقري لمؤسسات الضمان الاجتماعي والمؤسسات الصحية كلها .. إن الأساس في توفير الأحوال اللازمة إنما كان دائماً العقارات التي وقفها المحسنون، ومن هنا يتبين لنا الدور العظيم للأوقاف في نهضة المؤسسات التعليمية والاجتماعية والصحية .. بلغ عدد المدارس في بيت المقدس من القرن 5-12 الهجري حوالي 70 مدرسة كلها مدارس موقوفة تُقدم التعليم مجاناً من ريع أوقافها بالإضافة إلى مرتبات ومخصصات للطلاب .. )).
وقد توسع الباحث د. العسلي في تقصي الدور العلمي للأوقاف في فلسطين من خلال (مؤسسة الوقف) وأشار إلى كثير من أعمال الخير والبرّ التي تقوم بها مؤسسة الوقف في فلسطين وخارج فلسطين.
وفيما يلي تلخيص لأهم ما جاء في الدراسة لخدمة موضوع هذا البحث:
انتشرت العقارات الموقوفة على مدارس القدس في جميع أنحاء فلسطين .. بالإضافة إلى أوقاف خارج فلسطين من ديار الشام والروم .. وهي على أنواع منها قرى كاملة ومزارع ودور وحمامات وخانات وطواحين وبساتين ومصابن ودكاكين ومعاصر وأفران .. وقد زادت الأوقاف زيادة كبيرة في عصر المماليك ثم في عصر العثمانيين .. والمدارس التي وقفها سلاطين أو أمراء كبار وُقفت عليها أوقاف غنية جداً، ومن ذلك:
المدرسة الصلاحية التي وقفها السلطان صلاح الدين الأيوبي ووقف عليها أوقافاً سخية كان منها سوق العطارين بالقدس، ووادي سلوان، وأرض الجسمانية في القدس، وقرية سلوان.
ومن المدارس مدرسة الأشرفية التي وقفها السلطان المملوكي الأشرف قايتباي ووقف عليها (2Cool قرية منها (22) قرية تابعة لمدينة غزة و (14) مزرعة وقطعة أرض وبساتين ومعصرة وخان وفرن بغزة وجميع ما وُقف على هذه المدرسة (52) عقاراً.
ومن الأوقاف في العهد العثماني تكية خاصكي سلطان أنشأتها زوجة السلطان سليمان القانوني في عام 959هـ ويشمل الوقف مطبخاً يوزع الطعام على الفقراء ومسجداً وخاناً ورباطاً ومدرسة. وبلغ عدد القرى والمزارع الموقوفة على تكية خاصكي سلطان (34) قرية ومزرعة معظمها في منطقة الرملة ومن القرى والمزارع المذكورة سابقاً أربع وقفها السلطان القانوني في ناحية صيدا، تعزيزاً لوقف زوجته الأصلي.
إن الإنفاق الشخصي على أوقاف المدارس قد حقق نتائج منها الفن المعماري وتهيئة فرص التعليم المجاني للطلبة وتوفير وظائف مجزية للمدرسين والعاملين، مما جعل بيت المقدس مركزاً مهماً ورئيساً للعلم والثقافة في العالم الإسلامي كله.
ومع مرور الزمان وتغير الحال في الدولة العثمانية تأثر الوقف في القدس. وزاد الطين بلَّة العدوان اليهودي على فلسطين عامة والقدس خاصة، فمثلاً بعد سنة 1967 لم تتورع سلطات الاحتلال الصهيوني من الاعتداء على العقارات الوقفية في القدس، ومن ضمنها المدارس القديمة والمساجد ومختلف الموقوفات الذرية الخيرية، ومن ذلك المدرسة الأفضلية في حي المغاربة حيث نسفت بكاملها مع نسف الحي كله .. والواقع أن مباني الأوقاف كلها مهددة الآن في ظل الاحتلال الصهيوني.
ويضيف كتاب المقدسات الإسلامية في فلسطين([14]) ما يلي:
(( ومن حين فتح المسلمون فلسطين وهم يُشيدون في مدنها وقراها المساجد والمعابد والمدارس العلمية والتكايا، والأربطة .. وقد وقفوا عليها مئات القرى والعقارات .. وبعد العدوان اليهودي أمسى القسم الأكبر من الوقفية الإسلامية في حوزة اليهود .. وتقدر الأراضي الوقفية الإسلامية التي يستولي عليها اليهود بما يزيد على مليون دونم من أخصب أراضي فلسطين.
ونضيف أن الصهاينة واليهود لا يزالون يسرقون الأوقاف وغيرها من فلسطين المسلمة.
ولتأكيد المؤامرات الصهيونية على فلسطين عامة وعلى كل شيء إسلامي فيها ومن ذلك الأوقاف، نشير إلى ما ذكره الأستاذ عارف باشا العارف في كتابه: (( تاريخ القدس )) حيث يقول([15]) مختصراً: (( المجلس الشرعي الإسلامي هو المسؤول عن إدارة الشؤون والمعاهد الإسلامية في القدس وفلسطين كلها .. كانت المحاكم الشرعية الإسلامية ومصلحة الوقف وما يتبعها من مساجد وجوامع ومدارس ومؤسسات إسلامية تدار في أوائل الاحتلال البريطاني ( لفلسطين ) من لدن رجال القضاء، وكان هؤلاء يعتبرون جزءاً من حكومة فلسطين وكان يرأس دوائر القضاء مستشار هو المستر بنتويش ، ولم يكن هذا يهودياً فحسب بل كان من رجال الحركة الصهيونية الأقحاح .. )).
والمقصود من هذا الاستشهاد تأكيد المؤامرة الاستعمارية الصهيونية على فلسطين المسلمة .. وفي مقدمة ذلك طمس دور الأوقاف الإسلامية وتأثيره الإيجابي في الناس والحياة بصفة عامة.
إن دور الأوقاف في الحياة العلمية والثقافية دور بارز مميز ويؤكد ذلك من كتب عن الحضارة الإسلامية والوقف ومنهم الأستاذ بنعبد الله حيث يضيف([16]):
(( اتخذ المسلمون في بداية أمرهم وعهودهم الأولى المساجد معاهد للتعليم فكانت الجماعة (( جماعة المسجد المشرفة على الوقف )) تتكفل بأرزاق ومعاش المعلمين عن طريق الوقف .. وبنى أبو يوسف المريني المدارس والمعاهد ورتب لها الأوقاف وأجرى المرتبات على العلماء والطلبة في كل شهر .. )).
إن الوقف الإسلامي ليس له حدود جغرافية بل شمل جميع الأراضي حيث فيها مسلمون، ويؤكد هذا الانتشار د. السباعي في قوله([17]): (( .. أما المدارس وهي التي قامت على الأوقاف الكثيرة التي تبرع بها الأغنياء من قادة وعلماء وتجار وملوك وأمراء، فقد بلغت من الكثرة حداً بالغاً، وحسبك أن تعلم أنه لم تخل مدينة ولا قرية في طول العالم الإسلامي وعرضه ، من مدارس متعددة يُعلم فيها عشرات من المعلمين المدرسين .. ومما يذكر في تاريخ أبي القاسم البلخي، أنه كان له كُتّاب (مدرسة) يتعلم به ثلاثة آلاف تلميذ، وكان كُتابه فسيحاً جداً بحيث يحتاج إلى أن يركب حماراً ليتردد بين طلابه والإشراف عليهم .. ثم يضيف د. السباعي قائلاً: وأظهر مثال حي لهذه المدارس الجامع الأزهر، فهو مسجد تقام في أبهائه -جمع بهو- حلقات للدراسة .. وغرف لسكن الطلاب -حسب البلد- فهناك رواق للشاميين ورواق للمغاربة ورواق الأتراك ورواق للسودانيين .. ولا يزال طلاب الأزهر يأخذون راتباً شهرياً من ريع الأوقاف .. وكانت المدارس متعددة الغايات فمنها مدارس تحفيظ القرآن الكريم وتفسيره وحفظه وقراءته، ومدارس الحديث والفقه بجميع فروعه، والطب .. )).
ونسجل شاهداً حضارياً على دور الأوقاف في مجال التعليم والثقافة الإسلامية:
قال ابن كثير في البداية والنهاية في حوادث عام 631هـ: ((فيها كمل بناء المدرسة المتنصرية ببغداد، ووقفت على المذاهب الأربعة من كل طائفة اثنان وستون فقيهاً وأربعة معيدين، ومدرس لكل مذهب وشيخ حديث، وقارئان وعشرة مستمعين وشيخ طب، وعشرة من المسلمين يشتغلون بعلم الطب ومكتب للأيتام .. ووقفت خزائن كتب لم يسمع بمثلها .. )).
وكما أشرنا سابقاً أن الأوقاف الإسلامية ليس له حدود جغرافية بل توجد حيث يوجد الإسلام لأنه دين الرحمة والعطف والخير والبرّ.
وعن المغرب العربي يشير إلى المدارس والتعليم الأستاذ/ التجكاني في كتابه
(( الإحسان الإلزامي في الإسلام )) فيقول([18]): (( تحت عنوان أوقاف التعليم: نعرض لثلاثة أنواع هي:
1- أوقاف حفظ القرآن الكريم: حيث توجد بالمغرب أوقاف بعضها لتوفير الألواح التي يكتب عليها التلاميذ القرآن الكريم، أو الأقلام والإنارة ولمعلمي القرآن الكريم.
2- توجد أحباس (أوقاف) خاصة لسكنى طلبة العلم ومن ذلك مؤسسة جامع لوقش بها حوالي ستين غرفة محبّسة لسكنى الطلبة وإطعامهم.
3- يوجد بالمغرب، ومنذ عهد المرينيين أوقاف لكراسٍ علمية خاصة بمواد محددة، ومنها:
أ- كرسي تفسير الفخر الرازي بجاس الأندلس بفاس.
ب- كرسي صحيح البخاري بشرح فتح الباري لابن حجر.
جـ- كرسي تهذيب البراذعي في الفقه المالكي بجامع الأذرع بفاس.
د- كرسي المدونة في الفقه المالكي بجامع الأندلس بفاس.
هـ- كرسي السيرة النبوية بالزاوية التيجانية بتطوان وغيرها كثير.
ثم يضيف الأستاذ التجكاني قوله: وأخيراً فإن الأوقاف المرتبطة بالتعليم زخر بها العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، لحدّ أن الرحالة ابن جبر ينصح طلبة المغرب بالرحلة إلى دمشق؛ حيث يتوفر للطلبة من الوقف كل شيء فيقول: (( أما الشأن بدمشق أمر عجيب .. فمن شاء الفلاح من نشأة مغربنا فليرحل إلى دمشق ويتغرب في طلب العلم .. فهذا المشرق بابه مفتوح لذلك، فادخل أيها المجتهد بسلام وتغنم الفراغ والانفراد )).
إن الأمثلة القليلة التي ذكرناها تؤكد الدور الإيجابي للأوقاف الإسلامية في العملية التعليمية كما تعرف الآن، أو في التعليم مثل الكُتاَّب والمدارس بأنواعها والكليات والمعاهد، التي ازدهرت بها عواصم ومدن وقرى الإسلام في كل نواحيه.
وكما رأينا الأوقاف كانت توقف طلباً للأجر والثواب من الله في الدنيا والآخرة، كما كانت شاملة وعامة لكل محتاج إليها من طلبة العلم من جميع الأنحاء كما كان يستفيد منها بل ويتعفف بها الأساتذة والعلماء والأئمة الذين يأنفون أخذ المال من الناس والحكام والأمراء حتى لا يتهموا في دينهم وعلمهم.
كذلك رأينا أن الأوقاف لم تُحْصَر على تعلم تخصص واحد بل رأينا المدارس تهتم بمعظم العلوم والفنون والدراسات التي تخدم المجتمع مع التركيز على العلم الشرعي والعلوم النافعة الأخرى في الدين والدنيا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 41
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية   الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Emptyالثلاثاء 25 ديسمبر - 4:31

الفصل الرابع
الدور الاجتماعي والإنساني للأوقاف في الحضارة الإسلامية
الأوقاف الإسلامية لها دور عظيم في إمداد الجانب الإنساني والاجتماعي لخدمة الفرد والجماعة والأمة .. وقد تميّز هذا الدور ولا يزال في جميع مراحل الحضارة الإسلامية، ويؤكد هذا المعنى الأستاذ الهاشمي الفيلالي وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية سابقاً بالمملكة المغربية فيقول([19]):
((إن الحديث عن مؤسسة الأوقاف في العالم العربي والإسلامي .. يتعلق بمؤسسة اجتماعية اقتصادية دينية لعبت الدور الفعّال في تنظيم المجتمع الإسلامي وتكوين (إمبراطوريته) وتشييد حضارته .. إن هذه المؤسسة الإسلامية المنيرة قامت وعلى طول تاريخ الحضارة العربية الإسلامية بدور مركزي في تنظيم المجتمع وتسيير شؤونه من خلال:
1-الوقف على المؤسسات الإنسانية مثل المستشفيات والأيتام والعجزة.
2- الوقف على المرافق العامة مثل حفر الآبار وتعهدها.
3- الوقف من أجل بناء المساجد والمدارس والمعاهد العلمية وغيرها.
ثم يضيف الأستاذ الفيلالي قوله: هذه المؤسسة الإسلامية لها تأثير فعَّال في حياة المجتمع الإسلامي بالإضافة إلى إبرازها للمبادئ السمحة التي بشر بها ديننا والحاثة على التضامن والتكافل الاجتماعي الإسلامي .. إن التطورات التي عرفتها مجتمعاتنا الإسلامية الحديثة غيَّرت في حياتها ، ومن أبرز التطورات تعدد الخدمات الاجتماعية لأداء الوظائف التي اشتقت نموذجها من الحضارة الغربية .. إن الجانب الإنساني والمميزات الدينية التي تتوفر عليها مؤسسة الأوقاف وجميع الخدمات التي تقدمها، لا تتوفر في هذه المؤسسة الحديثة، وهذا شيء أساسي جداً .. )).
إن شهادة الأستاذ الفيلالي وهو خبير ووزير وعارف بالشأن الخارجي غير الإسلامي، تؤكد -هذه الشهادة- ما هو معلوم ومعروف لدى العام والخاص بتميز الحضارة الإسلامية على كل الحضارات في كل شأن فيه خير ونفع وبرّ وإنسانية لكل إنسان .. على هذه الأرض وذلك نابع من المصدرين الأساسيين لهذه الحضارة القرآن الكريم والسنة النبوية.
وتأكيداً لدور الأوقاف الاجتماعي يشير الأستاذ بنعبد الله في كتابه (( الوقف في الفكر الإسلامي )) إلى هذا العمل المتميز بقوله([20]):
(( إن الأوقاف عمل اجتماعي، دوافعه في أكثر الأحيان اجتماعية وأهدافه دائماً اجتماعية .. فالأوقاف الإسلامية في الأصل عمل اجتماعي، ومحاولة الفقهاء والمتمولين المسلمين للحد من مشكلتين شائكتين: مشكلة الفقر ومشكلة المركزية الشديدة للاستبداد.
ويقصد الأستاذ بنعبد الله ما ظهر في العراق من ثورة عرفت بالزنج (العبيد) بالبصرة في القرن الهجري فقام الأثرياء وأهل الخير بعمل المؤسسات الاجتماعية الخيرية لتخفيف الحقد الطبقي.
وآخرون أقاموا تلك المؤسسات للتخفيف من المركزية والتسلط مما جعل أهل السلطة يحذون حذوهم في الوقف الخيري مما نفع الله به فئات المجتمع المحتاجة.
وتأكيداً لعالمية الأوقاف بالنسبة للمسلمين ودورها الاجتماعي في كل أرض إسلامية يشير الأستاذ بنعبد الله إلى التجربة الماليزية في إحياء الوقف الإسلامي عن طريق دفع الفرد المسلم حصة من ماله لتنفيذ مشروع الوقف الإسلامي الذي سيخدم فقراء المسلمين وأيتامهم، وأكد/ داتو أحمد عبدالله رئيس لجنة الشؤون الإسلامية لحكومة ولاية (( جوهور )) الماليزية: أن هذه الخطة دليل على وحدة المسلمين في ماليزيا ووسيلة لتقويتهم اقتصادياً ومساعدتهم على تنفيذ شرع الله وتطبيق أحكامه من خلال المساهمة في الأوقاف الإسلامية التي ستوجه لخدمة الفقراء المسلمين.
إن النموذج الماليزي دليل على أن عطاء الوقف للحضارة الإسلامية متجدد في كل زمان ومكان وأن الدين الإسلامي يرفع أتباعه إلى الخُلق الرفيع والعمل الجليل وبخاصة خدمة الضعفاء والمحتاجين.
وهكذا فإن الخير في هذه الأمة الخيَّرة التي جاءت بخير البشارات التي بشر بها خير البشر صلى الله عليه وسلم.
وعن هذا الخير وسعته وبركته يحدثنا الأستاذ السباعي عن دور الأوقاف في إشاعة الخير للجميع فيقول([21]): .. قال جابر بن عبدالله الأنصاري: فما أعلم أحداً ذا مقدرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حبس مالاً من ماله صدقة موقوفة .. ثم تتابع المسلمون جيلاً بعد جيل يوقفون الأراضي والبساتين والدور والغلال لأعمال البرّ مما ملأ المجتمع بالمؤسسات .. كانت هذه المؤسسات نوعين:
1- نوع تُنْشِئه الدولة وتوقف عليه الأوقاف الواسعة.
2- ونوع يُنشِئه الأفراد .. ومن هذه المؤسسات الخيرية الاجتماعية بيوت الفقراء يسكنها من لا يجد بيتاً .. ومنها السقايات أي تسييل الماء للمحتاجين والمطاعم العامة لكل محتاج ووقف المقابر وتجهيز الموتى ومؤسسات لرعاية اليتامى واللقطاء والقيام بجميع حاجاتهم حتى الِكَبْر بالإضافة إلى مؤسسات للعميان والعجزة يعيشون فيها مُكَرمَين مُعَزَزين .. ومؤسسات لتزويج الشباب والفتيات )).
إن الأمثلة التي أشار إليها الدكتور السباعي نماذج مشرفة لحضارة الإسلام الخالدة ذلك أنها تعتمد تعاليم رب العباد جل جلاله في بسط الرحمة والشفقة فهو رحمن رحيم يرحم الراحمين من عباده.
ويحدثنا د. محمد زنيبر الأستاذ في جامعة محمد الخامس بالرباط، عن مؤسسة الأوقاف ودورها الاجتماعي الذي ينافس كل أنواع الخدمات الأخرى بما فيها العسكرية فيقول([22]):
إن الدور الاجتماعي الذي قامت به الأوقاف في مجتمعاتنا الإسلامية ما زال مجهولاً .. إن الذي يهم الناس بكل أنحاء العالم في التاريخ ليس الانتصارات العسكرية كالبطولات .. إنما التحركات ذات النزعة الإنسانية أي الأعمال التي فيها خدمة صادقة للإنسان كإنسان .. ومن هذه الناحية تكتسب مؤسسة الأوقاف أهميتها الكبرى .. ويمكن أن نميز بين شعبتين:
1- شعبة دينية: وهي التي تيسر للمؤمنين أداء شعائرهم.
2- شعبة مجتمعية: وهي لفظة أستعمِلُها على غيرها لشموليتها ولوضع الجانب الاجتماعي في كفة خاصة ، إذ هو الجانب الذي يشخص مدى استفادة الجماهير من عمل الدولة.
بعد ذلك يأتي الدكتور زنيبر بالأمثلة في الماضي من واقع المملكة المغربية الشقيقة حيث دور الأوقاف المجتمعي المغربي ومن ذلك محاربة الأمية وللأوقاف دور حاسم شمولي فيه، إذ هي -الأوقاف- قامت بإيجاد أماكن التعليم وتجهيزها.
ثم يقول د. زنيبر: نخلص إلى التأكيد على أهمية الدور الاجتماعي للأوقاف في العصور الغابرة حتى إن السلطات القائمة تعتبر نفسها غير مسؤولة عن هذا القطاع فتتركه عاملاً للمؤسسات الحبسية -الأوقاف-.
هذه النماذج الاجتماعية الإنسانية التي قامت بها الأوقاف في تاريخ المغرب نجدها في كل مكان به الإسلام والمسلمون في كل زمان ولهذا يسجل التاريخ الناصع للأوقاف الإسلامية هذا الدور العظيم في رعاية الشؤون الاجتماعية والضمان الاجتماعي لجميع فئات المجتمع كما يعرف في الوقت الحاضر .. مع التأكيد على أن فئة من أهل الماضي كانت تعمل في الأوقاف للبرَّ والإحسان والأجر والثواب في الدنيا والآخرة دون مقابل معتبرة أوقافها نوعاً من أنواع الوقف الذي يؤجر عليه المسلم.
وفيما يلي إضافة حول دور الأوقاف الاجتماعي في رعاية المصابين والمنقطعين، حيث أشار إلى ذلك الأستاذ التجكاني تحت عنوان: أوقاف الملابس والأغطية والمصابين والمنقطعين فيقول([23]):
(( وجد هذا النوع من الأوقاف -الملابس والأغطية- بالمغرب وبحجم مهم ويكفي أن بمدينة تطوان وحدها عدة أوقاف بأثلاث متخلف الواقفين منها ثلث اللبادي وثلث بريشة وغيرهما كثير وأوقاف الملابس والأغطية ظاهرة عامة في العالم الإسلامي فدمشق مثلاً كان بها الكثير من هذه الأوقاف .. )).
وعن المصابين والمنقطعين يحدثنا الأستاذ التجكاني فيقول:
(( ولم ينس الوجدان المغربي المرضى لأصحاب العاهات والغرباء الفقراء الذين ليس لهم أقارب يقومون بأمرهم لقد وجدت أوقاف ذات حجم كبير جداً لمصلحة هؤلاء بالمدن والقرى المغربية ..
فمثلاً: وجد بفاس -على عهد الوطاسيين- ربض خاص بالمجذومين يحتوي على مائتي منزل تحت إشراف رئيس الربض المكلف بجمع مداخيل الأوقاف الخاصة بهؤلاء على توفير حاجاتهم المختلفة.
ويضيف: ووجد بتطوان مأوى خاص بالمرضى والمنقطعين يقدم لهم كل ما يحتاجون، من مداخيل الأحباس الكثيرة التي رصدت لصالحهم من طرف المحسنين مثل: الحاج علي الريوندو، والحاج عمر بن علي الدسولي والسيدة تيمكو معتقة الحاج الهاشمي بن عبود.
والعناية بالمصابين والمنقطعين عن طريق الأوقاف ظاهرة مشتركة بين أقطار العالم الإسلامي، فالإسكندرية في العهد الأيوبي مثلاً يحتذى في الإحسان عن طريق الأوقاف للمصابين والمنقطعين.
تلك الأمثلة كما ذكرنا نموذج يعطي صورة جليلة واضحـة لدور الأوقاف في الحضارة الإسلامية ومشاركتها في كل خير وبرّ وعون لفئات المجتمع المسلم المختلفة وخاصة التي تحتاج إلى عون ومساعدة .. كل ذلك بقصد رضا الله تعالى.

الفصل الخامس
الدور الصحي للأوقاف في الحضارة الإسلامية
اهتم المسلمون بالصحة العامة اهتماماً عظيماً وتمثل ذلك فيما وقفوه من الأموال لإنشاء المستشفيات والدور الصحية لعلاج الإنسان بل والحيوان .. وفي الوقت الذي كان للمسلمين من خلال الأوقاف مستشفيات وأطباء وأدوية كانت أوروبا لا تعرف النظافة ولا الصحة كما يحدثنا التاريخ وعقلاء الغرب أنفسهم .. وفيما يلي سنختار بعض الأمثلة التي تبرز الدور العظيم الذي قامت به مؤسسة الأوقاف في رعاية الصحة من خلال إنشاء المستشفيات -التي عرفت بالمارستانات- في الحضارة الإسلامية والتي تعني بيت المرضى وهذا ما يعنيه مصطلح المستشفى في الوقت الحاضر.
يحدثنا الأستاذ بنعبد الله في هذا الخصوص فيقول([24]):
لقد كانت الرعاية الطبية في مختلف العهود الإسلامية مصحوبة بإقامة مؤسسات لمداواة المرضى وعلاجهم .. وروى المقريزي أن أول دار أسست لمداواة المرضى في الإسلام بناها في دمشق الخليفة عبدالملك الأموي عام 88هـ وجعل فيها الأطباء وأجرى عليهم الأرزاق عن طريق الأوقاف .. في حين أعطي كل مُقعد خادماً يهتم بأمره، وكل ضرير قائداً يسهر على راحته.
ويضيف: وقد أقام أحمد بن طولون أول مستشفى في مصر عام 259هـ ومن أنظمته أن العليل إذا دخله تنزع ثيابه وتوضع عند الأمين ثم يلبس الثياب الخاصة بالمرضى ويفرش له فرش خاص به ويعالج حتى يبرأ .. أما علامة شفائه فهي أن يأكل فروجاً ورغيفاً، فإذا فعل ذلك واستقر الطعام في جوفه دون ألم أو ردّ فعل أُعطي ماله وثيابه وسمح له بالانصراف .. وفي حالة وفاة المريض فإنه يجهز ويكفن على نفقة المستشفى الذي يتوفر على صندوق وقفي.
هذه حضارة الإسلام ورعاية أوقافها في الجانب الصحي من خلال نموذج نجده في كل زمان ومكان يوجد به الإسلام.
إن العلاج النفسي في المستشفى لا يقل عن العلاج البدني لذا اهتمت المستشفيات التي قامت على الأوقاف في الحضارة الإسلامية برعاية ذوي النفوس المريضة عن طريق تلاوة القرآن الكريم .. والتسلية البريئة ومن ذلك ما ذكره بنعبد الله في قوله:
لقد أدرك علماء المسلمين خطورة الأمراض النفسية ووضعوا لها علاجاً وطباً .. ولعل من أهم الرعاية التي لقيها المرضى والمعتوهون أنه خضع لكل واحد منهم مرافق يأخذه باللين والرفق، يصحبه في الحدائق بين الخضرة والزهور ويسمعه ترتيلاً هادئاً من كتاب الله تعالى تطمئن به القلوب وتهدأ النفوس.
ومثال آخر: ذكره الأمير شكيب أرسلان في كتابه: (( حاضر العالم الإسلامي )) حيث يشير إلى وظائف المعالجة في المستشفيات الإسلامية في الماضي وذلك بتكليف اثنين بأن يقفا بمسمع من المريض وبدون أن يلحظ أن ذلك جار منهما عمداً، يسأل أحدهما الآخر عن حقيقة علة ذلك المريض ، فيجاوبه رفيقه بأنه لا يوجد في علته ما يشغل البال وأن الطبيب رتب له كذا وكذا من الدواء ولا يظن أنه يحتاج إلى أكثر من كذا من الوقت حتى ينقه، وغير ذلك من الحديث الذي إذا تهامس به اثنان على مسمع عليل ثقيل الحال وظنه صحيحاً زاد نشاطه ونهض من قوته المعنوية بما يفعل فعل أنجع الأدوية.
ويسجل كتاب الأستاذ بنعبد الله هذا المثال المتميز للمستشفيات في العصور الإسلامية فيقول:
(( وبالقاهرة مستشفى عظيم القدر شهير الذكر للمرضى وذوي العاهات، ابتناه الملك قلاوون ووقف عليه أموالاً عظيمة ورتب فيها الأطباء وجعل فيها من عقاقيـر الهنـد كثيراً مما لا يكاد يوجد إلا في خزائن الملوك وذخائرهم رفقاً من الله تعالى بالمرضى وفيه من الكسي والأغذية ما يناسب ذلك .. وبنى روضة وضع فيها قبة مزخرفة بالذهب الإبريز ورتب فيها طائفة من القراء وجملة وافرة من أرباب العلوم وأجرى لجميعهم أرزاقاً جمة من أوقاف عظيمة وقفها عليها )).
وعن الأوقاف الإسلامية ودورها في توفير العلاج للمحتاجين يذكر لنا د.السعيد بوركبة عن نموذج الأوقاف في المغرب العربي في الماضي فيقول([25]):
1- أسس للأمراض العضوية مصحات، وأُرْصِدَت لها أوقاف كثيرة لعلاج المصابين أو لتخفيف عنهم.
2- كما أُسِسَ للأمراض النفسية والعقلية والعصبية مستشفيات تعالج كل الأمراض المستعصية وتحارب كل العقد التي تكمن في نفسية الإنسان .. وخصت لها أوقاف تجعلها تقوم بمهامها خير قيام.
ويرجع إنشاء المستشفيات في المغرب إلى عهد الدولة الموحدية التي برزت في غضون القرن السادس الهجري.
وهكذا ينشر الإسلام نوره في الشرق والغرب ومع النور الرعاية العامة والخاصة لكل فرد من أفراد المجتمع المسلم في كل شأن من شؤونه وذلك من خلال هديه.
وللمزيد من التفصيل حول دور الأوقاف وأعمال الخير والبرّ في الإسلام فيما يخص المستشفيات والمعاهد الطبية يمكن الرجوع إلى ما سطره الدكتور مصطفى السباعي في كتابه الجليل (( من روائع حضارتنا))([26]).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 41
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية   الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Emptyالثلاثاء 25 ديسمبر - 4:33

الفصل السادس
الدور الحربي للأوقاف في الحضارة الإسلامية
ليس غريباً أن يكون للأوقاف دور حربي وعسكري لصالح الأمة الإسلامية بعدما رأينا الدور العظيم والجوانب المتعددة التي تخدم فيها الأوقاف الحضارة الإسلامية في الماضي والحاضر والمستقبل.
وفيما يلي نماذج مشرفة للمدد والعون بالمال والسلاح والرجال قدمته الأوقاف الإسلامية للحضارة الإسلامية في وقت الحاجة والأزمات .. أشار الأستاذ محمد المنوفي في بحثه عن دور الأوقاف المغربية في التكافل الاجتماعي بقوله([27]):
كما أسهمت الأوقاف بدور فاعل في الميدان الحربي؛ حيث أعطت -بسخاء- كل الإمكانات المادية لتجهيز الجيوش وشراء الأسلحة.
وها هو التاريخ يحدثنا بأن المنصور السعدي استعان بأموال الأوقاف لتسيير حملة عسكرية لقمع تمرد نشب داخل البلاد، وبلغت تكاليف ذلك ثمانين ألف دينار.
كما استخدمت الأوقاف في افتكاك الأسرى المسلمين من الأعداء .. وعن ذلك يحدثنا د. التجكاني تحت عنوان: (( أوقاف لافتكاك الأسرى )) فيقول([28]): (( وجرت أوقاف افتكاك الأسرى بالمغرب منذ أواخر عهد المرينيين كما اشتدَّ الهجوم الصليبي على شواطئ المغرب، فهذا السلطان أبو فارس عبدالعزيز بن العباس المريني يوصي عند وفاته بمال ثابت يفتك به من يقعون في الأسر، وكذلك آخر السلاطين المرينيين عبدالحق بن أبي سعيد يوصي لنفس الهدف وكذلك السلطان أبو عبدالله محمد البرتغالي الوطاسي أوصى بأموال عقارية لافتكاك الأسرى.
وأوقاف افتكاك الأسرى كانت متوافرة بالمناطق الساخنة لجهاد الصليبية فهي
-مثلاً- وجدت بالشام أيام الحروب الصليبية ولها هيئة عامة تُشْرِف على أوقاف الأسرى عرفت باسم (( ديوان الأسرى )).
هذا نموذج مثالي لا خيالي لدور الأوقاف في الحياة الإسلامية بجانب أدوارها الاجتماعية والطبية والإنسانية التي رأينا بعضاً من نماذجها.
ويضيف د. السباعي حول دور الأوقاف الحربي فيقول([29]):
(( ومنها أمكنة المرابطة على الثغور لمواجهة خطر الغزو الأجنبي على البلاد، فقد كانت هناك مؤسسات خاصة بالمرابطين في سبيل الله يجد فيها المجاهدون كل ما يحتاجون إليه من السلاح والطعام والشراب، وكان لذلك أثر كبير في صد غزوات الروم أيام العباسيين وصد الغربيين في الحروب الصليبية عن الشام ومصر .. ويتبع ذلك وقف الخيول والسيوف والنبال وأدوات الجهاد على المقاتلين في سبيل الله عز وجل، وقد كان لذلك أثر كبير في رواج الصناعة الحربية وقيام مصانع كبيرة، حتى كان الغربيون في الحروب الصليبية، يغدون إلى بلادنا -أيام الهدنة- ليشتروا منا السلاح وكان العلماء يفتون بتحريم بيعه للأعداء .. )).
ويضيف الدكتور السباعي في دور الأوقاف وتعزيز الجهاد في سبيل الله قوله:
((ويتبع ذلك أوقاف خاصة يعطى ريعها لمن يريد الجهاد وللجيش المحارب حين تعجز الدولة عن الإنفاق على كل أفراده ، وبذلك كان سبيل الجهاد ميسراً لكل مناضل يود أن يبيع حياته في سبيل الله ليشتري بها جنَّة عرضها السموات والأرض .. )).
هذه نماذج قليلة لدور الأوقاف في تجهيز الجهاد والمجاهدين بالسلاح والتمويل بالمال والتموين بالغذاء.

بل رأينا دور الأوقاف في الصناعة الحربية لأنواع السلاح التي يحتاج إليها الجهاد والدفاع عن الإسلام .. مما جعل حضارة الإسلام تسبق غيرها بقرون كثيرة في صناعة السلاح ومصانعه التي أمدتها الأوقاف بالمال الكثير لكي تلبي واجباً دينياً فرضه الله تعالى على المسلمين.

الفصل السابع
الدور العالمي للأوقاف وموقف الأعداء منها
تمهيد:
رأينا فيما سبق الدور المحلي الوطني الإسلامي للأوقاف حيث أمدت -الأوقاف- في جميع فترات الحضارة الإسلامية الشأن الديني، والاجتماعي، والإنساني، والتعليمي، والحربي، والصحي وغيرها بالمال لكي تتوفر الخدمات المجانية للأفراد المحتاجين إليها.
وبقي أن نشير -سريعاً- إلى الدور العالمي لهذا المرفق الحيوي في حياة المسلمين، فقد سجل التاريخ أن للأوقاف -كما سنرى- دوراً عالمياً في نصرة المسلمين ووحدتهم بل والحفاظ على كيانهم ودينهم ضد الأعداء المتربصين .. ونكتفي بتناول ذلك من خلال ثلاثة عناصر:

العنصر الأول: دور الأوقاف من خلال المنظمات الإسلامية الدولية:
للمنظمات الدولية الإسلامية دور رائد في المحافظة على الأوقاف الإسلامية وذلك من خلال ما نصَّت عليه مواثيق ونظم تلك المنظمات من إبراز وتأكيد على دور الأوقاف في الإسلام والمجتمعات الإسلامية بشكل عام ومجتمعات الأقليات الإسلامية في العالم.
وفيما يلي تعريف مختصر جداً لدور هذه المنظمات الإسلامية الدولية في تجديد دور الأوقاف وخاصة فيما يخدم الأقليات الإسلامية في العالم.
المنظمة الأولى:
منظمة المؤتمر الإسلامي: مقرها الأساسي القدس الشريف ومقرها المؤقت جدة وهي منظمة إسلامية حكومية تأسست عام 1392هـ بعد العدوان اليهودي الصهيوني على المسجد الأقصى عام 1389هـ (21 أغسطس 1969م).
للمنظمة دور كبير في الساحة الدولية بين المنظمات الدولية وجمع كلمة الدول الإسلامية التي في عضويتها وعددها حتى الآن 59 دولة، تنضم إليها كل دولة إسلامية بعد توفر واحدٍ من الشروط أو المعايير التالية وهي:
1- المعيار الدستوري: أي أن ينص دستور الدولة بأنها دولة مسلمة.
2- المعيار السكاني: أي أن يكون عدد سكان الدولة يزيد على 50% من المسلمين.
3- المعيار العربي: أي أن كل دولة عربية وفي المحيط الجغرافي العربي هي دولة مسلمة مثل لبنان.
4- المعيار الشخصي: أي هناك بعض الزعماء لا تتوفر في دولهم المعايير السابقة وهم يرغبون في الانضمام للمنظمة ومثال ذلك أوغندا في عهد رئيسها عيدي أمين.
يتبع منظمة المؤتمر الإسلامي عددٌ من الأجهزة الكبيرة المستقلة بأعمالها عن الأمانة العامة للمنظمة ويهمنا في مجال هذا البحث صندوق التضامن الإسلامي، الذي مقره جدة في الأمانة العامة للمنظمة([30]) وقد جاء ضمن أهداف الصندوق ما يلي:
1- العمل على تحقيق ما يرفع من المستوى الفكري والأخلاقي للمسلمين في العالم.
2- السعي للتخفيف من الأزمات والكوارث والظروف الاجتماعية .. بتوجيه المساعدات المادية.
3- يعتني الصندوق بتقديم المعونات المادية للأقليات والجاليات الإسلامية لرفع مستواها الديني والثقافي والاجتماعي.
4- المساهمة في بناء المساجد والمستشفيات التي تحتاج إليها الأقليات.
وفي إشارة لدور الأوقاف فيما سبق من أهداف نذكر أن تمويل تلك الأهداف يتأتى من موارد الصندوق ومنها:
عائدات وقفية الصندوق كما تنص على ذلك م6 من نظام صندوق التضامن الإسلامي وقد بلغ ما قدمته حكومة خادم الحرمين الشريفين([31]) لوقفية هذا الصندوق مبلغ (75) مليون ريال وهذا جزء مما قدمته لصندوق التضامن الإسلامي ومجموعه (328) مليون ريال.
وهكذا ترى دور الأوقاف الإسلامية في مساندة الأقليات الإسلامية في العالم المعاصر من خلال صندوق التضامن الإسلامي.
وهذا الدور كما رأينا دور معاصر ومعلوم ومثمر مما يدل على حيوية هذه المؤسسة الإسلامية الفاعلة في الماضي والحاضر والمستقبل. ولعل هذه الحيوية والفاعلية الدائمة عبر التاريخ هو السبب الذي جعل أعداء الإسلام يضعون ألف ألف حساب لهذه المؤسسة ويحاولون عبر تاريخهم الأسود في استعمار المسلمين وظلم القضاء على مصادر التمويل والتموين .. وقد وجدوا أن كل ذلك مصدره الأوقاف الإسلامية لذا حاربوها في كل زمان ومكان استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
المنظمة الثانية:
رابطة العالم الإسلامي (منظمة إسلامية شعبية):
اجتمع أثناء موسم حج عام 1381هـ في مكة المكرمة عدد من علماء وقادة الفكر في العالم الإسلامي للتشاور فيما يخدم الأمة والأقليات الإسلامية في العالم، وقد اتفقوا في ذلك اللقاء الذي عرف باسم (( المؤتمر الإسلامي الأول )) على إنشاء هيئة إسلامية تسمى: (( رابطة العالم الإسلامي )) وذلك يوم 14 من ذي الحجة عام 1381هـ ومقرها الدائم مكة المكرمة.
والحق أن جهود الرابطة منذ قيامها ملموسة وهي تسعى لرعاية المسلمين في العالم وتخص الأقليات والجاليات الإسلامية في جميع قارات العالم بما تقدمه لها من عون مادي ومعنوي للحفاظ على دينهم الإسلامي.
وتحقيقاً لرعاية الأقليات الإسلامية تم إنشاء الإدارات التالية([32]):
1- الإدارة الإقليمية لشؤون آسيا والباسفيك واستراليا.
2- الإدارة الإقليمية لشؤون أفريقيا.
3- الإدارة الإقليمية لشؤون أوروبا.
4- الإدارة الإقليمية لشؤون أمريكا الشمالية والجنوبية والبحر الكاريبي.
وتعمل هذه الإدارات بتوجيه من الأمانة العامة للرابطة لخدمة الإسلام والمسلمين في العالم .. بالإضافة إلى إدارة مستقلة باسم: (( إدارة أبحاث الأقليات الإسلامية )) وذلك للقيام بكل البحوث والدراسات التي تهم تلك الأقليات في العالم .. مع الإشارة إلى توسع الرابطة في خدمة الإسلام والمسلمين في العالم من خلال حوالي ستين مكتباً في أنحاء العالم.
وفيما يتعلق بالأوقاف الإسلامية فإن (( المجلس الأعلى العالمي للمساجد )) التابع للرابطة من أهدافه المحافظة على الأوقاف الإسلامية في العالم ويتم ذلك بالمحافظة عليها وتفعيلها وتوجيهها لما يخدم الجاليات والأقليات الإسلامية .. ولابد من ذكر هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في المملكة التي تتبع الرابطة وجهودها في إغاثة ومساعدة الأقليات الإسلامية في العالم في كل الأوقات وبالأخص أثناء الكوارث والأزمات والحروب.
وهكذا نجد للأوقاف الدور الفاعل في الإغاثة والعمل الخيري عبر الرابطة وهيئة الإغاثة التي تعمل من أجل خدمة المسلمين في جميع قارات العالم.
المنظمة الثالثة:
الندوة العالمية للشباب الإسلامي: هيئة شبابية عالمية لخدمة الشباب الإسلامي في العالم تأسست عام 1392هـ بعد لقاء عالمي ضم عدداً من قادة الفكر ومندوبي منظمات الشباب الإسلامي في العالم، وذلك في مدينة الرياض بالمملكة.
ومن أهدافها رعاية الشباب الإسلامي في العالم من خلال تقديم البرامج التي تحفظ له دينه وشخصيته الإسلامية بين الأمم في كل مكان وزمان، وتتم الخدمة من خلال مكاتب الندوة المنتشرة في قارات العالم إذ يتبع الندوة أكثر من خمسمائة منظمة شبابية إسلامية في العالم، تقدم لهم الندوة التوجيه والمساعدة المادية والمعنوية للحفاظ على الشباب .. وفيما يتعلق بموضوع بحثنا -الأوقاف- فإن للندوة حسابات خاصة باسم (( أوقاف الندوة )) حيث تستخدم المبالغ التي تحصل عليها الندوة من المسلمين عامة والسعوديين خاصة، في مشاريع الندوة المتعددة خارج المملكة العربية السعودية - لخدمة الشباب في العالم: ومنها:
1- بناء المساجد. 2- حفر الآبار. 3- القوافل الدعوية. 4- القوافل الطبية والإغاثية. 5- حلقات القرآن الكريم. 6- كفالة داعية ومعلم.
وغيرها من المشروعات التي تخدم الشباب المسلم في قارات العالم .. وفي إطار التنظيم الإداري الجديد، فإن الندوة تتبع من الناحية الإشرافية، معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 41
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية   الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Emptyالثلاثاء 25 ديسمبر - 4:35

العنصر الثاني: دور الأوقاف في خدمة الأقليات الإسلامية في العالم:
تمهيد:
من هم الأقليات الإسلامية في العالم؟
الجواب: الأقليات الإسلامية هم من يعيش من المسلمين في بلد يمثلون فيه من حيث العدد نسبة قليلة وأن هذا البلد لا يدين دستورياً بالإسلام وقد يسمون بالجاليات الإسلامية، وهم نوعان:
1- المسلمون ذوو الأصول الإسلامية والتي انتقلت لتلك البلاد للعيش فيها.
2- المسلمون الذين اعتنقوا الإسلام من أبناء تلك الدول.
وكلمة الأقلية تعتمد على عدد سكان تلك الدولة فالمسلمون الهنود عددهم أكثر من ستين مليوناً تقريباً، هم أقلية بالنسبة لعدد سكان الهند البالغ أكثر من 800 مليون نسمة.
وجدير بالذكر أن الإسلام قد أقرَّ مفهوم الأقليات وأعطاها حقها ورعاها في كل شؤونها ، والفكر الإسلامي مليء بهذه النصوص فيما يعرف (بأهل الذمة) الذين يعيشون في الدولة الإسلامية من غير المسلمين.
وحديثنا هنا مقتصر على دور الأوقاف الإسلامية ورعايتها لشؤون الأقليات المسلمة داخل دولها (غير الإسلامية) التي تعيش فيها كما نهدف من هذا الحديث إلى تأكيد حق الأقليات المسلمة داخل دولها في ممارسة حق إقامة مشاريع الأوقاف لأنها تساعدهم على الحياة الكريمة الشريفة، كما تساعد دولهم مالياً واقتصادياً في اكتفاء تلك الفئة المواطنة من طلب العون والمساعدة من الدولة في كثير من الشأن الاجتماعي والإنساني لتلك الأقليات لاكتفائها بموارد الأوقاف والتي لا تمثل تدخلاً في الشأن الداخلي لتلك الدول لأنه حق من حقوق المواطن في كل دول العالم.
وهنا نؤكد أن المسلم من وحي دينه الإسلامي الداعي للعدل والسلام يدعوه للعمل المخلص في الولاء والبناء لوطنه الذي ينتسب إليه مع إشاعة مبادئ الإسلام في نفسه ومن حوله والدعوة السليمة الصحيحة بين بني قومه للحاق بدين الإسلام دين أهل الجنة .. من دون تعصب أو جلفة بل هو تطبيق لقوله تعالى: { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة .. }.
كما لابد من التنويه إلى وجوب احترام دول العالم وحكوماتها لهذا الحق للأقليات الإسلامية ووضع التشريعات اللازمة لقيام الأوقاف واستمرارها دون التعرض لها حين التقلبات السياسية والاقتصادية العالمية.
وتحقيقاً لدور الأوقاف في خدمة الأقليات الإسلامية في العالم نشير إلى البحث الجيد الذي أعده د. صلاح الدين الناهي بعنوان: (( مؤسسة الوقف ومصالح الأقليات الإسلامية في مختلف أرجاء العالم ))([33]) فقد تحدث في هذا البحث القصير عن رؤاه حول وجوب قيام مؤسسة الأوقاف الإسلامية في الدول التي بها أقليات مع تأمين وتطمين هذه الأقليات على استمرار هذا النبع الاقتصادي لما فيه من خدمة اجتماعية لهذه الأقليات ومن حولها من أبناء تلك الدول -غير الإسلامية-.
لقد حدد الدكتور الناهي مبدأين أساسيين يدور حولهما الاعتراف للأقليات المسلمة في أوطانها بمؤسسة للأوقاف كما يلي:
المبدأ الأول: أن الاعتراف لهذه الأقليات بهذا الحق -الأوقاف- اعتراف بحق أساسي من حقوق الأقليات.
المبدأ الثاني: قيام الأوقاف في بلد غير إسلامية يكون في إطار النظام لذلك البلد، وهذا يعني حق البلد الرقابة على الأوقاف شريطة عدم التعسف في الرقابة حتى لا تخنق تلك المؤسسة وتشلها عن الحركة نحو أهدافها العادلة ... )).
إن الاتفاق وقبول المبدأين السابقين من قبل الحكومات غير الإسلامية ومن الأقليات سوف يكون صماماً أمنياً للجميع ومصدراً اقتصادياً لتلك الأقليات يعينها ويغنيها عن الحاجة من دولها وخاصة إذا كانت تلك الدول لا تملك ما تقدمه لتلك الأقليات فتصبح الأوقاف مصدراً معيناً لمجتمع تلك الأقليات ومن حولها في العيش بشرف وعزة وأمن وأمان وعدل.
ولكي يتحقق النجاح في قيام الأوقاف الإسلامية بدورها كما تقره الشريعة الإسلامية وحماية ذلك الحق من التغيرات الاقتصادية والسياسية العالمية التي اغتصبت الأوقاف وسرقتها في معظم دول العالم عندما ضعف المسلمون وبخاصة بعد انهيار الحكم العثماني.
لذلك يضع د. الناهي بعض الضوابط التي تحفظ للأقليات حقها في قيام الأوقاف ودوامها ما دامت تخدم هذه الأقليات ومن حولها من غير المسلمين ولا تسبب فساداً ولا خراباً لتلك الدول، ومن هذه الضوابط -بتصرف ومداخلات-:
الضابط الأول:
تعريف الدول التي فيها أقليات مسلمة بحقيقة الأوقاف حيث إنها نظام شبيه بنظام المؤسسة المدنية المكرسة أصولها لتحقيق أهداف وأغراض إنسانية بإشراف جهة معينة إدارية كانت أم قضائية .. وبذلك تقتنع تلك الدول وتسلم بالحقوق الإنسانية للأقليات المسلمة.
الضابط الثاني:
وضع -سنّ- عقد نموذجي لمؤسسة الأوقاف الإسلامية بصيغة متطورة تُبْسَط بموجبها أحكام هذه المؤسسة وعدم تعارضها مع السياسات القائمة على العدل في كل دولة بها أقليات إسلامية.
الضابط الثالث:
معرفة ما تعانيه مختلف الأقليات الإسلامية من صعوبات في ممارسة حقها في العمل بنظام الأوقاف، وذلك لرسم سياسة موحدة لإقناع مختلف الدول بضرورة احترام حق أقلياتها الإسلامية في العمل بنظام الأوقاف سواء بالمحافظة على ما هو قائم أم بإنشاء أوقاف جديدة.
وأُضِيف (الباحث) ضابطاً رابعاً تسند الضوابط السابقة التي أشار إليها د.الناهي وهو:
الضابط الرابع:
قيام المنظمات الدولية الإسلامية مجتمعة بتكوين لجنة دائمة (( لشؤون أوقاف الأقليات الإسلامية )) وتطوير الأوقاف من أجلها داخل دولها.
وأعني بالمنظمات الإسلامية الدولية ما يلي:
1- منظمة المؤتمر الإسلامي بجدة.
2- رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
3- الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالرياض. وقد يُضَاف إليها منظمات أخرى.
وكما نلاحظ أن هذه المنظمات الإسلامية الدولية هي المنظمات الفاعلة على الساحة الإسلامية والعالمية وجميعها تعمل من داخل المملكة العربية السعودية التي تمثل الآن حصن التضامن الإسلامي وراعية الأقليات والشؤون الإسلامية في العالم بما كتب الله لها من شرف الإشراف على خدمة الحرمين الشريفين والقيام بواجب الإسلام والمسلمين في هذا العصر.
والأمل في الله تعالى ثم في هذه المنظمات الإسلامية المبادرة بتشكيل هذه اللجنة لخدمة أوقاف الأقليات الإسلامية في العالم وحماية تلك الأوقاف وتأكيد دورها الرائد في إغناء الأقليات ومساعدتها على العيش الكريم مع التأكيد أن الأوقاف حق من حقوق المواطن في كل دولة ولهذه الدول حق الإشراف من غير تعسف بل من أجل الحماية والرعاية لهذا الجهاز.
العنصر الثالث: الأوقاف وموقف أعداء الإسلام منها:
يسجل التاريخ الإسلامي مواقف عدائية من أعداء الإسلام ضد كل خير للإسلام والمسلمين، ومن ذلك ما سجله التاريخ من مواقف الأعداء ضد الأوقاف الإسلامية بحجة أنها وسيلة من وسائل القوة والمنعة للمسلمين في السلم والحرب، وفيما يلي تبيان لذلك:
1- في السلم: ونعني أنها وسيلة قوة في السلم: حيث إمدادها بكل العون والبرّ لكل محتاج كما أنها تقوي الإيمان بين أهل الخير والأثرياء وكل ذلك مدعاة للمزيد من الروابط الاجتماعية والقوة بين أفراد المجتمع المسلم غنية وفقيرة حاكمة ومحكومة وهذه حقيقة أثبتها التاريخ الإسلامي بل إن ازدهار الأوقاف يعني المزيد من التقوى والعمل للآخرة بين الأثرياء والقادة والحكام.
2- في الحرب: وهي قوة في الحرب لإمدادها بالمال والعتاد والسلاح مما يشترى من أموال الأوقاف.
إن المواقف العدائية التي برزت ضد الأوقاف الإسلامية من أعداء الإسلام أو من تلامذتهم الذين تأثروا ولبسوا لباس الأعداء فأبطلوا دور الأوقاف الإنساني والاجتماعي والحضاري الكثيرة .. وفيما يلي الأمثلة:
1- يقول الأستاذ بنعبد الله([34]):
(( تتجدد رغبة الغربيين في معرفة حقيقة الدين الإسلامي وقوته الهائلة .. فقد رَاعَهم هذا المدّ الإسلامي .. ويحاولون من خلال صحفهم أن يرعبوا حكام الدول غير الإسلامية بأن العالم مقبل على حرب صليبية حاقدة إذا استمر الإسلام في مده المتزايد كل يوم لأن المسلمين بأيديهم مصادر الطاقة والثروة في العالم .. وهذا الاهتمام الغربي بالإسلام جعلهم يفطرون إسلاماً ويتغدون إسلاماً ويتعشون إسلاماً .. وعملاء التبشير هم عملاء الاستعمار الذين دربتهم دعوة التبشير والإلحاد على تشويه تاريخنا الإسلامي .. فمنذ طلائع الثمانينات -يقول الأستاذ بنعبد الله- سعى إلي بعض المثقفين الذين درسوا في ألمانيا وقال بأنه أحال إليَّ -فلاناً- لأفيده عن : الوقف في الفكر الإسلامي ، وأخيراً عرفت أن شركة في صناعة السيارات العالمية كلفته بهذا البحث عن سر ونشاط هذه المؤسسة الوقفية وأثرها في العالم الإسلامي ، وكُلفت هي -شركة السيارات- من طرف جهات عليا احتفظت لنفسها بالاختفاء وراء هذه الشركة .. ثم يضيف الأستاذ بنعبد الله قوله: فكان هذا سبباً من أسباب وضع هذا الكتاب (الوقف في الفكر الإسلامي ).
ومن الحادثة السابقة يتضح أن أعداء الإسلام يعملون على تقصي كل عوامل النجاح والتفوق التي تقود المسلمين إلى الاكتفاء الذاتي، ومن ذلك ما تقوم به الأوقاف من دور حضاري في حياة المسلمين .. إن الأعداء يعدون العدَّة لطمس كل مصدر من مصادر الرُقي التي ترقى بالمسلمين وتوصلهم إلى تحمل القيادة والريادة البشرية .. وإذا لم يستطيعوا مباشرة كلفوا أذنابهم ممن يحمل الأسماء والأشكال الإسلامية بينما هو فارغ من الإيمان والتوحيد ومن روح الإسلام .. ومثال ذلك ما ذكره د. المصري في قوله([35]):
(( وقد نفذ مصطفى أتاتورك المخطط كاملاً، وبدأت حكومته تبتعد تدريجياً عن الخطوط الإسلامية، وتسلم تركيا لعمليات التغريب، فأُلغيت وزارة الأوقاف سنة 1343هـ وفي عام 1344هـ أُغلقت المساجد وقضت الحكومة في قسوة على كل تيار ديني .. )).
ثم يضيف د. المصري نماذج أخرى في العالم من واقع تحدي الغرب للإسلام والمسلمين حيث ظهر الاستعمار واستُعمرت معظم الدول العربية فأُلغيت الأوقاف الإسلامية وطُمست، وأخذت الحكومات الاستعمارية مواردها .. وهنا يقول الأستاذ المصري/ ما يلي نموذجاً للتعسف من الأعداء للأوقاف([36]):
(( وبدأت الشيوعية بعد ذلك تنفذ خطتها المرسومة تجاه الإسلام والمسلمين، فقُسمت تركستان الشرقية إلى (6) مناطق منذ عام 1954م .. وتم إلغاء الجمعيات الإسلامية .. ووضعت الدولة يدها على الأوقاف، ولم يعد للمساجد والمدارس الإسلامية دخلٌ إذ كانت الأوقاف موردها الوحيد .. وتوقف عمل هذه المساجد والمدارس وانتهى دورهـا في الحياة الاجتماعية .. طبعاً بسبب توقف مورد الأوقاف .. )).
ومن مواقف العداء للأوقاف الإسلامية التي كشر عنها الاستعمار ما ذكره العلامة محمد كرد علي([37]):
(( وعند احتلال الجيوش الفرنسية الشام أصيب ديوان الأوقاف وزاد في نضوب خزائنها وأمر المفوض الفرنسي أن يتدخل المندوب الفرنسي بالإشراف على أوقاف المسلمين دون أوقاف اليهود والنصارى، في حين أن الدولة العثمانية لم تتدخل في شؤون الأوقاف اليهودية ولا النصرانية .. ثم يضيف محمد كرد علي، المزيد من التعسف الفرنسي ضد الأوقاف الإسلامية فيقول:
(( وكذلك يقال في مجلس الأوقاف الإسلامية الذي قضت المفوضية تأليفه ففصلت دواوين الأوقاف الإسلامية عن الحكومات المسلمة الأهلية ووصلتها مباشرة بالمفوضية العليا وجعلت لها مستشاراً غيرَ مسلم يتصرف في شؤونها الإدارية والمالية بسلطة واسعة .. )).
وينهي الأستاذ محمد كرد علي حديثه عن الأوقاف الإسلامية في عهد الاستعمار الفرنسي للشام بقوله:
(( وأرى أن تتخلى المفوضية العليا في بلاد الانتداب الفرنسي عن التدخل بأوقاف المسلمين بواسطة مستشارها الفرنسي المستمد منها نفوذه مباشرة فإنه لا فرق بين هذا التدخل وبين التدخل بشؤون الصلاة والزكاة والصيام والحج لأن الولاية على الأوقاف الخيرية .. من القضايا الشرعية الصرفة .. )).
إن الاستعمار هو الاستعمار أينما حلّ وكان في الشرق أو الغرب في الشمال أو الجنوب وهذا ما يؤكده الأستاذ بنعبد الله في قوله([38]):
(( وما فعله الاستعمار الفرنسي من هيمنة وسلطان في أوقاف المسلمين في الشرق فعله أيضاً في الغرب، فلقد تألبت على المغرب قوى الشر والعدوان من شتى الدول الأجنبية في بداية هذا القرن (19م) .. )).
إن الأعداء لن يقفوا معصوبي العينين حتى تقوم الأوقاف الإسلامية بدورها الحضاري في التكافل والتضامن الإسلامي بين المسلمين في الداخل والخارج بل تعمل على توقف هذه الأوقاف من أداء رسالتها الإسلامية، لتعطيل السبل والمشروعات الخيرية.
إن الاعتداء على الأوقاف الإسلامية موضوع جدير بالدراسة المستقلة بل وبدراسة علمية أكاديمية على مستوى الماجستير أو الدكتوراه، تحليلاً وتعليلاً وعبرة لأبناء المسلمين عن موقف الأعداء من الأوقاف الإسلامية ودورها الحضاري في الإسلام بشكل خاص والعالم بشكل عام.
ومن العبر التي يجب الاعتبار بها من قبل المسلمين دور الأوقاف الإسلامية وموقف الأعداء من هذا الجهاز الاقتصادي التمويني لمعظم الأنشطة في المجتمع المسلم .. وفيما يلي المزيد من الأسباب التي دعت الأعداء إلى مواقفهم السلبية من الأوقاف الإسلامية ووضع أيديهم على أموالها وخيراتها.
يشير الأستاذ بنعبد الله إلى استمرار الاستعمار الفرنسي في السيطرة على الأوقاف في كل من الجزائر وتونس فيقول([39]) :
(( .. وهكذا عملت فرنسا في الجزائر وتونس اللتين كانتا قبل الاحتلال الفرنسي تتوفران على أوقاف غنية وفيرة، فلم تكد فرنسا تستولي على القطرين الشقيقين حتى بسطت يدها إلى أحباس -أوقاف- المسلمين، وضمت الأحباس الإسلامية الجزائرية إلى أملاك الدولة .. ثم صدر القانون الشهير عام 1905م وتم توزيع أراضي الأوقاف على المعمرين الفرنسيين.. )) نعم، وُزعت أموال المسلمين الموقوفة للفقراء والمساكين على كبار السن من الفرنسيين الذين ليس لهم حق في ذلك وهذا هو العدل من المنظور الاستعماري المتسلط.
وكانت ميزانية الأوقاف الإسلامية بالجزائر ولا سيما أوقاف مكة والمدينة كبيرة يسيل لها لعاب الطامعين، فأمر (( بيجو )) الحاكم الفرنسي للجزائر بقرار عام 1843م بضم الأوقاف الإسلامية إلى (( إدارة الروميين ))، تحت سيطرة موظف فرنسي سام.

ولم يكن الهدف من ضم الأوقاف مادياً فقط، بل كان أيضاً سياسياً، وذلك أن قطاعاً من العلماء والمثقفين كانوا يعيشون من الأوقاف بعيدين عن أعين السلطة .. وبعبارة أخرى كانت مؤسسة الأوقاف خلايا سياسية وثقافية ودينية وقلاعاً تضم أصحاب الرأي والعادي للفرنسيين فكان قرار (( بيجو )) بضم الأوقاف يخدم هدفين:
1- اقتصادي يتمثل في زيادة رصيد الميزانية الفرنسية.
2- سياسي يتمثل في السيطرة على أصحاب الرأي المضاد للوجود الفرنسي.
وما يقال عن الجزائر يقال عن غيرها مثل تونس فقد سيطرت الحماية الفرنسية على الأوقاف في تونس فشرعت في توزيع أراضي الأوقاف العمومية بطريقتها ولمصلحتها.
وهكذا نأتي إلى نهاية هذا الفصل المثير الذي رأينا من خلاله كيف يعادي أعداء الإسلام المؤسسات الخيرية وفي مقدمتها الأوقاف الإسلامية؟‍ وذلك؛ لأنها مصدر أساس لمساعدة الفقراء والمساكين كما أنها مصدر للألفة والرحمة بين الفقراء والأغنياء وبين الحكام والمحكومين.
ولكن الاستعمار عدَّ الأوقاف مصدراً من مصادر السياسة المحلية للدول التي استعمرها سواء المصدر المالي أم المصدر السياسي؛ لكونها تضم معظم المعارضين للسياسة الاستعمارية في كل زمان ومكان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
مدير المنتدى
Admin
مدير المنتدى


عدد الرسائل : 2061
العمر : 41
Localisation : المملكة العربية السعودية
تاريخ التسجيل : 11/05/2007

الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية   الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية Emptyالثلاثاء 25 ديسمبر - 4:37

الخاتمة والتوصيات
1- الخاتمة:
من خلال التِطَّواف السريع في رحاب الأوقاف الإسلامية، ظهر جلياً وواضحاً الدور العظيم لهذا الجهاز والمؤسسة، التي شمل دورها جميع جوانب الحياة، الاقتصادية، والاجتماعية، والحربية، والعلمية، والإنسانية.
كما تعدى دورها الإنسان إلى النفع والبرّ بالحيوان والطير، تغذية وعلاجاً ورعاية. وما دام الأمر كذلك والنفع متحقق من مؤسسة الأوقاف فإن الواجب يحتم عناية الأفراد والحكومات الإسلامية، وغير الإسلامية (ممن لديها جاليات إسلامية) بالأوقاف وتطويرها والعاملين فيها لتواكب التطورات الإدارية الحديثة مما يؤهل أموال الأوقاف المشاركة في خطط التنمية الشاملة.
وإذا تحقق ذلك تكون الأوقاف مصدراً من مصادر النفع العام والخاص في كل زمان ومكان كما أُريد لها منذ ظهورها في العهد النبوي الشريف.
2- التوصيات:
يقدم الباحث هذه التوصيات للندوة آملا الأخذ بها من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة:
1- إعداد دراسات علمية حديثة حول دور أموال الأوقاف في التنمية الشاملة للبلاد الإسلامية.
2- تبني مشروع نشر فكر الأوقاف الإسلامية ودورها الحضاري.
3- توجيه طلاب الدراسات العليا في الجامعات البحث في الأوقاف ودورها.
4- المزيد من التعريف بالأوقاف ودورها في الحياة الإسلامية من خلال جميع وسائل الإعلام.
5- عقد مؤتمرات وندوات ومسابقات علمية في شؤون الأوقاف.
قائمة المراجع لبحث الأوقاف
1- أبو زهرة، محمد. محاضرات في الوقف القاهرة، دار الفكر العربي ط2، 1391هـ.
2- أحمد، د. محمد شريف. مؤسسة الأوقاف في العراق ودورها التاريخي . ضمن بحوث: ندوة مؤسسة الأوقاف في العالم العربي والإسلامي، المملكة المغربية، 1403هـ(*).
3- أمين، د. محمد محمد. الأوقاف ونظام التعليم في العصور الوسطى الإسلامية . ضمن بحوث ندوة مؤسسة الأوقاف، المملكة المغربية 1403هـ.
4- بالمقدم، أ. رقية. أوقاف مكناس في عهد مولاي إسماعيل 1082-1139هـ. جزءان، مطبوعات وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية. المملكة المغربية 1413هـ.
5- بنعبد الله، محمد بن عبدالعزيز. الوقف في الفكر الإسلامي، جزءان، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. المملكة المغربية 1416هـ.
6- البهاوي، محمد. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب. ضمن بحوث (( ندوة مؤسسة الأوقاف )) المملكة المغربية 1403هـ.
7- بو جلال، محمد. نحو صياغة مؤسسة للدور التنموي للوقف: الوقف الإنمائي ، مجلة (( دراسات اقتصادية إسلامية )) البنك الإسلامي للتنمية، المجلد5 العدد الأول رجب 1418هـ.
8- بو ركبة، د. سعيد، الوقف الإسلامي وأثره في الحياة الاجتماعية في المغرب . ضمن بحوث (( ندوة مؤسسة الأوقاف )) المملكة المغربية 1403هـ.
9- بو ركبة، د. السعيد. دور الوقف في الحياة الثقافية بالمغرب في عهد الدولة العلوية. جزءان، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. المملكة المغربية ، 1417هـ.
10- التجكاني، محمد الحبيب. الإحسان الإلزامي في الإسلام: وتطبيقاته في المغرب، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - المملكة المغربية 1410هـ.
11- حوى، سعيد. الإسلام. أربعة أجزاء القاهرة: مكتبة وهبة 1397هـ.
12- الكبيسي، د. محمد. مشروعية الوقف الأهلي ومدى المصلحة فيه. ضمن بحوث (( ندوة مؤسسة الأوقاف )) المملكة المغربية 1403هـ.
13- المنوني، محمد. دور الأوقاف المغربية في التكافل الاجتماعي . ضمن بحوث (( ندوة مؤسسة الأوقاف )) المملكة المغربية 1403هـ.
14- مجلة (( الإغاثة ))، الأوقاف الإسلامية ودورها في تنمية المجتمعات الإسلامية، العدد 14، رمضان 1418هـ.
15- المصري، د. جميل عبدالله. حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة. جزءان. مطبوعات الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ج1، ط2، 1410هـ + ج2، ط3، 1415هـ.
16- النتشه، رفيق شاكر. د. إسماعيل أحمد ياغي، د. عبدالفتاح أبو علَّية. تاريخ مدينة القدس. الرياض: ( دار الكرمل بعمان الأردن ) 1984.
17- الناهي، د. صلاح. مؤسسة الوقف ومصالح الأقليات الإسلامية. ندوة ((مؤسسة الأوقاف )) المملكة المغربية 1403هـ.
18- الزرقا، مصطفى أحمد. أحكام الوقف، ط1، عمان الأردن، دار عمار، 1418هـ.
19- زنيبر، د. محمد. الحبس كمظهر من مظاهر السياسة الاجتماعية في تاريخ المغرب. ضمن (( ندوة مؤسسة الأوقاف )) المملكة المغربية 1403هـ.
20- سابق، سيد. فقه السنة. ط3، المجلد3، بيروت، دار الكتاب العربي. 1391هـ.
21- السباعي، د. مصطفى. من روائع حضارتنا. ط2، دمشق، المكتب الإسلامي 1397.
22- لوبون، د. غوستاف. حضارة العرب ط3، نقله للعربية عادل زعيتر، القاهرة، دار إحياء الكتب العربية 1956.
23- العبيدي، د. صلاح حسين. مؤسسة الأوقاف ودورها في الحفاظ على الآثار الإسلامية والمخطوطات .. ضمن بحوث (( ندوة مؤسسة الأوقاف )) المملكة المغربية 1403هـ.
24- العسلي، د. كامل جميل. مؤسسة الأوقاف ومدارس بيت المقدس. ضمن بحوث (( ندوة مؤسسة الأوقاف )) المملكة المغربية 1403هـ.
25- العارف، عارف باشا. تاريخ القدس. القاهرة، دار المعارف بمصر 1951.
26- الضحيان، د. عبدالرحمن. المنظمات الدولية الإسلامية والتنظيم الدولي ط1، جدة: مطابع دار العلم، 1411هـ.
27- علي، محمد كرد. خطط الشام ط3، المجلد الخامس. دمشق، مكتبة النوري 1403هـ.
28- الهيئة العربية العليا لفلسطين ط2، المقدسات الإسلامية في فلسطين والمطامع اليهودية الخطيرة. بيروت 1387.
29- رمضان، د. مصطفى محمد. دور الأوقاف في دعم الأزهر. ضمن بحوث ((ندوة مؤسسة الأوقاف )) المملكة المغربية 1403هـ.
30- القحطاني، راشد. أوقاف السلطان الأشرف شعبان على الحرمين ط1، الرياض. مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية 1414هـ.
31- الناصري، محمد المكي. الأحباس الإسلامية في المملكة المغربية . مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. المملكة المغربية 1412هـ.
32- يكن، زهدي. الوقف في الشريعة والقانون. بيروت، دار النهضة العربية. 1388هـ.


([1]) بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (1/119).
([2]) مصطفى الزرقا، أحكام الوقف (ص11).
([3]) مصطفى الزرقا، أحكام الوقف (ص11-12).
([4]) مصطفى الزرقا، أحكام الوقف (ص29-63).
([5]) مصطفى الزرقا، أحكام الوقف (ص21).
([6]) بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (1/296-329).
([7]) مصطفى الزرقا، أحكام الوقف (ص17-19). وسعيد حوى، الإسلام (3/44-55).
([8]) أ - ندوة مؤسسة الأوقاف في العالم العربي والإسلامي (ص247-248).
ب - بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (2/259-261).
ج - بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (1/256).
د - د. مصطفى السباعي، من روائع حضارتنا (ص135).
هـ - محمد كرد علي، خطط الشام (5/97).
([9]) بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (2/57).
([10]) بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (2/200).
([11]) مصطفى الزرقا، أحكام الوقف (ص13).
([12]) ندوة مؤسسة الأوقاف في العالم العربي والإسلامي (ص66-67).
([13]) ندوة مؤسسة الأوقاف في العالم العربي والإسلامي (ص93-111).
([14]) الهيئة العربية العليا لفلسطين (ص23).
([15]) عارف باشا العارف، تاريخ القدس (ص275-283).
([16]) بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (ص76-77).
([17]) د. مصطفى السباعي، من روائع حضارتنا (129-137).
([18]) د. محمد الحبيب التجكاني، (ص558-560).
([19]) ندوة الأوقاف في العالم العربي والإسلامي (ص9-11).
([20]) بنعبد الله، محمد بن عبدالعزيز (2/220).
([21]) د. مصطفى السباعي، من روائع حضارتنا (ص121).
([22]) ندوة الأوقاف في العالم العربي والإسلامي (ص201-210).
([23]) التجكاني، محمد الحبيب. الإحسان الإلزامي في الإسلام (ص557).
([24]) بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (ص145-169).
([25]) ندوة الأوقاف في العالم العربي والإسلامي (ص245).
([26]) (ص139).
([27]) ندوة الأوقاف في العالم العربي والإسلامي (ص247).
([28]) د. التجكاني، محمد الحبيب. (ص556).
([29]) د. مصطفى السباعي، من روائع حضارتنا (ص126).
([30]) د. عبدالرحمن الضحيان، المنظمات الدولية الإسلامية والتنظيم الدولي (ص307).
([31]) د. عبدالرحمن الضحيان، بحث التضامن الإسلامي والدور السعودي (ص47).
([32]) د. عبدالرحمن الضحيان، المنظمات الدولية الإسلامية والتنظيم الدولي (ص361-403).
([33]) ندوة الأوقاف في العالم العربي والإسلامي (ص51-57).
([34]) بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (1/7-11).
([35]) د. جميل عبدالله المصري. حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة (1/114).
([36]) د. جميل عبدالله المصري. حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة (2/511).
([37]) محمد كرد علي، خطط الشام (5/89-122).
([38]) بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (2/311).
([39]) بنعبدالله، الوقف في الفكر الإسلامي (2/301).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://islamfin.yoo7.com
 
الأوقاف و دورها في تشييد بنية الحضارة الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» دور الحضارة الإسلامية في تطوير الفكر المحاسبي
» دور الحضارة الإسلامية في تطوير أدوات المحاسبة
» دور الحضارة الإسلامية في تطوير الفكر المحاسبي
» الصكوك الإسلامية و دورها في إلهام محفظة المستثمر الإسلامي
» الأوقاف النامية هل هي فكرة ممكنة ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى التمويل الإسلامي :: قسم الزكاة و الوقف :: منتدى الوقف-
انتقل الى: