الثلاثاء, 12/11/2007 - 20:11
أ ناصر الزيادات
الكاتب: ناصر الزيادات
في ضوء التعقيدات التي تشهدها الأسواق العالمية والإقليمية والمحلية، وفي ضوء ثورة المعلومات والاتصالات تدور حرب طاحنة بين الشركات العاملة في القطاع نفسه على توضيع نفسها في الأسواق Market Positioning بشكل يجعلها تتميز عن الآخرين. وفي هذا الإطار تلعب استراتيجيات وتكتيكات بناء العلامة التجارية Brand Building دوراً مهما بالتوضيع السوقي لارتباطها بمؤثرات ملموسة وغير ملموسة بالعميل الذي يلعب دوراً أساسياً في الحكم على نجاح أو فشل الخدمات أو المنتجات من خلال حكمه على تجربتها (حكماً شعوريا) ومدى تأثيرها في مشاعره وأحاسيسه (حكماً لا شعوريا) وهو أمر يرتبط بالمحصلة بالعلامة التجارية ومدى رسوخها في العقل الظاهر والباطن للعميل.
ولقياس مدى ارتباط العميل بالعلامة التجارية ومدى تأثره بها يمكن طرح سؤال بسيط على العملاء: "ماذا لو أن المنتج (س) قد انقطع من الأسواق؟؟" ولتوسيع نطاق السؤال: "ماذا لو أن الشركة (ص) توقفت عن العمل؟؟" أترك المجال للقارئ الكريم أن يتخيل شركة معينة تنتج منتجاً معيناً أو خدمة معينة يعتاد هو على استخدامها ويسقط هذا السؤال عليها!!
وما دام الأمر متعلقاً بالمؤسسات المالية الإسلامية، قمت بطرح هذا السؤال على مجموعة من الأشخاص من دول مختلفة كانوا مجتمعين في مناسبة اجتماعية: "ماذا لو أن بنكك الإسلامي الذي تتعامل معه قرر أن يوقف أعماله ويغلق أبوابه"؟؟ قال لي الأول: "إن البنك الذي أتعامل معه غير إسلامي!!". وقال الثاني: "أذهب إلى بنك غيره فالبديل متوافر!!". وقال الثالث: "أسحب أموالي أولاً وليفعل البنك ما يشاء".. فسرحت بمخيلتي في جواب الرابع الذي سيفاجئني بقوله "لا أستطيع أن أتخيل أن بنكي الإسلامي سيغلق أبوابه!!".. فسأله الجميع مستنكراً: "ولماذا؟؟" فكان منه الجواب المطول التالي:
"أنا لست على علم شرعي لأحكم على بنكي من ناحية شرعية.. وإن كان هناك خلل فهو في أعناق الشرعيين المختصين المسؤولين في البنك!! ولكن أكثر ما يعجبني في بنكي الإسلامي أنني أينما ذهبت أجده أمامي يسهل لي حياتي.. يوجد في معظم تفاصيل أعمالي.. يقرأ أفكاري.. ويستشرف احتياجاتي فيلبيها دون أن أسأله.. يفاجئني دائماً بكل ما هو جديد.. فيجعلني أشعر بالفخر لأنني من عملائه.. وإذا ما ذهبت إلى أحد الفروع أشعر حقاً أنني أعامل كـ "ملك" رغم أنني لا أملك إلا مبلغا بسيطا في حسابي".
الله ما أجمل هذا الوصف.. أكمل يا أخي أكمل.." بنكي الإسلامي يمتاز بالمواطنة الصالحة في مجتمعه.. فلديه سجل حافل في الخدمات الاجتماعية.. ولديه منتجات مسؤولة اجتماعياً تحقق الرضا الاجتماعي وتحقق الربح في الوقت نفسه.. وعند تمويل المشروعات أو الدخول في الاستثمارات يبتعد عن الشركات ذات النشاطات المشبوهة أو المضرة بالبيئة".
"وإدارة بنكي الإسلامي حصيفة تدير أموال مساهميها بشكل فعال.. فهي لا تنفق على وضع الصور الشخصية على أغلفة المجلات.. ولا تشتري الجوائز الدولية لكي تتفاخر بها في الدواوين نهاية الأسبوع.. وهي تفصح إفصاحاً شفافاً عن أعمالها كافة، وهي تعمل وفقاً لمعايير الحوكمة المتعارف عليها عالمياً كافة".
و"الموظفون في بنكي يتمنون أن ينقضي الليل بسرعة حتى يتوجهوا إلى أعمالهم صباحاً من شدة ولائهم لعملهم ومن شدة رضاهم الوظيفي".
فأصررنا عليه جميعاً أن يفصح لنا عن اسم بنكه، فقال: "بنكي هو ب.. بن.. بنك..." وإذا بالمضيفة الجوية توقظني وتقول لي: "أنت تتكلم أثناء نومك يا سيدي وهذا يزعج الركاب الآخرين.. ثم عليك أن تربط الحزام حتى لا تطير عن الكرسي بسبب المطبات الهوائية".
beintouch@bubader.com
باحث في المصرفية والتمويل الإسلامي
جامعة درم – المملكة المتحدة
المصدر: الهيئة الإسلامية العاليمة للاقتصاد و التمويل