khemgani مشرف
عدد الرسائل : 375 العمر : 39 Localisation : Ouargla تاريخ التسجيل : 28/01/2008
| موضوع: التأمين الصحي في المنظور الإسلامي الثلاثاء 26 فبراير - 5:24 | |
| التأمين الصحي في المنظور الإسلامي الشيخ الدكتور سعود الفنيسان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين نبينا محمد وصحابته أجمعين وبعد: فيعد التأمين – والتأمين الصحي خاصة من النوازل التي ظهرت في هذا العصر ولم تكن معروفة من قبل. ولابد من عرض تلك القضايا على الأدلة والقواعد الشرعية. إذ ما من قضية إلا وللإسلام فيها حكم.ويجد الناس من الأحكام بقدر ما يحدثونه من أحداث وقضايا، ذلك أن النصوص في الكتاب والسنة محصورة ومتناهية، أما القضايا والحوادث فغير متناهية، بل هي في تزايد مطرد وأهل العلم الشرعي المجتهدون هم الذين يبينون أحكام النوازل والمستجدات التي تنزل بالأمة في كل عصر، مستهدين بقول الله تعالى: ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل أليهم)- النحل 44 -وقوله : (ما فرطنا في الكتاب من شيء )- الأنعام38-وقوله: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطوه منهم )-النساء83- ومستشهدين بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ) إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد، وإذا حكم فاجتهد فأصاب فله أجران (- سنن الدارقطني ج4 ص210-211- وهذه المستجدات التي تنزل بالأمة (كالتأمين الصحي) مثلاً، لابد من اجتماع رأي الفقيه المتبصر بأمور عصره مع رأي الطبيب المختص، إذ لا يمكن للفقيه أن يصدر حكمه الجازم في المسألة دون الاطلاع على آراء الأطباء وذوي التجربة ولايمكن للطبيب أن يفتي في المسألة لأن الحكم على الشيء فرع من تصوره وهذه الكلمات المرقومة في هذه الورقة بحاجة إلى أن يجتمع عليها الفقهاء والأطباء في نقاش وحوار علميين حتى يمكن الوصول إلى النتيجة الشاملة والحكم الفاصل في مسألة (التأمين الصحي) تعريفات تتعلق بالبحث التأمين: في اللغة مصدر للفعل الرباعي أمن يؤمِّن تأميناً في طلب للأمل والطمأنينة. وتتعدد أنواع التأمين إلى أنواع وأشكال كثيرة جداً غير أنه يمكن حصرها إجمالاً بأن يقال: ينقسم التأمين من حيث الشكل إلى نوعين: عاوني وتجاري ومن حيث الموضوع: إلى تأمين من الضرار اللاحقة للمال وتأمين على الأشخاص (الحياة) ومنه التأمين الصحي ومن حيث العموم والخصوص: إلى تأمين اجتماعي، تقوم به المؤسسات ، والهيئات لعموم أفرادها، كالتأمينات الاجتماعية والتقاعدية. وتأمين فردي يكون الفرد فيه طرفاً مباشراً في العقد وتعريف كل نوع لا يهمنا في هذا البحث اللهم إلا التأمين على الأشخاص فيمكن تعريفه على وجه التقريب بأن يقال: -التأمين على الحياة: عقد يلتزم به المؤمن (شركة التأمين) أن يؤدي إلى المؤمن (المستأمن) أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه – مبلغاً من المال عند حصول الضرر مقابل مبلغ مالي يدفعه المؤمن له (المستأمن) إلى المؤمن (الشركة) دفعة واحدة أو على أقساط. -التأمين الصحي: عقد بين طرفين يلتزم به الطرف الأول (المستشفى) بعلاج الطرف الثاني (فرداً كان أو جماعة) من مرض معيّن أو الوقاية من المرض عامة مقابل مبلغ مالي محدد يدفعه إلى الطرف الأول دفعة واحدة أو على أقساط. -الإجارة في اللغة المجازاة. وفي اصطلاح الفقهاء: عقد على منفعة مباحة معلومة مدة معيّنة من عين معلومة أو موصوفة في الذمة. -الجعالة في اللغة: اسم لما يجعله الإنسان لغيره وهي مثلثة الجيم أي تنطق بالضمة والفتحة والكسرة. وفي اصطلاح الفقهاء: التزام عوض معلوم على عمل معيّن (معلوم أو مجهول) بمعين أو مجهول. وأكثر الفقهاء يبحثونها في كتبهم مع الإجارة لشدة الترابط بينهما حيث كل منهما عقد على عمل مباح مقابل عوض. وبعض الفقهاء يبحثها في آخر باب اللقطة. الجعالة طلب التقاط الدابة الضالة مثلاً. وحيث أن الجعالة هي الأظهر لحمل (التأمين الصحي) عليها سنبين أدلتها الشرعية. من الأدلة على مشروعية الجعالة: 1-قوله تعالى: ]ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم [ يوسف من الآية72. ووجه الاستدلال: أن الاسم الموصول (من) من ألفاظ العموم والمخاطب (العاقد) غير معين، فدلت الآية على جواز المجاعلة والمشاركة على العمل المجهول لأنه لا يدري بأي وسيلة يؤتى بالمفقود هل يأتي به المجعول له على قدميه أو راكباً ليسلمه إلى الجاعل – دافع الجعل – كما دلت الآية على جواز أن يكون الأجر (الجعل) غير معلوم. ووجه ذلك أن حمل البعير يتفاوت بتفاوت البعير قوة وضعفا فمن الجمال ما يحمل (50) كيلاً ومنها ما يحمل أكثر من 200 كيل كما أنه لم يحدد النوع المحمول فقد يحمل على البعير ذهب أو فضة أو تراب أو حطب. كما دلت الآية أيضا على جهالة (المعاقد) المجعول له فلا يلزم تعيينه في العقد كأن يقول: من أتاني بدابتي. أو عالج مريضي فله كذا. وقد استدل بعض الفقهاء بهذه الآية على مشروعية الكفالة والجعالة، والحق أن دلالتها على الجعالة أظهر وأبين من دلالتها على الكفالة: ووجه ذلك أن الجاعل ملتزم عن نفسه، والكفيل ملتزم عن غيره. والمنادي في الآية التزم بالجعل عن نفسه ولم يذكر أنه نائب عن غيره، وليس في الاية ما يدل على النيابة عن الغير، والآية في سياق شرع من قبلنا. وهو شرع لنا إذا لم يكن في شرعنا ما يخالفه كما هو منصوص عند جمهور العلماء وقد جاءت الآية موافقة لشرعنا. 2-حديث أبي قتادة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين (من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه) وفي رواية أنس (من قتل كافراً فله سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم) أخرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود في السنن. ووهج الاستدلال ظاهر من تعيين الجعل وهو السلب ولم يعين المجعول (المقتول) ولا المجعول له (القاتل). 3-حديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين أيضاً في قصة الرقية على سيد الحي لما لدغته حية وطلب أهل الحي من الصحابة رقية سيدهم وكانوا استضافوهم قبل فأبوا أن يضيفوهم. فقال أبي سعيد: لا نرقيه حتى تجعلوا لنا جعلاً فجاعلوهم على قطيع من الغنم فقرأ عليه أبو سعيد سورة الفاتحة فشفي من ساعته كأنما نشط من عقال. قلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم الغنم وأخبروه تبسم وقال: (ما أدراك أنها رقية أضربوا لي معكم بسهم). ووجه الاستدلال من الحديث ظاهر جلي حيث ذكر الجاعل والمجعول والجعل. ويضم هذا الحديث مع الحديث السابق يظهر جواز تعيين المجعول له الجعل وعدمه. وإنما اللازم تعيين المجعول الذي هو (القتل) في الحديث الأول و(الرقية) أو (الشفاء) في الحديث الثاني. | |
|
khemgani مشرف
عدد الرسائل : 375 العمر : 39 Localisation : Ouargla تاريخ التسجيل : 28/01/2008
| |
khemgani مشرف
عدد الرسائل : 375 العمر : 39 Localisation : Ouargla تاريخ التسجيل : 28/01/2008
| موضوع: رد: التأمين الصحي في المنظور الإسلامي الثلاثاء 26 فبراير - 5:25 | |
| 5-ثم عن شركة التأمين تشغل المال في غير الغرض الذي تعوقد معها من أجله وهو دفع الضرر كما أنها تقوم بتشغيله بالربا في البنوك وإعطائه المشتركين. أما التأمين الصحي فإن المال الذي يقبضه المستشفى يصرف في الغرض الذي من أجله أبرم العقد بين الطرفين، أو فيما له به علاقة. فيصرفه في شركة الأدوية والتعاقد مع الأطباء المختصين ومساعديهم، وتأمين الوسائل اللازمة لعلاج المرضى وراحتهم ورفع أداء المستشفى بجملته وكفاءته من حيث النظام والصيانة. 6-عقد التأمين على الحياة عقد إذعان وإلزام وهو من عقود المعاوضات المالية ، أما عقد التأمين الصحي فهو من عقود التبرع والنفع العام للناس فطلب الربح من أحد الطرفين فقط أو وجود الجهالة والضرر اليسيرين لا يبطلانه بخلاف عقد المعاوضات المالية. الخلاصة إن التأمين الصحي إذا حمل على الجعالة فهو جائز لما سبق من ذكر أدلة الجعالة من الكتاب والسنة، وأيضاً فإن الأصل في العقود والشروط الإباحة والحل. ما لم يأت من الشارع دليل على المشروع بنص صحيح أو قياس صريح والجهالة في عقد التأمين الصحي – إن وجدت – مغتفرة معفو عنها كما في الجعالة والإجارة بمنفعة أو ضمان المجهول. وقد نص الفقهاء على أن الجهالة إذا وجدت في هذه المعاملات لا تضر بالعقد. فلا يقدح في صحة ضمان المجهول جهل المضمون به أو لجهل بالمضمون عنه. كما لا يقدح في صحة الإجارة عدم وجود المنفعة المؤجرة عند العقد. ولا يقدح في الجعالة عدم تعيين المجعول له ولا تعيين الجعل أو قدره. وأيضاً أن عقود المعاوضات في الشريعة مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد وغالب مبناها الاجتهاد بخلاف العبادات فإن مبناها الاتباع والتوقيف وهي من حقوق الله. أما الأخرى فهي من حقوق العباد. فشرع الله فيها النظر والاجتهاد. والله أعلم وصلى الله على معلم الناس الخير النبي الأمي. | |
|