استجابة الإبداع مرتبطة بالحافز
02/03/2008 جريدة القبس
بقلم: ناصر الزيادات*
مما لا شك فيه ان الصناعة المالية الاسلامية قريبة من الذروة بعد تحقيق معدلات نمو سنوية مرتفعة نسبياً ، لكن هذا النمو والحجم المتنبأ ان تكون عليه الصناعة خلال السنوات القليلة القادمة يفرض تحديات على القائمين على الصناعة تتمثل في ايجاد النماذج الملائمة لعمليات تطوير شاملة على جميع الاصعدة: الشرعية، والقانونية، والاشرافية، والسوقية والاستراتيجية... وغيرها للحفاظ على نمط من النمو المستدام من جهة، ولتعزيز وتفعيل الاطر التي تعمل ضمنها الصناعة من جهة اخرى.
ان الناظر الى عمليات التطوير من منظور شمولي - على مستوى الصناعة ككل - يدرك ان هناك متطلبات اساسية لاحداث التطوير المنشود بدءاً بالافراد العاملين في الصناعة، ومروراً باساليب ادارة التطوير داخل المنظمات، ثم آليات التواصل مع الجمهور الذي يشكل الاساس المتين لقاعدة العملاء، وانتهاء بالبيئات التنظيمية والتشريعية التي تعمل ضمنها مؤسسات الصناعة المالية الاسلامية.
يشير العديد من التقديرات ومن ضمنها تقديرات للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الاسلامية الى ان عدد العاملين في الصناعة المالية الاسلامية (بدون النوافذ وشركات التأمين) فاق حاجز الـ 250 الف موظف. وعلى الرغم من ذلك، فان الطلب مازال يتنامى على الافراد ذوي الخبرة والاختصاص في هذا المجال نظراً لتعاظم نمو الصناعة الناتج عن تأسيس كيانات جديدة او عن تحول الكيانات التقليدية الى العمل المالي الاسلامي، الامر الذي يفرض تحديات كبيرة امام القائمين على الصناعة المالية الاسلامية من دول ومؤسسات، من حيث تطوير العاملين في صناعة المال الاسلامي، او اعداد اجيال قادمة للعمل في هذا المجال.
لعل النظر من زوايا مختلفة يساعد في الوقوف بشكل جلي على ابعاد الموضوع. فمن احدى الزوايا تبرز اهمية تأهيل العاملين في الصناعة المالية الاسلامية لا سيما ان غالبية العاملين الحاليين فيها جاؤوا اصلاً من الصناعة التقليدية وهو ما ينعكس بشكل او بآخر على العديد من المفاهيم والممارسات والسلوكيات داخل المنظمة الواحدة، وبالتالي ينعكس على هوية الصناعة ككل. وهنا لا بد ان اعرج على حادثة طريفة حصلت مع احد الاصدقاء الذي ذهب الى احدى المؤسسات المالية الاسلامية في احدى الدول بقصد الاشتراك في احد برامج التخطيط المالي الشخصي، حيث قالت له مندوبة علاقات العملاء محفزة اياه على الانخراط في البرنامج : « اننا نضمن لك ان تحقق فائدة بين 9% و 12% سنوياً على اموالك الموجودة لدينا»!! ثم استطردت بهدف طمأنته على شرعية البرنامج : «ان هذا البرنامج معتمد من الهيئة الشرعية لدينا»!!. وفي هذا الصدد، لا يمكن التقليل من مهنية تلك الموظفة كموظفة خدمة عملاء، لكن يمكن الجزم انها لم تتلق الارشاد والتطوير الكافيين في المهارات المتعلقة بخصوصية العمل المالي الاسلامي وهويته.
وعند النظر من زاوية اخرى قريبة من الاولى نحو البدائل والادوات المستخدمة في عملية تطوير الافراد - ليس فقط العاملين في صناعة الخدمات المالية الاسلامية وانما افراد مجتمعاتنا العربية والاسلامية ككل- نجدها تركز على المفاهيم الاساسية للعمل المهني دون الذهاب بعيداً الى تطوير شخصية الفرد وتنمية المهارات الخلاقة لديه على اعتبار انه المحرك الاساس وحجر الزاوية في عملية التطوير.
اما الزاوية الثالثة فتتمثل في الاساليب المتبعة في تحفيز الفكر الابداعي لدى العاملين، وعلى الاساليب التي تتبعها المنظمات في الاحتفاظ بالمبدعين لديها مع استخدام الطرق الادارية المثلى للتواصل معهم والاستفادة القصوى مما لديهم. وفي هذا المجال، قطعت بعض المؤسسات المالية الاسلامية شوطاً جيداً من حيث ابتكار خطط للحوافز والمكافآت على الاداء المميز للموظفين، الا ان امر التواصل مع الموظفين المبدعين لايزال يتطلب المزيد من التركيز على اساليب تبادل الخبرات والمهارات والعلوم في اطار ما يعرف بـ «المنظمة المتعلمة».
*باحث في التمويل الإسلامي
جامعة درم - المملكة المتحدة
bein touch@bubader.com
لتحميل المقال:
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/Issues/2-3-2008/50-economic.pdf
