المضـاربة
المضاربة فى الشريعة مأخوذة من الضرب فى الأرض أى السعى فيها فى طلب الرزق والمعاش. وعقد المضاربة فى الشريعة هو عقد بين طرفين أحدهما يملك المال ولا يملك الخبرة فى تشغيله واستثماره وهذا يسمى (رب المال) والطرف الآخر لديه الخبرة فى تشغيل الأموال فى الأسواق ولكنه لا يملك المال وهذا يسمى مضارب بعمله. ويتفق رب المال مع صاحب العمل على أن يعطيه مالاً يستثمره له والربح يقسم بينهما بنسبة معلومة شائعة فى الربح وليس من رأس المال. أما الخسارة فإن حدثت فيتحملها رب المال وحده والعامل فى المال يتحمل خسارة جهـده وعدم حصوله على عائد، هذا إذا لم يكن المضارب بعمله مقصراً أ وأهمل فى عمله على نحو تسبب فى تحقيق الخسارة أو هلاك رأس المال أو بعضه، أما إذا كان مقصراً وثبت عليه ذلك فهو يضمن تلك الخسارة التى تحققت ولا شئ على رب المال.
وهذا النموذج من العقود يقوم فى الأساس على الأمانة من جهة المضارب بعمله والصدق والإخلاص وهى من الصفات الجديرة بغرسها فى نفوس التجار ورجال الأعمال لأن المضاربة باب عظيم الفائدة للنشاط الاقتصادى حيث يوجد كثير من الناس لديهم الكفاءة والقدرة على تشغيل الأموال ولكنهم مفتقدون للمال وبذلك تيسر عقود المضاربة فتح أبواب الرزق لكثير من العاملين وزيادة حركة التجارة.
كما أن عقد المضاربة يمكن أن يقوم بدور فعال فى تدبير الموارد المالية لتمويل مشروعات البنية الأساسية والمشروعات الإنتاجية الكبيرة ذات التكلفة الرأسمالية المرتفعة والتى تقوم بها الدولة أو الشركات الخاصة دون اللجوء إلى الاقتراض من أسواق المال المحلية أو الدولية أو الحكومات. وذلك إذا ما طرحت تكلفة التمويل فى صورة صكوك تتيح لحملتها الاشتراك فى أرباح هذه المشروعات وتكون قابلة للتداول فى أسواق رأس المال.