آثار التقليد في الاقتصاد الإسلامي
الفقه المالي يحتاج إلى تطوير ليواكب مستجدات العصر
- أحمد محمد محمود نصار - 07/04/1429هـ
يعترف الاقتصاد الرأسمالي ضمنياً أنه اقتصاد أزمات وأغلب تفسيراته وآلياته وأدواته مصممة أساسا لإدارة هذه الأزمات، فالبطالة والتضخم والكساد وتقلبات الأسواق وغيرها من المشكلات والأزمات الأخرى هي ظروف طبيعية في ظل المنظومة الاقتصادية الرأسمالية، وكما يقول جورج سوروس نجم المال والأعمال الشهير "إن النظام المالي اعتاد على الأزمات بمعدل أربع أو عشر سنوات"، ومن حسن إدارة الأزمة التلاعب بالمصطلحات فأصبحت الأزمات الاقتصادية تسمى غالبا مستجدات العصر، لذلك كان من المنطق أن يكيف الناس فكرهم لمواكبة "مستجدات العصر"، انطلاقا من هذا التصور قام كثير من الباحثين في التمويل الإسلامي بتثبيت ما توصلت إليه مستجدات العصر واعتباره جداراً من العبث تجاوزه, لكن للأسف ليس من العبث تجاوز النصوص الشرعية والأحكام الفقهية كونها غير عصرية, وامتلأت كتابات الباحثين بعبارات تدل على هذا التوجه مثل أن الفقه لم يعالج كثيرا من القضايا المعاصرة مثل تغير القيمة الشرائية للنقود أو التضخم, وأن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان, ويجب على الفقه المالي أن يتجدد وإن الحاجة الاقتصادية المعاصرة تقتضي تجويز معاملة مالية معينة، هذه العبارات الجميلة هل المقصود منها أن يتطور الفقه المالي الإسلامي ليبرر الأزمات الاقتصادية المعاصرة أم هل المقصود منها معالجة الفقه المالي للأزمات الاقتصادية ضمن الرؤية الإسلامية الثابتة الواضحة والتي تقتضي أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان, وأنه دائماً يمتلك الوصفة الوقائية والعلاجية للأزمات، في هذا الصدد يقول المستشار الدكتور محمد عمر شابرا الحاصل على جائزة الاقتصاد الإسلامي في كتابه الشهير نحو نظام نقدي عادل "أنه من الخطأ الشائع ارتكابه أن نبحث عن مصدر الأزمة في أعراضها ـ أي الأزمات المعاصرة ـ فتكون النتيجة أن تصبح وسائل العلاج المعتمدة كالمسكنات، تخفف من حدة الأزمة تخفيفاً مؤقتاً فحسب، لتعود هذه الأزمة إلى الظهور بعد زمن قصير، أكثر عمقاً وأشد خطورة "لذلك لا يعني التعليق على الفكرة أساساً نوعاً من الرجعية أو التطرف الفكري, وإنما من المهم حين نبني توجهاتنا ورؤيتنا للفقه المالي أن نعي تماماً ماذا فعلت بنا مستجدات العصر من الناحية الإيجابية والسلبية كي نستطيع أن نقيم هذه المستجدات بشكل موضوعي وما نحتاج إليه ليس تطويرا للفقه المالي ليواكب مستجدات العصر إنما نحن في حاجة إلى فهم الفقه المالي من خلال استيعاب وتحليل الأزمات الاقتصادية المعاصرة أو مستجدات العصر، ومن المؤسف أن يأتي الإنصاف من غير أهله, وأشير بذلك إلى مقولة الرئيس الفرنسي ساركوزي حيث يقول "إن النظام المالي فقد عقله، وحان الوقت لإدراك أننا في حاجة إلى بث قدر من الحكمة في كل هذه الأنظمة" لذلك نحن في حاجة أكثر إلى الحكمة بدلاً من فقه المسكنات.