جريدة الاقتصادية
تطوير الصناعة المصرفية الإسلامية
تشهد الصناعة المصرفية الإسلامية بالسوق السعودي تطورا كبيرا سواء في حجم التمويل الممنوح للعملاء حيث زاد حجم التمويل المصرفي الإسلامي من حوالي 50 مليار ريال عام 2000 بنسبة 29 % من إجمالي حجم التمويل بالسوق السعودي ، إلي أكثر من 273 مليار ريال في سبتمبر عام 2006 بنسبة نمو تصل إلي 400 % وبنسبة 56% من إجمالي حجم التمويل بالسوق السعودي ، وتشكل صيغة التمويل بالمرابحة وهي أقدم الصيغ مبلغ 64مليار ريال بنسبة 23 % من إجمالي حجم التمويل ، كما يحتل التمويل بالتورق الحديث نسبيا في الصناعة المصرفية الإسلامية المركز الأول بمبلغ 183مليار ريال بنسبة 67 % ، أي تشكل الصيغتين نسبة 90 % من إجمالي حجم التمويل وباقي الصيغ الأخرى تشكل نسبة 10 % الباقية وهي ( المشاركة ، الاستصناع ، السلم ، التأجير ، المضاربة ، البيع بالعمولة ، البيع بالوكالة ، الاستثمار المباشر ) .
فما هي أسباب إحجام المصارف الإسلامية عن استخدام صيغ التمويل الأخرى والاقتصار علي استخدام التورق والمرابحة فقط ، وكيف تقوم المصارف الإسلامية بتنمية الصيغ التمويلية الأخرى ومن هي الجهة التي يمكن أن تكون مسئولة عن تطوير المنتجات الجديدة لتنمية الصناعة المصرفية الإسلامية هل هي المصارف الإسلامية فقط أم مطلوب جهة تتولي القيام بتطوير منتجات وخدمات الصناعة المصرفية الإسلامية .
وتجدر الإشارة إلي أن من أهم أسباب التركيز علي صيغتي التورق والمرابحة هي سهولة استخدام تلك الصيغ من قبل العاملين والمتعاملين مع الصناعة المصرفية الإسلامية ، إضافة إلي انخفاض مخاطر تلك الصيغ مقارنة بالصيغ الأخرى .
كما أن هناك العديد من العوامل التي تحد من استخدام باقي صيغ التمويل من أهمها عدم توافر الخبرات والموارد البشرية المؤهلة لتطبيق تلك الصيغ، إضافة إلي أن الهياكل التنظيمية في بعض المصارف الإسلامية لم تأخذ بعين الاعتبار المتطلبات والإجراءات التنظيمية التي تتناسب مع طبيعة صيغ التمويل الإسلامية المختلفة.
أن التطور الذي تشهده الصناعة المصرفية الإسلامية وشدة المنافسة بالأسواق الدولية والمحلية وخاصة بعد تطبيق اتفاقيات التجارة الحرة فأن الأمر يتطلب وجود جهة تنظيمية تضم العديد من الخبراء والمتخصصين تتولي العمل علي تطوير وابتكار منتجات للصناعة المصرفية الإسلامية إضافة إلي مساعدة المصارف الإسلامية علي تطوير منتجاتها القائمة ، والعمل علي وضع أنظمة عمل تمكن من تطبيق صيغ التمويل بفاعلية من أجل تلبية احتياجات العملاء المتزايدة ومن أجل تطور وتقدم الصناعة المصرفية الإسلامية .
وهذا الأمر ليس بجديد علي الساحة المصرفية الإسلامية حيث سبق إنشاء هيئة تتولي إصدار معايير محاسبية خاصة بالمصارف الإسلامية وهي هيئة المحاسبة والمراجعة للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية والتي أنشأت عام 1990 واتخذت من مملكة البحرين مقرا لها والتي أصدرت حتى الآن ما يزيد عن 25 معيارا محاسبيا ، إضافة إلي مجلس الخدمات المالية الإسلامية ومقرة ماليزيا والذي أنشأ عام 2002 والذي أصدر معايير رقابية للمصارف الإسلامية وهي معيار المخاطر و معيار كفاية رأس المال ومعيار إدارة الشركات وتلك المعايير سوف يتم مناقشتها واعتمادها في ندوة تعقد بالمعهد المصرفي بمدينة الرياض خلال شهر يناير القادم 2007 م بالتنسيق بين المعهد المصرفي ومجلس الخدمات المالية الإسلامية وتحت إشراف معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي ، كما تم إنشاء المجلس العام للمصارف الإسلامية عام 2004 بالبحرين ومن أهم أنشطة هذا المجلس تجميع البيانات المالية والإحصائية وإصدار المؤشرات المالية عن الصناعة المصرفية الإسلامية ، ومؤخرا خلال العام الحالي 2006 تم إنشاء المركز الإسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم التجاري للنظر في قضايا المصرفية الإسلامية الدولية ، وأعتقد أنه من الأهمية بمكان وجود هيئة بالمملكة تهتم بتطوير الخدمات والمنتجات التمويلية والاستثمارية لخدمة الصناعة المصرفية الإسلامية .
د/ محمد البلتاجي
خبير في المصرفية الإسلامية
www.bltagi.com
