تطوير وابتكار منتجات الصيرفة الإسلامية
لاحم الناصر
يخضع تطوير وابتكار منتجات الصيرفة الإسلامية في المقام الأول إلى فهم واستيعاب الفقه الإسلامي لأنها حلول تنبع من صميم الفقه الإسلامي فلا يستطيع من ليس لديه معرفة بالفقه الإسلامي ابتكار أو تطوير حلول ومنتجات لهذه الصناعة كما ان التبحر في الفقه إذا لم يكن معه فهم وخبرة في العمليات المصرفية التقليدية تمكن صاحبها من استغلال معرفته الفقهية وإنزالها على الواقع فإنه لن يستطيع الاستفادة من علمه الشرعي في التطوير والابتكار فالابتكار والتطوير في مجال صناعة الصيرفة الإسلامية يقوم على هاتين الركيزتين والحقيقة المؤلمة ان غالبية العاملين في مجال تطوير وابتكار منتجات الصيرفة الإسلامية هم ممن لا يملك أي معرفة بالفقه الإسلامي فهم إما بيوت خبرة واستشارات تقليدية أو مكاتب محاماة بل ان مما يثير العجب ان تجد غير المسلمين و ممن لا يتحدثون العربية يتصدرون هذا المجال وهذا ولا شك مما اضعف هذه المنتجات وجعلها مجرد منتجات تقليدية أعيدت صياغتها لتتناسب مع الضوابط الشرعية بل ان الكثير منها ليس بكفاءة المنتجات التقليدية ولعلني اضرب هنا مثالا على ذلك وهو البيع على المكشوف أو ما يسمى (Short selling) حيث يقوم المستثمر ببيع أسهم لا يملكها في السوق لاعتقاده بأنها ستنخفض في المستقبل وذلك بموجب وعد من الوسيط بإقراضها له والذي بدوره يقترضها من عملائه الآخرين الذين يحتفظون بها لديه وعند تاريخ الاستحقاق يقوم بإعادة شرائها من السوق لإعادتها للوسيط وقد يكون هذا الإقراض والاقتراض بفائدة كما ان الوسيط يستفيد من عمولة تداول الأسهم وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته السابعة على عدم جوازه لأنه داخل في النهي عن بيع الإنسان ما لا يملك فماذا كان البديل الحقيقة ان البديل الذي توصل له خبراء الصيرفة الإسلامية هو السلم وهو ان يبيع المستثمر على الوسيط الأسهم التي يتوقع انخفاض سعرها في المستقبل سلما بتاريخ تسليم معين فيقوم الوسيط بدفع الثمن للمستثمر والذي يقوم بالمضاربة بالثمن فإذا حل تاريخ استحقاق السلم قام بشراء الأسهم من السوق وتسليمها للوسيط فهل هذا الحل يحقق جميع المنافع التي يحققها البيع على المكشوف لجميع الأطراف.
الحقيقة ان بيع السلم شبيه بالرفع المالي حيث يحقق مصلحة المستثمر في وجود سيولة حالية في مقابل التزامات مستقبلية أما الوسيط أو الحافظ ومالك الأسهم المستثمر طويل الأجل فمنهم من يستفيد استفادة جزئية ومنهم من لا يستفيد مطلقا مثل المستثمر طويل الأجل مالك الأسهم التي يقرضها الوسيط في البيع على المكشوف ولعل هذا الحل أتى من حيث ان من ابتكره قد تعود على أمثال هذه الصيغ النمطية نتيجة الممارسة المتكررة لها و إلا فإن في الفقه الإسلامي غني بالعقود والصيغ التي هي في كفاءة البيع على المكشوف مع تجنب المحاذير الشرعية التي يشتمل عليها البيع على المكشوف ليس هذا مكان بحثها وقد كنت في حوار مع مجموعة زائرة من احد اشهر بيوت المحاماة التي لها باع طويل في تطوير منتجات وهياكل الصيرفة الإسلامية حيث دار الحديث حول من منهم لديه خلفية في الفقه الإسلامي فتبين انه ليس لديهم أي خلفية في الفقه الإسلامي فقلت لهم ان أدوات الصيرفة الإسلامية تولد من رحم الفقه الإسلامي فلابد لمن يزعم ان لديه القدرة على التطوير ان يكون لديه معرفة كافية في الفقه الإسلامي حاولوا ان يجادلوا في ذلك بذكر المنتجات التي طورتها المجموعة فقلت لهم إنها عقود نمطية تعلمتها المجموعة من التجربة والخطأ حيث تقوم بالعرض على الهيئة الشرعية ومن ثم تقوم بالتصحيح والتعديل وهكذا فالخبرة تم اكتسابها مما عرض على الهيئة الشرعية وهذا شيء والقدرة على الابتكار والتطوير واستغلال المخزون الفقهي العظيم في إيجاد الأدوات وابتكار المنتجات شيء آخر بل ان من لدية القدرة الفقهية والخبرة العملية قادر على إبداع صور جديدة قائمة على النصوص الشرعية مما قد لا توجد في كتب الفقه الإسلامي حيث تعتبر من النوازل الفقهية، وهنا اقتنعوا وطلبوا مني ترشيح شخص شرعي للعمل معهم.
إنني لا اعتبر ما اطرحه بدعا من القول فلو رأينا من يبدع في مجال الطب فهو الطبيب ومن يبدع في الهندسة فهو المهندس وكذا كل مجال علمي.
