العربية
السبت 25 محرم 1429هـ - 02 فبراير2008م
وسط اتهامات بأن 85% منها غير متطابق مع الشريعة
الصكوك الإسلامية مهددة بالإلغاء بسبب الجدل والخلافات الفقهية
دبي-الأسواق.نت
ارتفعت حدة الجدل الفقهي حول الصكوك الإسلامية (بديل السندات)، ويخشى أن يؤدي في نهاية المطاف إلى وقف هذه السوق، وفيما شكك البعض في سلامة الصكوك واتهامات بأن 85% منها غير متطابق مع الشريعة، خرجت بعض مؤسسات التصنيف الائتماني الأسبوع الماضي بتقارير متفائلة حول مصير صناعة الصكوك الخليجية على "المدى الطويل" في خطوة أرادت من ورائها "مؤسسات التصنيف" تطمين عملائها بمتانة هذه السوق وصلابتها، التي قفزت مبيعاتها إلى 30.8 مليار دولار العام الماضي 2007، مقابل 18.1 مليار دولار في عام 2006.
في الوقت ذاته، حذر خبراء اقتصاديون من مغبة استمرار الخلاف الفقهي الدائر حول مشروعية الصكوك، مؤكدين أن ذلك سيؤثر مستقبلاً في قبولها عالميا، وربما سيؤدي في النهاية إلى إلغاء هذا المنتج من قائمة المنتجات المالية الإسلامية.
سوق الصكوك الخليجية
"الفتاوى التي صدرت من الهيئات الشرعية كانت مرحلية على حد قولهم، وهذا الكلام غير مقبول شرعاً ولا علمياً، لأن إصدار فتوى بتحليل عملية إصدار صكوك، ومن ثم الهيئة نفسها تقوم بتحريمها لا يمكن أن يقبل به أحد على الإطلاق
لاحم الناصر
وتأتي هذه التقارير حسبما ذكرت صحيفة "الاقتصادية" السعودية اليوم السبت 2-2-2008، في ظل أنباء غير مؤكدة تفيد بتأثر سوق الصكوك الخليجية خلال الشهرين الماضيين بالتصريحات الإعلامية المثيرة للجدل حول شرعية الصكوك، الأمر الذي ترتب عليه تردد العديد من الشركات والبنوك الإقليمية في الدخول إلى هذه الأسواق حتى تتضح الرؤية، حول السندات الإسلامية من قبل هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، والمنتظر أن تعقد اجتماعها منتصف الشهر الجاري.
حذر خبراء اقتصاديون من مغبة استمرار الخلاف الفقهي الدائر حول مشروعية الصكوك الإسلامية، وأن ذلك سيؤثر مستقبلاً في قبولها عالميا، وربما سيؤدي في النهاية إلى إلغاء هذا المنتج من قائمة المنتجات المالية الإسلامية.
من جانبه وأوضح الخبير والمستشار المصرفي، لاحم الناصر أن سوق الصكوك الإسلامية دخلت السعودية أخيرا في عام 2006-2007، لافتا إلى ضعف إصدارات الصكوك الإسلامية لعدم وجود الهياكل التنظيمية والقانونية التي تنظم عملية الإصدار، إضافة إلى عدم وجود التشريعات لعمليات الطرح والإدراج.
وأضاف الناصر أن من أهم الأسباب أيضا عدم وجود سوق ثانوية لعملية تداول الصكوك، مبينا أن المنظومة القانونية بشكل عام تحتاج إلى إعادة بناء، فتشريعات وزارة التجارة مثلاً تشير إلى إصدار سندات، وليس هناك إشارة لإصدار الصكوك، وهو ما يعني أن هناك حاجة ملحة إلى إعادة النظر في المنظومة ككل، إضافة إلى وجوب إصدار تشريعات عامة لحماية جميع الأطراف.
وحول الخلاف الفقهي الكبير الذي نشأ حول الصكوك الإسلامية أخيرا قال الناصر، تبعا لوكالة "موديز" فإن إصدارات الصكوك قفزت في منطقة الخليج عام 2006 إلى نحو 10 مليارات دولار ومنذ بداية عام 2007 بلغت الإصدارات 6.2 مليار دولار مما سيهيئ المنطقة لتحقيق أرقام قياسية في هذا المضمار في نهاية هذا العام.
وتابع الناصر "إن الاجتهادات الفقهية المخالفة تؤثر في صحة العقود التي يقوم عليها الصك ومن ثم نفاذها، والحقيقة أن الصكوك كمنتج عالمي لا تحتمل مثل هذا الخلاف الذي سيؤثر في قبول المؤسسات والأسواق المالية العالمية لها، حيث ترتفع درجة مخاطر الاستثمار فيها ما سيؤدي في النهاية إلى إلغاء هذا المنتج من قائمة المنتجات المالية الإسلامية بعد أن حقق هذه النجاحات الباهرة على المستويين المحلي والعالمي، خصوصا في حال صدور حكم من أي محكمة ببطلان أي إصدار من إصدارات الصكوك تأسيسا على مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية".
خلاف طويل
واستطرد الناصر "الفتاوى التي صدرت من الهيئات الشرعية في هذا الشأن كانت مرحلية على حد قولهم، وهذا الكلام غير مقبول شرعا ولا علميا، لأن إصدار فتوى بتحليل عملية إصدار صكوك، ومن ثم الهيئة نفسها تقوم بتحريمها لا يمكن أن يقبل به أحد على الإطلاق".
وأشار الناصر إلى أن هذا الخلاف الطويل الذي حصل يؤدي إلى ضعف الهيئات الشرعية في المؤسسات المالية، مبينا أن هذه المؤسسات في المستقبل القريب لن تقبل الحلول "العرجاء" ولا بد من تدارك الموضوع والعمل على إصدار التشريعات واللوائح المنظمة للعملية في أسرع وقت".
وسبق لوكالة موديز العالمية أن أكدت في قبل أسابيع مضت أن إصدارات (من السندات التقليدية والإسلامية) لا تقل عن 10 مليارات كان من المقرر تحصيلها في الربع الأخير من العام الماضي إلا أنها تأجلت بسبب تدني أحوال السوق العالمية بعد أزمة الرهن العقاري التي ضربت الأسواق الأمريكية.
وكان الشيخ محمد تقي عثماني رئيس المجلس الشرعي في الهيئة أكد أن نحو 85% من الصكوك الصادرة في الخليج العربي لا تلتزم على نحو تام بالأحكام الشرعية.
ويعود السبب في ذلك إلى وجود بند حول التعهد بإعادة شراء الصك بحسب قيمته الاسمية، وهو ما يضمن أن أية مخاطر حول السداد تظل تتحملها الجهة المصدرة للصك وليست ضمن الأوراق المالية الصادرة والموجودات الضامنة لها. وعليه فإن إعطاء وعد من هذا القبيل يعد خرقا لمفهوم اقتسام المخاطرة والأرباح، وهو المفهوم الأساسي الذي يقوم عليه مبدأ الصكوك.
عودة للأعلى
الفجوة السعرية
الخبرة السابقة مع أدوات الدين مثل الأوراق المالية المدعومة بالسندات، إلى جانب المؤشرات السوقية الحالية، توحي بأن الابتكار والطلب السوقي على الصكوك سيستمران
محمد فايق
وفي السياق نفسه، ألمحت وكالة ستاندارد آند بورز أخيرا أنه من المتوقع أن تصبح السندات الإسلامية أقل تكلفة بالنسبة للمؤسسات المصدرة في الخليج العربي، على اعتبار أن الطلب المتزايد على الصكوك في قطاع الشركات يحفز المنافسة في السوق.
وقال محلل ائتماني لدى ستاندارد آند بورز محمد فايق، "إن الخبرة السابقة مع أدوات الدين مثل الأوراق المالية المدعومة بالسندات، إلى جانب المؤشرات السوقية الحالية، توحي بأن الابتكار والطلب السوقي على الصكوك سيستمران إلى أن تتطور الصكوك لتصبح إحدى فئات الموجودات القابلة للتداول على نطاق واسع".
وتابع "بالإضافة إلى ذلك، فإن المؤسسات المالية ستتنافس لاقتناص هذا الجزء من السوق وفي نهاية الأمر تعمل على تضييق الفجوة السعرية بين الصكوك والأدوات المالية التقليدية".
ولم تتحدث ستاندارد آند بورز عن مدى التضييق الذي ستصل إليه الفجوة السعرية، ولم تحدد إطارا زمنيا لهذا الأمر، وعزت نشوب الفجوة السعرية، وإن كانت صغيرة ومتناقصة، بين الصكوك والسندات التقليدية إلى سببين رئيسين لذلك.
يرتبط الأول بتكاليف الإصدار، حيث تتطلب الصكوك هياكل قانونية أكثر تعقيدا إلى حد ما من السندات التقليدية، ما ينتج عنه دفع تكاليف أعلى لهيئات الاستشارة القانونية، والثاني هو أن المستثمرين ربما يطلبون معدلات عوائد أعلى من الصكوك للتعويض عن طبيعتها غير السائلة نسبيا، وبسبب الافتقار إلى أنظمة فعالة في الجوانب القانونية وقوانين الإفلاس في مناطق الاختصاص التي تعمل فيها الجهات المصدرة.