الأحد, 11/11/2007
الكاتب: محمد العوفي
شهدت السنوات الأخيرة توجه المؤسسات والبنوك التجارية التقليدية للتحول نحو العمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية حتى أصبح ذلك التوجه ظاهرة عالمية بعد أن وصل عدد المؤسسات الإسلامية إلى 300 مؤسسة مالية إسلامية في مختلف أنحاء العالم، وبلغ حجم القاعدة الرأسمالية للمصارف الإسلامية إلى 30 مليار دولار وتراوح معدلات النمو في صناعة الخدمات المالية ما بين 15 و20 في المائة سنويا.
وأوضح الخبير في المصرفية الإسلامية لاحم الناصر أن انتشار المصرفية الإسلامية يعود إلى عدة أسباب تتمثل في أسباب تقنية ووجود أدوات مالية إسلامية منافسة للأدوات التقليدية، إلى جانب الوعي لدى العملاء بأهمية الاستثمار المتوافق مع الشريعة الإسلامية، ووجود حكومات تبنت المصرفية الإسلامية مثل: ماليزيا، الإمارات، البحرين، باكستان، والسودان، إضافة إلى وجود فوائض نقدية عالية في منطقة تميل للاستثمار وفق الشريعة الإسلامية.
وأضاف إن المصرفية الإسلامية كانت في السابق منكفئة على نفسها وكان انتشارها محدودا، ولذلك لم تظهر الخلافات الفقهية العلمية، ولم تكن محط أنظار الباحثين والعلماء، ومع انتشارها أصبحت محط أنظارهم مما جعل كثير من هذه الأدوات محل نقاش كبير جداً، وبالتالي ولّد النقاش تقييما فنيا وشرعيا لهذه الأدوات من حيث فاعليتها كمنتج مصرفي، ومن حيث توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية، ولذلك نجد فيها ما هو محل قبول عام من علماء الشريعة الإسلامية كالمرابحات العادية (التمويل بالمرابحة، والمشاركة والإجارة)، ومنها ما هو محل نقاش كبير وخلاف، بين المجمع الفقهي والجهات ذات الثقل العلمي من حيث توجهات قبولها من حيث الوجهة الشرعية مثل التورق المصرفي المنظم ولا يزال محل نقاش.
وحول انتشار المصرفية الإسلامية بشكل كبير تابع الناصر أن هناك دراسة للمجلس العام للبنوك الإسلامية توقعت أن تكون جميع العمليات المصرفية في دول الخليج في 2010 جميعها إسلامية، مشيراً إلى أن تلك النظرة متفائلة كثيراً جداً، ولا أعتقد أنها ستحقق في ذلك الوقت بسبب أن ذلك يحتاج إلى قرار سيادي.
ولفت إلى أن انتشار المصرفية وتوسعها مرهون بعدة أمور منها: وجود معايير واضحة للصناعة معترف بها من قبل المنظمات الدولية وتكون صادرة عن مرجعية تنظيمية ملزمة مثل مجلس الخدمات المالية الإسلامية الذي يتشكل أعضاؤه من البنوك المركزية التي تنتشر فيه المصرفية الإسلامية، ووجود تشريعات في الدول التي تنتشر فيها هذه الصناعة تراعي خصوصيتها، واندماج المؤسسات المالية الإسلامية لتكوين مؤسسات مالية إسلامية ذات رأسمال كبير لتكون قادرة على المنافسة في ظل العولمة، ووجود مؤسسات بحثية وعلمية لابتكار وتطوير منتجات هذه الصناعة، إضافة إلى تطوير الكادر الوظيفي العامل فيه، ووجود سوق مالية إسلامية تتداول فيها الأدوات المالية الإسلامية.
وأكد الناصر أن الكثير من المؤسسات المالية الإسلامية تعاني وجود فوائض كبيرة في السيولة غير قادرة على استثمارها لعدم وجود الأدوات الاستثمارية المالية الإسلامية، مشيراً إلى أن السبب في ذلك أن البنوك الإسلامية في السابق كانت في الغالب بنوكا تجارية، ولم تهتم بجانب الاستثمار، وبالتالي لم تطور أدوات الاستثمار، فلذلك لا تزال في حاجة إلى تطوير أدوات استثمارية إسلامية تراعي السيولة ودرجة المخاطرة والربحية.
فيما يرى مطور منتجات التمويل الإسلامي محمد الشلفان أن نسبة التمويل الإسلامي تجاوزت 60 في المائة من إجمالي عمليات التمويل في المملكة مع ملاحظة أن البنوك الإسلامية الكاملة لا تتجاوز ثلاثة بنوك، لافتاً إلى أن أدوات التمويل الإسلامي حاضرة داخل حتى البنوك التقليدية، مما أعطاها دعماً كبيرا.
وأضاف أن السؤال الذي يترد الآن ليس عن إمكانية تجاوز هذه النسبة فقط وإنما إمكانية تحول التمويل بشكل كامل إلى المصرفية الإسلامية خصوصا في ظل وجود أدوات تمويل إسلامي متعددة تناسب الاحتياجات المختلفة لقطاعي الأفراد والشركات من جهة وحرص كثير من الشركات الكبرى في الفترة الأخيرة على تحويل معاملاتها إلى المصرفية الإسلامية، أما للشروع في طرحها في سوق الأسهم ولحرص مساهمين بعض الشركات المطروحة على زيادة التداول عليها.
وأشار إلى أن أمامها عدة تحديات أبرزها الحاجة إلى قرارات تنظيمية، وكذلك تحدى المصداقية الذي يتمثل في جودة المنتجات الإسلامية التي تقدمها من الناحية الشرعية، والمصرفية من حيث قوة الفتاوى ومصدرها واتفاقها مع المعايير الإسلامية المصرفية من ناحية، والجانب التطبيقي لها من جانب آخر والحرص على تطبيقاتها بشكل معقول.
وتشير التقديرات إلى أن حجم صناعة الخدمات المالية الإسلامية قد اقترب جدا من تريليون دولار، حيث بينت آخر تقديرات صادرة عن البنك الإسلامي للتنمية أن حجم تلك الصناعة قد وصل إلى 879.4 مليون دولار أمريكي في نهاية العام الماضي ، فيما يبلغ حجم قطاع التمويل الإسلامي أكثر من 750 مليار دولار.
ويبلغ حجم القاعدة الرأسمالية للمصارف الإسلامية في دول مجلس التعاون الخليجي وصلت إلى قرابة 30 مليار دولار، وأن أصول المصارف الإسلامية مجتمعة تتجاوز 265 مليارا، بينما تتجاوز استثماراتها 400 مليار دولار وودائعها نحو 200 مليار دولار
عن موقع الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد و التمويل