مدير المنتدى Admin
عدد الرسائل : 2061 العمر : 42 Localisation : المملكة العربية السعودية تاريخ التسجيل : 11/05/2007
| موضوع: التقلبات في أسعار النفط الثلاثاء 8 أبريل - 1:21 | |
| التهديدات الأمريكية العالمية: التقلبات في أسعار النفط 1-3؟
إن النفط أصبح الآن يدخل في نسيج الحياة السياسية والاقتصادية لدرجة أن الحكومات الصناعية تتابع تطورات أسواق النفط العالمية مثلما كانت تتابع تطورات انتشار الشيوعية، خاصة وأن عاماً من فترات الركود العالمية السبعة الماضية سبقتها زيادات حادة بأسعار النفط، ويتواكب ذلك وسط مخاوف متزايدة بين الاقتصاديين وصانعي السياسات من أنه في ظل الاقتصاد العالمي الحالي الذي يعتمد على النمو وتحفزه الطاقة، فإن أسعار النفط المتذبذبة يمكن أن تشكل خطرا على الرخاء والاستقرار، أكبر من إن اتجاهات أسعار النفط حساسة لأية مستجدات تطرأ على الساحة العالمية. ففي أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 أدت المخاوف من حدوث اضطراب بإمدادات النفط العالمية إلى ارتفاع الأسعار بمعدل 30% لتزيدعن 30 دولاراً للبرميل. ورغم أن العالمين بأمور النفط يعرفون أن الأسواق لا تعاني من نقص حقيقي بالامدادات وأن الأسعار ارتفعت نتيجة لمضاربات التجار بالأسواق العالمية، فإن الجميع تركوا الأسعار تتحرك وفقا لهذه المضاربات. وراح منتجون كبار مثل الكويت ونيجيريا يضخون بالحد الأقصى من الطاقة الانتاجية للاستفادة من الأسعار المعتدلة، في حين أن المملكة العربية السعودية، زعيمة أوبيك والمسيطرة على اتجاهات أسواق النفط العالمية، فضلت الاعتدال وهي تدرك في الوقت نفسه أن الانتاج غير المنظم سوف يغرق الأسواق ويؤدي الى انخفاض الأسعار. إلا أن روسيا نقضت وعدها بخفض إنتاجها وبدأت في الضخ بأقصى طاقة انتاجية وبدأت في تصدير نفطها الى الولايات المتحدة التي تعد أكبر سوق نفطي في العالم وأهم زبون للنفط السعودي. وفي ربيع 2002 بدأت الطائرات الأميركية في قصف معسكرات القاعدة في أفغانستان وتسربت أنباء بأن المؤسسة العسكرية الأميركية واستراتيجيي الطاقة الأمريكيين يخططون بالفعل للقيام بغزو ثان للعراق. كما دارت شائعات بأن المحافظين الجدد الذين يحكمون الآن في واشنطن يدرسون أوضاع الشرق الأوسط الغني بالنفط، وبدأوا يبحثون عن موردين جدد للنفط في غرب افريقيا وبحر قزوين وروسيا وهي مصادر يعتبرها الصقور الأميركيون مناطق يمكن الاعتماد عليها بصورة أكبر. ولكن هل تستطيع السوق الأميركية تقليل اعتمادها على نفط الشرق الأوسط؟ وهل يستطيع الموردون الآخرون مواصلة الضخ بما يلبي احتياجات الأسواق العالمية من النفط. هذه السلعة الأهم على صعيد الاقتصاد العالمي. فالنفط لا يمثل مجرد مصدر للطاقة العالمية، لكنه وسيلة أيضا لهذه الطاقة، إنه مادة تجمع أهميتها الهائلة الشركات والمجتمعات ودول بأسرها ضمن شبكة عالمية تتميز بحساسية بالغة تجاه أقل الذبذبات. فمجرد وقوع حدث واحد، مثل انفجار خط أنابيب في العراق أو اضطرابات سياسية في فنزويلا، يؤدي في الحال إلى ارتفاع الأسعار أو خفظها وبالتالي إلى حدوث تحولات كبيرة في الثروة والسلطة العالمية. فاتفاق سعودي روسي على إبقاء الامدادات مرتفعة والأسعار منخفضة يجعل كبار مصدري النفط يخسرون مئات الملايين من الدولارات، وربما يقتربون من مواجهة كارثة مالية وسياسية في الوقت الذي تتمتع فيه الدول المستهلكة بهذا الوضع الذي يرمي الى خفض كبير بالضرائب. ولكن مثل هذا الموقف يمكن أن يتغير بسرعة. وقد حدث ذلك بالفعل فمع تزايد القلق بشن حرب ثانية على العراق ارتفعت أسعار البترول الى 40 دولارا للبرميل وانتقلت عشرات المليارات من الدولارات من اقتصاديات الولايات المتحدة واليابان وأوروبا إلى البنوك المركزية في الرياض وكراكاس والكويت، وأصبح الانتعاش الاقتصادي العالمي مهددا بدخول نفق الركود. إن النفط أصبح الآن يدخل في نسيج الحياة السياسية والاقتصادية لدرجة أن الحكومات الصناعية تتابع تطورات اسواق النفط العالمية مثلما كانت تتابع تطورات انتشار الشيوعية، خاصة وأن عاماً من فترات الركود العالمية السبعة الماضية سبقتها زيادات حادة بأسعار النفط، ويتواكب ذلك وسط مخاوف متزايدة بين الاقتصاديين وصانعي السياسات من أنه في ظل الاقتصاد العالمي الحالي الذي يعتمد على النمو وتحفزه الطاقة، فإن أسعار النفط المتذبذبة يمكن أن تشكل خطرا على الرخاء والاستقرار، أكبر من الخطر الذي يفرضه ما يسمى بـ"الإرهاب" و حتى الحرب. إن عنصر الجغرافيا السياسية في موضوع النفط عنصر متشعب ومعقد ومتغير باستمرار، ولكن هناك ثلاثة عناصر ذات أهمية قصوى. العنصر الأول هو الدور المرجح للولايات المتحدة. فمنذ بدايات صناعة النفط، كانت أمريكا هي الدولة المهيمنة، فقد كانت أكبر منتج للنفط وأنواع الطاقة الاقرب والآن أصبحت أكبر مستهلك. واليوم فإن برميل من بين كل أربعة براميل نفط تنتج في العالم يستهلك في الولايات المتحدة، وهذه الشهية المفتوحة للبترول تفرض ضغوطا على بقية اللاعبين في الساحة البترولية وعلى شكل النظام السياسي العالمي. ويؤدي هذا الإدمان الأمريكي للنفط، خاصة الأجنبي، إلى جعل الولايات المتحدة عرضة لأية اضطرابات تحدث في الإمدادات أو لأية عمليات ابتزاز، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة تعزز تقليدا قديما، وهو القيام بأي شيء في السر أو في العلن حتى تضمن حصول الولايات المتحدة وشركات البترول الأمريكية على الإمدادات العالمية من النفط. وبالاضافة إلى ذلك فإن الطلب الأمريكي الكبير، الذي يرافقه انتاج كبير من النفط، فالولايات المتحدة لا تزال ثالث أكبر منتج للنفط في العالم، الأمر الذي يمنحها درجة من النفوذ على أسواق النفط العالمية وعلى سياسات البترول، وقد يصل الأمر إلى التدخل عسكريا لفرض هذا النفوذ. وأمريكا ليست فقط أكبر سوق للنفط في العالم، بل إنها أسرع الأسواق نموا. ففي التسعينيات من القرن العشرين زادت واردات أمريكا من النفط بمعدل 5,3 ملايين برميل يوميا أي بمعدل يزيد على إجمالي استهلاك النفط لأي دولة باستثناء الصين واليابان، واستمر الاتجاه خلال العقد الأول من الألفية الجديدة. وبعد الولايات المتحدة، لا توجد سوق أخرى تتيح لمصدرين مثل روسيا أو السعودية نفس الفرصة سواء من حيث معدل النمو أو حجم المبيعات. ولا يستطيع أي منتج أو شركة أن يفقد السوق الأمريكية. واليوم فإن حصة أي منتج بالسوق الأمريكية تمثل مقياسا مهما للوضع السياسي لهذا المنتج ولآفاقه السياسية. ولذلك فإنه مهما كانت مشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة، فان أي دولة نفطية تصبح ودية عندما يتعلق الأمر بمبيعات البترول. وفي عالم النفط، لا يمكن اتخاذ أي قرار مهما كانت درجة أهميته دون الإشارة إلى السوق الأمريكية، كما أن أي محلل متابع لأسواق النفط عليه أن يتابع أولا كل ما يجري على الساحة الأمريكية. ولذلك فان أهم يوم في الأسبوع بالنسبة للمتعاملين في النفط في العالم هو يوم الأربعاء وهو اليوم الذي تصدر فيه وزارة الطاقة الأمريكية احصاءاتها الأسبوعية عن استهلاك النفط الأمريكي. والعنصر الثاني في الجغرافيا السياسية للنفط هو نفط منطقة "الشرق الأوسط". فإذا كانت المناقشات حول نضوب النفط تتركز على انتاج البترول خارج أوبيك، فإن المناقشات الخاصة بالجغرافيا السياسية للنفط تتركز على نفط أوبيك وخلاصة نفط الشرق الأوسط. فالسعودية لديها احتياطي يبلغ 265 مليار برميل من النفط أي ما يزيد على ربع الاحتياطي المعروف للنفط في العالم. ومعظم النفط السعودي هو من النوع الذي يعرف باسم "النفط العربي الخفيف"، وهو أجود أنواع النفط ويمتاز بسهولة تكريره وتحويله إلى أي منتج بترولي ويمكن أن تعالجه معظم مصافي النفط في العالم. والأهم من كل ذلك هو سهولة استخراجه من باطن الأرض أو من الحقول البحرية. ويقول مدير إحدى شركات البترول الذي عمل في السعودية لسنوات "إن النفط هناك لا يحتاج إلى مضخات، إنه يخرج من باطن الأرض دون مجهود كبير". وهذا النفط "السهل" يمتاز برخص تكاليف انتاجه، بينما قد يكلف نفط خليج المكسيك أو سيبريا 15 دولاراً للبرميل أو أكثر لاكتشافه والتنقيب عن ضخه. أما تكاليف انتاج برميل النفط السعودي فتبلغ 5,1 دولار ليصبح من بين أرخص حقول النفط انتاجا في العالم – حيث إن النفط العراقي فقط هو الأرخص في إنتاجه من السعودي-. وهذه التكلفة المنخفضة والاحتياطي الكبير جعل السعودية أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، إذ تضخ ما يتراوح بين 7,7 إلى 10 ملايين برميل يوميا. وهذه السهولة في الإنتاج تجعل السعوديين قادرين على ضخ وتصدير نصف مليون برميل إضافية من النفط في ساعات تقريبا. وفي غضون 90 يوما بإمكانهم تعزيز الانتاج بمعدل مليوني برميل يوميا. وهذه المرونة الكبيرة تجعل السعودية على قمة دول أوبيك دون منازع، كما تمكنها من التحكم بالأسعار صعودا ونزولا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المرونة تساعد السعودية في إنقاذ الأسواق العالمية مثلما حدث عندما غزا صدام حسين الكويت في عام 1990 وبعد أحداث 11 سبتمبر وخلال الاستعدادات لشن حرب الخليج الثانية. فكل ما يفعله السعوديون لتهدئة الأسواق هو مجرد فتح صنابير النفط ليتدفق بالكمية المطلوبة دون أي جهد. والعنصر الثالث والأخير في الجغرافيا السياسية للنفط هو السعر. فأسعار النفط هي التي تحدد اتجاه ومعدل تدفق الأموال الدولية وبالتالي النفوذ السياسي. فالسعر هو الذي يملي درجة سرعة أو بطء النمو الاقتصادي ومعدل الانتعاش. كما تتحكم الأسعار في كيفية استخدام الطاقة، وبالتالي تتحكم في قرارات استهلاك مصادر الطاقة الحالية أو تطوير مصادر بديلة. ولأن السعر عنصر حيوي للغاية، فإن اللاعبين دائما ما يلجأون إلى المناورة. فالدول الكبرى المستوردة مثل الولايات المتحدة وأوروبا، التي تقوم اقتصادياتها على أساس النفط الرخيص، تبذل أقصى ما بوسعها لإبقاء الأسعار منخفضة وعادة ما تمارس ضغوطا دبلوماسية عندما تصبح أسعار نفط أوبيك مرتفعة للغاية (كما تمارس الولايات المتحدة ضغوطا على أوبيك عندما تصبح الأسعار منخضة للغاية، لأن الاسعار المنخفضة تضر بشركات البترول الأمريكية وتهدد استقرار حلفاء يعتمدون على إيرادات النفط مثل المكسيك). كما تناور شركات البترول بالأسواق هي الأخرى، وتستغل كل شيء من الشائعات وحتى الاضطراب المصطنع في الامدادات بهدف تحريك الاسعار وجني المكاسب. وفي تكتيك يعرف باسم "الضغط على السوق" تقوم شركات البترول على سبيل المثال بشراء نحو 20 أو 30 ناقلة محملة بالنفط من نوعية معينة من البترول مثل "العربي الخفيف جدا" أو "غرب تكساس الوسيط"، ومثل هذه الخطوة يمكن أن ترفع الأسعار بصورة مؤقتة لهذين النوعين بمعدل يمكن أن يصل إلى 5 دولارات للبرميل مما يسمح لشركات البترول بجني أرباح كبيرة. وقد استخدمت دول النفط السعر كسلاح من خلال تقليص الإمدادات لرفع الاسعار، أو باغراق السوق لخفض الأسعار، رغم أن هذه الأساليب يمكن أن تكون عواقبها وخيمة. فرفع الأسعار أوخفضها بشكل مبالغ فيه يؤدي إلى إطلاق سلسلة مدمرة من الأحداث تبدأ بالحروب وتنتهي بكارثة تلحق بالاقتصاد العالمي، لذلك فإن المنتجين والمستهلكين على السواء يحرصون على تحقيق استقرار نسبي للأسعار، وعلى حد قول مدير إحدى شركات النفط في الشرق الأوسط فإنه "بعد السعر يصبح أي شيء ثانويا". | |
|