2- أن تكون الجهة الموقوف عليها غير منقطعة:الوقف غير المنقطع لا خلاف في صحته في المذاهب الإسلامية، وهو ما كان معلوم الابتداء والموقوف عليهم لا يلحقهم الانقراض، مثل أن يجعل وقفه على المساكين و قراء القرآن الكريم
أو على طلبة العلم، أما إذا كان الوقف على من يجوز انقراضهم بحكم العادة فقد اختلفت المذاهب فيه .
والضابط على الجهة التي لا تنقطع والتي تنقطع ،أن الجهة التي لا تنقطع هي غير المحصورة التي لا يحصى آحادها،والجهة لتي تنقطع هي المحصورة التي يحصى آحادها .
والراجح أن تقدير ذلك، موكول إلى القاضي دون تحديد لحد الحصر.
3- أن يكون الموقوف عليه أهلا للتملك :الموقوف عليه قد يكون غير معين كالوقف على الفقراء والعلماء والمساجد وغير ذلك ممالا ينقطع وقد يكون وقفا على معين ، وقد اتفق الفقهاء على أن الموقوف عليه المعين لا يصح الوقف عليه إلا إذا كان أهلا للتملك .
واختلفوا في لوقف على المعدوم وعلى المجهول وعلى النفس,
فذهب الحنفية إلى جواز الوقف على المعدوم ،كما أجازوا الوقف على نفس الواقف في الرأي المفتى به عندهم ويرى المالكية انه يصح الوقف على من كان أهلا للتملك سواء كان موجودا أو سيوجد كالجنين الذي سيولد ،ولكن الوقف على الحمل عندهم موقوف لا يلزم إلا بولادته حيا ،ولا يصح عندهم الوقف على نفس الواقف ولو مع شريك غير وارث .
ويرى الشافعية أن يشترط في الموقوف عليه إذا كان معينا إمكان تمليكه في الحال بكونه موجودا في الخارج فلا يصح عندهم على الحمل قصدا أو تبعا ،ولا يصح الوقف على العبد أيضا لأنه ليس أهلا للتملك ،كما لا يصح الوقف على نفس لتعذر تمليك الإنسان ملكه لنفسه ،لان الملك لا يرد على ملك ومذهب الحنابلة قريب من ذلك ،فلا يصح عندهم الوقف إلا على من يكون أهلا للتملك ملكا مستقرا فال يصح الوقف على الرقيق كما لا يصح الوقف عندهم على الحمل استقلالا وانجاز الوقف على الحمل تبعا ،كان يقول وقفت على أولادي وفيهم حمل فيدخل في الوقف رعاية لحقه ولا يصح الوقف على البهيمة عندهم لأنها ليست أهلا للملك.
ولا يصح أوقف على النفس لان الوقف الصحيح عندهم يزيل الملك عن الواقف رقبة ومنفعة ،كما لا يجوز أن يبيع الإنسان ماله لنفسه ،كذلك ل يجوز أن يملك نفسه من نفسه .ويشترط الشيعة الجعفرية في الموقوف عليه أن يكون أهلا للتملك ،واختلفوا في صحة الوقف على الحمل ويرجح ًاليزدي ً صحة الوقف على الحمل ،ويري السيد أبو أحسن الموسوي في ًوسيلة النجاةً انه ًيعتبر في الوقف الخاص وجود الموقوف عليه ،فلا يصح الوقف ابتداء على المعلوم ومن سيوجد وبل وكذا على الحمل قبل أن يولد ً
ويبدوان الفقه الجعفري لا يجيز الوقف على المعدوم استقلالا ،لان فقهاءه يرون أن الوقف على الحمل تبعا بل أشكال كما إذا وقف على أولاده الموجودين ومن سيولد له.
الخلاصة :
يعتبر الوقف نظاما نشا وتطور في ظل الحضارة الإسلامية وقد عرفت الأوقاف منذ عهد النبوة وعبر العصور الإسلامية نموا و تنوعا و اتساعا حيث لم تقتصر على العناية بفئات المجتمع فحسب بل تعدتها إلى العناية بكل ما يعتمد عليه الناس في معيشتهم فقد انتشر الوقف ليغطي مختلف جوانب الحياة كن النواحي الدينية والعلمية والثقافية والإنسانية والصحية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدمية .
وفي ظل ما تعانيه المجتمعات الإسلامية من مشاكل الفقر و المرض و الجهل و التخلف في عالم يسيطر عليه الآن منطق القوة لا قوة المنطق تبدو أهمية تطوير نظام الوقف و التمويل به بإصدار صكوك وقفية تمثل صدقات جارية في حياة الواقف وبعد وفاته يعم خيرها و يكثر برها و ذلك بإقامة المساجد و إنشاء دور الخير في المستشفيات تعالج أدواء الناس و مدارس و معاهد تنشر العلم، و ترفع الجهل،ومساكن تؤوي أبناء السبيل واليتامى ... وغير ذلك من أعمال البر فضلا عن تنشيط وتدعيم الاقتصاد من خلال المؤسسات اقتصادية سواء كانت صناديق استثمار و شركات مساهمة تؤوي العاطلين وتزيد الإنتاجية في بلاد المسلمين ، وسيستفاد بربحها في تفعيل أبواب الخير مما يدفع بعجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلدان الإسلامية .
ويبقي بعد ذلك أهمية تفعيل نظام الوقف من خلال تدعيم الحكومات الدول الإسلامية لانطلاقة وإزالة القيود من حوله ،وكذلك اهتمام المصارف الإسلامية به من خلال إنشائها لإدارات خاصة بإدارة الأموال الوقفية بالإضافة إلى تبصير الأمة الإسلامية بمشروعية الوقف وبيان ما فيه من ثواب العظيم وما يتضمنه من دور تنموي اجتماعي واقتصادي ،فهو يشمل جانب التمويل المادي بالإضافة إلى تزكية النفس وتطهير المال.