أهمية رأس المال الفكري للمصرفية الاسلامية
اعداد: حسين عبد المطلب الأسرج
شهدت الصناعة المصرفية الإسلامية في السنوات الأخيرة نشاطا متميزا في قطاعي التمويل والاستثمار الملتزمين بمبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، إضافة إلى الاهتمام بجانب الخدمات المصرفية ومواكبة التطور العلمي والتكنولوجي لتطوير أدائها،كما شهدت بعد الازمة المالية العالمية مزيداً من الاهتمام النوعي والفكري واستقطبت اهتمام الخبراء ورجال الاقتصاد بل والسياسيين وغيرهم للتأمل في اسسها والاستفادة من المبادئ التي تقوم عليها. فهي نشأت في مجتمعات تطبق وتتعامل مع نظم مصرفية تقليدية مما فرض عليها نوعا من التحدي بالشكل الذي يقلل من ارتفاع درجة المخاطرة والسعي لكسب حصة أكبر من السوق المصرفي .ويقدر خبراء مصرفيون حجم المصرفية الإسلامية في العالم بحوالى 1.5 ترليون دولار، متوقعين أن يصل بحلول عام 2015 ما يقارب 2.1 ترليون بنسبة نمو 30 في المئة.
وفى ظل اقتصاد المعرفة أصبحت المعرفة من أهم الأصول الرئيسية لأي نمو اقتصادي أو اجتماعي، ومنه تحول العالم من البحث و التصادم من أجل مصادر الموارد النادرة إلى البحث و التصادم من أجل السيطرة على اكبر قدر ممكن من مصادر المعرفة.وهذا يعني أن المعرفة في هذا الاقتصاد تشكل مكونا أساسيا في العملية الإنتاجية كما في التسويق، وأن النمو يزداد بزيادة هذا المكون القائم على تكنولوجيا المعلومات والاتصال باعتبارها المنصة الأساسية لهذا الاقتصاد .ومن هنا تنبع أهمية رأس المال الفكري من كونه أكثر الأصول قيمة حاليا اذ انه يمثل القوى الفكرية العلمية القادرة على تطوير وتقدم المشروعات . وأصبح أهم مكونات الثروة القومية وأغلى موجودات الشركات والمنظمات الأخرى .
وحتى تستطيع الصناعة المصرفية الإسلامية المنافسة وكسب حصة أكبر من السوق المصرفي العالمى فانها بحاجة الى وجود رأس مال فكرى، يمتلك المعرفة التي تنسجم مع خصوصيتها في جانب العمل المصرفي وكذلك الضوابط الشرعية لفقه المعاملات المالية، ويتصف كذلك بامتلاك المهارات والقدرات التي تناسب طبيعة هذه المصارف؛ نظرا لحجم التحدي الذي تواجهه من جانب ومن جانب آخر حتى تكون قادرة على جذب المودعين وتقديم الخدمات المصرفية اللازمة لمعاملاتهم المالية والمنسجمة مع أحكام الشريعة الإسلامية، إضافة إلى قدرتها في البحث عن فرص الاستثمار المناسبة والتي تلبي رغبة المودعين.
ويمكن تعريف رأس المال الفكري على أنه مجموعة من الأشخاص الذين يمتلكون المعارف والخبرات والمنجزات التي تمكنهم من الإسهام في أداء المنظمات التي يعملون بها؛ وبالتالي الإسهام في تطور مجتمعاتهم بل والعالم بأسره، وتبعاً لذلك يمكن القول بأن رأس المال الفكري هو :
• جزء من رأس المال البشري للمنظمة.
• يتكون من مجموعة من العاملين الذين يمتلكون قدرات معرفية وتنظيمية دون غيرهم.
• يهدف إلى إنتاج أفكار جديدة أو تطوير أفكار قديمة.
• يسعى إلى توسيع الحصة السوقية للمنظمة.
• لا يتركز في مستوى إداري معين دون غيره.
• لا يشترط توافر شهادة أكاديمية لمن يتصف به.
فرأس المال الفكري هو المعرفة لكن أية معرفة؟ فقد يكون لأحد العمال ميول ادبية بحيث قد يتقن الشعر أو الزجل أو كتابة القصة ، ولكن هذه المعرفة قد لا تفيد. فالموهبة الأدبية لأحد عمال المصنع لا تقدم حلولا للعملاء. فرأس المال الفكري هو المعرفة المفيدة للمشروع ،فاذا كان هذا ما العامل ذو الميول الدبية يعمل في دار نشر مثلا فإن تلك المعرفة تعتبر رأسمالا بشريا. بالطبع في هذه الحالة تصبح مهارة العامل ذات قيمة عالية للمشروع.
اذا فرأس المال الفكري هو المعرفة التي يمكن توظيفها ،فالمعرفة لا تصبح رأس مال إلا إذا تم العثور عليها وتوظيفها بحيث يمكن استخدامها لصالح المشروع. فقد يكون لدى أحد عمال المصانع فكرة رائعة لتحسين الإنتاج، لكن لا يصبح لهذه الفكرة فائدة إذا بقيت داخل ذهن العامل ولم تخرج إلى حيز التطبيق فلا طائل من وراء أية معرفة دون وضعها موضع التطبيق. فرأس المال الفكري الذي لا يجد طريقه للتوظيف والممارسة هو بمثابة رأس مال مدفون ومهدر.
لذلك فان الاهتمام بتطوير رأس المال الفكري في المصرفية الاسلامية يؤدي بها إلى:
• زيادة القدرة الإبداعية.
• جذب العملاء و تعزيز ولائهم.
• تعزيز القدرة التنافسية.
• خفض التكاليف و إمكان البيع بأسعار تنافسية.
• تحسين الإنتاجية كما و نوعا.
• الحاجة إلى إعطاء جهود التنمية البشرية والتدريب مضموناً استراتيجيا، يلبي احتياجات تنمية طاقات الإبداع والتعلم المؤسسي في جانب، وقيمة رأس المال المعرفي للمجتمع ومؤسساته في جانب آخر.
• يجعل هذه المشروعات تتأقلم مع مستجدات العولمة بدون حساسية و بأقل تكلفة ممكنة.
• يعمل على استغلال و توظيف الأرباح المحققة للتمويل المحلي و توسيع نشاط هذه المشروعات.
تتجلى إذا أهمية رأس المال الفكري في كونه أصبح دعامة تطور للمصرفية الاسلامية ونمائها، فكلما ازدادت معدلات المعرفة لدى الموظفين زادت قدراتهم العقلية و الإبداعية، و هو ما يشكل ميزة تنافسية، بعد ما تبين تفوق العنصر غير الملموس لقيمة التكنولوجيا المتقدمة على القيم الحقيقية لموجوداتها الحسية كالأبنية و المعدات، من هذا المنطلق جاء التركيز على رأس المال الفكري باعتباره استراتيجية للتحول من صناعة صغيرة إلى صناعة أكثر تطو را.
و يكون ذلك من خلال:
• تحفيز عمليات البحث العلمي والتطبيقي المرتبطة بالمنتجات المصرفية الاسلامية ، وانشاء نظام خاص يقوم به الاختصاصيون بتقديم الخدمات الإرشادية للتغلب على العقبات التى تواجه تطويرها.
• عدم اعتبار المؤسسات المصرفية الاسلامية كيانات منفصلة بل هي جزء من مجموعة مترابطة ذات علاقات متداخلة من التعاون والتنسيق فيما بينيا.
• ضرورة إنشاء مراكز اعتماد التدريب الاسلامي لرفع المستوى المهني للعاملين في الصناعة المالية الاسلامية من خلال وضع المعايير والقواعد التي تحكم خدمات التدريب والاشراف على اعتماد كل من المدربين والبرامج التدريبية والهيئات القائمة على أعمال التدريب بالاضافة الى تقديم برامج ودورات وندوات متعددة في مجال تطوير المنتجات الاسلامية وتسويقها والاشراف عليها
ولهذا اذا اردنا التقدم فلا سبيل سوى قيام مؤسسات مالية اسلامية تقوم فى الأساس على استغلال رأس المال الفكرى باعتباره اهم أصول قيام ونمو المؤسسات لهذا فإنني أوصى بما يلى :-
1. ضرورة تفعيل مفاهيم رأس المال الفكري ضمن الهيكل التنظيمي للمؤسسات المالية والمصرفية الاسلامية وكذلك تطوير الهياكل الحالية وفقاً لمفاهيم ووظائف إدارة الموارد البشرية كفلسفة وليس كإجراءات، ما يساعد على تشجيع الأفراد على الابتكار والإبداع عن طريق إفساح المجال أمامهم لتقديم أفكار ابتكاريه تهدف إلى التميز والتفوق.
2. تطوير وإعداد الخطط الاستراتيجية للمؤسسات المالية والمصرفية الاسلامية كي تستوعب مفاهيم وقيم وأهداف رأس المال الفكري والحرص على مشاركة المديرين في كافة المستويات في صياغتها.
3. تبنى نشر مفاهيم وثقافة إدارة المعرفة وقيم رأس المال الفكري من خلال ورش عمل وحلقات نقاشية على أن يتم الإسراع في تنفيذ ذلك من أجل الارتقاء بالأداء .
4. التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة لنشر ثقافة إدارة المعرفة ورِأس المال الفكري من خلال تشجيع المؤسسات والأفراد على ضرورة استيعاب مفاهيمه ومكوناته وطرق قياسه.
5. استقطاب المواهب والكفاءات المتفوقة مع رعاية هذه الكفاءات عن طريق وضع برامج للاحتفاظ بهم والمحافظة عليهم وذلك لخلق بيئة ابتكاريه تدعم القدرات التنافسية.
6. وضع الإطار العلمي والعملي لتطوير وإدارة المواهب وصياغة النظم الكفيلة لتحقيق التميز المؤسسي لتنمية وتطوير المواهب على كافة المستويات ما يساهم في تعظيم رأس المال الفكري.