تمهيد:
تعتبر السوق النقدي الميكانيكية التي يتم بموجبها ومن خلالها إصدار وتداول رؤوس الأموال القصيرة الأجل. ففي هذا السوق يرتكز عرض وطلب الأموال القابلة للإقراض لفترة تقل عن عام.
المطـلـب الأول: مفـهــوم الســوق النقــدي
1- تـعـريـفــــه:
هو سوق القروض قصيرة الأجل، والتي تتراوح آجاله بين يوم و 7أيام حتى 3أشهر، وفي المصطلح الأنكلوسكسوني يسمى هذا السوق بالنقود اليومية. فالسوق النقدي هو سوق التعامل بين البنوك الذي يضمن لها تحقيق التوازن اليومي بين آجال العمليات الدائنة والمدينة للمؤسسات الائتمانية، حيث تقوم البنوك باٍستثمار فوائضها لدى هذا السوق، كما تحصل منه على القروض اللازمة اٍستنادا إلى وضعية اِحتياطياتها لدى البنك المركزي. وبصفة عامة فاٍن المؤسسات المالية تلجأ إلى هذا السوق لتوفير اٍحتياط كاف من السيولة النقدية في حسابها المفتوح بالبنك المركزي لمواجهة عملية السحب التي يقوم بها الزبائن. (1)
وبهذا الشكل، فاٍن السوق النقدي يعمل على تحقيق الربحية الأمثل لحسابات البنوك، وتعتبر مؤسسات الخصم (تسمى بيوت الخصم في انجلترا) من أهم الوسطاء في هذا السوق الذي تقوم عملياته على أساس الثقة بين المتعاملين، ولكن الضمانات الحقيقية لهذه العمليات إنما تكمن في الأوراق الحكومية والسندات التجارية المتعامل بها. (.2)
2- أهـمـيـتــــــه:
أ- بالنسبة للاٍقتصاد: تأمين سيولة النظام المصرفي وتمكين البنك المركزي من الرقابة على الأموال.
ب- بالنسبة للمصارف التجارية: يمكنها من توظيف بعض أموالها كما تسمح السوق النقدي بتمويل البنوك المحتاجة للسيولة (Sous liquide) بالسوق ما بين البنوك(Interbancaire) .
ج- بالنسبة للبنك المركزي: فان وجود سوق نقدية تمكنه من التأثير على كمية وسعر الأموال السائلة.
3- المتدخلون في السوق النقدي:
حسب التعريف المقدم من طرف القاموس الاٍقتصادي، نستخلص بأن المتدخلين في السوق النقدي هم:
أ- الخزينة:
هي مؤسسة عامة تابعة لوزارة المالية، مهمتها إدارة الأموال العامة (أموال الدولة) لقبض الضرائب، ودفع نفقات الميزانية، كما أنها تشرف على إدارة ديون الدولة، وتقوم بدور المصرف، وذلك للحصول على ودائع المدخرين عن طريق الحسابات المفتوحة في مراكز الصكوك البريدية. وتصدر السندات لأجل قصير ومتوسط، للحصول على قروض من المواطنين. (3)
ب- البنوك:
يدخل في إطارها البنك المركزي والبنوك التجارية والمؤسسات المالية.
البنوك التجارية: هي مؤسسات مالية مصرفية طبيعة عملها هو التعامل في الاٍئتمان قصير الأجل، وتوفير القروض الضرورية لتمويل رأس المال العامل أي التعامل في القروض التجارية وقروض الاستغلال. (4)
4- مميزات وشروط قيامه:
السوق النقدي يمثل علاقة اقتصادية قبل أن تكون تجسيدا ماديا، فهي سوق كأية سوق أخرى، لها اٍمتداد زماني ومكاني، لكنها تختلف عن الأسواق الأخرى من الناحية الوظيفية.
فبينما تتناول الأسواق الأخرى مبادلة العناصر الحقيقية من سلع مختلفة بغرض الإشباع المباشر، فاٍن المقابل هنا هو النقود، فتعرض أو تطلب مقابل الائتمان بغرض الإشباع غير المباشر(5). والسوق النقدي كأي سوق آخر له خصائص جوهرية تميزه عن غيره:
أ- يعتبر السوق النقدي سوق جملة لكون المتعاملين فيه ذوي حجم كبير، ويعملون عادة لحساب مؤسسات كبيرة، ويتمتعون بخبرات ومهارات عالية. فالمتعاملون في السوق النقدي هم
خاصة المؤسسات النقدية والمالية ( البنك المركزي، البنوك التجارية، شركات التأمين........)، باٍعتبارها وسيطة بين الأفراد والمشاريع والحكومة، يتلقون الفوائض المالية ويمولون بها الوحدات ذات العجز في الموارد. (6)
ب- موضوع المبادئ في هذا السوق يتعلق بنوع خاص من الأصول، خاصيتها الرئيسية هي سيولتها النسبية. والسيولة تعني القدرة على التحول إلى نقود قانونية خلال مدة قصيرة وبأقل قدر ممكن من الخسارة أو الخطر. وأهم
أدوات السوق النقدي أو أصوله هي : أوراق الخزينة، الأوراق التجارية، وكلها تمثل سندات تعبر عن المديونية القصيرة الأجل (7).
ج- من خصائص السوق النقدي أنه يعتبر ميدانا للاٍستثمار قليل المخاطر، فدرجة المخاطرة النقدية التي قد تنشأ عندما يرغب المستثمرون بتحويل اٍستثماراتهم إلى نقود منخفضة جدا. لأن أدوات الاٍستثمار في هذا السوق سريعة التداول وشبه مؤكدة العائد، وأيضا مخاطرة الدين التي قد تنشأ عن عدم قدرة المدين على الوفاء شبه معدومة في أدوات الاٍستثمار في السوق النقدي، لأنها تكون عادة صادرة عن الحكومة أو مؤسسات كبيرة ذات مراكز مالية قوية. (
د- يعتبر سعر الفائدة المؤشر الوحيد في السوق النقدي ويعتبر ثمن التوازن فيه.
ويقتضي قيام سوق نقدي توفر بعض الشروط أهمها:
أ- توفر عدد المقترضين الذين يطرحون أدوات للاٍئتمان، التي ينصب عليها التعامل في هذا السوق.
ب- ترمي المجموعة التي تكتسب فوائض مالية إلى كسب الأرباح وهو ما يتطلب وجود سيولة كافية قصد استرجاع الفوائض وهو ما يدفع هذه الفئة إلى توظيف أموالها بواسطة المؤسسات المصرفية، بمعنى آخر وجود عدد كبير من المقترضين الذين يمكن الاعتماد عليهم في التقدم لشراء أدوات السوق النقدي مما يجعل سعر الفائدة السائد في السوق يعكس إلى حد كبير عوامل العرض والطلب للأموال.
ج- يقوم النظام المصرفي بإشراف من البنك المركزي بالتصرف في الإيداعات، وبعرض اِعتمادات قصيرة الأجل. (9)