اعترض بعض الإخوة علي الدعوة إلي تطبيق الزكاة ، كفريضة لازمة ، وكملجأ أخير لعجز الموازنة الذى يؤرق الدولة . وطالبنا بتطبيق ذلك ولو علي شكل جزئي ليرى نتائجه ، ثم يعمم . وقلنا أن كل دين قد دعا إلي هذه الفريضة ، وكل نبي كان يأمر قومه بها ، وإن اختلفت مسمياتها .
وكان الاعتراض مبني علي أساس أن هذا حل جزئي لا يترتب عليه نتائجه في ظل مناخ معاكس ، سواء من النواحي التشريعية . ومما يؤدى إلي توجيهها في غير مصارفها ، وتحقيقها لغير نتائجها .
ومن جهة أخرى فإن تردى القيم عند بعض الطبقات يؤدى إلي استخدام وسائل التهرب ، مما يؤدى إلي نقص حصيلتها ، وشهادة باطل عليها .
والحقيقة أنني لاأسلم بهذا المنطق لعدة أسباب :
1- أن ما لايدرك كله لايترك كله .
2- أنه لايجوز تعطيل أمر تشريعي بأسباب عقلية . فما أمر الله به ونهي واجب التطبيق ، لا يعفي منه إلا في حالة الضرورة بالنسبة للفرد ، وحالة الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة التي تعني حياة أو موت ، بالنسبة للفرد ، والحاجة التي تورث المشقة للجماعة والتي تنزل منزلة الضرورة بالنسبة للفرد . ولا يعطل أمر شرعي بغير هذا ، أما استعمال المنطق والتعللات والمرحليات ، فلا يطيقه إلا نبي يأتي بوحي جديد .
3- أن الزكاة ابتداء وظيفة دولة . وحتي ترك إخراج التي كانت تسمي باطنة كالثروات النقدية الشخصية وأموال التجارية ، والتي كانت تترك للأفراد قد انتفي مبررها اليوم ، بضرورة الإيداع في البنوك خشية الضياع ، ومعرفة حركة الثروة بتقدم الوسائل المحاسبية من الحصر والخرص .
يقول النووى الشافعي : " فيجب علي الإمام أن يبعث السعاة لأخذ الصدقة ، لأن النبي صلي الله عليه وسلم والخلفاء من بعده كانوا يبعثون السعاة ، ولأن في الناس من يملك الملك ولا يعرف ما يجب عليه ، ومنهم من يبخل ، فوجب أن يبعث من يأخذ."لهذا كان للعاملين عليها حصة من مصارف الزكاة . يقول الحافظ بن حجر : " إن الإمام هو الذى يتولي قبض الزكاة وصرفها ، إما بنفسه وإما بنائبه ، فمن امتنع منها أخذ منه قهرا ."
ولا تختلف الأساليب الإدارية في تحصيل الزكاة عنها في تحصيل الضريبة من حساب وتقدير ، وتحتاج الزكاة إلي إدارة للبحوث الاجتماعية لحصر الزكاة . فهي تحتاح لما يشبه مصلحة الضرائب ووزارة الشؤون
المصدر:
مقال للدكتور كمال يوسف رحمه الله
http://www.yusufkamal.com/art12.htm