تمهيد
تعتبر المؤسسات المالية جزء من النظام المالي الذي يخدم المجتمع حيث يتكون النظام المالي من شبكة من المؤسسات المالية و الأسواق المالية و رجال اأعمال و الأفراد و الحكومات التي تشارك في هذا النظام و تنظم عملياته ،فالوظيفة الأساسية للنظام المالي هي تحويل الأموال من المقرضين إلى المقترضين او من الوحدات ذات الفائض المالي الى الوحدات ذات العجز المالي ،و يتم هذا التحويل من خلال الأسواق المالية التي تجمع عارضي و طالبي الأموال و أيضا من خلال المؤسسات المالية التي تتوسط هذه المعاملات ،و نظرا لأهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات المالية في النظام المالي سنتعرض من خلال بحثنا هذا إلى الوسطاء الماليين و المؤسسات المالية و الدور الذي تلعبه الوساطة المالية ،فما مفهوم الوساطة المالية ؟
المبحث الأول :ماهية الوساطة المالية
المطلب الأول:مفهوم الوسطاء الماليين
هي عبارة عن تلك الهيئات التي تسمح بتحويل علاقات التمويل المباشر بين المقرضين و المقترضين إلى علاقة غير مباشرة ،حيث نجد اصحاب الفائض المالي و أصحاب العجز المالي في أي مجتمع .
اصحاب الفائض المالي :هم الأشخاصالذين تفوق مداخيلهم نفقاتهم و يبقى جزء من المال على شكل فائض يكون القدرة على التمويل
اصحاب العجز المالي:هم الأشخاص الذين تفوق نفقاتهم مداخيلهم ،و يجدون أنفسهم بحاجة إلىالأموال (يمثلون الطرف الذي هو بحاجة إلى التمويل ).
الوسطاء الماليين :هي تلك الفئة التي تتعامل في الأوراق المالية التي تصدرها الشركات المصدرة لهذه الأوراق المالية و تسمى الأوراق المالية الأولية ،و في نفس الوقت تبيع هذه الأوراق في السوق الثانوية إلى المدخرين و تسمى بالأوراق المالية الثانوية .
فالبنوك التجارية تقبل على سبيل المثال الشيكات المقدمة من العميل أو تفتح حسابات إدخار او ودائع و التي تعتبر أصل مالي و يشكل دينا على البنك و يمكن استخدامه في منح القروض و الاستثمار في الأوراق المالية ،لذلك تعتبر البنوك التجارية و بنوك الإدخار و شركات الادخار و شركات التأمين و شركات الاستثمار و صناديق التامين و المعاشات و شركات التأجير من أهم الوسطاء الماليين و يوضح الشكل التالي مجموع المؤسسات المالية :
ü سماسرة وتجار الاوراق المالية
ü بنوك الاستثمار
ü بنوك الرهن العقاري
ü Mortgage bankers
|
ü بنوك تجارية
ü بنوك ادخار
ü مؤسسات ادخار واقراض
ü شركات التامين على الحياة
ü شركات استثمار
ü شركات تمويل
ü صناديق التامين والمعاشات
ü شركات التاجير
|
حيث تشكل أصول كل من هذه المؤسسات نسبية كبيرة من الأصول المالية المستحقات لدى الغير ،فهي تعمل على جذب المدخرات و استثماراتها بصفة اساسية في الأصول المالية في شكل أصول تصدرها الشركات لذلك سوف تركز بصفة أساسية على المؤسسات المالية .
تعريف آخر : وهي تعني أيضا عملية استحواذ على الموارد المالية من أحد الوحدات الاقتصادية مثل الشركات و المنظمات الحكومية و الأفراد ،وذلك بغرض اتاحة هذه الوحدات اقتصادية اخرى ، فالمؤسسات المالية توجد من اجل تسهيل هذه الوساطة ماذا لو تصورنا مجتمع بدون وساطة مالية ، ليس هنالك وسيلة للتبادل سوى المقايضة والسلع والخدمات فبدون الوساطة المالية يكون هنالك تبادل فعلي وفوري وبين السلع والخدمات كمخرجات .
المطلب الثاني : اهم وسطاء السوق المالي :
يمكن تقسيم اهم الوسطاء الماليين (المؤسسات المالية التي تعمل في سوق المال بشقيه وهي سوق النقد و سوق رأس المال )إلى ثلاث مجموعات .
أولا :مؤسسات الإيداع :يقصد بمؤسسات الإيداع المصارف ،وهي مؤسسات مالية تقوم بقبول الودائع من الأفراد و المؤسسات ،كما تقوم بتقديم القروض لمن يطلبها ودراسة النقود و المصارف تركز بصفة أساسية على هذه الفئة من المؤسسات المالية التي تشمل على المصارف التجارية و مصارف الإدخار المشتركة ،و اتحاد الإئتمان و تقوم هذه المؤسسات بدور هام في عملية خلق الودائع خاصة المصارف التجارية .
ثانيا :مؤسسات الادخار التعاقدي:و هي مؤسسات مالية وسيطة تحصل على مواردها المالية من العملاء على فترات دورية ، وعلى أساس التعاقد ، وتستطيع هذه المؤسسات التنبؤ بدرجة معقولة من الدقة بمقدار ما تستهدفه من مواردها لصالح المنتفعين في السن وات القادمة ، وتتمثل هذه المؤسسات في الشركات التامين على الحياة ، وشركات التامين ضد الحوادث والحريق. ويتميز نشاط مؤسسات الادخار التقاعدي بأنماط لا تخاف كثيرا ، مثل مؤسسات الإيداع.
ثالثا : وسطاء الاستثمار :هي مؤسسات مالية وسيطية وظيفتها الأساسية استثمار الموارد المالية التي تجمعها عليها من فوائض الوحدات ذات الفائض التي ترغب في استثمارها في شراء إصدارات مالية متنوعة في شكل أسهم وسندات ن سواء كانت إصدارات جديدة أو سبق تداولها .
المطلب الثالث: أهمية الوساطة المالية:
بناءا على ما تقدمنا به سابقا فإن وجود وساطة مالية في اقتصاد اليوم يعد ضرورة حيوية، ليس فقط لكونها متعامل اقتصادي مهم، و لكن لكونها قد سمحت بإيجاد حلول للعديد من المشكلات المرتبطة بالتمويل. و في الحقيقة يمكن تسجيل أهمية وجود الوساطة المالية بالنسبة لكل من أطراف علاقة التمويل.
* بالنسبة لأصحاب الفائض المالي:
بالنسبة لهذه الفئة من الأفراد، سمحت الوساطة المالية بتحقيق مزايا عديدة، نذكر أهمها فيما يلي:
- مصداقية الوسيط المالي مضمونة. و ليس السبب في ذلك يتمثل في حجم السيولة التي يسيرها فحسب، و لكن بصفة رئيسية نظرا للقوانين و التنظيمات المعدة خصيصا لحماية المودعين، فأموال المودع هي إذا مأمونة الحفظ، و هو ما لا يتوفر دائما في حالة علاقة التمويل المباشرة.
- يتيح وجود الوساطة المالية لصاحب الفائض المالي إمكانية الحصول على السيولة في أي وقت. فالمؤسسات المالية الوسيطة مجبرة على الاحتفاظ بجزء من الأموال في شكل سائل لمواجهة مثل هذه الاحتمالات.
- يتجنب صاحب الفائض المالي مخاطر عدم التسديد التي تكون كبيرة في حالة الإقراض المباشر. فالمؤسسة المالية الوسيطة لما تتوفر عليه من أموال ضخمة، لما تتمتع به من مركز مالي قوي، تكون على العموم في وضعية مالية تسمح لها بتنفيذ كل التزاماتها تجاه المودعين الذين تعتبر ودائعهم مبالغ صغيرة مقارنة بما يحتفظ به من حوزتها.
- يعفي وجود الوساطة المالية أصحاب الفائض المالي من إنفاق الوقت و الجهد في البحث عن المقترضين المحتملين. فهم يعرفون مسبقا الجهات التي يودعون فيها أموالهم، فالوساطة المالية بحكم طبيعة نشاطها تتيح إمكانية مستمرة لقبول الأموال في أي وقت.
* بالنسبة لأصحاب العجز المالي:
غير أن الوساطة المالية لا توفر مثل هذه الخدمات لأصحاب الفائض فقط، بل قد تسدي خدمات أخرى إلى أصحاب العجز المالي. و ليس مبالغة إذا قلنا أن هؤلاء هم المبرر الأول لوجود الوساطة المالية. و لا معنى في الواقع لهده الوساطة المالية إذا لم يكن هناك من يطلب خدماتها، و يستفيد أصحاب العجز المالي من وجود الوساطة المالية في الجوانب التالية:
- توفر الوساطة المالية الأموال اللازمة بشكل كافي و في الوقت المناسب لأصحاب العجز المالي. و هي تحقق هذه العملية نظرا لما تتوفر عليه من أموال ضخمة تجمعها بطريقة مستمرة، و بما أن هناك تيارات من الودائع، فإن الأموال المطلوبة من طرف أصحاب العجز المالي تكون دائما متوفرة في الوقت المناسب.
- يجنب وجود الوساطة المالية المقترض مشقة البحث عن أصحاب الفوائض المالية، على افتراض أن المصاعب الأخرى غير موجودة، فالوساطة المالية، على افتراض أن المصاعب الأخرى غير موجودة، فالوساطة المالية باعتبارها هيئة قرض تكون دائما مستعدة لتقديم مثل هذا الدعم.
- كما أن وجود الوساطة المالية يسمح، و هذا أمر مهم جدا، بتوفير قروض بتكاليف أقل نسبيا، فعلاقة التمويل المباشر تدفع المقرضين إلى فرض فوائد مرتفعة ترتبط بحجم المخاطر العالية و بمدة تجميد الأموال. و لكن نظرت للتقنيات العالية المستعملة من طرف الوساطة المالية، و الاستفادة من وفرة الحجم من جهة أخرى، و رمزية الفوائد المدفوعة على الموارد المستعملة من جهة أخرى، و رمزية الفوائد المدفوعة على الموارد المستعملة من جهة ثالثة، تجعل الفوائد المفروضة على القروض ليست مرتفعة بالشكل الموجود في علاقة التمويل المباشرة.
* بالنسبة للوساطة المالية ذاتها:
إذا كانت الوساطة المالية تؤدي كل هذه الخدمات لأصحاب الفائض المالي و أصحاب العجز المالي، ماذا تستفيد من وراء ذلك؟ في الواقع لا تقوم الوساطة المالية بذلك من دون مقابل، و إنما تستفيد من الكثير من المكاسب، يمكن ذكر أهمها فيما يلي:
- تستفيد أولا من الفائدة على القروض، و تعتبر هذه الفائدة من المداخيل التي تعظم عائداتها، بل لعلها الذي تحققه أو الذي تقوم عليه نشاطها.
- استعمال موارد غير مكلفة في الغالب، فالودائع الجارية هي الجزء الغالب في موارد الوساطة المالية و يجب أن نعلم أن هذا النوع من الودائع لا يكلفها أي شيء حيث أن معظم الأنظمة النقدية العالمية تمنع منح فوائد على هذا النوع من الودائع.
- يسمح الحصول على ودائع للوساطة المالية بتوسيع قدرتها على منح القروض و ذلك بإنشاء نقود الودائع. و يعني هذا أن البنوك تستطيع أن تمنح قروضا أكثر ما تحصل عليه حقيقة من الودائع. و هو بطبيعة الحال أمر يزيد من إمكانيتها في زيادة الأرباح.
* بالنسبة للاقتصاد ككل:
و إذا كانت الوساطة المالية قد سمحت لأصحاب الفائض المالي و أصحاب العجز المالي بتفادي الكثير من المصاعب المرتبطة بعلاقة التمويل المباشرة، و الاستفادة من العديد من المزايا المترتبة عن الانتقال إلى علاقة التمويل غير المباشر، فإن الاقتصاد بدوره يستفيد من وجود الوساطة المالية في الكثير من الجوانب:
- تفادي احتمالات عرقلة النشاط الاقتصادي لعدم توافق الرغبات بين أصحاب الفائض المالي و أصحاب العجز المال. إن وجود مثل هذا التعارض في الرغبات سواء من حيث الوقت أو المبلغ سوف يؤدي إلى خلق الكثير من الاختلالات في الأداء الاقتصادي. و الوساطة المالية وحدها، لقدرتها على إلغاء هذا التناقض بإمكانها أن تسمح بتفادي كل هذه المشكلات.
- يسمح وجود الوساطة المالية بتوفير الأموال اللازمة للتمويل بواسطة تعبئة الادخارات الصغيرة و تحويلها إلى قروض ذات مبالغ كبيرة.
- إن النتيجة الثالثة من وجود الوساطة المالية، و هي مرتبطة بالنتيجة السابقة، تتمثل في تقليص اللجوء إلى الإصدار النقدي الجديد (ذو الطبيعة التضخمية) بتعبئة السيولة الموجودة. و لكن القدرة على هذه التعبئة ترتبط إلى حد كبير بمدى فعالية الوساطة المالية ذاتها في أداء دورها كجامعة للأموال.