- تدريب فعال علمي وفكري للإطارات البنكية مع تزويدها بكل المستجدات المعلوماتية العالمية في مجال كشف التدليس والاحتيال والمغالطات .2- التحري المتواصل على سير المنتوجات المصرفية وخاصة تلك التي تدخل فيها كمية من النقود الالكترونية ، و كذلك مراقبة الاقتراض وإعادة الاقتراض بغية الحصول على المعلومات الضرورية عن العميل الذي يطالب بقروض مقابل ضمانات ورهونات وغير ذلك .3- ضرورة وضع حدود واضحة للمسؤوليات والمهام من واقع التدرج الهيراكيري والبيروقراطي المتسلسل والمترابط لإيجاد نوع من الرقابات المتواترة ، وهذا ما يكبح من استخدام المتحايلين والمجرمين للتسهيلات البنكية في سبيل غسيل الأموال والانفلات من السلطات الرقابية 4- ضرورة التزام موظفي البنوك بمختلف رتبهم ومختلف تموقعهم في مراكز المسؤولية بالمبادئ الأساسية التي سبقت الإشارة إليها والمتعلقة بأساليب مكافحة غسيل الأموال 5- لابد من تعميق أواصر التعاون الدولي في مجال مكافحة الإجرام الاقتصادي وغسيل الأموال خدمة للمجتمع الدولي والإنسانية جمعاء .كيفية مواجهة غسيل الأموال على المستوى العالمي
تولي منظمة الأمم المتحدة عناية خاصة للجريمة البيضاء ، وليست هي وحدها التي تولي هذه الأهمية ولكن هناك منظمات ومؤتمرات حثت على ذلك ، فمثلا نجد أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة تجارة المخدرات والمؤثرات العقلية تمت الموافقة عليها في النمسا ( فيينا ) خلال شهر ديسمبر 1988، وكان من بين مطالبها ضرورة خلق قنوات اتصال بين الأطراف المهتمة بمحاربة تجارة المخدرات وما يرتبط بها بغية تسهيل المتابعة القضائية ، كما أن الاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية قد وقعت في جانفي 1994 من طرف وزراء الداخلية العرب وتتضمن تجريم إنتاج أو صناعة أو زراعة أو إدارة أو تمويل أي مخدرات ، وإكمالا لذلك عقدت جامعة الدول العربية ندوة ( الجريمة المنظمة عبر الحدود العربية ) بالقاهرة ، خلال أيام 01 – 03 / نوفمبر 1998 ، وطالب المؤتمرون الانطلاق في وضع خطة استراتيجية عربية موحدة وشاملة لمكافحة الظاهرة على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وخاصة التشريعية والتربوية والأمنية ، وما تجدر الإشارة إليه أن الكثير من البلدان العربية أصبحت لها تشريعات للحد من ظاهرة تبييض الأموال ، نذكر في هذا المجال القانون الخاص بغسيل الأموال المصري ، القانون الإماراتي ، القانون الجزائري ، ....وقد جاءت قوانين هذه البلدان متأخرة نوعا ما خاصة مع تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات والرشوة المعششة في كل دواليب إدارات هذه البلدان ، كذلك هناك إجراءات وقائية وضعتها لجنة بازل للرقابة المصرفية وهي عبارة عن قواعد فعالة يتوجب الالتزام بها وقائيا وميدانيا ، وقد أصبحت هذه المقررات تطبق انطلاقا من برامج التعديل الهيكلي تحت إشراف صندوق النقد الدولي . بعد أن عالجنا ظاهرة تبييض الأموال في الاقتصاد الوطني والدولي ، و تعرفنا إلى أن البنوك هي القنوات الرئيسية التي يتم فيها التبييض والغسيل لكل أشكال الأموال ، نرى من جهتنا أن الرشوة هي مفتاح كل الآفات وكل الانعكاسات المدمرة لكيان المجتمع العربي الإسلامي بفضل ما تقدمه من تسهيلات لخرق القانون والتحايل عليه وتمرير الصفقات المشبوهة وما ينجر عن ذلك من أثار مباشرة تكبح كل عناصر النمو والتنمية وتزيد في تردي الأخلاق والانحلال الأسري وكبح الاستثمار المنتج الفعال الذي يساهم في خلق الثروة ورقي المجتمعات ، فمن بين هذه الآثار نلاحظ زعزعة الاقتصاد وضرب المشاريع وزيادة الثراء الفاحش دون جهد وتبذير للأموال وما ينتج عنه من أفات ، فالبنوك إذن هي صمام الأمان المساعد في تنفيذ تبييض الأموال وإبرازها وكأنها مال حلال يقره الدين والشرع والأخلاق ، فالفقه الإسلامي له نظرة لهذه الجريمة وهو يقدم طرق مكافحتها قبل وقوعها وبعد وقوعها من خلال ما يعرف بالسياسة الوقائية والعلاجية في الفقه الإسلامي ، وسوف نأخذ في دراستنا هذه إشكالية الرشوة وكيف تحاربها الشريعة الإسلامية السمحاء . الرشوة كرافد لتبييض الأموال في ميزان الشريعة الإسلامية
أن الكسب الحلال شرف عال وعز منيف ومن بين مأثورات حكم لقمان : " يابني استغن بالكسب الحلال عن الفقر فانه ما فتقر احد قط إلا اصابه ثلاث خصال : رقة في دينه ، ضعف في عقله ، وذهاب مرؤ ته" ، من هذه المأثورة يتبن لنا كيفية الاستغناء بالمال الحلال وليس بالتحايل و التدليس ، ويمكن أن نشير أن من طبيعة المادة القصور إلا في الحيوان ، وإذا تحركت المادة فإنها تتبع أيسر السبل ، فالماء لا يجري من أسفل إلى فوق إلا إذا سلطنا عليه ضغطا ، والإنسان مجبول أيضا على إتباع المنحدر أي انه لا يسبح ضد التيار إذا لم تكن وراءه قوة دافعة إلى الأعلى وربما وجدنا توضيحا وتأكيدا لهذه الملاحظة التي تبدو بسيطة في الآية الكريمة " وهديناه النجدين ، فلا اقتحم العقبة، وما أدراك ماا لعقبة " ..سورة البلد: 10 -11 -12. فالإنسان يفضل بطبيعته المنحدر على العقبة إلا إذا حفزه أمر يجعله يقتحم العقبة ولم يكن المسلم عندما دخل المعركة السياسية يطالب بحقوقه في أواخر القرن 19 وحتى الألفية الثالثة سوى الإنسان الذي يتبع طريق السهولة ، الذي سيؤدي إلى تحقيق بعض الرغبات الرخيصة الثمن ، حينا في الركض وراء استقلال لا تؤيده مقومات السيادة الحقيقية ، لأنه لم يجهد نفسه في التفكير فيها، وحينا في البحث عن وجود يتناقض مع شروط الاستقرار ومع مصالح عليا مثلما حدث في الكثير من بلدان العالم الإسلامي التي تقرر وجود البعض منها على أسس خيالية وعلى نقيض مصلحة الإسلام ، وقد يسمى هذا الانحراف في المجال السياسي خطأ سياسيا، ولكننا إذا تابعنا البحث عن سببه الحقيقي فسنجده مستقرا في الأساس الثقافي ، وفي الأساس الأخلاقي بالضبط وان المقاييس السياسية حتى إن لم تتقرر بوضوح وبطريقة إرادية على أساس قيم أخلاقية لا تخطئ أو تصيب إلا بسبب طبيعة روابط الواقع السياسي مع القيم الأخلاقية ، فالسياسة التي تنهض أساسا للمطالبة بالحقوق وتهمل جانب الواجبات ، لا تعدو أن تكون قد اتجهت هذا الاتجاه على أساس اختيار ضمني أو صريح بين مفهومين أخلاقيين الواجب والحق ، وفهمنا للواجب والحق في مسالة تسيير الأموال العمومية وأموال المجتمع تتركنا نطرح العديد من التساؤلات عن مصادر الأموال والمجالات التي ستنفق فيها خاصة وان الكثير منها من نتاج الرشوة والحرام وتضييع الأمانة ، وهذه الأخيرة تبلورت بفضل عدم محاسبة أنفسنا قبل أن نحاسب ، يقول الله تبارك وتعالى " يأيها الناس كلوا مما في الأرض حلال طيبا ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين " البقرة : 167 ويقول النبي صلى الله عليه سلم لسعد " أطب مطعمك تكون مستجاب الدعوة " ويقول الرسول كذلك : " ما أكل احد طعاما قط خير من أن يأكل من عمل يده ، وان نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده " رواه البخاري ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من أكل طيبا وعمل في سنة وامن الناس بوائقه دخل الجنة " رواه الترمذي ، وعن حفظ الأمانة والابتعاد عن الرشوة والتعدي عن حرمات الغير خاصة في المجال المالي ونماء الثروة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة ، صدق حديث ، حسن خليقة ، وعفة طعمة " رواه احمد والحاكم . ويقول الله تعالى :" ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وانتم تعلمون " البقرة : 187، وقال جل وعلا في موضع آخر معاتبا على الأمم السابقة أكلهم السحت : " سماعون للكذب أكالون للسحت " المائدة : 44 ، ولا شك أن الرشوة من السحت ، وقد ندد الله بهم وفضح أمرهم ، ثم بين أثم المقصر ممن لم ينكر عليهم ذلك فقال جل ذكره : " لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون" المائدة : 65، إن الرشوة تدل على الخيانة وتساقط القيم وفساد القلوب ومحبة الباطل وكراهية الحق ، والدليل على ذلك ما يعاني منه مسيرو البنوك وجمهور العملاء من تجار وصناعيين ومستثمرين وغيرهم ، فالرشوة تذهب الكرامة وتعرض للفضيحة في الدنيا والآخرة ، وهي هضم للحقوق وتدمير للواجب وتؤدي إلى دفن الجدية وذهاب الغيرة على المصالح العامة وتضييع الأمانة وعدم تقدير المخلصين من أبناء الأمة ، فالرشوة إذن خيانة عند جميع أهل الأرض وهي في دين الله أعظم إثما ، لهذا قال صلى الله عليه وسلم " لعنة الله على الراشي والمرتشي " رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجه واحمد، ومن بين مظاهر التسيب التي يلاحظها المرء لدى المشرفين على البنوك خاصة والجهاز الإنتاجي والخدمي عامة تفشي ظاهرة اللامبالاة وتبذير الأموال العامة في أوجه للأسف تبرر بوثائق إدارية دون أن يكون لها أي مغزى اقتصادي أو اجتماعي ومن بين صور اللامبالاة ظاهرة الكسب غير المشروع والثراء الفاحش من تبييض الأموال وغسيلها مع الضرب عرض الحائط بكل القيم والمعتقدات وأبعاد الهوة بين القيم الاقتصادية والأخلاقية فقد اخرج البخاري في صحيحه عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال " استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني أسد يقال له ابن اللتبية على صدقة ، فلما قدم قال : هذا لكم وهذا اهدي إلي فقام النبي وصعد