التمويل واستثمار الأموال في الشريعة
بقلم أ.د حسام الدين فرفور ( رئيس قسم التخصص والدراسات التخصصية)
بسم الله الرحمن الرحيم
عنوان البحث
التمويل واستثمار الأموال في الشريعة الإسلامية
نظرة موجزة في ضوابط القواعد وسعة المقاصد
بحث علمي مقدم للمؤتمر الثاني للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية تحت شعار
الصيرفة الإسلامية صيرفة استثمارية
المقام في دمشق برعاية حاكم مصرف سورية المركزي الأستاذ الدكتور أديب ميّالة
في الفترة: (23 - 24 صفر 1428هـ الموافق 12 - 13 آذار 2007م)
إعداد
أ.د. حسام الدين بن محمد صالح فرفور
رئيس القسم الجامعي والدراسات العليا في معهد جمعية الفتح الإسلامي بدمشق
أستاذ فقه المعاملات المالية المقارن والفكر الإسلامي المعاصر
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
إنَّ البنوك الإسلاميَّة يمكن أن يكون لها أثرٌ هامٌّ في النُّهوض بالواقع المتردّي للعالم الإسلامي، وفي تخليصه من ظاهرتي: التَّبعية، والسَّلبية؛ لأنَّ هذا الواقع الذي يعانيه العالم الإسلامي وهو: الانحطاط والانهزام والتخلف إنَّما هو نتيجةٌ حتميةٌ لعقلية التبعية والسلبية المنتشرة في عالمنا الإسلامي، التي يحرص أعداء الأمَّة على أن تستفحل وتُهيمن على شعوبنا لتجمِّد أفكارنا وتُعيق تطورنا، على حين أنَّ الأمَّة الإسلاميَّة تملك وتسيطر على ثلث الموارد الاقتصاديَّة للعالم، وتضم ربع سكان العالم، وتنتشر في خُمْسِ مساحة الكرة الأرضية، إلا أنها لا تتقدم ولا تتطور بسبب عقلية التبعية والسلبية.
ويطيب لي في هذا الصدد، أن أنقل بعض فقرات المحاضرة القيمة التي ألقاها بالفرنسية المفكر الإسلامي الفرنسي رجاء جارودي في أول رجب سنة 1406هـ الموافق 11 مارس سنة 1986م، وذلك بالرياض ضمن فعاليات مؤسسة الملك فيصل الخيرية وعنوانها: ((كيف أسلمت)).
((إن العالم الثالث يموت بسبب افتقاده إلى الوسائل، بينما العالمان الغربي الرأسمالي والشرقي الاشتراكي يموتان بسبب افتقارهما إلى الغايات)).
((إن العلوم الحديثة وتقنياتها قد وضعت طاقات عملاقة بين يدي قزم منحرف ضال، فاستغلها لخدمة أهوائه في القوة والمتعة والنمو المادي، مهدداً حقوق الأغلبية ليسحقها الجوع والحرمان والمعاناة، مما أدى إلى ما نطلق عليه اليوم بالسلام المتهالك، أو التوازن القائم على الرعب والذي قد يؤدي بكتلتي القوى العظمى المتجابهتين إلى القضاء على الكرة الأرضية بأسرها)).
إن الملايين من ذوي النوايا الصادقة في كل العالم، يبحثون قلقين في هذا الليل الدامس عن معنى لحياتهم وموتهم وتاريخهم المشترك إلى كل هؤلاء يستطيع الإسلام أن يجيء بالنور المؤدي إلى الصراط المستقيم الذي يهدي الله إليه عباده، فالإسلام وحده هو الذي يستطيع أن يعيدَ إلى العقل الإنساني المستنير بالتعاليم الإلهية، بُعْدَيْه الحقيقين الكاملين:
1 ـ بعد العلم الباحث عن الأسباب والوسائل.
2 ـ وبعد الحكمة الباحثة عن الغايات وعن الله الخالق.
ولقد صنع هذا الاستعمال الكامل اللامحدود للعقل الجامع بين العلم والوحي الإلهي مجد المسلمين الأوائل)).
((إن إسلاماً حياً كهذا نعيشه على هذا النحو وطبقاً لمبادئه ذاتها، قادر على أن يحظى اليوم في العالم بانتشار لا يقل عن انتشاره أيام ازدهاره في القرن الثامن، ففي تلك الفترة، وفي وجه قوتين عظيمتين كانت تنخرهما نفس قوى التفكك والتفتت التي نراها اليوم، امبراطورية الساسانيين وامبراطورية بيزنطة، استطاع الإسلام أن يمنح الملايين من الرجال والنساء شعوراً بحقيقة إنسانيتهم ومعنى لحياتهم الدنيا، فيهبهم حياة جديدة سعيدة بوضعهم على الطريق إلى الله الحق الواحد الأحد، إلى الرجعى والحساب، ) فَمَن يَعْمَل مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه ` وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّاً يَرَه( [الزلزلة: 7 ـ 8].
((لقد أسلمت لأني وجدت في الإسلام ما كنت أبحث عنه طوال حياتي...، وإذا كان الإسلام هو الاستجابة الصادقة لنداء الله، فسنحيا ونموت كلنا مسلمين)).